بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
(وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّيجَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)
[ 124]البقرة
[ 124]البقرة
المبحث الثاني :وفيه مطلبان:
الاول: دلالة الآية على الامامة
الثاني : استمرارية الامامة .
المبحث الثالث :إثبات إمامة أهل البيت.
ملحوظة : ما هو الفرق بين المبحث الثاني والثالث ؟
المبحث الثاني يبحث الامامة العامة كمنصب ،اما المبحث الثالث يبحث الامامة الخاصة اي امامة اهل البيت .
الرابع :اشتراط العصمة في الإمامة.
الخامس: إشكاليات ومعالجات .
مقدمة: لابد منها فيها ثلاثة أمور:
1- تعريفها
2- أهميه الآية
3- إعراب الآية
الاول:- تعريف الآية :
هي اية من سورة البقرة رقمها [124]
قال السيد الطباطبائي في تفسير الميزان (شروع بجمل من قصص إبراهيم (عليه السلام) وهو كالمقدمة و التوطئة لآيات تغيير القبلة و آيات أحكام الحج، و ما معها من بيان حقيقة الدين الحنيف الإسلامي بمراتبها: من أصول المعارف، و الأخلاق، و الأحكام الفرعية الفقهية جملا، و الآيات مشتملة على قصة اختصاصه تعالى إياه بالإمامة و بنائه الكعبة و دعوته بالبعثة.
فقوله تعالى: و إذ ابتلى إبراهيم ربه إلخ، إشارة إلى قصة إعطائه الإمامة و حبائه بها، و القصة إنما وقعت في أواخر عهد إبراهيم (عليه السلام) بعد كبره و تولد إسماعيل، و إسحاق له و إسكانه إسماعيل و أمه بمكة، كما تنبه به بعضهم أيضا، و الدليل على ذلك قوله (عليه السلام) على ما حكاه الله سبحانه بعد قوله تعالى له: إني جاعلك للناس إماما، قال و من ذريتي، فإنه (عليه السلام) قبل مجيء الملائكة ببشارة إسماعيل، و إسحاق، ما كان يعلم و لا يظن أن سيكون له ذرية من بعده حتى أنه بعد ما بشرته الملائكة بالأولاد خاطبهم بما ظاهره اليأس و القنوط كما قال تعالى: "{و نبئهم عن ضيف إبراهيم، إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال: إنا منكم وجلون، قالوا: لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم، قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون؟ قالوا، بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين [الحجر – 55]}،
و كذلك زوجته على ما حكاه الله تعالى في قصة بشارته أيضا إذ قال تعالى:{ وامرأته قائمة فضحكت، فبشرناها بإسحق و من وراء إسحاق يعقوب، قالت، يا ويلتى أ ألد و أنا عجوز و هذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب، قالوا أ تعجبين من أمر الله، رحمة الله و بركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد"}
والدليل الثاني :- اورده صاحب الميزان هو (على أن قوله تعالى: و إذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال: إني جاعلك للناس إماما، يدل على أن هذه الإمامة الموهوبة إنما كانت بعد ابتلائه بما ابتلاه الله به من الامتحانات و ليست هذه إلا أنواع البلاء التي ابتلي (عليه السلام) بها في حياته، و قد نص القرآن على أن من أوضحها بلاء قضية ذبح إسماعيل، قال تعالى: {قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك" إلى أن قال: إن هذا لهو البلاء المبين} [الصافات – 106].
و القضية إنما وقعت في كبر إبراهيم، كما حكى الله تعالى عنه من قوله: "{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) ابراهيم ]
الامر الثاني :- اهمية الآية:
1-انها نصفي الامامة لا ظاهر فيها ، فقد ذكرت الآية صراحة (الامامة) ، فلا رجوع للمعاجم ولايقبل صرفها عن نصها، والذي يصرفها عن ظاهرها يحتاج الى دليل بمستوى الآية
اما لو قال قائل ان المراد بها هنا النبوة ؟
نقول له : باي لغة يطلق لفظ الامام ويراد به نبي ـ وكذلك الا يعرف الله سبحانه وتعالى ان يقول نبي .
2- نستفيد منها في حل هذا اشكال:- انه هل لابد لكل الامام ان يحكم ، فكيف تقولون ايها الشيعة بإمامة ائمتكم ولم يحكموا ؟
نقول لكم ان ابراهيم امام ولم يحكم فيكف تحلون هذا المعضل.
3- نستفيد من الآية على مقام الامامة ،كمقام بمعزل عن النبوة والرسالة.
4- تدل الآية على امامة خصوص اهل البيت ، كإمامة النبي و امير المؤمنين (ع) اي انها تدل من جهة على مقام الامامة ومن جهة اخرى على الامام المعين من اهل البيت .
5- دلالتها على اشتراط العصمة في الامامة ، لقوله تعالى (قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ )
6- تعبير الآية عن الامامة بأنها عهد الله ،اي انها عقد بين الله وبين الامام ، لا عقد ولاعهد بين الناس والامام ، اي لا تٌعين الامام بالشورى والغلبة او الانتخاب. اي ان الامامة عند السنة فيها ثلاث اطراف ( الله والناس والامام ) اما عندنا ففيها طرفان ( الله والامام )
الامر الثالث :إعرابها
واذ:
الواو :حرف عطف.
