باب الوضوء
مقدمة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي له الخلق والامر وهو أحسن الخالقين
وصلى الله على محمد
خاتم النبيين وآله الابرار أجمعين
لاريب أن لكل من يريد المجد وينشد الرقي أن يرسم لنفسه دستورا للعمل ومنهجا في الحياة
وخيرمنهاجا دستورا يأخذ به من يرد المجد هو دستور ومنهاج تعاليم السماء
وهي أجدر وأسمى من القوانين الوضعية التي رسمتها كثير من الامم لغرض إيصال الانسان إلى
مجده ورقيه وهذا الهدف الذي يجسد السعادة بذاتها لا يمكن تحققه إلا عبر الجمع بين
مفردات الفكر وواقع الممارسة للعلم
العالم الذي لا يعمل بعلمه لن يصل إلى غايته لأن ثمرة العلم
العمل وليس المقصود من حمل العلم خزنه في الصدر
والذاكرة والمباهاة به وطلب الدنيا أو طلب المطامع الدنيوية وإنما المقصود بالعلم العمل فإن كان
علم بدون عمل فهو كشجرة بلا ثمر لا فائدة فيه
ولا يكون مطلوبه العلم وحسب والا يكون العلم وبالاً عليه وقد جعل الله سبحانه وتعالى ابليس المثال
البارز للعالم غير العامل
إذاً فالعمل هو الخطوة الثانية بعد المعرفة والعلم
وذلك طبق المفاهيم المستوحاة من القرآن الكريم.. ونعني بالعمل: إتيان ما أمر الله أن
يؤتى به والانتهاء عما نهى عنه
هذا والمعروف من التعاليم السماوية أنها تعطي للجانب العملي أهمية خاصة مع الحفاظ
على تقوية الجانب الروحي في آن واحد
وبهما يرتفع الانسان من حضيض النفس
إلى ذروة المجد والمراتب الكمالية حتى يعد بمنزلة الملائكة بل بمنزلته تبارك
وتعالى كما ورد في قوله عز من قال :
(عبدي أطعني تكن مثلي أو مثلي)
ولقد تألق
علماؤنا وفقهاؤنا في عكس الصورة الواضحة والسليمة عن أسس ومبادئ الدين الاسلامي
الحنيف الذي يمثل مرحلة الكمال في التعاليم السماوية
فهو الناسخ لكل الاديان والرسالات التي انتشرت قبله ثم إنه لا شريعة بعده مطلقا
وإننا والحال هذه نجد
أنفسنا أمام كنز غني من الفكر والثقافة يدعو أهل الفن والخبرة إلى السعي لاظهاره
بالشكل المطلوب بل إن التضلع باحيائه يعد محورا مهما من محاور
تحقق المجد والسعادة
وللمناسبة فإن إطلاق لفظة (الاحياء) كان من باب الكناية والمجاز وإلا فإن التراث حي
حاضر لا غبار عليه سيما وأنه مستنبط من شريعة خاتم المرسلين والائمة الميامين
(صلوات الله عليهم أجمعين)
التي تكاملت بحذافيرها على المشهور من مذهب الاصوليين في زمنه
(صلى الله عليه وآله)
أوأن خطوطها العريضة وكلياتها قد بينها بنفسه
(صلى الله عليه وآله )
وأوكل التفصيل والتوسعة فيها إلى الائمة
(عليهم السلام)
كما هو رأي البعض ويشهد لهذا القول
قوله تعالى:
(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا)
وكذلك النص المروي عن مولانا الباقر
(عليه السلام)
قال: خطب رسول الله
(صلى الله عليه وآله)
في حجة الوداع
فقال: يا أيها الناس ما من شئ يقربكم من الجنة ويباعد كم عن
النار إلا وقد أمرتكم به وما من شئ يقربكم من النار ويباعدكم عن الجنة إلا وقد
نهيتكم عنه
نقول إن الامة في الظرف الراهن على الخصوص محفوفة
