استعداد النفس
ان النفس الانسانية قلنا انها تبحث عن السعادة والشقاء فهي تسعد وتشقى، تفرح وتتالم، فان مثل هذه الامور لايمكن انكارها لاحد من افراد الانسان ، لان ذلك واضح لكل انسان، ولكننا نستطيع ان نفرض نظريتين في هذا الموضوع، فان العقل الانساني اما يزود النفس الانسانية بالمعارف، والنفس الانسانية تجد بعض المعارف ما تسعد بها فتقبلها، وتجد معارف اخرى تحقق لها الشقاء فتهرب منها، وهي في حقيقتها لاتملك اي معرفة انسانية قبلية.
واما ان العقل الانساني عندما يصل الى معارف ما، فان تلك المعارف تطابق ما موجود عند النفس، لان النفس الانسانية تحمل جملة من المعارف القبلية فالعقل البشري يطابقها، فما كان من الافكار مطابقا للنفس البشرية فالعقل البشري يقول بصحتها واهميتها. مثل العلم فان النفس البشرية بطبعها تبحث على اكتشاف ماحولها، وطبعا طريقها في ذلك هو العقل البشري، للوصول الى كثير من الحقائق، فاذن العقل الانساني مامور من قبل النفس البشرية بتحصيل العلم عن طريق كشف الواقع والوصول الى نتائج معينة، وهذه النتائج بالطبع النفس الانسانية هي التي تحدد قبولها وعدم قبولها، فان سعدت بها وطابقة ما موجود عندها قبلتها، والا امرت العقل الانساني مرة ثانية بالبحث وكشف الواقع عن النتائج التي تطابقها، والا تبقى في رفض للمعارف التي تاتيها من قبل العقل الانساني حتى تاتي بمعارف تسعد بها وتطابقها، ومن هنا صارت اختلافات الاراء بين الناس وتعددت لان النفوس مختلفة وليس كلها على معرفة واحدة.
ولكن ان كلا من النظريتين ليست بصحيحة، وانما الصحيح بان النفس الانسانية انها باحثة عن المعرفة بفطرتها، وان احتياجها وفطرتها هو الذي جعلها تطلب وتبحث وتريد، اذا هي تسعى الى العلم ولكنها ليست بعالمة وانها تسعى للقدرة ولكنها ليست بقادرة، نعم هي تحصل من خلال الادوات والالات اي الحواس والعقل على معارفها وعلومها، فتكون المعارف سعادة لها، وكذلك الحب مثلا فان النفس تميل الى الحب، ولكنها لاتعرفه حتى تعيش تجربة الحب، وهي تعرف ان الحب يحقق لها السعادة وهو منسجم مع طبيعتها.