بسم الله الرحمن الرحيم
مهما بحثنا في تاريخ الشعوب ، فلن نجد في أي شعبٍ ، و أي دين آخر ، عائلة يكون الأب فيها علياً (ع) ، والأم فاطمة (ع) ، و الأولاد الحسن و الحسين و زينب (عليهم السلام ) ، يعيشون جميعاً تحت سقف واحد و في عصر واحد . و في نفس الوقت ليست هناك أي أسرة في الوجود وُهب لها كل هذا الحب و الإخلاص و الإيمان و الشعر و الدمعِ من جانب أمة ما ، كما وُهب لهذه الأسرة الزكية .
أقول الدمع ، لأن العين حين تبكي يكون تعبيرها أصدق من اللسان ، و الدمعةُ الواعية أجمل شعر و أقوى إيمان و أشد إحساس .
و مع حلول شهر التضحية و الشهادة ، و ما يحمله هذا الشهر من مآسٍ حلَّت على آل رسول الله (ص) ، فلا يمكن أن ندع هذا الشهر يمر مرور الكرام ، بل لابد أن يقرر كل منا إحداث تغيير إيجابي في حياته ، و لنجعل هذه الأيام أيام الحرية من كل ما يأسرنا ، و لنقتدِ بالأسيرة الحرة ، زينب العقيلة (ع) التي تحررت من كل ما يأسرها ، و من كل ما يلوث الكرامة الإنسانية ، فكانت حريتها ، التي تجسدت في عبوديتها لله تعالى وحده .
زينب الحرة صبرت و صبرت رغم المصائب المفجعة التي انهالت عليها ، و كانت تكفي واحدة منها لتشل قواها و تفقدها صبرها .
و تجلت حرية العقيلة عندما رأت جسد أخيها الحسين مقطعاً إرباً إرباً فقالت : " إلهي تقبل منا هذا القربان " و كذلك عندما ردت على ابن زياد عندما سألها : " كيف رأيت صنع الله بأخيك الحسين ؟ " فقالت : " ما رأيت إلا جميلا " .
هذا هو وجه زينب (ع) البعيد كل البعد عن وجه المرأة التقليدية التي كبلتها قيود الجهل و التخلف ووجه المرأة العصرية المتأثرة بالغرب و التي كسرت قيود التقاليد فوقعت في فخ أخطر و قيود أقوى .
زينب التي حملت رسالة صعبة وواصلت طريق كربلاء ضد نظام الجريمة و الكذب و الانحراف في أوضاع صمت فيها كبار المسلمين ، هذا وجه زينب الذي يزلزل عروش البغاة في كل زمان و مكان و صدق محمد بن عمر بن عقيل الشافعي حين قال : "لقد ترك لنا معاوية في كل زمن فئة باغية " و الفئة الباغية أخذت تظهر بصورة جديدة ، متسربلة ثوب الدين متذرعة به لتكفِّرو تقتل و تهدم و تسبي و تحرف دين الله .
فلكيلا تقتصر معرفتنا بزينب (ع) على ما فعلته يوم عاشوراء أدعوكم أيها الزينبيون و الزينبيات لتشحذوا أقلامكم في موسم الحرية هذا و لتكشفوا عن وجه زينب (ع) و رسالة زينب (ع) و لتهتف القلوب و الأقلام :
لبيك يا وارثة الحسين
لبيك يا مدرسة الحرية

لبيك يا مدرسة الحرية
تعليق