بسم الله الرحمن الرحيم
اضع بين ايديكم مقالا هو في حقيقته فصل من كتاب من مجموعة مقالات تمحورت حول الديانة الايزيدية ـ مع التحفظ على ما جاء فيه من تحليلات ـ لا الوثائق والمعلومات ـ وسنضع الفصل الاول من الكتاب باعتباره مدخلا تعريفيا موجزا ثم نضع لكم رابط الكتاب لمن اراد قراءته كاملا ،وتاتي اهمية هذا الكتاب كونه قد الف حديثا فقد صدر سنة 2008 أي بعد هجمة الارهابيين في سنجار التي استهدفتهم والتي قتل فيها قرابة 600 .
***
ما من دين جهله الناس واختلفوا في شأنه وظهوره ومعرفة أصله كالدينالأيزيدي، رغم الأبحاث الهائلة التي قامت بها مجموعة كبيرة من الكتاب والباحثينالشرقيين والغربيين، ومع ذلك لم يتبلور رأي موحد في تحديد أصل الأيزيدية، وكل واحدأتبع رأياً ولم يتوصل الى قدر من الحقيقة. وينبع هذا الإختلاف باعتقادي من المسائلالتالية:
1- كونالأيزيدية ديانة غير تبشيرية وقلة إحتكاكها بالعالم الخارجي.
2- ممارسةطقوسها الدينية بعيداً عن أنظار الغرباء، وهذا ما دفع الآخرين أن ينسجوا حولهاالأساطير والألغاز البعيدة عن الواقع.
3- عدمتسجيل نصوصها الدينية وطقوسها وأصولها وعدم إطلاع الغالبية العظمى من الكتاب علىماهية هذا الدين.
4- قلةالتحريات والتنقيبات الأثرية في مناطق سكنى الأيزيدية لمعرفة بعض جوانب تاريخهمالمغيب.
5- غيابالتسامح الديني بشكل عام، واستمرار الاسلام السياسي- باعتباره القوة المسيطرة وديندولة- بين رفض وجود الأديان الأخرى أو عدم الاعتراف بحق الأديان المخالفة أوالمختلفة معها في ممارسة طقوسها وتشويه سمعتها.
6- الموقفالديني أو القومي المسبق للعديد من الكتاب حول الأيزيدية، لذا جاءت آرائهم متباينةحول تعيين أصلهم من الناحية الدينية أو القومية. يوقع أولئك الكتاب والباحثون فيإشكاليتين رئيسيتين:
أ-إشكالية التسمية.ب- إشكالية الإنتماء القومي.
وبسببالنقاط الواردة أعلاه والتشويش الكبير في أصل وتاريخ الديانة الأيزيدية، فانه منالصعب على الباحث الجاد، الجزم برأي واحد. لذا فان هنالك عدة نظريات أو فرضياتتطرح نفسها بشأن أصل هذه الديانة ومبادئها الأساسية:
* النظريةالأولى:
التيتقول أن الديانة الأيزيدية ماهي إلا فرقة إسلامية منشقة أو ضالة يعود تاريخها الىأواخر القرن السابع الميلادي، وتنسيبها الى( يزيد بن معاوية ) ثاني خلفاء الدولةالأموية (680-683ميلادية) الذي كان حواريا ( تلميذاً) لمحمد بن عبدالله.ولدعمنظريتهم هذا فقد ذهب أولئك الكتاب مذاهب شتى؛ فمن قال أن اعتقاد الأيزيدية ب (يزيد) ليتخلصوا من إضطهاد السنّة الذين لا يجلون ( الحسين بن علي) ولرغبتهم فيالانتساب الى شخصية شريفة وممتازة.وإفتكر باحث آخر بأن الأيزيدية إنتخبوا إسم ( يزيد – اليزيدية)لمسايرة تعصب الحكام المسلمين.ويقول باحث غربي آخر ؛ بأن اسم " اليزيدية " اعطي الى هذهالقبائل من قبل المسلمين للإستهزاء والسخرية.ويؤيد الدكتور جوزيف الأمريكي الرأي القائل بانتساب الأيزيدية الى (يزيد بن أنيسة الخارجي ) الذين كانوا على مبدأ " بأن الله يبعث رسولاً منالعجم وينزل عليه كتاباً كتب من قبل وسيترك ديانة محمد ويتبع ديانة الصابئينالمذكورة في القرآن".
