شرح مفردات الآية
المفردة الاولى :الابتلاء
البحث اللغوي:
في كتاب كليات ابي البقاء :- ابتلاء وبلاء هما واحد ، واصل الابتلاء التكليف بالإمر الشاق من البلاء .
ويقول الراغب وإذا قيل: ابتلى فلان كذا وأبلاه فذلك يتضمن أمرين:
أحدهما :- تعرف حاله والوقوف على ما يجهل من أمره،
والثاني:- ظهور جودته ورداءته، وربما قصد به الأمران، وربما يقصد به أحدهما،
فإذا قيل في الله تعالى: بلاء كذا وأبلاه فليس المراد منه إلا ظهور جودته ورداءته، دون التعرف لحاله، والوقوف على ما يجهل من أمره إذ كان الله علام الغيوب، وعلى هذا قوله عز وجل: { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن } [البقرة/124].
سؤال ما هو الفرق بين الابتلاء والاختبار؟
ج / في كتاب معجم فروق اللغة للعسكري قال :
الفرق بين الابتلاء والاختبار: أن الابتلاء لا يكون إلا بتحميل المكاره والمشاق .والاختبار يكون بذلك وبفعل المحبوب، ألا ترى انه يقال اختبره بالأنعام عليه ولا يقال ابتلاه بذلك ولا هو مبتلى بالنعمة كما قد يقال إنه مختبر بها، ويجوز أن يقال إن الابتلاء يقتضي استخراج ما عند المبتلي من الطاعة والمعصية، والاختبار يقتضي وقوع الخبر بحاله في ذلك والخبر: العلم الذي يقع بكنه الشيء وحقيقته فالفرق بينهما. وقد عبر الله عن ذبح اسماعيل بالبلاء المبين .
المفردة الثانية: الكلمات
الكلمات جمع كلمة وهي لها عدت اصطلاحات
فالكلمة لها في اللغة معنى
وفي النحو معنى
وفي الروايات معنى
وفي الفقه لها معنى
وهي بحسب اللغة :- هي (مفردة واحدة تدل على معنى ) وتطلق على الجمل المفيد
واما في النحو:- هي (القول المفرد ).
واما في علم الكلام العدلية :- قالوا( صوت) وقسم اخر قالوا (الكلام النفسي )
وفي القران :-
تستعمل في الدال والمدلول والاعيان الخارجية مثل [كلمة منه ] اي المسيح
اما الدال (كبرت كلمة تخرج من افواههم )
اما المدلول كمثل ( كلمة طيبة )
وذكر الطباطبائي في تفسير الميزان قاعدة اذا كانت مضافة الى الله فهي الكلام إلا أن ذلك بعناية إطلاق القول كما قال تعالى: "إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم، خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون": آل عمران - 59.
و جميع ما نسب إليه تعالى من الكلمة في القرآن أريد بها القول
كقوله تعالى: "و لا مبدل لكلمات الله":، الأنعام - 34،
و قوله: "لا تبديل لكلمات الله": يونس - 64،
و قوله: "يحق الحق بكلماته": الأنفال - 7،
و قوله: "إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون": يونس - 96،
و قوله: "و لكن حقت كلمة العذاب": الزمر - 71،
و قوله "و كذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار": المؤمن - 6،
و قوله: "و لو لا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم": الشورى - 14،
و قوله: "و كلمة الله هي العليا": التوبة - 41،
و قوله: "قال فالحق، و الحق أقول": ص - 84،
و قوله: "إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون": النحل - 40،
فهذه و نظائرها أريد بها القول بعناية أن القول توجيه ما يريد المتكلم إعلامه المخاطب ما عنده كما في الأخبار أو لغرض تحميله عليه كما في الإنشاء و لذلك ربما تتصف في كلامه تعالى بالتمام
كقوله تعالى: "و تمت كلمة ربك صدقا و عدلا لا مبدل لكلماته": الأنعام - 115،
و قوله تعالى: "و تمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل": الأعراف - 136،
كأن الكلمة إذا صدرت عن قائلها فهي ناقصة بعد، لم تتم، حتى تلبس لباس العمل و تعود صدقا.
