بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
م/ حقيقة زواج عمر من ام كلثوم عليها السلام
وهي ثمانية:
أربعة منها من مختصّات الشيعة.
والقول الخامس والسادس والسابع قال بها بعض الشيعة وبعض العامّة.
أمّا القول الثامن فهو المشهور عند ابناء العامّة.
أمّا الأقوال الأربعة التي قالت بها الشيعة، فهي:
القول الأوّل: عدم وقوع التزويج بين عمر وأُمّ كلثوم.
وقد ذهب إلى هذا الرأي الشيخ المفيد (ت 413) في المسائل السروية (المسألة العاشرة)، وكذا في المسائل العكبرية (المسألة الخامسة عشر)، وله رسالة بهذا الصدد طبعت على انفصال ضمن منشورات مؤتمر الشيخ المفيد.
هذا، وقد كذّب خبر التزويج علماء آخرون كالسيد مير ناصر حسين اللكهنوي الهندي في كتابه (إفحام الأعداء والخصوم بتكذيب ما افتروه على سيدتنا أُمّ كلثوم)، والشيخ محمّد جواد البلاغي في كتابه (تزويج أُمّ كلثوم بنت أمير المؤمنين وانكار وقوعه)، وغيرهم.
القول الثاني: وقوع التزويج لكنّه كان عن إكراه.
مستدلّين بنصوص متعددة، ذكروها في كتبهم.
وقد ذهب إلى هذا الرأي السيّد المرتضى في كتابه الشافي، وتنزيه الأنبياء
وفي بعض روايات وأقوال الكليني في الكافي
القول الثالث: إنّ المتزوج منها لم تكن ابنته (عليه السلام) بل كانت ربيبته.
وهي ابنة أسماء بنت عميس زوجة الإمام عليّ بن أبي طالب، أي أنّها ابنة أبي بكر، واُخت محمّد بن أبي بكر، وبذلك تكون أُمّ كلثوم ربيبة الإمام عليّ وليست ببنته.
أنظر هذا الكلام عند الشـيخ النقـدي في الأنوار العلوية: 426.
قال السيّد شهاب الدين المرعشي في تعليقاته على إحقاق الحق: ثم ليُعلم أنّ أُمّ كلثـوم التي تزوّجها الثاني كانت بنت أسماء وأخت محمّد هذا، فهي ربيبة مولانا أمير المؤمنين ولم تكن بنته، كما هو المشهور بين المؤرخين والمحدثين، وقد حقّقنا ذلك، وقامت الشواهد التاريخية في ذلك، واشتبه الأمر على الكثير من الفريقين، وإني بعد ما ثبت وتحقّق لديّ أنّ الأمر كان كذلك، استوحشت التصريح به في كتاباتي ; لزعم التفرد في هذا الشـأن، إلى أن وقفـت على تأليف في هذه المسألة للعلاّمة المجاهد السيّد ناصر حسين الموسوى الكـنوي أبان عن الحقّ وأسفر وسمّى كتابه (إفحام الخصوم في نفي تـزويج أُمّ كلثوم
وقال رحمه الله في مكان آخر: أسماء بنت عميس تزوّجها جعفر بن أبي طالب، فولدت له عوناً وجعفراً، ثمّ تزوّجها أبو بكر، فوُلد له منها عدة أولاد، منهم: أُمّ كلثوم، وهي التي ربّاها أمير المؤمنين وتزوّجها الثاني، فكانت ربيبته (عليه السلام) وبمنزلة إحدى بناته، وكان عليه السلام يخاطب محمّداً بابني وأمّ كلثوم هذه ببنتي، فمن ثمّ سرى الوهم إلى عدة من المحدثين والمؤرخين، فكم لهذه الشبهة من نظير؟! ومنشأ توهُّم أكثرهم هو الاشتراك في الإسم والوصف، وأن مولانا عليّاً (عليه السلام) تزوّجها بعد موت أبي بكر.
القول الرابع: إن علياً زوّج عمر بن الخطّاب جنّية تشبه أُمّ كلثوم.
إذ الثـابت عنـد الشـيعة أنّ للنـبي والإمـام سلطـةً على الجـن باذن الله، كما كان لسـليمان (عليه السلام) سلطة عليهـم وأن وقـوع الشـبه ليس ببعيد، فقد شُـبِّه على الظـلمة عيسـى بن مريم بيهـوذا فقتل وصلب.
هذا ما رواه القطب الراوندي في كتابه الخرائج والجرائح
هذه هي الأقوال المختصة بالشيعة.
وأمّا الأقوال التي ذهب إليها بعض الشيعة وبعض العامّة فهي:
القول الخامس: إنكار وجود بنت لعلي اسمها أُمّ كلثوم.
لأن أُمّ كلثوم كنية لزينب الصغرى (الإرشاد للمفيد 1: 354، وعنه في بحار الأنوار 42: 74( أو الكبْرى أو لرقية، أمّا وجود بنت إسمها: أُمّ كلثوم، فلم يعرف عند المحققين، إذ لو كان ذلك لعُرف تاريخ ولادتها، ومكان دفنها، وبما أنّ الأخبار خالية من ذلك، فإن هذا يشير إلى التشكيك في وجودها.