ويتحمسكاتب عربي مسلم آخر رابطاً الأيزيدية بالاسلام وب (يزيد بن معاوية) ويعتقد أناليزيدية الذين ذكرهم السمعاني المتوفي سنة( 562هجرية- 1166 ميلادية) في كتابه" الأنساب " وإبن قتيبة في كتابه " الاختلاف في اللفظ"؛ همنفس اليزيدية الحالية، ثم هاجر الى نواحيهم الشيخ (عدي بن مسافر) الذي نظمهم وأصلححالهم. وعلى رأيه أن اليزيدية أقدم عهداً من مجئ الشيخ عدي. وكاتبتركي مسلم ، يربط هو الآخر تاريخ ظهور الأيزيدية بظهور الشيخ عدي بن مسافر بينهم.
وعلىالرغم من إلحاح نفر من الكتاب العرب والمسلمين على أن الأيزيديين أسلموا في زمنالشيخ عدي بن مسافر، ألا أنهم يعترفون بأن أجداد الأيزيديين الحاليين كانوا علىدين مخالف "للتوحيد" – حسب رأيهم- أو أنهم كانوا من أصل مجوسي.
انهذه النظرية لم تلق التأييد حتى من الكتاب المسلمين حيث لا يوجد دليل تاريخي أن(يزيد بن معاوية) أسس خلال الثلاث سنوات ونصف من حكمه ديانة جديدة أو إتبع ديانةمحمد. وإذاكان الأيزيديون يذكرون بعض الأحيان إسم( يزيد- أيزيد) في أدبهم ونصوصهم الدينيةفانه إضافة الى كونه يأتي بمعنى الله، فان الأسباب الأخرى تعود في إعتقادي الى:
1- بعدتوسع دائرة الفتوحات الاسلامية شرقاً وشمالاً، لاقت الشعوب والأديان الواسعةالنفوذ بشكل عام والأقليات الدينية والقومية بشكل خاص أنواعاً من الاضطهادوالتنكيل لترك أديانهم والقبول بالاسلام، وإذا كان الكثيرون قد قبلوا بذلك ألا أنمجموعات دينية رفضت، وخلال خلافة الدولة الأموية وبخاصة زمن حكم ( يزيد بن معاوية)أفسحت في المجال لتلك المجموعات الدينية أن تبقى على معتقداتها شرط أن تحتمي تحتلواء قبيلة عربية قوية أو تحت اسم قائد عربي أو إسلامي قوي وظهرت حينها ظاهرة (الموالي ) أي أولئك الناس غير العرب وغير المسلمين الذين يحافظون على قومياتهمومعتقداتهم بتبني اسم قبيلة عربية أو اسم قائد عربي. ولا يستبعد هنا تقبلالأيزيديين لاسم ( يزيد بن معاوية) وأسماء أخرى لإتقاء شر الاسلام.وهنا ربما يتفقالمرء مع الشطر الثاني من رأي ( إمبسن) في رغبة الأيزيدية في الانتساب الى شخصيةشريفة وممتازة.
2- بماأن الأيزيديون يؤمنون بالحلول وتناسخ الأرواح فأنهم اعتقدوا بأن جزءاً من القوةالالهية إنتقلت الى (يزيد) لأنه وحسب رأي العديد من الكتاب المسلمين والمصادرالاسلامية لم يتبع ديانة محمد ، وأعتقدت تلك المجموعات الدينية التي لالقتالاضطهاد على أيدي قواد الفتح الاسلامي بعد نشر الدعوة الاسلامية، بأن ( يزيد) هومنقذهم بوجه الاسلام وتخليصهم من الظلم والتنكيل.
