إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قبسات من فقه الامام علي بن الحسين عليه السلام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قبسات من فقه الامام علي بن الحسين عليه السلام




    بسم الله الرحمن الرحيــــــــــــــــم


    اللهم صلّ على محمد وآله الميامين










    يتألف هذا الموضوع من ثلاث فقرات :

    الأولى عبارة عن مقدمة تمهيدية موجزة.

    الثانية الدخول الى صلب الموضوع بذكر موجز عن فقه الامام زين العابدين عليه السلام والتعزيز بنموذج عن فقه الامام علي بن الحسين عليه السلام ، ومايتضمن من الاحكام الفقهية المرتيطة بأحكام المكلفين ، وهذا النموذج هو نموذج يخص فريضة الصوم ، بما فيها من انواع وكيفيات ، وأحكام وموارد.

    الثالثة خاتمة موجزة.




    مقدمة تمهيدية :




    إن الامام علي بن الحسين عليه السلام هو من الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرّهم تطهيرا ، ومن الذين آتاهم الله من لدنه علما ، ومن الذين قال الله تعالى في حقهم (( والله أعلم حيث يجعل رسالته )) ، فكان وعاءا للعلم والمعرفة ، بكل انواع العلم وبمختلف الصنوف ، ونهل العلماء من علمه الزاخر ، ولاسيما في علوم الدين والشريعة كعلم التفسير ، وعلم العقيدة والكلام ، وعلم الفقه ، وكذلك العلوم الإجتماعية ، وغيرها من صنوف العلم ، ولاسيما النصوص الفقهية المروية عن الامام علي بن الحسين عليهما السلام ، والتي أبهرت عقول العلماء في مدى سعة علم الامام عليه السلام وإحاطته بكل دقائق الامور ، والتي قد يعتمد عليها المجتهدون في عصر الغيبة الكبرى لتكون قواعد فقهية يستنبط الفقهاء منها الكثير من أحكام الفقه والتي تترتبط بأفعال المكلفيّن ، وبمختلف تلك الاحكام سواء أكانت عبادية أم معاملاتية .


    وسأذكر نموذجا واحدا على ذلك وهو ماروي عن الامام علي بن الحسين عليه السلام بخصوص فريضة الصوم ، وأن الامام عليه السلام سيبيّن الاحكام الرصينة في هذه الفريضة ، ويبين جملة من انواع الصوم ، ويذكر يكون كل حكم بها ، وان كل حكم متعلق بموضوع ، وأن هناك حالات وموارد للأمور والأحكام :



    فقد دخل الزهري مع جماعة من الفقهاء على الإمام زين العابدين(عليه السلام) فسأل الإمام الزهريّ عمّا كانوا يخوضون فيه فقال له: تذاكرنا الصوم فأجمع رأيي ورأي أصحابي على أنّه ليس من الصوم واجب إلاّ شهر رمضان.

    فنعى عليهم الإمام(عليه السلام) قلّة معلوماتهم بشؤون الشريعة وأحكام الدين، وبيّن لهم أقسام الصوم قائلاً:

    (ليس كما قلتم، الصوم على أربعين وجهاً، عشرة منها واجبة كوجوب شهر رمضان، وعشرة منها صومهنّ حرام، وأربعة عشر وجهاً صيامهنّ بالخيار، إن شاء صام وإن شاء أفطر، وصوم الإذن على ثلاثة أوجه، وصوم التأدّب وصوم الإباحة وصوم السفر والمرض).


    وبهر الزهري وبقية الفقهاء من سعة علم الإمام(عليه السلام) وإحاطته بأحكام الدين، وطلب منه الزهري ايضاح تلك الوجوه وبيانها، فقال(عليه السلام): (أمّا الواجب فصيام شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين لمن أفطر يوماً من شهر رمضان متعمداً، وصيام شهرين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق، واجب، قال الله تعالى: (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ ...) مسلّمة إلى أهله ـ إلى قوله ـ : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ
    فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ)(1)وصيام شهرين متتابعين في كفّارة الظهار(2) لمن لم يجد العتق. قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا)(3).



    وصيام ثلاثة أيام: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ)
    (4)، كل ذلك تتابع وليس بمفترق.



    وصيام أذى الحلق (حلق الرأس) واجب، قال الله تبارك وتعالى:
    (فمن كان منكم مريضاً أو به أذىً من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك)(5)، وصاحبها فيها بالخيار بين صيام ثلاثة أيام أو صدقة أو نسك.



    وصوم دم المتعة واجب لمن لم يجد الهدي، قال الله تبارك وتعالى: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ)
    (6).



    وصوم جزاء الصيد واجب، قال الله تبارك وتعالى: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً)
    (7))(8) .

    ثمّ قال(عليه السلام): (أو تدري كيف يكون عدل ذلك صياماً يا زهريّ ؟)

    فقال: لا أدري، قال(عليه السلام): (تقوّم الصيد قيمة ثمّ تفضي تلك القيمة على البُرّ، ثمّ يكال ذلك البرّ أصواعاً، فيصوم لكلّ نصف صاع يوماً).



    وصوم النذر واجب، وصوم الاعتكاف واجب.


