بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلىِ على محمد وال محمد
محنة امير المومنين عليه السلام الثالث والرابعة.
وأما الثالثة يا أخا اليهود فإن ابني ربيعه وابن عتبة كانوا فرسان قريش دعوا إلى البراز يوم بدر، فلم يبرز لهم خلق فأنهضني رسول الله صلى الله عليه وآله إلى صاحبي وأنا أحدث أصحابي سنا " وأقلهم للحرب تجربة فقتل الله بيدي وليدا " وشيبة (1) سوى ما قتلت من جحاجحة (2) قريش في ذلك اليوم وسوى من أسرت وكان مني أكثر مما كان من أحد من أصحابي فاستشهد ابن عمي في ذلك اليوم - رحمه الله -.
ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
وأما الرابعة يا أخا اليهود فإن قريشا " والعرب تجمعت وعقدت بينها عقدا " و ميثاقا " ألا ترجع من وجوهها حتى تقتل رسول الله صلى الله عليه وآله وتقتلنا معه معاشر بني عبد المطلب
ثم أقبلت بحدها وحديدها حتى أناخت علينا بالمدينة(3) واثقة في أنفسها بما توجهت، فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فأنبأه الخبر فخندق على نفسه وعلى من معه من المهاجرين والأنصار، فقدمت قريش وأقامت على الخندق محاصرة ترى في أنفسها القوة وفينا الضعف تبرق وترعد، ورسول الله صلى الله عليه وآله يدعوها ويناشدها القرابة والرحم فتأبى، ولا يزيدها ذلك إلا عتوا، وفارسها وفارس العرب يومئذ عمرو بن عبد ود، يهدر كالبعير المغتلم (4) يدعو إلى البراز ويرتجز ويخطر برمحه مرة وبسيفه مرة، لا يقدم عليه مقدم ولا يطمع فيه طامع لا حمية تهيجه ولا بصيرة تشجعه فأنهضني إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وعممني بيده وأعطاني سيفه هذا وضرب بيده إلى ذي الفقار، فخرجت إليه ونساء أهل المدينة بواك إشفاقا " علي من ابن عبد ود العامري، فقتله الله بيدي، والعرب لا تعد لها فارسا " غيره وضربني هذه الضربة - وأومأ بيده إلى هامته - فهزم الله قريشا " والعرب بذلك و بما كان مني فيهم من النكاية (5).
ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
------------------------------------------------
(١) قال ابن هشام في وقعة بدر بعد ذكر مقتل الأسود المخزومي: ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة بين أخيه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة حتى إذا فصل من الصف دعا إلى المبارزة، فخرج إليه فتية من الأنصار ثلاثة وهم: عوف ومعوذ ابنا الحارث ورجل آخر يقال: هو عبد الله بن رواحة فقالوا: من أنتم؟ فقالوا: رهط من الأنصار، قالوا: ما لنا بكم من حاجة، ثم نادى مناديهم: يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم يا عبيدة بن الحارث وقم يا حمزة، وقم يا علي، فلما قاموا ودنوا منهم، قالوا: من أنتم؟ قال عبيدة: عبيدة، وقال حمزة: حمزة، وقال علي: علي، قالوا: نعم أكفاء كرام، فبارز عبيدة وكان أسن القوم عتبة بن ربيعة.، وبارز حمزة شيبة بن ربيعة.، وبارز علي الوليد بن عتبة. فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله، وأما علي فلم يمهل الوليد أن قتله، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين كلاهما أثبت صاحبه [أي جرحه جراحة لم يقم معها] وكر حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فدففا [أي أسرعا قتله] واحتملا صاحبهما فحازاه إلى أصحابه. انتهى. ونحوه في تاريخ الطبري وقال المؤلف - رحمه الله - في رواية في الارشاد: بارز الوليد أمير المؤمنين عليه السلام فلم يلبثه حتى قتله وبارز عتبة حمزة رضي - الله عنه، فقتله حمزة وبارز شيبة عبيدة - رحمه الله - فاختلف بينهما ضربتان قطعت إحداهما فخذ عبيدة، فاستنفذه أمير المؤمنين عليه السلام بضربة بدر بها شيبة فقتله وشركه في ذلك حمزة - رضي الله عنه -.
ونقل عن الواقدي مثله وقال ابن أبي الحديد في شرح كتاب أمير المؤمنين إلى معاوية بعد شرح كتابه إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية بعد نقل كلام الواقدي ومحمد بن إسحاق قال: قال البلاذري: إن حمزة قتل عتبة وإن عليا " عليه السلام قتل الوليد وشرك في قتل شيبة. قال:
وهذا هو المناسب لأحوالهم من طريق السن الخ.
(٢) قال في النهاية: الجحاجحة: جمع جحجاح وهو السيد الكريم والهاء فيه لتأكيد الجمع.
(3) الحد من السيف: مقطعه ومن الإنسان: بأسه ومعنى الأخير أنسب والحديد من السيف: القاطع ويقال: رجل حديد أي ذو حدة في الفهم أو الغضب. وأناخ الإبل: أبركه
(4) اغتلم البعير: هاج من شهوة الضراب. (القاموس)
(5) قال الجزري: نكيت في العدو أنكى نكاية فأنا ناك إذا أكثرت فيهم الجراح والقتل فوهنوا لذلك وقد يهمز لعة فيه.
الاختصاص الشيخ المفيد ص167.
