إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المــــــــــــــزاح

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المــــــــــــــزاح

    بسم الله الرحمن الرحيم
    المـــــــزاح
    بقلم/ خالد غانم الطائي
    هو ظاهرة نفسية أو احتياج نفسي لدى الإنسان جبل عليه عندما خلقه الله سبحانه وتعالى وهو أحكم الحاكمين تقوده إلى الضحك والفكاهة وتختلف من إنسان إلى آخر تبعا للتكوين النفسي والظروف والأجواء والمجتمع الذي يعيش فيه وكذلك حالة التفاؤل والابتهاج والفرح والسرور التي تنتاب شعور المرء والتوجه الفكري له ونظرته إلى الحياة وتفاعله مع أحداثها ومجرياتها وملابساتها وقوة أرادته في مواجهة تحديات الحياة وصعوباتها ومرونته في التعامل مع الأحداث والناس والحياة.
    قال تعالى (..وأنه هو أضحك وأبكى...) سورة النجم الآية 43 لا تخلو الحياة الدنيا من مضايقات وهموم وغموم وأكدار تختلج في نفس الإنسان ربما يصاب بكبت داخلي (وهو احتياجه الشديد إلى شيء وعدم إمكانية إشباعه أو تلبيته) لذلك يلجأ إلى التنفيس والتخفيف والترويح عن نفسه بواسطة المزاح إما بالحركات والأفعال وإما بالأقوال والألفاظ ومنه يتأتى الضحك وإضحاك الآخرين والفكاهة وطريقة المزاح وتقبله من الآخرين تختلف تبعا لشخصياتهم ومستوياتهم وتوجهاتهم الثقافية ومن الممكن تقسيم المزاح إلى قسمين اثنين الأول منها هو المزاح المباح وهو ما لم يشتمل على المحرم من كذب وسخرية من الآخرين واستهزاء بهم واستهزاء بخلق الله والانتقاص من النفس وإلحاق الأذى بالناس وفي ذلك نستعرض بعض الروايات المحببة للمزاح فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (المؤمن دعب لعب والمنافق قطب غضب) وقوله أيضا (إني لا مزح ولا أقول إلا حقا).
    وقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قد جاءته امرأة عجوز وهي تسأل: هل تدخل العجائز الجنة (وتعني نفسها) فأجابها النبي بقوله (لا تدخل الجنة العجائز) فحزنت المرأة العجوز قليلا ثم قال لها النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ما معناه إن الله يعيد المحسنين إلى شبابهم عند دخولهم الجنة وإنك ستدخلين الجنة بهيأة شابة لا بهيأة عجوز والثمرة من هذه الرواية أن مزاح النبي كان حقا، أما القسم الثاني من المزاح فهو المزاح المحرم وهو ما أشتمل على الكذب والفجور وخدش الحياء (أو قتل الحياء) وإلحاق الأذى بالآخرين ويعد من آفات اللسان وأصله مذموم ومنهي عنه وسبب الذم فيه أنه يسقط المهابة والوقار وربما أدى إلى نتائج وخيمة وآثار سلبية وربما انجر إلى الهزل والسخرية والاستهزاء وأدخل صاحبه في جملة المستهزأ بهم قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون) سورة الحجرات الآية 11.
    وصفة المستهزئ تلزم صاحبها بسلوك نفاقي لذلك نكل القرآن الكريم بالمستهزئين في قوله تعالى (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون) سورة البقرة الآية 14.
    ومن المناسب المرور بطائفة من الروايات التي تذم وتنهى عن القسم الثاني من المزاح، فعن رسول الله الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال (يا علي لا تمزح فيذهب بهاؤك ولا تكذب فيذهب نورك) وقوله (لا تمار أخاك ولا تمازحه) وقوله (إن الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك بها جلساءه يهوي بها أبعد من الثريا) وقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال (إياكم والمزاح فأنه يجر السخيمة ويورث الضغينة وهو السب الأصغر) وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال (لا تمازح فيجترأ عليك).
    وبالإمكان الخروج بحصيلة من هاتين الطائفتين من الروايات وهي أن الرسول الأمجد (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) لم ينهوا عن المزاح بشكل مطلق وإنما مدحوه بشكل نسبي وضمن قيود خاصة فأن الإسلام لا يرتضي للمؤمن الهزل في كل حياته فلو أمضى المرء حياته في الضحك والمزاح لتحول ذلك إلى عادة لديه وعندئذ لا يستطيع أن يتعامل بجدية مع القضايا التي تتطلب الجد والحزم.
    ومن لا يشعر بالمسؤولية والتعامل بجد مع واجباته والتزاماته فليس بإمكانه أن يكون نافعا لا لنفسه ولا لمجتمعه وعليه فإن المزاح المذموم هو الإفراط فيه والمداومة عليه وما يتضمن ايذاءا وكذبا وباطلا بحيث يؤدي إلى إيذاء المؤمنين وزرع الحقد في نفوسهم كما أنه يزرع الأحقاد في نفوس الآخرين ويحطم أواصر المحبة والصداقة بين الناس وقد روي عن المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله (جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها).
    وبما أن الإسلام يهدف إلى إشاعة السلام والمودة والسرور بين أفراد المجتمع وبث روح النشاط فقد حبب للمؤمنين البشاشة والمزاح مشروطة بعدم الخروج عن دائرة الحق وأن لا تلفظ فيه كلمات بذيئة تخدش الذوق الخلقي فاللجوء إلى الكذب في المزاح يخرج المرء من حيز الإيمان فالكذب ممقوت صاحبه وقد سئل النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) عن المؤمن هل يزني؟ قال: قد يزني، فقيل له يا رسول الله: هل يسرق المؤمن؟ قال: قد يسرق. فقيل له يا رسول الله: هل يكذب المؤمن؟ قال: المؤمن لا يكذب، وقال تعالى (...فنجعل لعنة الله على الكاذبين) سورة آل عمران الآية 61، وقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله (كم من هزل عاد بالجد) و (كثرة المزاح تميت القلب مثلما كثرة الماء تميت الزرع)، وكل ما زاد عن الحد انقلب إلى الضد.
    وعندما نكحل نواضرنا بمطالعة سيرة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام) نجد أمثلة رفيعة من المزاح البريء الذي يدخل البهجة إلى النفس ويشيع البسمة في الوجوه مع عدم خروجهم عن الحق والاعتدال فقد روي أنه جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يطلب منه بعيرا يحمله، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ليس عندنا إلا ابن بعير فقال الرجل: أن متاعي ثقيل لا ينهض به ابن بعير، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يبتسم: أوليس كل بعير ابن بعير؟ فضحك الرجل لهذه الدعابة، ومسك الختام قوله تعالى (إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) سورة ق الآيتان 17 و 18.