3- ويريبعض الكتاب العرب أنفسهم بأن القريشيون و" العرب المستعربة" ومعهمإبراهيم الخليل القادم من اور حرّان " أورفه – الرها- الكاتب" هم منبقايا البابليين الذين تسنى لهم النجاة من المقتلة التي أقامها داريوس دارا إثرإحتلاله الثاني لبابل إنتقاماً لثورتها عليه وخلعها نير سلطانه، هم الذين بنوحضارة الحجاز.وفي حديث ينسب الى علي بن أبي طالب يقول: " من كان سائلاً عننسبنا فإنا من نبط من كوثى" . والنبط عند العرب يعني العراق، أو البابليونالأقدمون. وعلى هذا يكون القريشيون بابلي الأصل فلما دخلوا بلاد العرب أدخلوا اليهالغتهم معهم. وإنصح هذا الرأي في كون القريشيون ليسوا عرباً بل من الشعب البابلي، آنذاك يكونلمسألة إلصاق اسم " يزيد بن معاوية" بالأيزيدية معنى آخر تماماً!.
أمابخصوص رأي جوزيف، فانه لا يستند الى سند تاريخي أو فكري؛ إذ لا علاقة للأيزيديينبرسول من العجم – إذا كان بمعنى الفرس أو من الشعوب الإيرانية- ولا وجود لمفهومالنبي بين الأيزيدية بل توجد علاقة روحية مباشرة بينهم وبين خالقهم، هذا أولا،وثانياً : فان مبدأ الخوارج لا ينطبق ومبدأ الأيزيدية الذين يؤمنون بالله وطاؤوسملك ويقول بالحلول وتقديس الشمس والنار..الخ.
* النظريةالثانية / الأصل والتسمية:
التيتشير الى أن الديانة الأيزيدية واحدة من تلك الديانات القديمة المستقلة عن بقيةالديانات، وربما المنحدرة منها والمتداخلة مع العديد منها، والمستمدة منها بعضالطقوس والعادات أو حتى الأساطير والحكايات القديمة. وتشير بعض المصادر المتوفرةأن الموطن الأصلي ( الأساسي) للديانة الأيزيدية يبدأ بمدينة " يزد"القريبة من خراسان شرق إيران القريبة من الحدود الأفغانية، ويمتد عبر كردستانالجنوبية( كردستان العراق حاليا) والغربية ( كردستان تركيا) والموصل في شمالالعراق حتى حلب في الشام( سوريا).وحسب هذه النظرية فإن اسم " اليزيدية أو الأيزيدية " مشتقةمن مدينة " يزدYazd " بايران، وكان الأيزيديون الحاليون في الأصل زردشتيون يعتقدون بالثنوية Dualism وقدهاجر بعض هؤلاء من يزد الى نواحي الموصل هرباً من الضرائب الكثيرة واتخذوا منمناطق حلب، سنجار، الشيخان وبحيرة وان والقفقاس مواطن جديدة واطلق عليهم إسممنطقتهم التي رحلوا منها فسموا يزيديون أو يزديون.وقياساً على هذا الرأي ينقل لايارد عن " نوفانيس" المؤرخاليوناني من القرن السابع الميلادي: " أن الامبراطور هرقليوس خيم بجنودهقريباً من مدينة – يزدم- من مدن " حدياب"- أي موصل حالياً./ الكاتب-ويقول " مارتان" قد تكون هذه المدينة أول مكان إنتشرت منه اليزيدية" منالصعب تسمية ديانة باسم مدينة؛ فهل سميت اليهودية باسم " أورشليم" أوالمسيحية باسم " الناصرة" والاسلام باسم " مكة والمدينة" وهلمجرى!..بل أن أغلب الأديان تسمى باسم آلهتها أو أنبيائها.
وبناءعلى هذا الطرح يتفق أغلبية الكتاب والباحثين على أن تسمية الأيزيدية مشتقة منالكلمة ايزدIzed بمعنى ( الملك الإله) و يزاتاYazata في الآفيستا= يستحق العبادة، ويزدYazd باللغة البهلوية وياجاتاYajata في السنسكريتية. وبذلك يكون معنى ( أزيديAzidi وإيزيديIzidi و إزيديIzedi أوIzdi عباد اللة. ونجد اسم يزيد في اسطورة لملك ايزدا Ezda ويزدانYazdanجد من أجداد اليزيدية، كما أن يزدانيYazdani قد أطلقت على اليزيديين الأولين.