و هذا لا ينافي كون قوله تعالى فعله، فإن الحقائق الواقعية لها حكم، و للعنايات الكلامية اللفظية حكم آخر، فما يريد الله سبحانه إظهاره لواحد من أنبيائه، أو غيرهم بعد خفائه، أو يريد تحميله على أحد قول و كلام له لاشتماله على غرض القول و الكلام و تضمنه غاية الخبر و النبإ، و الأمر و النهي، و إطلاق القول و الكلمة على مثل ذلك شائع في الاستعمال إذا اشتمل على ما يؤديه القول و الكلمة، تقول: لأقعلن كذا و كذا، لقول قلته و كلمة قدمتها، و لم تقل قولا، و لا قدمت كلمة، و إنما عزمت عزيمة لا تنقضها شفاعة شفيع أو وهن إرادة، و منه قول عنترة: و قولي كلما جشأت و جاشت. راجع قبل بدايه العبارة في الميزان
الكلام الفلسفي يقوم على اساس الفلسفة فالممكنات تدل وتحكي عن الله حكاية اللفظ عن المعنى فهي كالكلمة اللفظية
البحث الروائي :
كمال الدين
حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي(3) قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات قال: حدثنا محمد بن زياد الازدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: " وإذا ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن "(4) ما هذه الكلمات؟
قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب الله عليه وهو أنه قا ل: " أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت على " فتاب الله عليه إنه هو التواب الرحيم.
فقلت له: يا ابن رسول الله فما يعني عز وجل بقوله " فأتمهن "؟ قال: يعني فأتمهن إلى القائم اثني عشر إماما تسعة من ولد الحسين عليهم السلام.
و في تفسير العياشي:
بأسانيد عن صفوان الجمال قال: كنا بمكة فجرى الحديث في قول الله: "و إذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن" قال: فأتمهن بمحمد و علي و الأئمة من ولد علي في قول الله: "ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم".
أقول: و الرواية مبنية على كون المراد بالكلمة الإمامة كما فسرت بها في قوله تعالى: "فإنه سيهدين فجعلها كلمة باقية في عقبه" الآية فيكون معنى الآية: و إذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات" هن إمامته، و إمامة إسحاق و ذريته، و أتمهن بإمامة محمد، و الأئمة من أهل بيته من ولد إسمعيل ثم بين الأمر بقوله: قال إني جاعلك للناس إماما إلى آخر الآية.))
ماذا قال المفسرون في تفسير الكلمات ؟
تفسير الميزان للسيد الطباطبائي :
إذا عرفت ذلك ظهر لك أن المراد بقوله تعالى: بكلمات، قضايا ابتلي بها و عهود إلهية أريدت منه، كابتلائه بالكواكب و الأصنام، و النار و الهجرة و تضحيته بابنه و غير ذلك و لم يبين في الكلام ما هي الكلمات لأن الغرض غير متعلق بذلك، نعم قوله: قال إني جاعلك للناس إماما، من حيث ترتبه على الكلمات تدل على أنها كانت أمورا تثبت بها لياقته، (عليه السلام) لمقام الإمامة. فهذه هي الكلمات
و أما إتمامهن فإن كان الضمير في قوله تعالى: أتمهن راجعا إلى إبراهيم كان معنى إتمامهن إتيانه (عليه السلام) ما أريد منه، و امتثاله لما أمر به، و إن كان الضمير راجعا إليه تعالى كما هو الظاهر كان المراد توفيقه لما أريد منه، و مساعدته على ذلك، و أما ما ذكره بعضهم: أن المراد بالكلمات قوله تعالى: قال إني جاعلك للناس إماما، إلى آخر الآيات فمعنى لا ينبغي الركون إليه إذ لم يعهد في القرآن إطلاق الكلمات على جمل الكلام.
قال الماوردي :
وله تعالى : { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلماتٍ فأتمهن } فيه محذوف وتقديره : واذكر إذا ابتلى يعني اختبر ، وإبراهيم بالسريانية أب رحيم ، وفي الكلمات التي ابتلاه الله عز وجل بها ، ثمانية أقاويل :
أحدها : هي شرائع الإِسلام ، قال ابن عباس : ما ابتلى الله أحداً بهن ، فقام بها كلها ، غير إبراهيم ، ابتلي بالإِسلام فأتمه ، فكتب الله له البراءة فقال : { وإبراهيم الذي وَفَّى } [ النجم : 37 ] قال : وهي ثلاثون سهماً :
عشرة منها في سورة براءة : { التائبون ، العابدون ، الحامدون ، السائحون ، الراكعون ، الساجدون } [ التوبة : 112 ] .