وقد ذهب إلى هذا الرأي جمع من العامّة والشيعة، فقد نقل عن الدميري أنه قال: أعظم صداق بلغنا خبره صداق عمر لمّا تزوج زينب بنت عليّ، فإنّه أصدقها أربعين ألف دينار ومعنى كلام الدميري: أنّ زينب هو اسم لأم كلثوم، وذلك لاشتهار تزويج عمر بأم كلثوم لا بزينب.
وروى البيهقي عن قثم مولى آل العباس، قال: جمع عبدالله بن جعفر بين ليلى بنت مسعود النهشلية، وكانت إمراة عليّ(رضي الله عنه)، وبين أُمّ كلثوم بنت عليّ لفاطمة (عليها السلام) ومعنى كلامه: أنّ أُمّ كلثوم هي زينب، لأنّها كانت زوجته على القطع واليقين ولم يثبت طلاقه لها ; حيث ماتت وهي عنده.
وقال ابن حجر في فتح الباري عن ابن مهران أنه قال: جمع عبدالله بن جعفر بين زينب بنت عليّ وامرأة علي ليلى بنت مسعود.
وقد حاول الزهري الجمع بين الروايتين ـ في زينب وأُمّ كلثوم ـ بأنّه تزوجهما واحدة بعد الأخرى مع بقاء ليلى في عصمته (انظر فتح الباري 9: 127 وتهذيب التهذيب 8: 324 ترجمة قثم بن لؤلو)
لكنّ جمعه باطل بنظرنا ; وذلك لصغر سن أُمّ كلثوم عن زينب عندهم، ولأنّ عبدالله الذي هو أكبر أولاد جعفر كان قد تزوج بزينب ـ اكبر بنات عليّ ـ أولاً ولم يثبت تطليقه لها حتى ماتت عنده، ومن المعلوم بأنّ الشرع لا يجيز الجمع بين الأختين، فتأمل.
القول السادس: أنّ أُمّ كلثوم لم تكن من بنات فاطمة بنت محمّد (صلى الله عليه وآله)، بل كانت من أُمّ ولد.
وقد ذهـب إلى هذا الرأي بعض أعلام العامّة والشيعة كذلك:
هذا، وقد اعترض السيّد محسن الامين في اعيان الشيعة 3: 4 - 5، (مابدأ بـ: أُم) على ما قاله الشيخ الطريحي في "تكملة الرجال" بقوله: فما في تكملة الرجال من الجزم بأن زينب الصغرى المكناة أُمّ كلثوم هي زوجة عمر في غير محله، بل هي غيرها.
القول السابع: تزويجها من عمر، لكنّ عمر مات ولم يدخل بها.
وإلى هذا ذهب بعض أعلام الشيعة وبعض العامّة. فقد قال النوبختي ـ من اعلام القرن الثالث الهجري ـ من الشيعة الإمامية في كتابه " الإمامة ": أُمّ كلثوم كانت صغيرة ومات عنها عمر قبل أن يدخل بها(البحار 42: 91، مناقب آل أبي طالب 3: 89.(
وقال الشيخ جعفر النقدي في الأنوار العلوية:... فروي أنّه [ أي عمر ] لمّا دخل عليها كان ينظر شخصها من بعيد، وإذا دنا منها ضُرِبَ حجاب بينها وبينه فاكتفى بالمصاهرة) الأنوار العلوية: 435(.
وقال أبو الحسن العمري في (المجدي في أنساب الطالبيين): وآخرون من أهلنا يزعمون أنّه لم يدخل بها (- المجدي في أنساب الطالبيين: 17(
وقال الزرقاني المالكي (ت 1122 هـ) في شرح المواهب اللدنية:
وأُمّ كلثوم زوجة عمر بن الخطّاب، مات عنها قبل بلوغها
هذا، ولم يذكر المسعودي أُمّ كلثوم بنت عليّ في اُمهات أولاد عمر في كتابه مروج الذهب، بل ـ في المقابل ـ عدّ عبدالله وعبيدالله وحفصه وزيداً وعاصماً من أُمّ واحدة وقد ذكر الطبري أسماء أولاد عمر فقال: وزيد الأصغر وعبيدالله قتلا يوم صفين مع معاوية، وأمهما: أُمّ كلثوم بنت جرول بن مالك بن مسيب بن ربيعة، وكان الإسلام فرّق بين عمر وأُمّ كلثوم بنت جرول (تاريخ الطبري 3: 269، الكامل في التاريخ 2: 450، البداية والنهاية 7: 156(
القول الثامن: وهو المشهور عند العامّة.
فملخَّصـه: إنّ عمر تـزوج بأم كلثوم ودخل بها وأولدها زيداً ورقية
وهذا مردود وباطل لكل من تأمل بالاقوال السابقة وللتعارض الحاصل بينهن
تعليق