[3]ـ ( الحديث بين طغيان المذهبية ودلالته الظاهرية )
(عجز المذهب السني عن تطبيقه وتفسيره )
يقف امام المذهب السني كمٌ هائل من النصوص دون تفسير يقنع قواعده واتباعه سيما النخبة منهم اذ غالبا ما تكون التفاسير اجنبية عن النصوص بالمرة او مخالفة لظاهره في الحد الادنى وسر هذا الابتعاد عن التفسير الظاهري لها والذي يجمع على الاخذ به العقلاء هو ان هذه النصوص تضرب الاساس الذي قام عليه مذهبهم ومن ابرز تلكم النصوص مثلا : حديث الاثني عشر .
يقول ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين| 1 / 450 |بتحقيق علي حسين البواب
طبع | دار الوطن – الرياض : يقول مانصه " هَذَا الحَدِيث قد أطلت الْبَحْث عَنهُ، وطلبته مظانه، وَسَأَلت عَنهُ فَمَا رَأَيْت أحدا وَقع على الْمَقْصُود بِهِ .."
ومنها ايضا احاديث المهدي "ع" التي ينضوي حديث بحثنا تحتها .
فلن تجد أي تفسير مقوم على دليل شرعي في تفسيرها والاجابة عن التساؤلات حولها .
ـ فمن هو المهدي ع وماهو نسبه ؟ وماهي صفاته ؟ وماهي علامات ظهوره او خروجه ؟ وماهي مكانته بحيث صار نبيا من انبياء اولي العزم كعيسى عليه السلام يصلي خلفه ؟! وكيف يمكن له ان يعرف انه المهدي من جهة وبيان ذلك لنا من جهة اخرى ؟ وماذا يعني تعبير بعض الاحاديث عنه بـ " خليفة الله " ؟ !
والسؤال المهم والمرتبط ببحثنا هو : ماهي ضرورة بعثه بحيث لو لم يبق من الدنيا الا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعثه ؟! فماهي العلاقة بين الامرين ؟!
تلك هي بعض الاسئلة نضعها في عهدة كل باحث منصف ليتأمل فيها وينتقل في تامله لاجابة الشيعة عنها بعد ذلكم الغموض !!
***
( الفهم الشيعي للحديث )
وفي مقابل ذلكم العجز الناتج عن الرؤية المذهبية للمذهب السني حتى على مستوى الفهم التجزئي للحديث يرسم الشيعة لوحة من تلك الاحاديث في رؤية موضوعية ياخذ كل حديث فيها موقعه المناسب بحيث يغدو غير قابل لتغيير موقعه سنحاول ان نعطي ذلك الفهم الموضوعي باختصار فنقول :
يرى الشيعة ان النبي ص لم يترك امته هملا بلا تعيين لمن يليه بعد الفراغ الذي يتركه خلفه ص فعين للامة بعده اثني عشر خليفة من عترته من اهل بيته عليهم السلام وفي نصوص متكاثرة مختلفة فمن نصوص تبين هذا التعيين لهم جملة واحدة كحديث الثقلين والسفينة الى نصوص تعين عددهم مثل حديث الاثني عشر الى نصوص تعين اولهم ـ امير المؤمنين علي عليه السلام ـ كحديث الدار في بداية الدعوى وحديث الغدير في آخرها حيث حجة الوداع . الى نصوص تحددهم بالاسماء واحدا بعد واحد فضلا عن نص كل منهم على من يليه وثمة جملة وفيرة من النصوص تشير للثاني عشر منهم " المهدي " بشكل خاص وهي متواترة عند الفريقين مثل الحديث الذي يدور بحثنا حوله وقد اعتمد الشيعة في فهمهم هذا على ادلة متينة ومفصلة يطول بيانها لكنا وبالاضافة لما سقناه آنفا نعرض شطرا من الدلائل التي يعتمدها المخالفون لنا فمثلا يعبرالنبي ص عن المهدي في احاديثه بانه من اهل بيتي تارة ومن عترتي اخرى ومن ولد فاطمة اخرى ومن ولد الحسين لا من ولد الحسن صلوات الله عليهم اجمعين كما حاول البعض ترويج ذلك اعتمادا على ما رواه ابو داود في سننه قائلا في الحديث رقم[4290] :