وعشرة في الأحزاب : { إنَّ المُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ، وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ ، وَالصَادِقينَ والصَادِقَاتِ ، وَالصَابِرِينَ وَالصَابِرَاتِ ، وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ ، وَالْمُتَصَدِّقِينَ ، واَلْمُتَصَدِّقَاتِ ، وَالصَائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ ، وَالْحَافِظِينَ فروجَهُم وَالْحافِظَاتِ ، وَالذَاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالْذَّاكِرَاتِ ، أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغَفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } [ الأحزاب : 35 ] .
وعشرة في سورة المؤمنين : { قَدْ أفْلَحَ الْمُؤمِنُونَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِم خَاشِعُونَ ، وَالَّذِينَ هُم عَنِ اللَّغُوِ مُعْرِضُونَ ، وَالَّذيِنَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ، إلاَّ عَلَى أزْوَاجِهِم أوْ مَا مَلَكَتْ أيمَانُهُم فَإِنَّهُم غَيرُ مَلُومِينَ ، فَمن ابتغى وَرَاءَ ذلِكَ فَأولئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ، وَالَّذِينَ هُمُ لأَمَانَاتِهِم وَعَهْدِهِم رَاعُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ، أُولئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ، الَّذِينَ يَرِثُونِ الْفِرْدَوسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ المؤمنون : 1 - 11 ] وفي سورة سأل سائل من { إلا المُصَلِّينَ ، الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ } [ المعارج : 23 ] ، إلى { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِم يُحَافظُون } [ المعارج : 34 ] .
والقول الثاني : إنها خصال من سُنَنِ الإسلام ، خمس في الرأس ، وخمس في الجسد ، فروى ابن عباس في الرأس : قص الشارب ، والمضمضة ، والاستنشاق ، والسواك ، وفرق الرأس . وفي الجسد تقليم الأظفار ، وحلق العانة ، والختان ، ونتف الإبط ، وغسل أثر البول والغائط بالماء . وهذا قول قتادة .
والقول الثالث : إنها عشر خصال ، ست في الإنسان وأربع في المشاعر ، فالتي في الإنسان : حَلْقُ العانة ، والختان ، ونَتْفُ الإبط ، وتقليم الأظفار ، وقص الشارب ، والغُسل يوم الجمعة . والتي في المشاعر : الطواف ، والسعي بين الصفا والمروة ، ورمي الجمار ، والإفاضة . روى ذلك الحسن عن ابن عباس .
والقول الرابع : إن الله تعالى قال لإبراهيم : إني مبتليك يا إبراهيم ، قال : تجعلني للناس إماماً؟ قال نعم ، قال : ومن ذريتي؟ قال : لا ينال عهدي الظالمين ، قال : تجعل البيت مثابة للناس؟ قال : نعم ، قال : وأمناً؟ قال : نعم ، قال : وتجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك؟ قال : نعم ، قال : وأرنا مناسكنا وتب علينا؟ قال : نعم ، قال : وتجعل هذا البلد آمناً؟ قال : نعم ، قال : وترزق أهله من الثمرات من آمن؟ قال : نعم ، فهذه الكلمات التي ابتلى الله بها إبراهيم ، وهذا قول مجاهد .
والخامس : أنها مناسك الحج خاصة ، وهذا قول قتادة .
والقول السادس : أنها الخلال الست : الكواكب ، والقمر ، والشمس ، والنار ، والهجرة ، والختان ، التي ابتلي بهن فصبر عليهن ، وهذا قول الحسن .
يا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (122) وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (123) وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124)
والقول السابع : ما رواه سهل بن معاذ بن أنس عن أمه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفّى؟ لأنه كان يقول كلما أصبح وكلما أمسى : سبحان الله حين تُمْسُونَ وحينَ تُصْبِحُونَ ، وله الحمْدُ في السّموَاتِ والأرْضِ وعَشِيّاً وحين تُظْهِرُونَ » .
