تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
((الفقير واللص))
ينصح ابن المقفع العاقل بعدم اليأس من رحمة الله ((فربما ساق إليه القدر رزقا هنيئاً وهو غافل لا يدري به ولا وجهه)).
-ماالمقصود بالقدر هنا ؟
أن رجلاً كان به فاقة (1) وجوعُ وعري،فأ لجاه ذلك إلى أن سأل أقاربه وأصدقاءه ،فلم يكن عند أحدمنهم فضل(2) يعودبه عليه.
فبينما هو ذات ليلة في منزله إذ بصربسارق(3)في منزل ، فقال في نفسه :والله ما في منزلي شيءأخاف عليه ، فليجهد السارق جهده.
فبينما السارق يجول إذ وقعت يده على خابية (4) فيها حنطة (5) ،فقال السارق :والله مااحب أن يكون عنائي الليلة باطلا ، ولعلي لا اصل إلى موضع اخر ، ولكن ساحمل هذه الحنطة خير من الرجوع بغير شيء.ثم بسط رداءه ليصب عليه الحنطة .
فقال الرجل:يذهب هذا بالحنطة وليس ورائي سواه ، فيجتمع علي مع العرى ذهاب ما كنت أقتات (6) به ، وما تجتمع والله هاتان الخلتان(7) على احد الا اهلكتاه .
ثم صاح بالسارق ووثب إليه بهراوة (8) كانت عند راسه ، فلم يكن للسارق حيلة الا الهرب منه ، وترك رداءه ونجا بنفسه وغدا الرجل به كاسياً.*
وليس ينبغي للعاقل ان يركن (9)إلى مثل هذا المثل فيتكل عليه، ويدع ما يجب عليه من السعي والعمل لصلاح معاشه ، بل ان لا يالو جهدا(10) في الطلب على قدر معرفته، ولا ينظر من تؤاتيه (11) المقادير وتساعده على غير التماس منه ولا حركة ، لأن اولئك في الناس قليل...
* ثمة مفهومان للتوكل على الله تعالى ، إيجابي ، وهو المعنى الحقيقي للتوكل الذي يولي بالانسان نفسه العمل بجد ومثابرة مستمدا من الله القوة والعزيمة ، مراعيا حدود الشريعة التي يؤمن بها ؛ اما مفهوم الاخر السلبي ، وهو ما يمكن التعبير عنه بالتوكل الذي يقود الى الكسل والضعف والعجز والقصور والتخلف على المستويين الفردي والاجتماعي.
ويقرر ابن المقفع مبدا يجيز للانسان الحصول من الدنيا على اطيب مافيها ولا يتيسر له ذلك الا بالعمل الجاد .فالعمل هو المبداء الثابت
والقاعدة العامة، اما الكسل فهو الخروج عن معليير الحياة الثابتة وقوانينها الانسانية.
(منقول -من كتاب كليلة ودمنة)
1-فاقة:حاجة وفقر .
2-فضل:بقية تزيد عن الحاجة.
3-بصر به: لمحه.
4-خابية: برة ضخمة.
5-حنطة:طحين ، دقيق.
6-أقتات:اكل، اتغذى.
7-الخلتان:الصفتان والمقصود هنا الحاجة والفقر.
8- هراوة: عصا ضخمة.
*-كاسيا:مكسوا.
9-يركن :يطمئن،يعتمد.
10-لايالو جهدا:لايقصر في العمل بجد.
11-تؤتيه:تناسبه،توافقه.