بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد
<< قبسات من وحي زيارة وارث>>
عدت زيارة الامام الحسين (عليه السلام)من المستحبات المؤكدة والبعض اوجبها أخلاقاً والبعض عدها فرضاً،قال الإمام الصادق "عليه السلام" :لو أنّ أحدكم حجّ دهره , ثم لم يزر الحسين بن علي "عليهما السلام" لكان تاركاً حقاً من حقوق رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم" لأن حق الحسين " عليه السلام" فريضةٌ من الله , واجبةٌ على كلّ مسلم .قال الإمام الصادق "عليه السلام" لأم سعيــد :يا أم سعيد , زوريه فإن زيارة الحسين "عليه السلام" واجبة على الرجال والنساء (1).
ان في اظهار الولاء للامام الحسين (عليه السلام) واستشعار الاجواء الايمانية في طريق الهداية لله سبحانه ،فالامام ينتسب لرسول (صلى الله عليه واله ) ويأخذ منه الدروس وهو المثل الاعلى ففيه حفظة القيم الثورية وديمومة خط الشهادة وهو السرلاستمرار التشيع فمن خلاله ترسخة العقيدة الاسلامية فواقعة كربلاء ومظلومية سيد الشهداء (عليه السلام )اساسة مبادء الدين القويم من بعد ماكاد ان يطمس أثاره المنافقون .
حكي أنّ السيّد الجليل والعالم النبيل السيّد مهدي المعروف ببحر العلوم جاء إلى الشيخ الكبير العارف الشيخ حسين المعروف بنجف وسأله عن مشكلاته ، وكان منها أن سأله عن عظم ما ورد في الأخبار من مثوبات ما يتعلّق بالحسين (عليه السلام) لزائره وللباكي عليه ونحوهما كيف يستقيم عند العقل هذه الاُمور العظام بهذه الأعمال الجزئيّة الحقيرة ؟ ! فأجابه الشيخ بأنّ الإمام الحسين (عليه السلام) مع جميع ما فيه من الشؤون إنّما كان مخلوقاً ممكناً عبداً لله ، وهو مع كونه ممكناً عبداً أعطى في محبّة الله ورضاه كلّه من المال والجاه والعرض والإخوة والأولاد الصغير والكبير والروح ، حتّى بدنه بعد القتل ، وكيف تستكثر أن يعطيه الكريم الجواد أيضاً كلّه للحسين (عليه السلام) ، فرضي عليه الرحمة بالجواب واستحسنه (2).
فالكثير من زوارالامام (عليه السلام)واطلع على حياته واستشهاده فتأثر فيها وأصبح من محبي أهل بيت الرحمة ،والسير على الخط الدين المحمدي الأصيل ففي زيارة الامام الحسين (عليه السلام )كثير من العبر التي ترشد المزار اليها ومن اهم الزيارات التي يقع الزائر على حقيقة المُزاروالتي جسدتها الزيارات فهي الوسيلة التي اشتملة، اهم ما ينبغي للمؤمن خصوصاً التولي لأولياء الله والتبري من أعداء الله .فيجب على من زاره وعرف معنى الزائروسار على طريق الهداية لله سبحانه وتعالى وكان عارفاً بحقه فاله من الاجر والثواب.
قال الإمام الصادق "عليه السلام" :ما مِن أحدٍ يوم القيامة إلا وهو يتمنى أنه مِن زوّار الحسين "عليه السلام" لـِـما يرى ممّا يُـصنع بزوّار الحسين "عليه السلام" من كرامتهم على الله (3).
من أفضل الزيارات التي يزار بها الإمام الحسين عليه السلام، "زيارة وارث". ووجه تسميتها بوارث هو وجود عبارات تكررت فيها كلمة وارث . نخاطبه سلام الله عليه : "السلام عليك يا وارث آدم صفي الله السلام عليك يا وارث نوح نبي الله ، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله"
إنّ وراثة الإمام الحسين عليه السلام ليست منحصرة بالأنبياء المذكورة أسمائهم في الزيارة بل تشمل كافة الأنبياء من لدن آدم عليه السلام إلى محمّد صلى الله عليه وآله وأيضاً هو وارث أبيه علي عليه السلام و أمّه فاطمة عليها السلام وأخيه الإمام الحسن عليه السلام،أبعاد الوراثة وقيل في (ثار الله وابن ثاره) معاني متعددة. فقيل: هي تصحيف من الثأر بالهمز وهو الدم والطلب به أي انك أهل ثأر الله الذي يطلب دمه من أعدائه، أو هو الطلب بدمه ودماء أهل بيته بأمر الله في الرجعة. وقيل: هو تصحيف ثاير والثاير من لا يبقي على شيء حتى يدرك ثاره. وقيل: ان الثار أي الدم والإضافة تشريفية كما تقول بيت الله وروح الله ووجه الله.