والقول الثامن ، ما رواه القاسم بن محمد ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « وَإبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى } قَالَ : أتَدْرُونَ مَا وَفَّى؟ قَالُوا : اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ ، قَالَ : وَفّى عَمَلَ يَوْمٍ بِأرْبَعِ رَكْعَاتٍ فِي النَّهَارِ »
ملاحظة: (( عندهم سبب النزول له حكم الرفع اي يرفع للنبي ))
اما في رواياتهم فراجع الحاكم وتفسير ابن بي حاتم والدر المنثور واخذناها من الدر لأنه روائي وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124)
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات }
قال : ابتلاه الله بالطهارة خمس في الرأس وخمس في الجسد ، في الرأس قص الشارب ، والمضمضة ، والاستنشاق ، والسواك ، وفرق الرأس . وفي الجسد تقليم الأظفار ، وحلق العانة ، والختان ، ونتف الابط ، وغسل مكان الغائط والبول بالماء .
وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الكلمات التي ابتلي بهن إبراهيم فأتمهن : فراق قومه في الله حين أمر بمفارقتهم ، ومجاجته نمرود في الله حين وقفه على ما وقفه عليه من خطر الأمر الذي فيه خلافهم ، وصبره على قذفهم إياه في النار ليحرفوه في الله ، والهجرة بعد ذلك من وطنه وبلاده حين أمره بالخروج عنهم ، وما أمره به من الضيافة والصبر عليها ، وما ابتلي به من ذبح ولده . فلما مضى على ذلك كله وأخلصه البلاء قال الله له أسلم { قال أسلمت لرب العالمين } [ البقرة : 131 ] .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الكلمات التي ابتلى بها عشر ، ست في الإِنسان وأربع في المشاعر . فأما التي في الإِنسان : فحلق العانة ، ونتف الإِبط ، أو الختان ، وتقليم الأظفار ، وقص الشارب ، والسواك ، وغسل يوم الجمعة . والأربعة التي في المشاعر : الطواف بالبيت ، والسعي بين الصفا والمروة ، ورمي الجمار ، والإِفاضة .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس قال : ما ابتلي أحد بهذا الدين فقام به كله إلا إبراهيم قال { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن } قيل ما الكلمات؟ قال : سهام الإِسلام ثلاثون سهماً . عشر في براءة التائبون العابدون إلى آخر الآية ، وعشر في أول سورة قد أفلح ، وسأل سائل ، والذين يصدقون بيوم الدين الآيات ، وعشر في الأحزاب أن المسلمين والمسلمات إلى آخر الآية فأتمهن كلهن ، فكتب له براءة قال تعالى { وإبراهيم الذي وفى } [ النجم : 37 ] .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم من طرق عن ابن عباس { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن } قال : منهن مناسك الحج .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الكلمات { إني جاعلك للناس إماماً } [ البقرة : 124 ] . { وإذ يرفع إبراهيم القواعد } [ البقرة : 127 ] والآيات في شأن المنسك ، والمقام الذي جعل لإِبراهيم ، والرزق الذي رزق ساكنو البيت ، وبعث محمد في ذريتهما .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن مجاهد في قوله { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات } قال : ابتلى بالآيات التي بعدها .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن الحسن قال : ابتلاه بالكوكب فرضي عنه ، وابتلاه بالقمر فرضي عنه ، وابتلاه بالشمس فرضي عنه ، وابتلاه بالهجرة فرضي عنه ، وابتلاه بالختان فرضي عنه ، وابتلاه بابنه فرضي عنه .راجع الدر المنثور
المفردة الثالثة: الإتمام
المبحث الاول : في اللغة
الاتمام :هو القيام بالأمر،
في مجمع البحرين للطريحي واسم الكتاب الحقيقي( معجم الحديث والقران )
مادة (تمم) قوله تعالى: و تمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل [137/7]
قيل هي قوله تعالى و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض [5/28]
الآية و تمت كلمة ربك أي حقت و وجبت قوله: تماما على الذي أحسن[22]و تفصيلا [154/6]أي تماما من الله على المحسنين، أو تماما على الذي أحسنه موسى من طاعة الله.
قوله: و أتموا الحج و العمرة لله [196/2]أي قوموا بأمورهما و الإتمام القيام بالأمر.
الفرق بين الاتمام والاكمال
الفرق بين الاتمام والاكمال:
قال ابو هلال العسكري في الفروق بين المفردات المتقاربة،[ص38]
قد فرق بينهما بأن :-
الاتمام: لإزالة نقصان الاصل.
