تاثير المزاج على الاخلاق
للمزاج مدخليه تامه في الصفات : فبعض الامزجه في اصـل الخلقه مستعد لبعض الاخلاق وبعضها مقتض لخـلافه ،فانا نقطع بان الاشخاص بحسب جبلته ،ولو خلى عن الاسباب الخارجيه ،بحــيث يغضـب ويخـــاف ويحــزن بادنى سبـــب ، ويضـحك بادنى تعجــب ،وبعضـهم بخـلاف ذلك ،وقــد يكـون اعتدال القوى فطريا بحيث يبلغ الانسان كامل العقل ،فاضل الاخلاق غالبة قوته العاقلة على قوتي الغضب والشهوةكما في الانبياء والائمة عليهم السلام .وقد يكون مجاوزتها عن الوسط كذلك بحيث يبلغ ناقص العقل رديء الصفات مغلوبة عاقلته تحت سلطان الغضب والشهوة كما في بعض الناس .
الا ان الحق -كما ياتي - امكان زوالها بالمعالجات المقررة في علم الاخلاق ،فيجب السعي في ازالة نقائضها وتحصيـــــل فضائلها . وعجبا لاقوام يبالغون في اعادة الصحة الجسمانية الفانية ،ولايجتهدون في تحصيل الصحه الروحانية الباقيـــــة، يطيعون قول الطبيب المجوسي في شرب الاشياء الكـريهة ومزاولة الاعمال القبيحة ، لاجــل صحة زائلة،ولايطـيعون امر الطبيب الالهي لتحصيل السعـــــادة الدائمة . وبقاء النفـس على النقصان اما لعدم صرفها الى طلب المقصود لملابسة العوائق والموانع ،او مزاولة النقيض لتمكن موجبه ، او لكـثرة اشتغالها بالشواغل المحسوسة، او لضعف القوة العاقــــلة ،فان لم تدركها العناية الالهية فلا يزال يتزايد النقصان ويبعد عن الكمال الذي خلق لاجله ، الى ان تدركهاالهلاكة الابدية والشقاوة السرمدية ، نعوذ بالله من ذلك ، وان ادركته الرحمة الازلية ، فيصرف همه في ازالة النقائض ، واكتساب الفضائل ، فلا يزال يتصاعد من مرتبة من الكمال الى فوقها ، حتى يصير من اهل مشاهد الجلال والجمال ، ويتشرف بجوار الرب المتعال ويصل الى السرور الحقيقي ، الذي لاعين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولاخطر على قلب بشر والى قرة الاعين التي يشير اليها في قوله سبحانه : (فلا تعلم نفس ماأخفى لهم من قرة أعين ).
----------------------------------------
جامع السعادات ص37