دينكــــم من الــــفرس الأعاجــــم ؟!!!

[مهند السهلاني]

بسم الله الرحمن الرحيــــــــــــــــم اللهم صلّ على محمد وآله الميامين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن الحقد يدفع الإنسان للقول بغير علم وإن كذب ، والتسافل يحث صاحبه على الإنتقاص من الغير بغير حق وإن كان مصيره نارا ذات لهب ، والحسد يورث الجنون في عقل المصاب فيقع في الخسران مهما حاول الهرب ، والتكالب على الطمع يجر بعاشقه لما يهوى وإن أصابه البلاء والكرب ! فكثيرا ما نسمع من بعض البشر ، الذين يتصفون بماتقدم من الصفات وعلى العاقل أن يأخذ منهم الحذر ، بأنكم ياشيعة علي (عليه السلام) في عصر اليوم تأخذون "دينكم من الفرس الأعاجم !! " وليس في ذلك نظر ! والرد على هذه الشبهة يتحقق بـتحليلها وكما يلي : 1. إن الله تعالى أمر الإنسان أن يتعلّم العلم ، فقال : ( إقرأ باسم ربك الذي خلق) ، ( الذي علّم بالقلم * علم الإنسان مالم يعلم ) ، وروي عنه (صلى الله عليه وآله) : (( إطلبوا العلم من المهد إلى اللحد ) ، فعلى الإنسان إن يبحث عن العلم ، فالعلم هو علم ، لايتأثر بالبلدان ولا بتغيرات المناخ والأزمان ، نعم يتطور ، ويتشعب ويتنوع ، وتكثر تطبيقاته ومجالاته ، في مختلف الأمصار والأزمنة ، وميادين الحياة . 2. إن في هذه الشبهة المشؤومة بأنكم أيها الشيعة تأخذون دينكم من علماء الفرس !!، لهي في حقيقة الواقع تتبنى النظرة القومية والعرقية الضيقة ، فالمتبني لهذه الشبهة يعتبر نفسه مفتخرا أنه من العرب ! ، وأن العرب أفضل من الفرس! ، ولكن ياترى على أي معيار حصل هذا التفاضل ؟! ، ألم يعلمنا الله تعالى في كتابه الكريم : (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) ، فمن الواضح في أخلاق الإسلام أنه لافضل لعربيّ على أعجميّ إلا بتقوى الله ، ولافضل لأعجميّ على عربيّ إلا بتقوى الله ، ولافضل لأشقر على أسود إلا بتقوى الله ، ولافضل لغنيّ على فقير إلا بتقوى الله ، فإن أكرم خلق الله هو أكثرهم إلتزاما بطاعة الله تعالى . 3. كل عالم من شيعة آل محمد (عليهم السلام) هو تلميذهم بحد ذلك ، فلايضر المكان ولا الزمان ، فكما علمنا القرآن ، وافترض علينا الإيمان ، ان نأخذ بعلوم أهل البيت (عليهم السلام) ، وان يسعَ الإنسان في تحصيلها لأن هذا العالم الذي إتصف بالورع والتقوى ، والثقة الواضحة ، ما هو إلا أداة نقل للعلم . 4. على منطق هذه الشبهة يجب على المسلمين أن يتركوا علم الطب لأن أكثر الإكتشافات الطبية ، وايجاد العمليات الجسدية ، وصنع العقاقير والأدوية والمستحضرات الطبية هو على أيدي أناس ليسوا من العرب ! فهل يقبل عاقل بذلك؟!!! وأيظا على هذا المنطق يجب أن يترك العرب الكثير من القوانين الفيزيائية ، والكيميائية ، والمعادلات الرياضية ، لأن أكثر علماء هذه العلوم من غير العرب!!!! ويجب ترك كل ماتوصلت إليه الصناعة من مختلف الأجهزة ، في كل مجلات العلم والتطبيق ، لأن من صنعها ليس من العرب!!! 5. إن القائل بهذه الشبهة يجهل أو يتجاهل ان الكثير من علمائه ليسوا من العرب ، بل هم من الفرس الأعاجم !!! ، ولنأخذ مثالا على ذلك وهو (البخاري) مؤلف أصح كتب أبناء العامة ، فهو هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه الجعفي ، من مدينة بخــــــــــــارى في خراســــــــــــان في بلاد إيــــــــــران !!! ، ومع ذلك فهم لايعتبرون أن دينهم أخذوه من الفرس الأعاجم !! ، فيكيلون بمكيالين ، وأن الحكم في الأمثال لواحد. ومثال آخر هو ( الغزاليّ) فهو هو أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزّالي الطوسيّ النيسابوريّ ، الذي ولد في طـــــــــــوس في بلاد إيران ! ، وغيرهم كثير. فيتضح مما تقدم مدى تسافل أؤلئلك الذين يتهمون شيعة أهل البيت (عليهم السلام) بتلك التهمة السخيفة بالعلم والعقل والنقل. وكما قال تعالى : ((لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)) (الأعراف 179) والحمد لله ربّ العالمين ... ****************** ((بقلم المحقق))