والاكمال: لإزالة نقصان العوارض بعد تمام الاصل.
قيل: ولذا كان قوله تعالى: " تلك عشرة كاملة " أحسن من (تامة).
فإن التام من العدد قد علم، وإنما نفي احتمال نقص في صفاتها.
وقيل: تم: يشعر بحصول نقص قبله. وكمل: لا يشعر بذلك.
وقال العسكري: الكمال: اسم لاجتماع أبعاض الموصوف به. والتمام: اسم للجزء الذي يتم به الموصوف.
ولهذا يقال: القافية تمام البيت، ولا يقال: كماله .ويقولون: البيت بكماله، أو باجتماعه.(اللغات).
المبحث الثاني : الروائي
في كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق:
حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات قال: حدثنا محمد بن زياد الازدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: "( وإذا ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن ) ما هذه الكلمات ؟
قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب الله عليه وهو أنه قال: " أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت على " فتاب الله عليه إنه هو التواب الرحيم.
فقلت له: يا ابن رسول الله فما يعني عز وجل بقوله " فأتمهن " ؟ قال: يعني فأتمهن إلى القائم اثني عشر إماما تسعة من ولد الحسين عليهم السلام.
هذا هو محل الشاهد من الرواية
المفردة الرابعة:- الجعل
هذه المفردة كثيرة الاستعمال في القران الكريم مع الانبياء فاستعلت مع ادم في قوله تعالى (اني جاعل في الارض خليفة ) وكذلك مع داود و ابراهيم ( عليهم السلام )
البحث اللغوي:
لسان العرب في مادة (ج ع ل)
جَعَلَ الشيءَ يَجْعَله جَعْلاً ومَجْعَلاًواجتعله وَضَعه (فيكون معنى الجعل الوضع )
وقال ابو البقاء قي الكليات :- الجعل اذا تعدى الى مفعولين فهو بمعنى التصير واذا واحد بمعنى الخلقوالايجاد ...
التعليق على كلام ابي البقاء .
يريد ان يقول : ان في علم النحو: ان النواسخ على ثلاث انواع هي :
1-كان واخواتها
2- ظن واخواتها
3- افعال المقاربة.
وافعال المقاربة على اقسام : منها افعال التصير ومنها افعال الشروع
فا (جعل) من افعال التصير ، الذي تتعدى الى مفعوليين .
البحث القرآني : الجعل في القران.
حسب كتاب علي بن عبد الله بن عباس [ج1ص52]
قال : والجعل يستعمل في القران على خمس اوجه :
1-الخلق:- {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ[31:الانبياء]}.
2- بعث:- {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي [29: طه ]}.
3- قال :- {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ[19:الزخرف]
4- بين :- { إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [3: الزخرف]
5- صير:-{ جَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [19:التوبة ]}
التعليق على المطلب
2- بعث:- {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي [29: طه ]}.
3- قال :- {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ[19:الزخرف]
4- بين :- { إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [3: الزخرف]
5- صير:-{ جَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [19:التوبة ]}
التعليق على المطلب
وهنا سؤال : اي المعنيين من الجعل التكوني هل الخلق او التصيير ؟
ج/ الجعل بمعنى الخلق والايجاد هو التكويني، واما الجعل بمعنى التصيير والتنصيب من الله تعالى لابراهيم اماما فهو جعل شرعي زيادة على كونه تكوينيا .