ويعللالقس سليمان الصائغ تسميتهم بانتسابهم الى إله كانوا يعبدونه إسمه "يزد" أو " يزدان" مستنداً بذلك على ما جاء في تاريخ " كلدوآشور " نقلا عن " توما المرجي" في القرن التاسع للميلاد؛ الذي ذكرفي كتابه " الرؤساء" عن أهالي مدينة " مورغان " إنهم كانوايعبدون صنماً إسمه " يزد"
ويحاولبحاثة غربيون مرموقون ومعهم بعض البحاثة الشرقيين، أن يأخذوا من الديانة الثنائيةمنطلقاً لوجود بعض المشابهات بين الديانتين الايرانية والأيزيدية. ألا أنهم لميجيبوا : فيما إذا كانت الديانة الأيزيدية عرفت في بلاد إيران أم كردستان؟ ويقولأحد الباحثين في الأديان الايرانية: أن كثيراً من الوثنيين الايرانييين عبدة النارو(ش) والزرادشتيين إنقادوا ودانوا بالديانة الجديدة كأنها ديانتهم الخاصة. ويدل منكلامه هذا أن الأيزيدية ظهرت بشكلها وتعاليمها في بلاد إيران ومن هناك إنتقلت الىسائر المواقع التي نجدها فيها الآن.
ويضيف" امبسن" الى نظرية البروفيسور جاكسن: أن الطرق الدينية اليزيديةوالمجوسية القديمة نشأت من الزرادشتية، والتاريخ اليزيدي الحديث متأثر من إحتكاكهمبالمسيحيين وخضوعهم الجزئي للحكم الاسلامي الذي سبب بعض التغييرات في عقائدهم،ويقول: " لا نعلم إذا كانت الأبحاث في المستقبل سوف تعزز هذه النظرية، أوتظهر نظريات أخرى أصح منها، فلندع ذلك للمستقبل" ويقول أيضا: لأجل أن نصل الىنتيجة قطعية في أصل المذهب اليزيدي نحتاج الى دراسة وثيقة في أحوال الشعوب لأن ذلكهو الطريق المؤدي الى معرفتها في آسيا الصغرى أكثر من إتباع لغتها وديانتها(...)وأن اليزيدية الذين لا يعرفون إلا النزر القليل عن أنفسهم لهم تقاليد تنبئ بأنهموفدوا من البصرة ( السومريين) وهاجروا الى سوريا وقطنوا أخيراً في سنجار. ويميلالبروفيسور كراينبروك في أبحاثه أن يربط هو الآخر بين الزرادشتية واليزيدية وأهلالحق ويقارن بين آهورامزدا وبنيامين وطاؤوس ملك.
وإذاكان بعض الكتاب الشرقيون يرجعون الأيزيدية الى المانوية فان كتاب آخرون يجزمون بأنالأيزيدية خلف للوثنية وأن المانوية هي أساس الدين اليزيدي ومنها ولد وظهر للوجود،وقد بقي زمناً منصبغاً بصبغة الاسلام ليتخلصوا من الاضطهاد وكانوا يتجنبون دائماًالمسلمين الايرانيين والعراقيين، ثم زالت عنه هذه الصبغة نتيجة الآحداث التي لحقتبه، ألا أن لونها لايزال باقياً.ويستند هؤلاء الكتاب في رأيهم الى وجود الدين المسيحي والموجوسية فيجبل هكار قبل ظهور الشيخ عدي. وكان يدين سكان الجبال بالمجوسية ( الزردشتية) علىزمن المقتدر بالله ( 282- 320هجرية)، وفي عام (299هجرية) من حكم المقتدر بالله حيثكان المنصور الحلاج (858-922)ظهر بعده اكثر من قرن إنسان إسمه الشيخ عدي في جبل الهكارية والتفحوله مريدون وأتباع كثيرون، ويتساءل الدملوجي: هل كان الناس الذين التفوا حولالشيخ عدي بن مسافر مانويين أم يزيديين؟! ويجيب على سؤاله : إذا كان لأولئك إسلاممن العرب والكرد ويدينون بحب يزيد بن معاوية، فلماذا ظهرت عليهم المانوية بكلصورها وأعادوا دور ( ماني) بشكله وصوره؟
إضافةالى هذه الآراء ، فان هناك من يرجع الأيزيدية من الناحية الدينية الى النصرانيةوينفي علاقتها بالاسلام بحجة وجود بعض المظاهر المسيحية كالتعميد والاعتقادبالمسيح وإحترام البيّع والكنائس. ويؤكد بعض الكتّاب بأن الأيزيدية من أصل صابئيأو كلداني أو آشوري.
