لماذا الامام الحسين عليه السلام يجعل الحج عمرة ويتحرّك صوب العراق؟!

[مهند السهلاني]

بسم الله الرحمن الرحيــــــــــــــــم اللهم صلّ على محمد وآله الميامين إن الامام الحسين عليه السلام حين أدرك أنه مقتول لامحال ، وحين أكد ذلك مرارا وتكرارا ، إذ روي عنه عليه السلام انه قال : (والله لايدعونّني حتى يُخرجوا هذه العَلقة من جوفي ، فإذا فعلوا سُلّط عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذلّ من فَرم المرأة) (1) . ولذلك أضطر الامام الحسين عليه السلام أن يحل احرامه ويجعل الحج عمرة ، لأنه عليه السلام قد تعذر عليه اتمام الحج ، أذ أنه كان من السهل جدا على السلطة الحاكمة اغتياله في البيت الحرام مباشرة ، أو اعتقاله ومن ثم أخذه اسيرا الى الحاكم الأموي يزيد بن معاوية لعنهما الله ، فخرج عليه السلام وقد اصطحب معه عياله والثلة الطاهرة من اهل بيته وشيعته متوجها الى العراق(2) ، أي تماما كما أخبر الله تعالى عن حال نبيه موسى عليه السلام : ( فخرج منها خائفا يترقّب). فقد ذكر المؤرخون أن محاورة جرت بين محمد بن الحنفية وبين اخيه الامام الحسين عليه السلام ، إذ ذكروا ان محمد بن الحنفية بادر اخيه قائلا : ( يا اخي ان اهل الكوفة قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك ، ويساورني خوف ان يكون حالك حال من مضى ، فإن اردت ان تقيم في الحرم فإنك أعز من بالحرم وأمنعهم) ، فأجابه الامام الحسين عليه السلام بقوله : (خفت ان يختالني يزيد بن معاوية ، فأكون الذب تستباح به حرمة هذا البيت) (3) . ولو تأمل المتدّبرون جيدا في المحاورة التي جرت بين الاخوين ، بين محمد بن الحنفية والامام الحسين عليه السلام ، لوجدوها ذات أسرار متعددة ، فمثلا كلمة " تقيم" التي استخدمها محمد بن الحنفية هي من (أقام ـ يقيم ـ فهو مقيم) اي تقيم تعني الاقامة أي يبقى الامام الحسين عليه السلام لأيام معدودة في الحرم تاركا بيته وعياله ليحمي نفسه من بطش السلطة الحاكمة الجائرة ، وهذا يدلّ دلالة واضحة على تشدّد يزيد بن معاوية لعنهما الله ، وبث عيونه وجواسيسه للنيل من الامام الحسين عليه السلام ، حتى لو وجدوه معلّقا بأستار الكعبة ! ، وكيف لا وهو قد قذف الكعبة التي هي قبلة المسلمين بالمنجنيق ، وحينها أي عند قتل الامام عليه السلام داخل الحرم سيهوّن على يزيد وجلاوزته سفك دماء بقية الشخصيات البارزة في الامة لاسيّما الشخصيات ذات الوزن الكبير والتي تعارض النهج الاموي الملتوي معاضة ملئها النشاط والحنكة السياسية والعسكرية والعلمية والاجتماعية. ولذا ان قول الامام الحسين عليه السلام قد يؤيّد هذا المعنى إذ قال : ( خفت ان يغتالني يزيد بن معاوية ، فأكون الذي تستباح به حرمة هذا البيت). ولنكتف بهذا القدر من التحليل للحادثة المؤلمة.. والسلام على الحسين ، وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين ، وعلى أصحاب الحسين (عليه السلام). ************** بقلم المحقق ************** المصادر : (1). الكامل في التأريخ 39/4 . (2). الارشاد 67/2 . (3). اللهوف على قتلى الطفوف 27 .