إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الذكر المختصر للإمام محمد الجواد (عليه السلام) *

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الذكر المختصر للإمام محمد الجواد (عليه السلام) *

    بسم الله الرحمن الرحيــــــــــــــــم

    اللهم صلّ على محمد وآله الميامين










    الإمام محمد الجواد عليه السلام هو تاسع أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ، وهو ولي من أولياء الله العظماء ، وعالم من آل محمد عليهم السلام ، خزنة علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ومن الذين طهرّهم الله تطهيرا ، وآتاهم من لدنّه علما.




    وبشّر به والده الإمام الروؤف علي بن موسى الرضا ( عليه السلام) فيما روي عنه أنهقال : (
    والله لاتمضي الأيام والليالي حتى يزقني الله ولدا ذكرا يفرّق به بين الحق والباطل ) (1).


    وعنه عليه السلام : (
    حتى يولد ذكر من صلبي ، يقوم مثل مقامي ، يحي الحق ، ويمحي الباطل)(2) .



    وقد ولد إمامنا محمد الجواد (عليه السلام) في 17 من شهر رمضان المبارك فيسنة 195هـ في المدينة المنورة.





    وقال عنه والده الإمام الرضا (عليه السلام) فيما روي عنه : (
    هذا المولود الذي لم يولد مولود أعظم بركة على شيعتنا منه ) (3).


    وأنه قال : (
    هذا أبوجعفر قد أجلسته مجلسي وصيّرته مكاني) (4) .





    ومن شواهد عظمة جواد آل محمد (عليه السلام) أنه تكلّم في المهد صبيا ، تماما كما تكلّم نبي الله عيسى بن مريم (عليه السلام) في المهد صبيا ، فنطق الشهادتين ، وصلى على الأئمة الراشدين من آل محمد (عليهم السلام) ، فعن حكيمة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) قالت : ( لمّا حملت أم أبي جعفر الجواد (عليه السلام)به كتبتُ إليه (أي إلى والده الإمام الرضا _عليه السلام_ ) : (جاريتك سبيكة قد علقت ) ، فكتب لي : ((
    انها علقت ساعة كذا ، من يوم كذا ،من شهر كذا ، فإذا هي ولدت فالزميها سبعة أيام )) ، قالت : (فلما ولدته ، وسقط الى الارض ، قال : ((أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله )) ، فلمّا كان اليوم الثالث عطس ،فقال : ((الحمد لله ، وصلى الله على محمد ، وعلى الأئمة الراشدين)) ) . (5).





    وإمتاز الإمام محمد الجواد عن سائر أئمة أهل البيت (عليهم السلام)بميزة عظيمة ، ألا وهي أن الله تعالى قد إقتضت حكمته أن جعله إماما في صغر سنه ، فقد أصبح خليفة الله في أرضه في صباه ، تماما كماآتى الله الحكم لنبيه عيسى بن مريم (عليه السلام) فقال تعالى : ( آتيناه الحكم صبيا) ، فقال الراوي : رأيت أباجعفر (عليه السلام) وقد خرج عليّ ، فأخذت أنظر إليه ، وجعلت أنظر الى رأسه ورجليه ، لأصف قامته لأصحابنا بمصر ، فبينما أنا كذلك حتى قعد ، فقال : ((
    ياعليّ!،إن الله احتجّ في الإمامة بمثل ما احتج به في النبوة ، فقال : (وآتيناه الحكم صبيا ) ، ( ولمّا بلغ أشده) ، (وبلغ أربعين سنة) ، فقديجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبيّ ، ويجوز أن يؤتاها وهو ابن الأربعين سنة )) (6).





