بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين محمد واله الطاهرين
وبعد :
عندما نسأل أهل الخلاف عن الدليل في مسألة أحقية الخلافة لأبي بكر وعمر ليس عندهم جواب مقنع غير مسألة الشورى
استناداً الى الآية القرانية(( وأمرهم شورى بينهم ))
فيزعمون ان تنصيب الخليفة بيد الناس المعني بهم الصحابة فهم اذا اختاروا شخصا يمثلهم في امور الدين والدنيا من بعد النبي صلى الله عليه واله فبمجرد الاختيار له لا يجوز الإعتراض عليه ولابد من ان نقبل به حتى لو كان ذلك مخالف للنص القراني او الروائي ،
إذن الشورى هي الدليل الوحيد لديهم !!
ولكن عند الرجوع الى القران نجد خلاف ذلك فمثلاً :
يقول الله تعالى {{ وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون}}القصص 68
ويقول تعالى {{ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا}} الأحزاب 36
فأذن القران لايسمح بأن الانسان هو الذي يختار ، الله هو الذي يختار ورسوله .
وعندما نرجع الى السنة النبوية المطهرة نجد في حياة النبي صلى الله عليه واله لم يعمل النبي صلى الله عليه واله بالشورى في القضايا التي فيها تأمير و استخلاف و توجه ديني فهذا مثلاً أسامة بن زيد لما أمره الرسول صلى الله عليه واله على كبار الصحابة والمهاجرين وفيهم ابو بكر وعمر لم نرى النبي صلى الله عليه واله يستشيرهم مع أنهم لم يرتضوا لأمارته عليهم بل اعترضوا ورفضوها وعابوا على أسامة بن زيد بهذه الأمارة !
وعندما نراجع التاريخ والروايات الصحيحة لا نجد للشورى أي مكان في مسألة مبايعة الأول والثاني والثالث ،
فمثلاً بيعة أبو بكر لم تحصل فيها الشورى بل تخلف عنها جمع كثير من الصحابة لم يبايعوا ، فلم يبايع الامام علي عليه السلام وبني هاشم والزبير وغيرهم ، فهذا البخاري يقول لم يبايع علي الا بعد ستة اشهر واليك الرواية من صحيح البخاري ((حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - بِنْتَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِى بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ ، وَمَا بَقِىَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « لاَ نُورَثُ ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فِى هَذَا الْمَالِ » . وَإِنِّى وَاللَّهِ لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ حَالِهَا الَّتِى كَانَ عَلَيْهَا فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِى بَكْرٍ فِى ذَلِكَ فَهَجَرَتْهُ ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ ، وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّةَ أَشْهُرٍ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ ، دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِىٌّ لَيْلاً ، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا ، وَكَانَ لِعَلِىٍّ مِنَ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِىٌّ وُجُوهَ النَّاسِ ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِى بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ تِلْكَ الأَشْهُرَ)) صحيح البخاري باب غزوة خيبر ج14 ص135
وكذلك الزير وبني هاشم لم يبايعوا ولم يحضروا السقيفة فأين الشورى من تخلف هؤلاء ؟!
وفي بيعة عمر ماذا حصل هل نجد للشورى مكانة ؟!
فالننظر في الروايات :
قال أبو يوسف يعقوب ابن ابراهيم البغدادي [1]صاحب أبي حنيفة في كتاب الخراج الذي صنفه للرشيد العباسي ما لفظه:
حدثني اسماعيل بن أبي خالد عن زبيد بن الحارث، عن ابن سابط، قال: لما حضره الوفاة أبا بكر (رض) ارسل الى عمر يستخلفه، فقال الناس: اتستخلف علينا فظا غليظا، لو قد ملكنا كان أفظ وأغلظ، فماذا تقول لربك إذا لقيته وقد استخلفت علينا عمر، قال: أتخوفونني ربي، أقول: اللهم أمرت عليهم خير أهلك[2].
وقال محمد بن سعد البصري في كتاب الطبقات في ترجمة أبي بكر في قصة أستخلاف أبي بكر لعمر ما لفظه: وسمع بعض أصحاب النبي (ص) بدخول عبد الرحمن وعثمان على أبي بكر وخلوتهما به فدخلوا على أبي بكر فقال له قائل منهم: ما أنت قائل لربك إذا سألك عن أستخلافك عمر، لعمر علينا وقد ترى غلظته، فقال أبو بكر: اجلسوني، أبالله تخوفوني ؟ خاب من تزود من أمركم بظلم، أقول: اللهم استخلفت عليهم خير أهلك[3].
وقال أبو بكر عبد الله بن محمد العبسي المعروف بأبن أبي شيبة في كتابه المصنف: حدثنا وكيع، وإبن ادريس، عن اسماعيل بن أبي خالد، عن زبيد بن الحرث، أن أبا بكر حين حضره الموت أرسل الى عمر يستخلفه فقال الناس: تستخلف علينا فظا غليضا، ولو قد ولينا كان أفظ وأغلظ، فما تقول لربك إذا لقيته وقد استخلفت علينا عمر [4]، الخ.
فأين الشورى في خلافة عمر بن الخطاب , وكذلك في خلافة عثمان ما نرى إلا مسألة الترشيح لستة نفر يكون الأمر والأختيار بيد عبد الرحمن بن عوف ،
فمسألة الشورى ما هي إلا تهريج ليس فيها مستند بل هي باطلة ومرفوضة من قبل الله تعالى والنبي صلى الله عليه واله بل وحتى الصحابة لم يعملوا بها ولم يعولوا عليها فهل للمخالفين دليل غير الشورى أم بعد كل هذا الطرح يرجعوا ويقولوا
بالشورى !!!!!!!!!!!!!!
[1] - أبو يوسف يعقوب ابن ابراهيم بن حبيب الأنصاري البغدادي مات 182 فقيه اصولي مجتهد محدث حافظ عالم بالتغيير والمغازي وايام العرب. تاريخ بغداد 14: 242. الكامل لأبن الاثير 6: 53 تذكرة الحافظ 1: 269. البداية 10: 180 تاج التراجم: 60. مفتاح السعادة: 100
[2] - الخراج: 11
[3] - الطبقات الكبرى 3: 199
[4] - المصنف 5: 449.