اذ: قاعدة عند المفسرين(بعد إذ نقدر اذكر )
إذ: ظرف لما مضى من الزمان .ولا يفارق الظرفية وهو ظرف غير متصرف .
ابتلى : فعل ماضي مبني على الفتح.
إبراهيم : مفعول به مقدم
ربه :- الفاعل
بكلمات :- جار ومجرور والمتعلق كلمات أي (الجار والمجرور (ابتلى ) .
فأتمهن :- الفاء عاطفة
أتم :- فعل ماضي
وأتمهن :- فيها ضميران
الأول ضمير الفاعل وتقديره هو
والضمير الثاني: هن:- مفعول به ، وهن يعود إلى الكلمات .
إما ضمير الفاعل (للفعل اتمَ )هل يعود إلى الله آم إلى إبراهيم ؟
ج / تقبل الاثنان الله وإبراهيم .
س يفرق بالمعنى او لا ؟
ج/نعم يُفرق بالمعنى .
س/ما هو الفرق؟
ج / اذا قلنا لإبراهيم :معناه امتثل ونجح في الامتحان .
أما لو قلنا عائد لله أي إن الله وفق إبراهيم لإتمام الكلمات .
قال:- فعل ماضي .والفاعل ضمير تقديره (هو ) يعود على الله سبحانه
ان :-حر ف مشبع بالفعل
اني :- الياء اسمها .
جاعلك:- خبر لان
وتصريف جاعل:- اسم فاعل (لاسم الفاعل في اللغة العربية حالتان :
اما فيه (ال ) فهو يعمل مطلقا ماضي حال استقبال
واما غير محتو على (ال ) فيه تفصيل:
مرة يعمل ومرة لا يعمل :
اما عمله بشروط :- منها اذا بالماضي لا يعمل،
ام الحال والاستقبال فهو يعمل ،
وهنا اسم الفاعل (جاعل )عامل واخذ مفعولين
المفعول الاول :الكاف.
والمفعول الثاني : امام .
فيكون معنى الحال والاستقبال :ان الجعل الالهي مستمر .
اشكال :- لو قال قائل سياق الآية تدل الماضي في (واذ ابتلى ) وفي (جاعلك) على الحال والاستقبال فلا يكون المعنى الذي استفتموه صحيح ؟
الجواب على شقين :
الاول : هنالك فرق بين زمن الابتلاء وزمن الجعل ،فهنا موضوعين مختلفين ،
زمن الماضي ظرفه الابتلاء ــــ اما الحاضر ظرفه الجعل ,
الثاني : هل الفعل الماضي دائما يدل على الزمن الماضي في القران ؟
ج/ لا ، فمثلا قوله تعالى ( اتى امر الله فلا تستعجلوه )
فا (اتى ) فعل ماضي .
امر الله ) يوم القيامة .
فإذن : الفعل الماضي يدل على المستقبل .
وبعبارة اخرى : اسم الفاعل يحل محل الفعل المضارع والفعل المضارع يدل على الحال والاستقبال ؟
للناس :- جار مجرور ومتعلق بجاعل .
وهنالك قول : متعلق بمحذوف حال من اماما – نعت تقدم على المنعوت -
اماما:- مفعول به ثاني لجاعل
محل تأمل :
للناس ما هو متعلقها هل هو جاعل او الامام ؟ وما هو الفرق من حيث المعنى .
اي هل تكون الامامة مختصة بالناس ام بمخلوقات اخرى .
قال :فعل ماضي .
من ذريتي : جارو مجرور .
قال :فعل ماضي .
لا ينال : فعل مضارع .
عهدي:- فاعل
الظالمين:- مفعول به .
محل تأمل : ما هو الفرق بين هذين القراءتين ( لا ينال عهدي الظالمين و لا ينال عهدي الظالمون ) من حيث المعنى ؟
ج/ في كلا المعنين لا ينال العهد الظالم .
ولو قال(لا ينال عهدي الظالمون ) سالبة بانتفاء المحمول ؟
اما لو فال ( لا ينال عهدي الظالمين ) سالبة بانتفاء الموضوع ؟
اي يوجد امكان لسعي الظالمون لنيله ولكن لا يصلون اليه ؟
اما الظالمين اصلا لا يناله.
وجملة (ابتلى ابراهيم ربه ) في محل جر مضاف اليه وجملة ( اتمهن ) في محل جر معطوف على جملة ( ابتلى ) وجملة (اني جاعلك ) في محل نصب مقول القول وجملة (قال) لا محل لها استئناف بياني او تفسير للابتلاء وجملة (اني جاعلك ) في محل نصب مقول القول وجملة ( قال الثانية ) لامحل لها استئنافية وجملة ( اجعل ..... من ذريتي ) في محل نصب مقول القول وهو معطوف بالنسق على مقول الله تعالى ( اني جاعلك ) وجملة ( قال الثالثة ) لامحل لها استئناف بياني وجملة (لا ينال عهدي الظالمين ) في محل نصب مقول القول .
قال طاهر بن عاشور في (تحرير التنوير ج3 ص28 ).
{. فحقيق أن نجعل قوله وَ إِذِ ابْتَلى عطفا على قوله تعالى: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [البقرة: 30] كما دل عليه افتتاحه باذ على نحو افتتاح ذكر خلق آدم بقوله: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فإن الأول تذكير بنعمة الخلق الأول و قد وقع عقب التعجب من كفر المشركين بالخالق في قوله: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ)