[5]ـ ( اثارات عن الحديث )
تبقى بعض الجوانب الاخرى التي لم نعرض لها في مر قد تكون مثارا للسؤال :
فمن الاشكالات الموجهة على خصوص الحديث ان بعض الفاظ هذاالحديث المروي عن النبي صلى الله عليه واله جائت بصيغة " واسم ابيه اسم ابي " وهو يعني ان اسم ابي الامام المهدي عليه السلام " عبد الله " وهو مخالف لما تعتقد به الشيعة فان ابا الامام هو الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي السجاد بن الحسين الشهيد بن علي بن ابي طالب صلوات الله عليهم اجمعين !!
الا ان ذلك مخدوش من وجوه :
اولا : الحديث مما انفرد بروايته العام فلم يرد الحديث بطريق شيعي بل ولم يروه حتى البخاري ومسلم ، فلا يؤخذ به بعدما تواتر عندنا في من نسبه الشريف المسرود اعلاه .
ثانيا : اسانيد هذا الحديث تنتهي لعاصم بن ابي النجود في غالبها وهو وان وثقه بعض علماء السنة الا ان بعضا آخر طعن في حفظه فاعتبره البعض ليس بحافظ كالنسائي وآخر ان في حديثه نكرة كابن خراش وفي حفظه شيء كما قال الدارقطني كما ورد في ميزان الاعتدال للذهبي 2 / 357 / رقم الترجمة 4068
فان قلت :خرج له البخاري ومسلم ومن كان كذلك فقد جاز القنطرة كما قالوا !
يجيبك الذهبي في نفس المصدر " ميزان الاعتدال " قائلا :قلت: خرج له الشيخان لكن مقرونا بغيره لا أصلا وانفرادا.
ثالثا : ان جملة " اسم ابيه اسم ابي " لم يروها ائمة الحديث القدماء كاحمد بن حنبل وانما روى الحديث بنفس السند وفي عدة مواضع لكن دون هذه الزيادة ، وعليه فاحتمال الزيادة او التصحيف ان احسنا الظن وارد جدا .
رابعا : قال المجلسي نقلا عن ابن طلحة بعد نقله للاشكال :
أجاب بعد تمهيد مقدمتين: الاول أنه شائع في لسان العرب إطلاق لفظ الاب على الجد الاعلى كقوله تعالى " ملة أبيكم إبراهيم " وقوله حكاية عن يوسف: " واتبعت ملة آبائي إبراهيم " وفي حديث الاسراء أن جبرئيل قال: هذا أبوك إبراهيم والثاني أن لفظة الاسم تطلق على الكنية وعلى الصفة كما روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله سمى عليا أبا تراب ولم يكن اسم أحب إليه منه فأطلق لفظ الاسم على الكنية ومثل ذلك قول المتنبي: اجل قدرك أن تسمى مؤنبة ومن كناك فقد سماك للعرب ثم قال ولما كان الحجة من ولد ابي عبد الله الحسين فأطلق النبي على الكنية لفظ الاسم إشارة إلى أنه من ولد الحسين عليه السلام بطريق جامع موجز انتهى. أقول: ذكر بعض المعاصرين فيه وجها آخر وهو أن كنية الحسن العسكري أبو محمد وعبد الله أبو النبي صلى الله عليه وآله أبو محمد فتتوافق الكنيتان والكنية داخلة تحت الاسم / راجع البحار ج 51 / ص 104
ومنها : ان الحديث لا يشير الى ضرورة وجود الحجة وانما دل على بعثه في آخر الزمان ؟
نعم هو كذلك بالنظرة السطحية للحديث لكن بعد امعان النظر فيه تتسرب هذه الاثارة بل تنقلب فيه راسا على عقب ذلك ان الحديث جاء بصيغة جملة شرطية مصدرة باداة الشرط ( لو ) وهي عند ائمة اللغة حرف امتناع لامتناع الامر الذي يعني ان تطويل اليوم الاخير من الدنيا مخالف للقانون الطبيعي وعلى فرض وقوعه فلن يتمم الله ذلك اليوم حتى يبعث ذللك الرجل ـ الحجة بن الحسن المهدي عليه السلام ـ فالحديث تعبير آخر عن ضرورة ظهور الامام المهدي عليه السلام ونظير هذا الحديث في التعبير عن تلكم الحقيقة ما ورد من احاديث مستفيضة من انه لو لم يبق في الأرض إلا اثنان لكان أحدهما الحجة كما مر .
هذا وقد ذركرنا ان كلمة " يبعث او يظهر او يخرج " تشير الى وجوده قبل ذلك كما لا يخفى على ذي بصيرة فان ابيت عن دلالة الحديث على وجوده في زماننا وكل زمان آت فعليك بادلة وجوده القطعية كحديث الثقلين وغيره مما يبحث في مظانه .
ومنها : متى الظهور ؟
واضح ان الحديث ربط بين ظهوره "ع " وبين قيام الساعة وعلم الساعة عند الله عز اسمه {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} [الأحزاب : 63] وهذا يعني ان العلم بظهوره الشريف غير معلوم لنا قطعا ومع هذا ورد ايضا في توقيت ظهوره عليه السلام يشكل خاص في الاخبار وان ذلك مما لا يملك العلم به احد من الناس ومن ادعى العلم به فهو كذاب فقد روى ثقة الاسلام الكليني في 1 / 546 :{ باب كراهية التوقيت } الحديث الخامس :
- الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الخزاز، عن عبدالكريم ابن عمر الخثعمي، عن الفضل بن يسار، عن ابي جعفر عليه السلام قال: قلت: لهذا الامر وقت؟ فقال كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، كذب الوقاتون ..." .
فالعلم بظهوره كالعلم بالساعة لا مجال للناس للعلم به ومن ادعى ذلك فهو كذاب .
ومنها : وظيفتنا تجاه الامام المهدي عليه السلام ؟
هناك مجموعة من الوظائف تجاه امام زمانه عجل الله فرجه الشريف نعرض بعضها وعلى كل مكلف ان يبحث عن البعض الاخر وعن تفاصيل تلكم الوظائف وما سنذكره هو بعض منها بما يتناسب مع رسالة هذا البحث الموكلة اليه .
الوظيفة الاولى : [ معرفته ]
ورد في الحديث المتواتر : من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية ، وامام زماننا هو من سيبعثه الله تعالى ولو لم يبق من الدنيا الا يوم كما ذكر الحديث ، ومع وضوح انطباق الحديث على الامام المهدي "ع " وردت احاديث صحيحة طبقت ذلك تفصيلا :
ـ منها ما جاء في كمال الدين للصدوق 2/409 بسند صحيح :
حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال حدثني أبو علي بن همام قال سمعت محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه يقول سمعت أبي يقول سئل أبو محمد الحسن بن علي ع وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه ع أن الأرض لا تخلو من حجة لله على خلقه إلى يوم القيامة وأن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية فقال ع إن هذا حق كما أن النهار حق فقيل له يا ابن رسول الله فمن الحجة والإمام بعدك فقال ابني محمد هو الإمام والحجة بعدي من مات ولم يعرفه مات ميته جاهلية أما إن له غيبة يحار فيها الجاهلون ويهلك فيها المبطلون ويكذب فيها الوقاتون ثم يخرج فكأني أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة اهـ
الوظيفة الثانية : [ الصبر والانتظار والورع والاجتهاد ]
روى النعماني في الغيبة ص 200 قائلا :
حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة قال حدثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي أبو الحسن قال حدثنا إسماعيل بن مهران قال حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه ووهيب بن حفص عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع أنه قال ذات يوم ألا أخبركم بما لا يقبل الله عز وجل من العباد عملا إلا به ؟
فقلت بلى فقال :
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله والإقرار بما أمر الله والولاية لنا والبراءة من أعدائنا يعني الأئمة خاصة والتسليم لهم والورع والاجتهاد والطمأنينة والانتظار للقائم ع ثم قال إن لنا دولة يجيء الله بها إذا شاء ثم قال من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه فجدوا وانتظروا هنيئا لكم أيتها العصابة المرحومة .
الوظيفة الثالثة :[ واتباع وصاياه والدعاء له ]
وهي كثيرة لا يسمح المقام بنقل ما يروى عنه في هذا الشان لكنا نكتفي بما رواه الشيخ الصدوق في كمال الدين ج : 2 ص : 484 بسنده في توقيع رواه عنه عليه السلام جاء فيه : " ..وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم .."
اضف الى ذلك الدعاء له صلوات الله عليه بتعجيل فرجه كدعاء الندبة ودعاء العهد وغيرها من الادعية التي تنقلها كتب الادعية المعروفة كالمفاتيح للشيخ القمي .
(ختامه مسك ومسك الختام )
ختاما نذكر بما ورد من دعاء في زمن الغيبة فقد روى ثقة الإسلام الكليني في الكافي 1 / 499 | في باب الغيبة بسنده : عن زرارة قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن للغلام غيبة قبل ان يقوم، قال: قلت ولم؟ قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - ثم قال: يا زرارة وهو المنتظر، وهو الذي يشك في ولادته، منهم من يقول: مات أبوه بلا خلف ومنهم من يقول: حمل ومنهم من يقول: إنه ولد قبل موت أبيه بسنتين، وهو المنتظر غير أن الله عزوجل يحب أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة، [قال: قلت: جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أي شي ء اعمل؟ قال: يا زرارة] إذا أدركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء :
( اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك
اللهم عرفني رسولك، فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك
اللهم عرفني حجتك، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني ) .
***
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
حرره :
الطوسي / في يوم الثلاثاء / المصادف / 11 محرم / من سنة 1435 هـ