اللهم صلىِ على محمد وال محمد
محنة امير المومنين عليه السلام الثالث والرابعة.
وأما الثالثة يا أخا اليهود فإن ابني ربيعه وابن عتبة كانوا فرسان قريش دعوا إلى البراز يوم بدر، فلم يبرز لهم خلق فأنهضني رسول الله صلى الله عليه وآله إلى صاحبي وأنا أحدث أصحابي سنا " وأقلهم للحرب تجربة فقتل الله بيدي وليدا " وشيبة (1) سوى ما قتلت من جحاجحة (2) قريش في ذلك اليوم وسوى من أسرت وكان مني أكثر مما كان من أحد من أصحابي فاستشهد ابن عمي في ذلك اليوم - رحمه الله -.
ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
وأما الرابعة يا أخا اليهود فإن قريشا " والعرب تجمعت وعقدت بينها عقدا " و ميثاقا " ألا ترجع من وجوهها حتى تقتل رسول الله صلى الله عليه وآله وتقتلنا معه معاشر بني عبد المطلب
ثم أقبلت بحدها وحديدها حتى أناخت علينا بالمدينة(3) واثقة في أنفسها بما توجهت، فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فأنبأه الخبر فخندق على نفسه وعلى من معه من المهاجرين والأنصار، فقدمت قريش وأقامت على الخندق محاصرة ترى في أنفسها القوة وفينا الضعف تبرق وترعد، ورسول الله صلى الله عليه وآله يدعوها ويناشدها القرابة والرحم فتأبى، ولا يزيدها ذلك إلا عتوا، وفارسها وفارس العرب يومئذ عمرو بن عبد ود، يهدر كالبعير المغتلم (4) يدعو إلى البراز ويرتجز ويخطر برمحه مرة وبسيفه مرة، لا يقدم عليه مقدم ولا يطمع فيه طامع لا حمية تهيجه ولا بصيرة تشجعه فأنهضني إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وعممني بيده وأعطاني سيفه هذا وضرب بيده إلى ذي الفقار، فخرجت إليه ونساء أهل المدينة بواك إشفاقا " علي من ابن عبد ود العامري، فقتله الله بيدي، والعرب لا تعد لها فارسا " غيره وضربني هذه الضربة - وأومأ بيده إلى هامته - فهزم الله قريشا " والعرب بذلك و بما كان مني فيهم من النكاية (5).
ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
------------------------------------------------
(١) قال ابن هشام في وقعة بدر بعد ذكر مقتل الأسود المخزومي: ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة بين أخيه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة حتى إذا فصل من الصف دعا إلى المبارزة، فخرج إليه فتية من الأنصار ثلاثة وهم: عوف ومعوذ ابنا الحارث ورجل آخر يقال: هو عبد الله بن رواحة فقالوا: من أنتم؟ فقالوا: رهط من الأنصار، قالوا: ما لنا بكم من حاجة، ثم نادى مناديهم: يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم يا عبيدة بن الحارث وقم يا حمزة، وقم يا علي، فلما قاموا ودنوا منهم، قالوا: من أنتم؟ قال عبيدة: عبيدة، وقال حمزة: حمزة، وقال علي: علي، قالوا: نعم أكفاء كرام، فبارز عبيدة وكان أسن القوم عتبة بن ربيعة.، وبارز حمزة شيبة بن ربيعة.، وبارز علي الوليد بن عتبة. فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله، وأما علي فلم يمهل الوليد أن قتله، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين كلاهما أثبت صاحبه [أي جرحه جراحة لم يقم معها] وكر حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فدففا [أي أسرعا قتله] واحتملا صاحبهما فحازاه إلى أصحابه. انتهى. ونحوه في تاريخ الطبري وقال المؤلف - رحمه الله - في رواية في الارشاد: بارز الوليد أمير المؤمنين عليه السلام فلم يلبثه حتى قتله وبارز عتبة حمزة رضي - الله عنه، فقتله حمزة وبارز شيبة عبيدة - رحمه الله - فاختلف بينهما ضربتان قطعت إحداهما فخذ عبيدة، فاستنفذه أمير المؤمنين عليه السلام بضربة بدر بها شيبة فقتله وشركه في ذلك حمزة - رضي الله عنه -.
ونقل عن الواقدي مثله وقال ابن أبي الحديد في شرح كتاب أمير المؤمنين إلى معاوية بعد شرح كتابه إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية بعد نقل كلام الواقدي ومحمد بن إسحاق قال: قال البلاذري: إن حمزة قتل عتبة وإن عليا " عليه السلام قتل الوليد وشرك في قتل شيبة. قال:
وهذا هو المناسب لأحوالهم من طريق السن الخ.
(٢) قال في النهاية: الجحاجحة: جمع جحجاح وهو السيد الكريم والهاء فيه لتأكيد الجمع.
(3) الحد من السيف: مقطعه ومن الإنسان: بأسه ومعنى الأخير أنسب والحديد من السيف: القاطع ويقال: رجل حديد أي ذو حدة في الفهم أو الغضب. وأناخ الإبل: أبركه
(4) اغتلم البعير: هاج من شهوة الضراب. (القاموس)
(5) قال الجزري: نكيت في العدو أنكى نكاية فأنا ناك إذا أكثرت فيهم الجراح والقتل فوهنوا لذلك وقد يهمز لعة فيه.
الاختصاص الشيخ المفيد ص167.
تعليق