بسم الله الرحمن الرحيم
كاتب هذا المقال هو الشيخ حسن بن فرحان المالكي اسمه الكامل : حسن بن فرحان حسن الزغلي الخالدي المالكي .
مفكر سعودي مسلم من المدرسة السنية و باحث تاريخي و مهتم بقضايا حقوق الإنسان ، اشتهر بنقاشاته الفكرية على الساحة المحلية السعودية و العربية و الإسلامية و في الأوساط الدينية كانت له نقاشات بشأن معاوية بن أبي سفيان و صحبته للنبي و حول شخصيته و خلافته و كذلك بخصوص يزيد بن معاوية و صحة خلافته و قضية قتل الحسين بن علي (ع) .
و إليكم بعض ما جاء في المقال :
هناك مؤامرة على ثورة الإمام الحسين عن طريقين :
1-تشويه أهدافها .
2-إخفاؤها بتضعيف أسانيدها الصحيحة .
أما تشويه أهدافها و أنها للسلطة و الحكم ، و أن الحسن كسائر الملوك و السلاطين فهذا قد تم إشباعه من قبل ، و من لم يقتنع فهذا شأنه فلا إكراه .. و لكن الموضوع الثاني ( التشويه الروائي ) موضوع لم يتم طرقه بشكل علمي مبرهن ، و له وجوه منها :
1-تضعيف أسانيد ثورة الحسين ما أمكن .
2-وضع كمية لا بأس بها من الروايات المكذوبة التي تشوه الثورة و أهدافها ، ثم قام النواصب بإشهارها و ترك ما سواها أو إهماله . و هذا أيضاً مخدوم .
فبقي أهم موضوع نتحدث عنه اليوم هو موضع ( تضعيف روايات الثورة الحسينية ) باتهام رواتها بالتشيع و الرفض و الكذب .. رغم أنهم أهل سنة و ثقات ، و على سبيل المثال تضعيفهم لأبي مخنف لوط بن يحيى الغامدي (157ﻫ) ليتم بتضعيفه تحويل ثورة الحسين الى موضوع صغير جداً ، لا يحتاج أي اهتمام ! .. و من هنا سأحاول كشف ( المؤامرة الروائية الرجالية في الجرح و التعديل ) التي تتعمد تضعيف أخبار أهل البيت ليتم إهمالهم و نسيان قصصهم و سيرهم .
نتيجة لهذه المؤامرة القديمة خرجت مؤلفات معاصرة تصنف تاريخ الطبري إلى : ( صحيح تاريخ الطبري ، و ضعيف تاريخ الطبري ) لهذا الهدف و ليس للعلم . فذهب فيها مؤلف هذا العمل الى توثيق الكذابين كسيف بن عمر التميمي و رد أحاديث الثقات كأبي مخنف الغامدي ، فالهدف رفع راية النصب و وضع التشيع .
يجب أن نؤكد بداية ، أن التشيع بالمعنى العام ( محبة آل محمد ) يجب أن يكون عليه كل مسلم ، أما التشيع الخاص من اختيار مذهب ما فهذا موضوع آخر .. النواصب من أيام معاوية . ثم من اغتر بهم من غلاة السلفية بعد يحرصون على تكذيب أخبار أهل البيت الصحيحة و توثيق أخبار النواصب المكذوبة .
لذلك فالموضوع يحتاج إلى معيارية علمية يتم التسليم بها من كل مسلم ثم نحاكم تعصبات بعض أهل الجرح و التعديل وفق هذا المعيار .. فما المعيار هنا ؟
التهويل الناصبي .ثم من تأثر بهم من غلاة السلفية . بأن كل محب لأهل البيت لابد أن يكون ( كذاباً ) فهذا هو الكذب و الفجور العلمي المذهبي .. كما أن تهويل بعض غلاة الشيعة بأن أهل السنة لابد أن يكونوا ( كاذبين ) فهذا أيضاً فجور علمي و مذهبي . نريد أن نفهم قواعد ثابتة بدهية كمقدمات .
و هي :
1-أن في المسلمين صادقين و كاذبين و ما بينهما من وهم و اشتباه .. الخ
2-و أن في غير المسلمين صادقين و كاذبين و ما بينهما أيضاً .