ــ حدثت عن هارون بن المغيرة قال حدثنا عمرو بن أبي قيس عن شعيب بن خالد عن أبي إسحق قال قال علي رضي الله عنه ونظر إلى ابنه الحسن فقال إن ابني هذا سيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخلق ثم ذكر قصة يملأ الأرض عدلا وقال هارون حدثنا عمرو بن أبي قيس عن مطرف بن طريف عن أبي الحسن عن هلال بن عمرو قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم يخرج رجل من وراء النهر يقال له الحارث بن حراث على مقدمته رجل يقال له منصور يوطئ أو يمكن لآل محمد كما مكنت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجب على كل مؤمن نصره أو قال إجابته.اهـ
لكنه باطل وغير صحيح لوجوه :
اولا : الحديث ضعيف كما قال الالباني في المشكاة (5458)
ثانيا : الحديث غير مسند بل فيه انقطاع ذلك ان ابا داود قال في صدره " حُدّثتُ " ما يعني ان هارون بن المغيرة لم يحدث ابا داود مباشرة .
ـ قال عبد المحسن العباد معلقا على هذا الحديث في شرحه لسنن ابي داود :
"والحديث فيه انقطاع من جهتين في أعلاه وفي أسفله: أما في أسفله فعدم وجود شيخ أبي داود؛ لأنه قال: حدثت.وهو منقطع، والأمر "
ثالثا : راوي هذا الحديث عن امير المؤمنين عليه السلام هو ابو اسحاق السبيعي وهو لم يسمع من امير المؤمنين عليه السلام
ـ قال عبد المحسن العباد معلقا على هذا الحديث في شرحه لسنن ابي داود :
"والحديث فيه انقطاع من جهتين في أعلاه وفي أسفله: أما في أسفله فعدم وجود شيخ أبي داود؛ لأنه قال: حدثت.وهو منقطع، والأمر الثاني في أعلاه: أبو إسحاق لم يدرك علياً رضي الله عنه، فهو منقطع في أسفله وفي أعلاه وهو غير ثابت."
ـ وقد سبقه في ذلك المنذري حيث قال عن الحديث : هَذَا مُنْقَطِعٌ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ رَأْي عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ رُؤْيَةً . / راجع تحفة الاحوذي في باب ماجاء في المهدي 2156
هذا وقد اعتبر ابن كثير في تفسيره الامام المهدي من الاثني عشر :
جاء ذلك في تفسيره بتحقيق : سامي بن محمد سلامة طبع : دار طيبة للنشر والتوزيع الطبعة: الثانية سنة 1420هـ - 1999 م قال هناك ما نصه :
" وهذا الحديث فيه دلالة على أنه لا بد من وجود اثني عشر خليفة عادلا وليسوا هم بأئمة الشيعة الاثني عشر فإن كثيرًا من أولئك لم يكن إليهم من الأمر شيء، فأما هؤلاء فإنهم يكونون من قريش، يَلُون فيعدلون. وقد وقعت البشارة بهم في الكتب المتقدمة، ثم لا يشترط أن يكون متتابعين، بل يكون وجودهم في الأمة متتابعا ومتفرقا، وقد وُجِد منهم أربعة على الولاء، وهم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، رضي الله عنهم. ثم كانت بعدهم فترة، ثم وُجِد منهم ما شاء الله، ثم قد يُوجَد منهم مَن بقي في وقت يعلمه الله. ومنهم المهدي الذي يطابق اسمه اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنيته كنيته، يملأ الأرض عدلا وقسطا، كما ملئت جورًا وظلما. "اهـ
***
(عجز المذهب السني عن تطبيقه وتفسيره )
يقف امام المذهب السني كمٌ هائل من النصوص دون تفسير يقنع قواعده واتباعه سيما النخبة منهم اذ غالبا ما تكون التفاسير اجنبية عن النصوص بالمرة او مخالفة لظاهره في الحد الادنى وسر هذا الابتعاد عن التفسير الظاهري لها والذي يجمع على الاخذ به العقلاء هو ان هذه النصوص تضرب الاساس الذي قام عليه مذهبهم ومن ابرز تلكم النصوص مثلا : حديث الاثني عشر .