المفردة الخامسة :- اماما
وفيه عدت مطالب :
الاول : في اللغة :
قال صاحب القاموس المحيط الفيروز ابادي :
والامامُ : ما ائْتُمَّ به من رئيسٍ أو غيرِهِ : إمامٌ بِلَفْظِ الواحِدِ وليسَ على حَدِّ عَدْلٍ لأَنَّهُم قالوا : إمامانِ بَلْ جَمْعٌ مُكَسَّرٌ وأيِمَّةٌ وأئِمَّةٌ : شاذٌّ و - :
الخَيْطُ يمَدُّ على البِناء فَيُبْنَى والطَّريقُ وقَيِّمُ الأَمرِ المُصْلِحُ له والقرآنُ والنَّبيُّ والخليفَةُ وقائِدُ الجُنْدِ وما يَتَعَلَّمُهُ الغلامُ كُلَّ يومٍ وما امْتُثِل عليهِ المِثالُ والدَّليلَ والحادي وتِلْقاءُ القِبْلَةِ والوَتَرُ وخَشَبَةٌ يُسَوَّى عليها البناءُ . وجَمْعُ آمٍّ كصاحِبٍ وصِحَاب . ومُحمدُ بنُ عبدِ الجَبَّارِ ومحمدُ بنُ ا سماعِيلَ البِسْطامِيُّ الاماميَّانِ : محدِّثَانِ . وهذا أيَمُّ منه وأوَمُّ : أحْسَنُ إمامَةً . وائْتَمَّ بالشيء وائْتَمَى به على البَدَلِ . وهُما أُمَّاكَ أي : أبواكَ أو أُمُّكَ وخالَتُكَ . وكأَميرٍ : الحَسَنُ القامَةِ .
سؤال / ما هو الجامع بين هذه الاقوال ؟
ج/ في قول الراغب .
وقال الراغب
الإمام: المؤتم به، إنسانا كأن يقتدى بقوله أو فعله، أو كتابا، أو غير ذلك محقا كان أو مبطلا، وجمعه: أئمة. وقوله تعالى: { يوم ندعو كل أناس بإمامهم } [الإسراء/71] أي: بالذي يقتدون به، وقيل: بكتابهم (انظر: الغريبين 1/95)، وقوله: { واجعلنا للمتقين إماما }
الثاني :في علم الكلام
وفي الكليات لابي البقاء [فصل الالف والميم ،ج1ص267]
{ والإمامة مصدر { أممت الرجل } أي جعلته أمامي أي قدامي ثم جعلت عبارة عن رياسة عامة تتضمن حفظ مصالح العباد في الدارين }
التعليق :
1-نقلت من المعنى اللغوي والاستعمال القرآني الى علم الكلام
2- في الامام جنبتان
الجانب الديني : المقتدى في افعاله واقواله الاسوة والمثل الاعلى
الجانب الدنيوي :وهو السياسة اي قيادة الامة ، اصلاح شان الامة .
اذا حملناها على المعنى الاول : (المقتدى في افعاله واقواله ) تكون جميع الانبياء ائمة .
اما على المعنى الثاني : لا يكون جميع الانبياء ائمة.
الثالث : الامامة حسب الاستعمال القرآني :
ان كلمة امام وردت 12 مرة ، 7مرات مفردة ، 5 مرات مجموعة .
وكلها بمعنى واحد في اللغة (الهادي اوالمرشد او المتبع )، ولكن تختلف من مصداق الى اخر بإضافة معنا جديد ا بحسب سياق الآية.
لفظ الامام مفرد
1-{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًاقَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } [124: البقرة ]
2- {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (17) هود.}
3-{ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَالَبِإِمَامٍ مُبِينٍ (79) الحجر}
4-{ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (71) الاسراء}
5-{ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا(74)الفرقان}
6-{ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِيإِمَامٍ مُبِينٍ (12) يس}
7-{ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىإِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12) الاحقاف }
لفظ الامام جمع .
1-{ وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواأَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) التوبة }
2-{ وَجَعَلْنَاهُمْأَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73) الانبياء }
3-{ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْأَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) القصص }
4-{ وَجَعَلْنَاهُمْأَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (41) القصص }
5-{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24) السجدة }
الرابع :الامام في الروايات :
الامامة هنا تختلف عن المعنى القرآني.