3-و في السنة و الشيعة صادقون و كاذبون و ما بينهما .. فالصدق لا يختص باتباع دين و لا مذهب .. و كذلك الكذب هذه حقائق بدهية لا تحتاج إلا لصدق فقط !
إذاً فهل هناك نص يكشف لنا من هو ألأصدق أهم السنة أم الشيعة ؟ .. الجواب : هناك نص قد يوحي لأول وهلة بتصديق الشيعة أكثر من السنة ، و لكن لي فيه رأي بل في الواقع هما نصان لا نص واحد .. الأول في صحيح مسلم ( لا يحب عليا إلا مؤمن و لا يبغضه إلا منافق ) و الثاني في الصحيحين في علامات المنافق .. و منها ( إذا حدث كذب ) ! فيستطيع الشيعي المستعجل أن يقول :
من هذين النصين يتبين أن الشيعة أصدق من السنة لثلاثة أسباب :
1-حب علي إيمان .
2-و المؤمن لا يكذب .
3-و بغضه نفاق ، و من علامات المنافق أنه ( إذا حدث كذب )
فأنتم يا أهل السنة كذابون بالنص و نحن صادقون بالنص ! فلا نحتاج لبحث !!
لكن فات الأخ الشيعي المستعجل أن السني الحق يحب أهل البيت ، و أن الغلاة فقط من يكثر فيهم الكذب لبغضهم أهل البيت و ميلهم إلى قتلتهم و لاعنيهم كما فاته أن من يحب أهل البيت يحب صدقهم و تقواهم .. فكل من جربنا عليه الكذب في الشيعة فحبه ليس حقيقا و الإمام علي ليس للشيعة بل هو للجميع .
السني الحر يتبع سنة محمد و يحبه و يحب آل محمد و يطرب لسماع فضائلهم و قصصهم و سيرهم و يتعاطف مع مظلوميتهم و يبغض أعدائهم و لاعنيهم و يبرأ منهم ، السني الحر يرفض أن يتم ضمه لأعداء أهل البيت و مبغضيهم ممن تسموا بالسنة و سنة محمد منهم براء فمن ادعى ( السنة ) و رفض متواتر السنة ليس سنياً .
السني الذي يرفض حديث المنزلة و يبغضه أو يكتم حديث عمار و يبغضه فهذا منافق و ليس سنياً حتى لو منحه العالم أجمع أفضل ألقاب السنة و الاتباع . من أبغض عليا لا بد أن ينكر السنة المتواترة ، يبغض المتن نفسه و يتكلف في تغيير مراد النبي ليتفق مع رأيه ، فهذا منافق و ليس سنياً .
إن الشيعي الصادق في حب أهل البيت و السني الصادق في حب أهل البيت لا يكذبان .. إنما يكذب الكاذب في الحب .. فمن هو الكاذب في الحب ؟
النواصب و الغلاة هم من يدعي محبة أهل البيت و هم كاذبون منافقون لأنهم يبغضون النصوص في فضائلهم مع اعتقادهم بثبوتها و يتعمدون تنقصهم بمكر و خبث .. هؤلاء النواصب ( ومن تأثر بهم ) مراتب و أبلغهم و أشنعهم هم :
1-من لعن أهل البيت على المنابر .
2-من قتل أهل البيت و استباح مظالمهم ..
فهؤلاء ذروة .. هؤلاء الذروة هم المنافقون .. و هم أول من ينطبق عليهم ( لا يبغض علياً إلا منافق ) من لعن علياً أو قتل الحسين أو سم الحسن فهؤلاء ذروة النواصب .
أعني أن ذم هؤلاء لا عذر فيه لسني و لا شيعي .. ذم هؤلاء القتلة و اللاعنين هو أقل حق يجب أن تقدمه لمحمد بن عبد الله في عشية مقتل سبطه الحسين ، نعم قد يعذر السني في أمور يصعب عليه فهمها و تتصادم عنده فيها الأدلة و الاحتمالات ,, أما القتلة و اللاعنين فلا عذر فيهم لسني و لا شيعي .