    وروي أنه جيء به عليه السلام الى مسجد جده رسول الله (صلى اللهعليه وآله) بعد إستشهاد والده الإمام الرضا (عليه السلام) وهو مازال طفلا ، وجاء الى المنبر ورقى منه درجة ، ثم قال : ((
    أنا محمد بنعلي الرضا ، انا الجواد ، أنا العالم بأنساب الناس في الأصلاب ، أنا أعلم بسرائركم وظواهركم ، وما أنتم صائرون إليه ، علمٌ مُنحنزابه من قِبل خالق الخلق أجمعين ، وبعد فناء السماوات والأرضيين ، ولولا تظاهر أهل الباطل ،ودولة أهل الضلال ، ووثوب أهل الشك ، لقلتقولا تعّجب منه الأوّلون والآخرون)) ، ثم وضع يده المباركة على فيه وقال : (يامحمد اصمت ، كما صمت آبائك من قبل )) (7).





    ومن الجدير بالذكر أن الإمام محمد الجواد ( عليه السلام) كان يرسخعقيده حفيده الإمام المهديّ (عليه السلام) في قلوب اللناس ، فعن عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الإمام الحسن بنالإمام علي بن أبي طالب قال :
    ( دخلت على سيدي محمد بن علي بن موسى بن جعفربن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) وانا أريد أن أسأله عن القائم أهو المهديّ او غيره ، فابتدأني ! فقاللي : ((
    يا ابا القاسم ، إن القائم منا هو المهديّ الذي يجب ان ينتظر في غيبته، ويطاع في ظهوره ، وهو الثالث من ولدي ، ... ألخ )) . (8).





    ومهما كتب القلم فلابد له أن يقف عاجزا خاضعا ، أمام عظمةالإمام عليه السلام ، وجهوده على مختلف المستويات ، في نشر الشريعة ، وإصلاح الفرد ، وإرشاد الأمة ، وترويج العلم ، وترسيخ الأخلاق، والتنبيه على الإنحراف الفكري ، والعقائدي ، والفقهي ، والاخلاقي الذي أصيبت به الامة ، ومقارعة الظالمين.






    ولمّا رأى المأمون عظمة الإمام الجواد (عليه السلام) وغزارة علمه ، وخضوع علماء الأديان والمذاهب لحججه الدامغة رغم صغر سنّه، أراد كسبه لصالحه ، فكان يظهر الإحترام والتقدير للإمام (عليه السلام)أ ويبطن العداء ، فقرر أن يزوّجه ابنته ام الفضل ، ورجح البعض ان الأسباب التي دعت المأمون لهذا التزوّيج متعددة ، منها كسب الجماهير ، إستمالة قلوب الناس للمأمون ، وبالتالي توّسع القاعدة الشعبية والجماهيرية للدولة العباسية ، ومنها :إعتقاد المأمون يضرورة العلم بكل تصرفات الإمام الجواد (عليه السلام) ، كي يحصي عليه حتى أنفاسه ، وهذا مايمكن أن تحققه ابنته ام الفضل ، كما أن لو أراد المأمون قتل اغتيال الامام عليه السلام سوف يقل الشك فيه بسبب ذلك الزوج ، فيضلل به الرأي العام للأمة .




    وقد قضى الإمام الجواد عليه السلام 15 سنة من مدة إمامته التي استمرت 17 سنة في دولة المأمون.


    وقد بذل الإمام الجواد في مدة إمامته الجهد الكبير في إحياء معالم الدين ، ونشر العلم ، وقد واجه الإمام عليه السلام المفاهيم المنخرفة لدى الإمة ، على المستوى الفكري ، والمستوى الديني ، والمستوى الإجتماعي ، والمستوى السياسي ، وتوجه لهموم أفراد الأمة ، وعالج ظاهرة التشكيك بإمامته عليه السلام ، وأجتهد في بناء الفرد وكيان الإنسان فكريا وروحيا وعلميا ، ودعى الى التوحيد الخالص ، وكافح الغلو ، كما حث على إلاحسان الى الناس ، وعلى إكتساب العلم ، ودعى الى التوبة والرجوع الى الله تعالى.




    وقد استخدم الإمام الجواد (عليه السلام) ، نظام الوكلاء ، والمرسالات السرية ، وكان محيطا بدقائق الأمور الاجتماعية ، كما مهّد عليه السلام لإمامة ولده الإمام علي الهادي (عليه السلام) ، ورسخ الإعتقاد بإمامة حفيده الإمام المهديّ (عليه السلام) في قلوب المؤمنين كما تقدم في بداية البحث.