أمامن الناحية القومية والدينية، فهناك من يقول بأن الأيزيديين يرجعون الى القبيلة (التيراهية- ترياها) وأن والد عدي واسمه ( مسفر بن أحمد الكردي) تيرهي، وقد جاءذكرهم فقط في تاريخ إبن العبري وأخذ عنه هذا الخبر الراهب ( راميشوع) في منتصفالقرن الخامس عشر.
ويعتبرباحث عربي آخر ان الأيزيدية من الشعب الكردي ويعبر عن أيزيدية الشيخان ب "الداسنيين" والداسنيون هم من الأكراد الذين كانوا يوجدون في سلسلة جبال" داسن" وقد ذكرها ياقوت الحموي في معجمه وتطلق الآن على جبال المزورية.
وإذاصحت نظرية " اولمستيد" بأن عشيرة مزوري ترجع بالأصل الى عشيرة "مسوري- موسرى" الآشورية التي كانت في عهد " سنحاريب" فيما بينرافدي " الخازر" يمكننا القول بأن يزيدية الشيخان هم أحفاد تلك العشيرةالآشورية التي كانت تعيش في فجر التاريخ في هذه المنطقة.
أماأيزيدية سنجار ، طور عابدين، دياربكر، حلب، سعرد، وبدليس وماردين الى ما وراء حدودوان، فبلاد القوقاس لا جدال في أنهم يرجعون الى سلالات كردية وهم بالأصل من شعوبسلسلة جبال " زاغروس" الذين وجدوا في هذه الجبال منذ أكثر من أربعة آلافوخمسمائة سنة.
* النظريةالثالثة :
كونالديانة الايزيدية من بين الديانات القديمة في منطقة وادي الرافدين والهلالالخصيب، تطرح فرضية وجود قرائن وعلاقات متعددة الجوانب بين الديانات العراقيةالقديمة كالسومرية والبابلية والآشورية من جهة، وبين الديانة الأيزيدية من جهةأخرى. ويمكن حصر جوانب الصلة بين الأيزيدية والديانات المذكورة أعلاه في:
1- بعضالطقوس والاحتفالات والأعياد وخاصة عيد رأس السنة الذي يصادف يوم الأربعاء الأولمن شهر نيسان وكان يسمى بعيد ( أكيتو) عند السومريين و ( سرصال) عند البابليينوالأيزيديين، وكذلك مهرجانات الربيع( إحتفالات آلهه المدن) ويسمى عند الأيزيديين ب(الطوافات)، ولكل قرية أيزيدية مهرجانها ( يبدأ بعد عيد رأس السنة ويستمر الىأواخر شهر حزيران)، ويوم الأربعاء من كل اسبوع هو اليوم المقدس لدى الأيزيديةمثلما كان الحال عند البابليين.
2- تحريمالزواج وكذلك العمل وغسل الملابس والجسم وحلاقة الرأس وحرث الأرض يوم الأربعاءوتحريم الزواج في شهر نيسان عند الأيزيديين كما كان الحال لدى البابليين،باعتبارهشهر زواج الأنبياء والأولياء وشهر زواج الآلهة والملوك عند البابليين وقبلهم عندالسومريين حيث كان يحتفل بزواج الإله( ننجرسو) بالالهة( باو) في مدينة جرسو.
3- التقاربالكبير بين الإله آنو السومري والإله نابو وطاؤوس ملك الأيزيدي في المجالاتالتالية:
أ- الإلهالواحد؛ ذو الثنائية في الواحد؛ أي تتجسد في الاله الواحد قوى الخير والشّر، النوروالظلام في آن واحد، والرمز المقدس الأعلى لدى الديانات الثلاث.