    التعديل الأخير تم بواسطة خالد غانم الطائي ; الساعة 13-01-2014, 11:57 AM. سبب آخر:

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وال محمد
    محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن معمر بن خلاد قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام فقلت : جعلت فداك ، الرجل يكون مع القوم فيجري بينهم كلام يمزحون ويضحكون فقال : لا بأس ما لم يكن ، فظننت أنه عنى الفحش ، ثم قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌ وآله كان يأتيه الأعرابي فيهدي إليه الهدية ، ثم يقول مكانه : أعطنا ثمن هديتنا ، فيضحك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان إذا اغتم يقول : ما فعل الأعرابي ليته أتانا.


    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	لف.jpg  
مشاهدات:	1 
الحجم:	49.4 كيلوبايت 
الهوية:	159477
    شكرآ جزيلا على الموضوع الرائع و المميز
    واصل تالقك معنا فى المنتدى
    بارك الله فيكم ألاخ خالد غانم الطائي ...
    ننتظر منكم الكثير من خلال إبداعاتك المميزة
    لكم منـــــــ إجمل تحية ــــــــــى

    تعليق


    • #3
      الاخت الموقرة (هدى الاسلام) الشكر والعرفان والامتنان والتقدير لكم ............. تقبلوا خالص احترامى ودعائى لكم بالسداد والرشاد والتوفيق الدائم

      تعليق


      • #4
        الاخ الكريم والاستاذ الفاضل رافد الخزرجي ارجو من جنابكم الموقر جعل موضوع (المزاح ) من ضمن المواضيع المثبته في القسم وذلك لأسراف بعض الناس ومبالغتهم في المزاح وكل ما زاد عن الحد انقلب الى الضد وقد يخرجهم عن حد الجديه ووقوعهم في المحرم من المزاح,,,,,,,,,,,,, وذلك من اجل اعمام الفائده وشمولها مع شكري لكم ........... ودامت توفيقاتكم