    إضافة إلى ماترك لنا الإمام عليه السلام من التراث الطبيّ ، والتراث التفسيريّ ،والفقهيّ ، والتراث العقائديّ ، والتأريخيّ ، كما ترك سيلا من المواعظ والحكم .






    وقد عانى الامام محمد الجواد (عليه السلام) أيّما معاناة من الحكامالعباسيين ، وقد كانوا ينظرون إليه نظرة مليئة بالحسد .


    وكالعادة من أجل الملك العقيم ، قام المعتصم العباسي بإستدعاء الإمام عليه السلام من المدينة المنورة الى بغداد سنة 220 هــ، وكانت هذا الاستدعاء بمنزلة الإقامة الجبرية ، ليحصي كل تحّركات الامام عليه السلام ، ومن ثم التصفية الجسدية .


    وبمؤامرة ماكرة قام بها المعتصم العباسي ، بأن تقوم أم الفضل بنت المأمون بدسّ السمّ للإمام عليه السلام ، لاسيّما وان المؤرخيّن ذكروا أنها كانت تغار وتحقد على الإمام عليه السلام بسبب تزوّجه من نساء آخريات ، وانها لم تلد له ، بل كانت ذريته من غيرها ، حيث رُزق عليه السلام من زوجته الأخرى ولده الامام علي الهادي عليه السلام .




    وقد روي أن المعتصم العباسي صنع المكيدة لإغتيال الإمام عليه السلام ، وقد إختار أم الفضل أداة رصينة لتنفيذ الجريمة البشعة والتصفية الجسدية للإمام الجواد عليه السلام ، لأنه رأى انحرافها عن الإمام الجواد عليه السلام ، وشدة غيرتها عليه ، فأجابته الى ذلك ووافقت على تنفيذ الجريمة ، فدسّت السمّ في عنب رازقي، ووضعته بين يدي الإمام الجواد عليه السلام ، فلمّا اكل منه ندمت وجعلت تبكي ، فقال لها عليه السلام :
    (ما بكاؤك ؟! ، والله ليضربنّك الله بفقر لاينجبر ، وبلاء لا ينستر ) ، فماتت بعلّة في أغمض المواضع من جوارحها ، صارت ناصورا ، فأنفقت مالها وجميع ماتملكه على تلك العلّة ، حتى إحتاجت الى الإسترفاد (9).





    ولما أخذ السم من جسد الإمام عليه السلام مأخذه ، إشتدّ الألم فيه ، وصار يلفظ أنفاسه الأخيرة ، حتى فاضت روحه الطاهرة ، ورجعت نفسه المطمئة الى ربها راضية مرضية .


    فكان له من العمر 25 سنة ، وبإستشهاده عليه السلام كانت قد إنطفأت شمعة من شموع أهل البيت عليهم السلام ، بعد الجهد الكبير ، والعطاء الغزير ، الذي قدّمه الإمام الجواد عليه السلام للأمة الإسلامية بنحو خاص ، وللإنسانية بنحو عام ، والتضحية لنشر الرسالة المحمديّة.









    فسلام عليه يوم ولد ، ويوم استشهد ، ويوم يبعث حيا



    وعظم الله أجورنا وأجوركم بهذا المصاب الجلل .





    ___________

    بقلم المحقق
    ___________




    **********

    1. الكافي : 1 /320 .

    2.رجال الكشي : 463 .
    3. الكافي : 1 /321 .

    4.الكافي : 1 /321 .
    5. مستدرك عوالم العلوم : 23 /151_152.

    6.أصول الكافي : 1 / 315 .
    7. مستدرك عوالم العلوم : 23 / 159 .

    8. كمال الدين وتمام النعمة : 377 .
    9.بحار الأنوار : 50 /17 .

    التعديل الأخير تم بواسطة مهند السهلاني ; الساعة 06-10-2013, 09:15 PM. سبب آخر:

    وقـــــــــــــل ربِّ زدني عــِـــــــــــلماً







يعمل...
X