تعريف الامام في الروايات
اولا : في الكافي وصححه المجلسي
بَابٌ نَادِرٌ جَامِعٌ فِي فَضْلِ الْإِمَامِ وَصِفَاتِهِ[ ج1ص203]
2-مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ غَالِبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي خُطْبَةٍ لَهُ يَذْكُرُ فِيهَا حَالَ الْأَئِمَّةِ ع وَصِفَاتِهِمْ
إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْضَحَ بِأَئِمَّةِ الْهُدَى مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا عَنْ دِينِهِ وَأَبْلَجَ بِهِمْ عَنْ سَبِيلِ مِنْهَاجِهِ وَفَتَحَ بِهِمْ عَنْ بَاطِنِ يَنَابِيعِ عِلْمِهِ فَمَنْ عَرَفَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ص وَاجِبَ حَقِّ إِمَامِهِ وَجَدَ طَعْمَ حَلَاوَةِ إِيمَانِهِ وَعَلِمَ فَضْلَ طُلَاوَةِ إِسْلَامِهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَصَبَ الْإِمَامَ عَلَماً لِخَلْقِهِ وَجَعَلَهُ حُجَّةً عَلَى أَهْلِ مَوَادِّهِ وَعَالَمِهِ وَأَلْبَسَهُ اللَّهُ تَاجَ الْوَقَارِ وَغَشَّاهُ مِنْ نُورِ الْجَبَّارِ يَمُدُّ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُ مَوَادُّهُ وَلَا يُنَالُ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِجِهَةِ أَسْبَابِهِ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ أَعْمَالَ الْعِبَادِ إِلَّا بِمَعْرِفَتِهِ فَهُوَ عَالِمٌ بِمَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ مُلْتَبِسَاتِ الدُّجَى وَمُعَمِّيَاتِ السُّنَنِ وَمُشَبِّهَاتِ الْفِتَنِ فَلَمْ يَزَلِ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَخْتَارُهُمْ لِخَلْقِهِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ ع مِنْ عَقِبِ كُلِّ إِمَامٍ يَصْطَفِيهِمْ لِذَلِكَ وَيَجْتَبِيهِمْ وَيَرْضَى بِهِمْ لِخَلْقِهِ وَيَرْتَضِيهِمْ كُلَّ مَا مَضَى مِنْهُمْ إِمَامٌ نَصَبَ لِخَلْقِهِ مِنْ عَقِبِهِ إِمَاماً عَلَماً بَيِّناً وَهَادِياً نَيِّراً وَإِمَاماً قَيِّماً وَحُجَّةً عَالِماً أَئِمَّةً مِنَ اللَّهِ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ حُجَجُ اللَّهِ وَدُعَاتُهُ وَرُعَاتُهُ عَلَى خَلْقِهِ يَدِينُ بِهَدْيِهِمُ الْعِبَادُ
وكذا في عيون اخبار الرضا (عليه السلام) للصدوق
[ ج : 1 ص : 216]
2- باب ما جاء عن الرضا ع في وصف الإمامة والإمام وذكر فضل الإمام ورتبته
حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن علي الهاروني قال حدثني أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم عن الحسن بن القاسم الرقام قال حدثني القاسم بن مسلم عن أخيه عبد العزيز بن مسلم
قال كنا في أيام علي بن موسى الرضا ع بمرو فاجتمعنا في مسجد جامعها في يوم الجمعة في بدء مقدمنا فإذا رأى الناس أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها فدخلت على سيدي ومولاي الرضا ع فأعلمته ما خاض الناس فيه فتبسم ع ثم قال يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن أديانهم إن الله تبارك وتعالى لم يقبض نبيه ص حتى أكمل له الدين وأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شيء بين فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام وجميع ما يحتاج إليه كملا فقال عز وجل[ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شيء ] وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره ص [الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ] وأمر الإمامة من تمام الدين ولم يمض ص حتى بين لأمته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد الحق وأقام لهم عليا ع علما وإماما وما ترك شيئا يحتاج إليه الأمة إلا بينه فمن زعم أن الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله عز وجل ومن رد كتاب الله تعالى فهو كافر هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم إن الإمامة أجل قدرا وأعظم شأنا وأعلى مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماما باختيارهم إن الإمامة خص الله بها إبراهيم الخليل ع بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة وفضيلة شرفه بها وأشاد بها ذكره فقال عز وجل [إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ]فقال الخليل ع سرورا بها وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ الله عز وجل [لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ]فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة ثم أكرمه الله عز وجل بأن جعلها ذريته أهل الصفوة والطهارة فقال عز وجل وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ فلم يزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها النبي ص فقال الله عز وجل [إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواوَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) ال عمران ]
المفردة السادسة: الظالمين
لغة :
في لسان العرب( ظلم ) الظُّلْمُ وَضْع الشيء في غير موضِعه ومن أمثال العرب في الشَّبه [مَنْ أَشْبَهَ أَباه فما ظَلَم] قال الأصمعي ما ظَلَم أي ما وضع الشَّبَه في غير مَوْضعه وفي المثل من اسْترْعَى الذِّئْبَ فقد ظلمَ وفي حديث ابن زِمْلٍ لَزِموا الطَّرِيق فلم يَظْلِمُوه أي لم يَعْدِلوا عنه
وقال صاحب المفردات : قال بعض الحكماء: الظلم ثلاثة:
الاول: ظلم بين الانسان وبين الله تعالى وأعظمه الكفر والشرك والنفاق، ولذلك قال: (إن الشرك لظلم عظيم) وإياه قصد بقوله: (ألا لعنة الله على الظالمين - والظالمين أعد لهم عذابا أليما) في آى كثيرة وقال: (فمن أظلم ممن كذب على الله - ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا).