و على كل حال كانت هذه توطئة لنعرف كيف يستاء خصوم أهل البيت من أخبار أهل البيت ويتمنون لو أن الله أراحهم منهم ! و لم يخلقهم ، فهم مقلقون لهم ! .. الذي يتمنى لو أن الله لم يخلق أهل البيت و يتمنى لو أن النبي سكت و لم يقل في فضلهم شيئاً كيف يكون هذا مؤمناً ؟ .. أليس منافقاً ؟ .. هذا واضح .. و لذلك تجد هؤلاء يحاربون أهل البيت بكتم أخبارهم أو التشويش على مظالمهم أو الرفع من شأن أعدائهم أو تكذيب من يروي لهم و التعبد ببغض من يذكرهم .. و لذلك تجد عند هؤلاء مؤلفات في فضل أعدائهم .. كتب في فضائل الحجاج !! ، كتب في فضائل يزيد بن معاوية !! ، كتب في فضائل معاوية !! ، هذه معاندة لله و رسوله .
في المقابل لا تجد لهؤلاء كتب و مؤلفات عن الإمام علي ، عن الزهراء ، عن الحسين ، عن الحسن بل على العكس يتضايقون مما كتبه أهل السنة المعتدلون ، يتضايقون مما كتبه النسائي في خصائص الإمام علي و مما أورده الحاكم في فضائلهم و مما كتبه ابن عبد البر في تراجمهم و يتهمون كل هؤلاء بالتشيع ! .. من هنا تعرف السني المعتدل حتى لو بقي عنده قليل من الأخبار المشوهة عنهم و تعرف الناصبي المندس ( و هم كثر ) الذي يريد حرمان المسلمين من ذكرهم ..
هذه التوطئة لطلب العلم .. و هي توطئة مختصرة لكنها مركزة حاولت فيها فك بعض الاشتباه في موضوع ( الصدق و الكذب ) الذي يترامى به السنة و الشيعة .. و أن ( الصدق و الكذب ) ليس له دين و لا مذهب .. أعني من حيث الاتباع بل الصادق أن يكون صادقاً من أي دين أو مذهب و الكاذب كاذب من أي دين أو مذهب .
على هذا فبعض غلاة أهل الجرح و التعديل الذين يوثقون مذهبياً و يضعفون مذهبياً ليسوا مؤتمنين على نقل حقيقة الصدق و ذم حقيقة الكذب فأحذروهم ، و للأسف أن هؤلاء كثروا بعد فترة الخليفة العباسي المتوكل (247 ﻫ ) و كان ناصبياً بينما كان الأمر أخف عند أوائل أهل الجرح و التعديل كشعبة مثلاً و من أشهر أهل الجرح و التعديل الذين هم نواصب يتعمدون إخفاء أحاديث و سير أهل البيت أبو يعقوب الجوزجاني في كتابه الشجرة و أحوال الرجال .
كذلك لحق التعصب كثيراً من أهل الحديث ضد الشيعة و لكن بدرجة أخف كالبخاري و العقيلي .. بينما كان المتقدمون كشعبة و أبي عوانة و معمر أفضل و أنصف و هذا موضوع طويل جداً .. و هدفي هو ( المؤامرة على أخبار أهل البيت و فضائلهم ) بتضعيف من ينقلها بدعوى التشيع ، و توثيق من يعارضها بدعوى السنة .
و من ذلك ( قصة الإمام الحسين ) و ثورته و أهدافها و المظالم التي ارتكبت في حق بيت رسول الله ، فقد ضعفوا أكثر أخبارها من باب النصب ( النفاق فحسب ) .. و من حق محمد رسول الله علينا أن نهتم بالمظلومين من قرابته كما نهتم بسجن الفقيه الفلاني أو جلد الفقيه الفلاني فآل رسول الله أولى فأين هم ؟
لا يمكن لسني صادق ألا تستوقفه مأساة كربلاء لخشيته من أن يوافق الشيعة في أحزانهم ؟ يا أخي وافق محمداً في أحزانه و دعك من الشيعة .
إن مصاب آل محمد يجب أن نقدمه على مصابنا في أنفسنا و أهلنا و قراباتنا مصاب محمد أولاً ، و بعده تسهل كل مصيبة لا تنسوا محمداً و لا آل محمد .
اللهم يا رب إننا نبرأ إليك ممن قتل الحسين و أهله و أتباعه و أهان نساءه و بناته و ممن أمر و رضي و نافح عن المجرمين و عاند ركن إلى المجرمين ...
و للحديث بقية
و الله ولي التوفيق
و الله ولي التوفيق
تعليق