بسم الله الرحمن الرحيم
ألقت العقيلة نظرة أخيرة على جثمان أخيها الحسين ، و كان الوداع.
أ لم يكفهم ما فعلوا؟ أ لم يكفهم قتل الحسين (ع) و آل بيته و أنصاره ؟أ لم يكفهم سلب الأجساد الطاهرة ،و حرائر النبوة و الإمامة ،و حرق الخيام و رض صدر سيد الشهداء فقاموا بأسر النساء و الأطفال؟
بأي ثمن باعوا دينهم و كيف غزلت الدنيا شباكها على قلوبهم لهذه الدرجة ، و هل حب الدنيا يبرر ما فعلوه؟
و كيف استطاع يزيد أن يضلهم و يسوقهم لقتل إمامهم...يزيد الذي أراد بجرائمه أن يمحو ذكر آل بيت رسول الله (ص) و لكن لم يدر بخلده أن ضمير الإنسانية سيحاكمه و سيذكر التاريخ أن يزيد فاسق شارب للخمر قاتل لابن بنت رسول الله (ص)....و أن الحسين (ع) هو المصلح العظيم الذي قدم دماءه و أولاده قرباناً لحماية الإسلام المحمدي من الانحراف ، فبكته السماء و الأرض.
و سارت الدروب بقافلة العزة من بلد لبلد و عانوا ما عانوه و جروح زينب النازفة بذرت في كل أرض وطأتها قدماها بذور محبة آل البيت حتى وصلوا إلى الشام معقل يزيد الذي أراد أن يحتفل بانتصاره ،و لكن هيهات فجولة الباطل ساعة و جولة الحق إلى يوم الساعة.
و في عقر دار يزيد و بين أنصاره و أذنابه استطاعت العقيلة و الإمام زين العابدين (ع) قلب الرأي العام على يزيد ،و حتى يحتوي غضب و نقمة الجماهير أسرع يزيد في ترحيل آل البيت إلى حرم جدهم رسول الله (ص).
و في طريق رجوعهم إلى الوطن مروا على كربلاء و وصلوا إلى موضع المصرع في يوم أربعين سيد الأحرار (ع) ...فكان لَمُّ الشمل ، و اللقاء الذي طال انتظاره...لقاء اليتامى بآبائهم و الثكالى بفلذات أكبادهن و الأخت بإخوتها .
و كم كان فراق زينب (ع) لأخيها صعباً ، ولكن اللقاء كان أصعب ، فقد عادت زينب لكن بضعة الحسين رقية لم تكن مع الركب فقد بقيت في خربة الشام لتكون أرض الشام كربلاء أخرى.
رقية التي لم تردع بتلات عمرها الغضِّ يزيدَ و أحقادَه ،شاهدٌ آخر على جرائم هذا الطاغية و مظلومية آل البيت (ع).
و مهما فعل يزيد و من تبعه فإن كلمات العقيلة ما زالت تتردد في أرجاء الكون "فكد كيدك و اسعَ سعيك و ناصب جهدك فو الله لا تمحو ذكرنا و لا تميت وحينا "
فالكلمات الصادقة لا تنطفئ أبداً بل تشتعل مقاومة و استشهاداً ، فها هي الملايين تزحف من كل حدب و صوب مشياً على الأقدام لا يثبط عزيمتها بُعد الشقة و لا حر و لا برد و لا إرهاب متوجهة إلى كعبة الأحرار في ذكرى أربعين الإمام الحسين (ع) مواساة له ولتعلن أن الموت الهادف يصنع الحياة ،و يهب الإرادة و أن حياة الذل لا تجتمع مع الإسلام الحقيقي
و من واسى الحسين (ع) كالعقيلة فقد واسته في كل مصيبة ، و في العطش و فقد الأخوة و الأولاد و الأسر.
ومع قرب حلول أربعين سيد الأحرار(ع) ما رأيكم إخوتي و أخواتي بأن نوجه عبارات تعزية و مواساة للحوراء (ع) و أنا متأكدة أن لديكم الكثير لتهمسوا به للعقيلة ...فلا تترددوا في المشاركة .
و بانتظار ما تجود به قلوبكم و أقلامكم .