والثانى: ظلم بينه وبين الناس وإياه قصد بقوله: (وجزاء سيئة سيئة) إلى قوله: (إنه لا يحب الظالمين) وبقوله: (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس) وبقوله: (ومن قتل مظلوما).
والثالث: ظلم بينه وبين نفسه وإياه قصد بقوله: (فمنهم ظالم لنفسه) وقوله: (ظلمت نفسي - إذ ظلموا أنفسهم - فتكونا من الظالمين) أي من الظالمين أنفسهم: (ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه)
الظلم في الكتاب الكريم :
اما الظلم في القران :
{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) لقمان}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254)البقرة}
ومن هنا يعلم ان القدر المتيقن من الظلم هو اتيان الشرك ويمكن تقسم الآية الإبراهيمية الى ظالم وغير ظالم .
والدليل :
{وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (113)الصافات}
{ثُم أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) فاطر}
سؤال : كيف ينسجم الاصطفاء مع الظلم في الآية الأخيرة ؟
ج / الضمير في( منهم ظالم ) يعود على العباد لا على الذين اصطفينا .
اما الظلم في الروايات :
اصول الكافي :لاثقة الاسلام الكليني
محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم، ودرست بن ابي منصور، عنه قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: الانبياء والمرسلون على أربع طبقات:
فنبي منبأ في نفسه لا يعدو غيرها،
ونبي يرى في النوم ويسمع الصوت ولا يعاينه في اليقظة، ولم يبعث إلى أحد وعليه إمام مثل ما كان إبراهيم على لوط عليهما السلام،
ونبي يرى في منامه ويسمع الصوت ويعاين الملك، وقد ارسل إلى طائفة قلوا أو كثروا، كيونس قال الله ليونس: "{ وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون](1) " قال: يزيدون: ثلاثين ألفا وعليه إمام،
والذي يرى في نومه ويسمع الصوت ويعاين في اليقظة وهو إمام مثل اولي العزم وقد كان إبراهيم عليه السلام نبيا وليس بإمام حتى قال الله: " [إني جاعلك للناس إماما قال: ومن ذريتي فقال الله: لا ينال عهدي الظالمين "] من عبد صنما أو وثنا لا يكون إماما.
وكذا في اصول الكافي
: محمد بن الحسن، عمن ذكره، عن محمد بن خالد، عن محمد بن سنان، عن زيد الشحام قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن الله تبارك وتعالى اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا وإن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه، رسولا وإن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا وإن الله اتخذه خليلا قبل أن يجعله إماما، فلما جمع له الاشياء قال: " إني جاعلك للناس إماما " قال: فمن عظمها في عين إبراهيم قال: " ومن ذريتي، قال: لا ينال عهدي الظالمين " قال: لا يكون السفيه إمام التقي.
وفي الاحتجاج للطبرسي : " لا ينال عهدي الظالمين " أي: المشركين، لأنه سمى الظلم شركا بقوله: " إن الشرك لظلم عظيم " فلما علم إبراهيم عليه السلام أن عهد الله تبارك وتعالى اسمه بالإمامة لا ينال عبدة الأصنام، قال: " فاجنبني وبني أن نعبد الأصنام " واعلم أن من آثر المنافقين على الصادقين، والكفار على الأبرار، فقد افترى بعض كلمات المخالفين
قال الالوسي المتبادر من الظلم الكفر لان الفرد الكامل من أفراده . يؤيده الشنقيطي في اضواء البيان وقاله البيضاوي في تفسيره وقاله ابن عجيبه في تفسيره .
تعليق