بالمخاطر والدسائس من كل جانب بل عاد النضوج المعنوي والحس الروحي منحصرا
وغدا التعقل والتدبر والاشتغال بالعلم مرتبطا بفئة قليلة جدا وصار السواد الاعظم يهوى
التطور الكاذب ويلهث وراء الدنيا ومظاهرها تاركا القيم السامية والمبادئ الرفيعة
وراء ظهره
ومن هنا نقول بضرورة تجاوز هذه الاخفاقات الغريبة عن الفكر
الاسلامي وعقيدته المتكاملة من خلال التصدي لجملة من المناهج التربوية واهمهما
الاغتراف من المعين الصافي للتراث الاسلامي والمتمثل بمدرسة أهل البيت
(عليهم السلام)
ثم إن ذلك يحتاج إلى منهجية عمل متكاملة ذات أسس وقواعد
متينة تضمن قطف اينع الثمار فإننا نشد بالطلبة الكرام للمشاركة في نشر علوم اهل البيت
(عليهم السلام)
ولا بد أولا من تشخيص ماهية العمل وتثبيت موضوعه فما وصل بأيدينا منه مختلف
ألوانه والذي نقصده هو ما يعكس هوية الامة الحقيقية
ويوضح قيمها وتعاليمها
ويحفظها من كيد أعدائها ويصون أصالتها الالهية وبالتالي هو ما يشكل القناة
الرئيسية التي توصل الانسان إلى الرقي المعنوي والغنى الدنيوي والاخروي
فان لنا الدليل القاطع والمنهج الواضح فلا نتركه ونختلق الاعذار وغيرنا يعمل
بجد طيلة يومه
أننا تمتلك تراثا هلائلا من الآثار النفيسة التي حررت في مختلف ألوان العلم والمعرفة
كالفقه والاصول والادب والكلام والطب والفلسفة والفلك والبلاغة والنحو والصرف وغيرها
فهذه بذاتها هي رائدة العلم والتطور
فإنه يجدر بنا أن نستلهم ونستنبط من كنوزها نظاما أرقى
وأعز وأرفع واقعا
واقول مرة أخرى لابد ان نشد فيه على الايدي ونسعى لنشره
وإيصاله بين أيدي القراء
فلا نرى بدا
من الميل بالبحث إلى علم الفقه من حيث الاهمية والمكانة.. فهو أشرف العلوم وأفضلها
وقد وردت به الروايات المستفيضة الدالة بوضوح على علو مرتبته وعظم منزلته
كيف لا ؟ ! وهو
برنامج الحياة المتكامل والموجه لكل الافعال والممارسات على النحو الصحيح
والقوانين التشريعية التي صاغها الفقه الاسلامي تعد من أرقي القوانين التي تضمن
سعادة الانسان المطلقة وتوفر له كامل حقوته وتبين وظائفه من الواجبات والمنهيات
والمباحات بل والوضعيات من الاحكام بشكل يعطي لنظام الحياة رونقا خاصا
ولذا قد ورد عن مولانا الصادق
(عليه السلام)
أنه قال: لوددت أن أصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط
حتى يتفقوا
وقال
(عليه السلام)
أيضا: تفقهوا في الدين فإنه من لم يتفقه منكم
في الدين فهو أعرابي
إن الله يقول في كتابه: ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا
رجعوا إليهم لعلهم يحذرون
وفي ختام هذه المقدمة اقول لكل طلبت علوم اهل البيت وغيرهم ولا سيما
طلاب مدرسة الامام الحسين
(عليه السلام)
ان لايهملوا هذا الجانب
ومن خلال هذا ندعوا الى ان يقدم كل طالب بحث في شرح الرسالة العملية وأخذنا على كاهلنا
بحث الوضوء سائلين المولى ان يوفق الجميع وانا واياهم
بحق محمد وآله الطاهرين
والحمد لله ربّ العالمين
ــــــــــــــــــــــ
منقول بتصرف المصدر الشامل
مستند الشعة
تعليق