يقول ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين| 1 / 450 |بتحقيق علي حسين البواب
طبع | دار الوطن – الرياض : يقول مانصه " هَذَا الحَدِيث قد أطلت الْبَحْث عَنهُ، وطلبته مظانه، وَسَأَلت عَنهُ فَمَا رَأَيْت أحدا وَقع على الْمَقْصُود بِهِ .."
ومنها ايضا احاديث المهدي "ع" التي ينضوي حديث بحثنا تحتها .
فلن تجد أي تفسير مقوم على دليل شرعي في تفسيرها والاجابة عن التساؤلات حولها .
ـ فمن هو المهدي ع وماهو نسبه ؟ وماهي صفاته ؟ وماهي علامات ظهوره او خروجه ؟ وماهي مكانته بحيث صار نبيا من انبياء اولي العزم كعيسى عليه السلام يصلي خلفه ؟! وكيف يمكن له ان يعرف انه المهدي من جهة وبيان ذلك لنا من جهة اخرى ؟ وماذا يعني تعبير بعض الاحاديث عنه بـ " خليفة الله " ؟ !
والسؤال المهم والمرتبط ببحثنا هو : ماهي ضرورة بعثه بحيث لو لم يبق من الدنيا الا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعثه ؟! فماهي العلاقة بين الامرين ؟!
تلك هي بعض الاسئلة نضعها في عهدة كل باحث منصف ليتأمل فيها وينتقل في تامله لاجابة الشيعة عنها بعد ذلكم الغموض !!
***
( الفهم الشيعي للحديث )
وفي مقابل ذلكم العجز الناتج عن الرؤية المذهبية للمذهب السني حتى على مستوى الفهم التجزئي للحديث يرسم الشيعة لوحة من تلك الاحاديث في رؤية موضوعية ياخذ كل حديث فيها موقعه المناسب بحيث يغدو غير قابل لتغيير موقعه سنحاول ان نعطي ذلك الفهم الموضوعي باختصار فنقول :
يرى الشيعة ان النبي ص لم يترك امته هملا بلا تعيين لمن يليه بعد الفراغ الذي يتركه خلفه ص فعين للامة بعده اثني عشر خليفة من عترته من اهل بيته عليهم السلام وفي نصوص متكاثرة مختلفة فمن نصوص تبين هذا التعيين لهم جملة واحدة كحديث الثقلين والسفينة الى نصوص تعين عددهم مثل حديث الاثني عشر الى نصوص تعين اولهم ـ امير المؤمنين علي عليه السلام ـ كحديث الدار في بداية الدعوى وحديث الغدير في آخرها حيث حجة الوداع . الى نصوص تحددهم بالاسماء واحدا بعد واحد فضلا عن نص كل منهم على من يليه وثمة جملة وفيرة من النصوص تشير للثاني عشر منهم " المهدي " بشكل خاص وهي متواترة عند الفريقين مثل الحديث الذي يدور بحثنا حوله وقد اعتمد الشيعة في فهمهم هذا على ادلة متينة ومفصلة يطول بيانها لكنا وبالاضافة لما سقناه آنفا نعرض شطرا من الدلائل التي يعتمدها المخالفون لنا فمثلا يعبرالنبي ص عن المهدي في احاديثه بانه من اهل بيتي تارة ومن عترتي اخرى ومن ولد فاطمة اخرى ومن ولد الحسين لا من ولد الحسن صلوات الله عليهم اجمعين كما حاول البعض ترويج ذلك اعتمادا على ما رواه ابو داود في سننه قائلا في الحديث رقم[4290] :