    وأمّا الصوم الحرام فصوم يوم الفطر، ويوم الأضحى، وثلاثة أيام من أيام التشريق(9) وصوم يوم الشكّ اُمِرنا به ونُهينا عنه، اُمرنا أن نصومه من شعبان ونهينا أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشكّ فيه الناس).


    والتفت الزهري إلى الإمام(عليه السلام) قائلاً: جعلت فداك فإن لم يكن صام من شعبان شيئاً كيف يصنع ؟ قال(عليه السلام): (ينوي ليلة الشك أنّه صائم من شعبان، فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه، وإن كان من شعبان لم يضرّ).


    وأشكل الزهري على الإمام: كيف يجزي صوم تطوع عن فريضة ؟ فأجابه الإمام(عليه السلام): (لو أنّ رجلاً صام يوماً من شهر رمضان تطوعاً وهو لا يدري ولا يعلم أنّه من شهر رمضان ثمّ علم بعد ذلك أجزأ عنه، لأنّ الفرض إنّما وقع على اليوم بعينه).


    ثمّ استأنف الإمام حديثه في بيان أقسام الصوم قائلاً:


    (وصوم الوصال حرام(10)، وصوم الصمت حرام(11)، وصوم النذر للمعصية حرام، وصوم الدهر حرام.




    وأمّا الصوم الذي صار صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم الجمعة والخميس والاثنين وصومالأيامالبيض(12)وصوم ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان ويوم عرفة ويوم عاشوراء، كلّ ذلك صاحبه فيه بالخيار، إن شاء صام وإن شاء أفطر.

    وأمّا صوم الإذن فإنّ المرأة لا تصوم تطوّعاً إلاّ بإذن زوجها، والعبد لا يصوم تطوّعاً إلاّ بإذن سيّده، والضيف لا يصوم تطوّعاً إلاّ بإذن مضيّفه، قال رسول الله(صلَّى الله عليه وآله): فمن نزل على قوم فلا يصوم تطوّعاً إلاّ بإذنهم.

    وأمّا صوم التأديب فإنّه يؤمر الصبيّ إذا راهق تأديباً وليس بفرض، وكذلك من أفطر لعلّة أول النهار، ثمّ قوي بعد ذلك أمر بالإمساك بقية يومه تأديباً، وليس بفرض، وكذلك المسافر إذا أكل من أول النهار ثمّ قدم أهله أمر بالإمساك بقية يومه تأديباً وليس بفرض.
    و
    وأمّا صوم الإباحة فمن أكل أو شرب أو تقيّأ من غير تعمّد أباح الله ذلك وأجزأ عنه صومه.


    وأمّا صوم السفر والمرض فإنّ العامّة اختلفت فيه، فقال قوم: يصوم، وقال قوم: لا يصوم، وقال قوم: إن شاء صام وإن شاء أفطر، وأمّا نحن فنقول: يفطر في الحالتين جميعاً، فإن صام في السفر أو في حال المرض فعليه القضاء في ذلك، لأنّ الله عَزَّ وجَلَّ يقول:
    (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ...)(13).


    وأقول :
    إن هذا النموذج الفقهي المروي عن الامام علي بن الحسين عليه السلام يعدّ قواعد فقهية رصينة ، كما أنه يمثل بحثا علميّا فقهيا رصينا زاخرا ، ومنه يستطيع الفقهاء إستنباط الكثير من أحكام الفقه المرتبطة بأفعال المكلفين ، ولاسيما في خصوص الصوم ، بما تحتوي وتتضمن تلك الفريضة من حالات وشروط وتفاصيل الأحكام والموارد.



    ولنكتف بهذا القدر والحمد لله رب العالمين.




    ********
    بقلم المحقق
    ********
    (1) النساء (4) : 92 .
    (2) الظهار: أن يقول الرجل لزوجته: أنت عليّ كظهر أمي .
    (3) المجادلة (58) : 3 ـ 4 .
    (4) المائدة (5) : 89 .
    (5) البقرة (2) : 96 .
    (6) البقرة (2) : 196 .
    (7) المائدة (5) : 95.
    (8) المقنعة، الشيخ المفيد: 363 .
    (9).
    أيام التشريق: هي أيام منى وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بعد يوم النحر.
    (10).
    صوم الوصال: وهو أن يصوم الليل والنهار ، وحرمته حرمة تشريعية .
    (11).
    صوم الصمت: هو أن يمسك الإنسان فيه عن الكلام ، وقد كان الكلام محرّماً على الصائم في الشرائع السابقة ، كما أعلن القرآن ذلك في قصة مريم، قال تعالى: (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً) إلاّ أنّه نسخ في الشريعة الإسلامية المقدسة .
    (12).
    الأيام البيض: وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وسمّيت لياليها بيضاً لأنّ القمر يطلع فيها من أولها إلى آخرها. جاء ذلك في مجمع البحرين (مادة: بيض) .
    (13). فروع الكافي : 1 / 185 ، الخصال: 501 ـ 504 ، تفسير القمّي : 172 ـ 175، المقنعة : 58، التهذيب: 1/435.





    التعديل الأخير تم بواسطة مهند السهلاني ; الساعة 02-01-2014, 11:24 PM. سبب آخر:

    وقـــــــــــــل ربِّ زدني عــِـــــــــــلماً







يعمل...
X