ب- إرتباطاًبقضايا التنجيم والفلك فان كوكب (عطارد) هو الرمز الذي يمثل هؤلاء الآلهة الثلاثة.
ت- يومالأربعاء هو يوم كوكب عطارد( رمز لطاؤوس ملك، نابو، آنو) وهو يوم مقدس لدىالبابليين والأيزيديين.
ث- الرمزالذي يعبر عنه عطارد " وهو شاب راكب طاؤوسا بيمناه حيّة وبيسراه لوح يقرأه ،وصورته الأخرى رجل جالس على كرسي بيده مصحف يقرأه، وعلى رأسه تاج وعليه ثياب خضروصفر.
وتلعبالحيّة دوراً كبيراً في ميثولوجيا الأيزيدية وكذلك في ميثولوجيا الشعوب المختلفة،وتحتوي الأحاديث التي تروي عن الحيّة تناقضات الحياة؛ فهي التي ترتبط بالحياةوالموت وترمز للخير والشّر في آن واحد وتعبر عن الحكمة والدهاء وهي رمز تفاؤلحيناً وشؤم أحياناً أخرى، وحامية لخزائن المال والحكم، ويجري الحديث عنها بنوع منالتبجيل والاحترام والخوف معاً.
ه-التراتبية الدينية( الطبقات الدينية) والالتزام بمبدأ الوراثة في المراكز الدينيةهي ممثالة بين الأيزيديين والبابليين.
و-وجود شخصية الاله سن وتقديسه عن الأيزيديين والبابليين.
س-إضافة الى وجود مراسيم وطقوس أخرى مع وجود أسماء ومفردات مشتركة بين الأيزيديينالحاليين والسومريين والبابليين.
* النظريةالرابعة :
إنجهود الكتّاب والباحثين هي أولاً وأخيراً محل تقدير لما بذلوه من جهد فكري كييكشفوا الستار عن بعض جوانب الديانة الأيزيدية، أو أن يتعرفوا على تاريخها ومنبععقيدتها، ألا أنه بامكان الباحث الفطن، أو من له إلمام ولو بسيط بمعتقداتالأيزيدية والإطلاع على طقوسهم وأدبهم الديني، أن يحاجج- إن لم يفند- فرضيات بعضالكتّاب والباحثين ومسلماتهم ، كون الأيزيدية من بقايا المانوية أو الزردشتية. أنالا أنكر وجود قرائن وعادات وطقوس متشابه بينهما، كما توجد عبادات متشابه بينالأيزيدية والديانة المصرية القديمة أو الأغريقية والسبئية فيما يخص تقديسهم الشمسمثلا؛ حيث أن البيئات الجغرافية المتشابهة تخلق عبادات وثقافات متقاربة دون أنيكون هنالك إحتكاك بين المجموعات البشرية المختلفة.
وإذاكانت الثنوية هي المرتكز العقيدي للديانة المانوية وأنه مبني على التطرف في الزهدوالتنسك وتقديس الموت وإحتقار ماديات الحياة وتحريم الزواج وإعتبار مؤسسة مانيأساس التصوف فان الأيزيديون لم يحفظوا في تراثهم الديني ولا في حكاياتهم الشفهيةنبياً باسم ( ماني) أو (زرادشت)، ولا يصوم الأيزيديون 30 يوماً في نيسان كما كانيفعله المانويون، كما أن رابطة الزواج مقدسة لدى الأيزيديين عكس المانوية التيحرمها،وأن قتل الطيور والحيوانات مباح لدى الأيزيدية وليس محرماً كما كان الحالعند المانويين...الخ
ولاتلتقي الأيزيدية مع الديانتين ( الزرادشتية والمانوية) في العقيدة الثنوية ، وبهذاالصدد يمكن أن نشير الى بعض نقاط الاختلاف الجوهرية بين الايزيدية والزرادشتيةوالتي تتجسد في:
1- لاوجود لإله للخير وآخر للشرّ عند الأيزيدية، بل أن قوة الخير والشرّ تجتمعان فيالإله ذو الثنائية في الواحد ويأتي في أحد أدعيتهم:,, يا ره بى خيرا بده، شه را وهركه رين,, بمعنى: يا رب امنح الخير وامنع الشرّ. وفي هذا الجانب تلتقي فكرةالأيزيدية مع المذهب الجبري أو القدري في الإسلام؛ كون مفهوم الخير والشرّ هو منعند الله، وأن الانسان مسيّر لا مخيّر.