        تعليق


        • #5
          بسم الله الرحمن الرحيم
          اللهم صل على محمد وآل محمد


          جاء في كتاب خمسون درساً في الأخلاق للشيخ عباس القمي رحمه الله كلام جميل وتفصيل لطيف عن المزاح نقتطع منه ما تعم به الفائدة : (( الإفراط في المزاح مذموم ، ويؤدي الى الخفّة وقلّة الوقار ، وسقوط الهيبة ، وحصول المذلّة ، وموت القلب ، والغفلة عن الآخرة ، وفي كثير من الأحيان يؤدي الى وقوع العداوة ، وإيذاء المؤمن واستحيائه .

          أما المزاح الذي ليس فيه إفراط ، ولا يؤدي الى المفاسد التي مرّ ذكرها ولايؤدي الى فتح الفم على وسعه، فإنه ممدوح )) .

          وجاء في كتاب الأخلاق في القرآن : (( قد ورد في الروايات الإسلامية وكذلك كلمات علماء الأخلاق بحوث واسعة عن (المزاح) حيث يتوصّل الإنسان من خلال مطالعتها ودراستها إلى هذه النتيجة ، وهي أن المزاح إذا كان في حدّ الاعتدال ولم يكن ملوّثاً بالإثم والمعصية فإنّه ليس فقط غير قبيح ، بل يمكن اعتباره من مصاديق حسن الخلق والأخلاق الفاضلة وحسن المعاشرة مع الناس ، ولا شك أن الافراط في ذلك إمّا أن يوقع الإنسان في المعصية والإثم يتحول إلى أحد الرذائل الأخلاقية ، وأحياناً يكون خطره أكثر من خطره في الكلام إذا كان من موقع الجد ، لأنّ في المزاح نوع من الحرية لا توجد في الكلام الجدّي والذي ينطلق من موقع المسؤولية .
          ويستفاد من سيرة النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) والأئمّة المعصومين(عليهم السلام) وعلماء الدين أنّهم كانوا يمارسون المزاح بشكل معتدل في معاشرتهم مع الناس .
          روي عن خير رسل الله محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ قوله : [ لا يبلغ العبد صريح الإيمان حتّى يدع المزاح والكذب ] )).

          وفي هذا بيان ربما يكون وافي عن المزاح


          أحسنتم النشر أخي الفاضل الكريم والمتألق (( خالد غانم الطائي )) وبارك الله فيكم

          دعائي لكم دائماً بالتألق والإبداع ، وأن يرزقكم الله العلم والفهم ، وأن تكونوا بخير وصحة


          بسم الله الرحمن الرحيم
          اللهم صل على محمد وآل محمد
          وارحمنا بهم واجعل عواقب امورنا الى خير

          تعليق


          • #6




            أحسنتم حضرة الأخ خالد غانم الطائي المحترم


            موضوع في غاية الأهمية وبارك الله على هذا الأسلوب الخطابي في الكلام

            وإنه يبين إن خطأ المقولة المعروفة بين الناس

            بين الأحباب تسقط الأداب

            وذلك بالمزاح المحرم أو المشكل على أنها أبنت عم أوخال أوغيها من الأقارب

            والتلفظ بكلام يندى له الجبين

            بل على الناس أن تفهم وتعرف أنه بين الأحباب ترقى الأداب بترك المزاح الكثير




            بحق محمد وآلِ محمد

            تعليق


            • #7
              الاخ الكريم رافد الخزرجي السلام عليكم ورحمة الله......اشكركم جدا لتواصلكم المميز ولأجابة طلبي ولتعليقكم الممتاز الذي زاد الموضوع جمالاً فجوزيتم خيراً وبوركتم..

              تعليق


              • #8
                اختي الفاضلة (ياكاشف الكرب) اشكر لكم طيب المتابعة والتواصل والتعليق القيم الوضاء بوركتم وجزاكم الله خيراً..

                تعليق


                • #9
                  أحسنتم موضوع جميل وتعبير أجمل أسأل الله لكم التوفيق وبيان واضح وربط متين بين أثره الاجتماعي وبعده الشرعي فهو أن دل فيدل على أن الشرع المقدس نظم لنا كل شي ولم يغفل عن أي شيء.

                  تعليق

                  يعمل...
                  X