ــ حدثت عن هارون بن المغيرة قال حدثنا عمرو بن أبي قيس عن شعيب بن خالد عن أبي إسحق قال قال علي رضي الله عنه ونظر إلى ابنه الحسن فقال إن ابني هذا سيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخلق ثم ذكر قصة يملأ الأرض عدلا وقال هارون حدثنا عمرو بن أبي قيس عن مطرف بن طريف عن أبي الحسن عن هلال بن عمرو قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم يخرج رجل من وراء النهر يقال له الحارث بن حراث على مقدمته رجل يقال له منصور يوطئ أو يمكن لآل محمد كما مكنت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجب على كل مؤمن نصره أو قال إجابته.اهـ
لكنه باطل وغير صحيح لوجوه :
اولا : الحديث ضعيف كما قال الالباني في المشكاة (5458)
ثانيا : الحديث غير مسند بل فيه انقطاع ذلك ان ابا داود قال في صدره " حُدّثتُ " ما يعني ان هارون بن المغيرة لم يحدث ابا داود مباشرة .
ـ قال عبد المحسن العباد معلقا على هذا الحديث في شرحه لسنن ابي داود :
"والحديث فيه انقطاع من جهتين في أعلاه وفي أسفله: أما في أسفله فعدم وجود شيخ أبي داود؛ لأنه قال: حدثت.وهو منقطع، والأمر "
ثالثا : راوي هذا الحديث عن امير المؤمنين عليه السلام هو ابو اسحاق السبيعي وهو لم يسمع من امير المؤمنين عليه السلام
ـ قال عبد المحسن العباد معلقا على هذا الحديث في شرحه لسنن ابي داود :
"والحديث فيه انقطاع من جهتين في أعلاه وفي أسفله: أما في أسفله فعدم وجود شيخ أبي داود؛ لأنه قال: حدثت.وهو منقطع، والأمر الثاني في أعلاه: أبو إسحاق لم يدرك علياً رضي الله عنه، فهو منقطع في أسفله وفي أعلاه وهو غير ثابت."
ـ وقد سبقه في ذلك المنذري حيث قال عن الحديث : هَذَا مُنْقَطِعٌ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ رَأْي عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ رُؤْيَةً . / راجع تحفة الاحوذي في باب ماجاء في المهدي 2156
هذا وقد اعتبر ابن كثير في تفسيره الامام المهدي من الاثني عشر :
جاء ذلك في تفسيره بتحقيق : سامي بن محمد سلامة طبع : دار طيبة للنشر والتوزيع الطبعة: الثانية سنة 1420هـ - 1999 م قال هناك ما نصه :
" وهذا الحديث فيه دلالة على أنه لا بد من وجود اثني عشر خليفة عادلا وليسوا هم بأئمة الشيعة الاثني عشر فإن كثيرًا من أولئك لم يكن إليهم من الأمر شيء، فأما هؤلاء فإنهم يكونون من قريش، يَلُون فيعدلون. وقد وقعت البشارة بهم في الكتب المتقدمة، ثم لا يشترط أن يكون متتابعين، بل يكون وجودهم في الأمة متتابعا ومتفرقا، وقد وُجِد منهم أربعة على الولاء، وهم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، رضي الله عنهم. ثم كانت بعدهم فترة، ثم وُجِد منهم ما شاء الله، ثم قد يُوجَد منهم مَن بقي في وقت يعلمه الله. ومنهم المهدي الذي يطابق اسمه اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنيته كنيته، يملأ الأرض عدلا وقسطا، كما ملئت جورًا وظلما. "اهـ
***