2- دفنالموتى عند الأيزيدية وإعتبار القبر البيت الحقيقي والأبدي للجسد، بينماالزرادشتيون يضعون الجثث على مرتفع عال لتأكله الطيور. وأن للروح عندهم بدايةونهاية، أما عند الأيزيدية فليس للروح بداية ونهاية بل أنها سرمدية خلقها الله قبلكل شئ ووضعها في( القنديل ) قبل أن تنتقل إلى جسم الكائن وتخرج منه بعد مماتته.
3- وإذاكان التدخين محرماً لدى الزرادشتيين فأن للتبغ مكانة خاصة عند الأيزيديين وإلهيرعاه.
4- الموقفمن الحيوانات المقدسة ومسألة تقديم الحيوانات كقرابين فهي محرمة لدى الزرادشتيين،أم عند الأيزيديين فان القرابين تقدم في جميع الأعياد والمناسبات ( ما عدا عيدخدر-الياس المصادف في شهر شباط).
5- لوكان زرادشت نبياً للأيزيديين، لكانوا على الأقل يذكرونه ولو مرة واحدة في صلواتهموأدعيتهم وأقوالهم الدينية...، بينما يجري ذكر أنبياء آخرين مثل: نوح وإبراهيمالخليل وموسى وعيسى ودانيال...الخ.
6- ولوكانت الأيزيدية إمتداداً للزرادشتية، لأحتفظوا في بيوتهم على الأقل كتابي ,, زندآفيستا,, و ,, كاتها,, ووفروا على أنفسهم عناء البحث عن كتابي ,, جلوة ومصحف رش،،!
وهناكان " امبسن" مصيباً عندما قال: " لأجل أن نصل الى نتيجة قطعية فيأصل المذهب الأيزيدي نحتاج دراسة وثيقة في أحوال الشعوب- خاصة في آسيا الصغرى-أكثر من اتباع لغتها وديانتها..."
ربمابامكان المرء أن يؤسس نظرية – أو فرضية- على رأي " امبسن" . وهنا يمكنالقول بأن على الباحث الذي يبغي التعرف بشكل واقعي على تاريخ وأصول الديانةالأيزيدية عليه أن يصغي جيداً لما يقوله الأيزيديون عن أنفسهم من خلال قصصهم ومايحتويه أدبهم الديني من مفاهيم ومصلحات ، وما تعنيه طقوسهم وعاداتهم وأعيادهم، ولاينسى الباحث أن يتوقف عند أركانهم الدينية والتراتبية الطبقية ودراسة أسمائهموأسماء عشائرهم ونوع ملابسهم. والأهم من كل ذلك أن يجد الرابط بين كل تلك الشخصياتوالأفكار التي تبدو وكأنها متناثرة على مساحات واسعة من الأرض وزمن من الصعب تحديدبداية ونهاية له.
أحاولأن أعطي هنا اشارات على بعض أفكار المعتقد الأيزيدي وما يرد في أدبهم الدينيالشفاهي أو في نصوصهم الدينية : الايمان بطاؤوس ملك والأربعاء المقدس- تقديسالظواهر الطبيعية- ايزيدا في بابل وعلاقته باسم الأيزيدية- قصة خلق آدم بلالشوطوفان نوح على أرض الأيزيدية( عين سفني= الشيخان)- إبراهيم الخليل- فرعون- تقديس القمروالشمس- الملائكة السبعة- الأجرام والنجوم- الحيوانات المقدسة- الشيخ آدي- حسينالحلاج- موسى وعيسى- مكة – القدس- لالش- البحر- هكار- هوري كأول أم للأيزيدية-هوري أو حوري- خالتي- دوملي-...الخ)
لقدكتبت موضوعاً باسم" ألغاز وأسئلة مخفية: نحو كيفية فهم ودراسة فلسفة الديانةالأيزيدية." أطرحفيها منهجية جديدة لفك رموز تلك الألغاز وإيجاد أجوبة لها وللعديد من الأسئلة التيلم تتم الاجابة عليها لحد الآن، وبدون ذلك فمن الصعب معرفة أصول الديانة الأيزيديةوفلسفتها تجاه الكون والخليقة.
ففكرةطاؤوس ملك قديمة قدم ظهور الأفكار الدينية، والأيزيديون يربطونها قبل خلق الكون.السؤال الآخر: ماهي علاقة الأيزيديين بابراهيم الخليل الذي خرج من حرّان ( أورفه-الرها) أو ( أور كلدان) كما يسميه البعض الآخر. هل أن ابراهيم الخليل هو نفسه موسى( أخناتون) الذي دخل مصر وخرج منها الى سيناء وبعدها سكن أرض كنعان؟!..وهل من خيوطتربط بين عشيرة الهكارية ( الكارية ) وشعب الهكسوس الهندو –أوربي الذي انحدر منمناطق ( وان وآرارات) وحكم مصر زمن الفراعنة وإنسحب منها مع العبريين الى أرضكنعان؟! وإذا كانت حرّان هو محرف لكلمة (هق) بمعنى الإله، أو الإله الراعي، كماتذكره بعض المصادر، فهل أن العشيرة الهكارية هي نسبة الى إله تلك المدينةالإبراهيمية؟!
ولماذايقول الأيزيديون: أن نبوخذنصر ( بخت نصر كما يسميه الايزيديون) كان أيزيدياً وذهبليدمر أورشليم ويأخذ منهم مقدسات الأيزيدية المسروقة ( السنجق أو رمز الطاؤوس القديم-كبش إبراهيم الخليل" الصنم"- كتاب مصحف رش- والمصباح ذات الرؤس التسعة)؟!
لماذايقدس الأيزيديون الشمس والقمر سوية؛ إذا علمنا أن عبادة الشمس خاصة بالمجموعاتالحضرية الزراعية، وعبادة القمر خاصة بالمجموعات البدوية الرعوية؟...هل أن عبادةالظاهرتين( الشمس والقمر) متأصلة لدى الأيزيدية أم أنها شمس- آتون الفراعنة– أمشمس سبأ أم شمس بلاد الرافدين وميثرا والأغريق؟!
هلأن اسم الأيزيدية هو نسبة الى (ا يزيد) معبد الاله نابو في بابل أم نسبة الى (يزدان – الخالق) أم نسبة الى ( يزيد بن معاية) أو ( يزيد بن أنس الخارجي)؟! ..هلالعشيرة الهكارية والخالتية التي ينتمي اليها قسم من الأيزيدية والتي أعطت إسمهاالى منطقة واسعة من كردستان تمتد من شرقي إيران الى وان والى شمال الموصل، هل هذهالعشائر الأيزيدية كانت تسكن هذه المنطقة منذ فجر التاريخ وإن بأسماء أخرى، أمقدمت اليها من مناطق الجنوب؟!
إذاكان الأيزيديون " عرباً مسلمين" حقاً ومن أتباع يزيد بن معاوية، فلماذايأتي أدبهم الديني من أقوال وأبيات وأدعية باللغة الكردية؟.
وإذاكانوا من بقايا الديانة الزرادشتية والمانوية، فلماذا يفتش الأيزيديون عن كتابمقدس لهم ولم يحفظوا " زه ند آفيستا و كاتها " في بيوتهم؟! ولماذا لميمجدوا زرادشت وماني في صلواتهم؟
بينأكوام هذه الأسئلة وغيرها يتم البحث عن اسم وتاريخ ومعتقد الأيزيدية. وهم بحق مرآةتعكس من خلالها عبق التاريخ وعراقة التقاليد والطقوس بحيث أصبح موزاييك رائعللتراث الديني والقومي يربط أكثر من قارة مع بعضها.
ـ انتهى الفصلالاول من كتاب : الايزيدية والامتحان الصعب / من تاليف الدكتور خليل جندي
رابط الكتاب للتحميل
مجموعة كتب اخرى عن الايزيدية
تعليق