وأما (الوتر الموتور)، فمعنى وتر الله أي الفرد المتفرد في الكمال من نوع البشر في عصره الشريف، والموتور الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه. وقيل: وتر بمعنى نقص، يقال وترته إذا نقصته فكأنك جعلته وتراً بعد أن كان كثيراً، فيكون المعنى الذي قتل في سبيل الله وقتل أقرباؤه وسلب أمواله. وقيل: الموتور تأكيد للوتر كقوله ((حجراً محجوراً)).(4)
في شخص الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه: من حيث انه من الخمسة أهل الكساء «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين» الذين كانوا في عصر وجودهم الشريف أفضل أهل الأرض وأكملهم، والمتفردين بكل مراتب الكمال من سائر الأنام، فلما فقد النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» وارتحل من دار الفناء، وارتحلت من بعده ابنته الصديقة الشهيدة «صلوات الله وسلامه عليها»، والتحق بهما الإمام أمير المؤمنين «صلوات الله وسلامه عليه» مغدورا مسلوب الحق، وبعد مدة ليست بالطويلة التحق بهما ابنهما الإمام الحسن «صلوات الله وسلامه عليه» المسموم المهتضم،بقي الإمام السبط الحسين بن علي «صلوات الله وسلامه عليه» بعد رحيل هؤلاء الأطهار وحيد أهل زمانه بالفضل، والمتفرد من دونهم بالكمال، فانطبق عليه لقب الوتر الذي بمعنى المتفرد في الكمال من نوع البشر. لذا كان فقده «صلوات الله وسلامه عليه» يوم عاشوراء فقدا لعامة أهل الكساء الأطهار، لان بركة وجوده المبارك كانت مذكرة بهم، وسادة مسد غيبتهم وفقدهم، فلما فقد من الدنيا أثره، ورفع من بين العالمين شخصه، بانت وحشة فراقهم، ورفعت من بين العالمين ألطاف وجودهم.وقد استشهد الإمام الحسين «صلوات الله وسلامه عليه» بهذا المعنى يوم عاشوراء، حينما خطب في جيش البغي والظلم بقوله: (فانسبوني وانظروا من أنا، ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها، فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي، ألست ابن بنت نبيكم، وابن وصيه وابن عمه وأول المؤمنين المصدق لرسول الله بما جاء به من عند ربه، أوليس حمزة سيد الشهداء عمي، أوليس جعفر الطيار في الجنة بجناحين عمي، أو لم يبلغكم ما قال رسول الله لي ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة... أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي...)(5)
مفهوم الثورة وديمومة الثقافة في المجتمع الاسلامي والتي تتجسد من خلالها شعائر يؤديها المسلمون فتمثل للحياة باعطاء العهد الى السبط الرسول للاستمرار على منهجه ما استطعنى ان نفعله لكل زمان ومن جملة الشعائر زيارته المخصوصة وهي الأسوة الحسنة ..فولد الحسين عليه السلام مرتين الاولى في الثالث من شعبان والولدة الاخرى العاشر من محرم فتعلمنا ماذا يحيى الانسان في كل من رفض الذل ويعطي ما لديه من ابنائه في سبيل الله سبحانه ،لان المجتمعات بحاجة الى الثوراة المتجدد باستمرارما دام هناك ظلم وما دام هناك شر فبوجود الطاغوت، فلعملية الثورية بحاجة الى الانسانية المنقذة لهم با ستمرار مع استمرارية الحياة ومع استمرار معركة الخيرو الشر وهذه الاستمرار اليوم وفي كل يوم ، فالحياة ليست مجرد السير على الأرض بل هي المنهج صحيح يوصلنا الى برالامان ولا بد الذي يزور الحسين (عليه السلام) ان يترتب في نفسه هذا الأثر العظيم وما يحمله من معان سامية... قال الرسول -صلى الله عليه وآله- (النجوم أمان لأهل السماء و آل بيتي أمان لأهل الأرض) (6)المحبون في بقاع الارض ياتون لزيارة قبر سيد الشهداء( عليه السلام) في كربلاء المقدسة في كل المناسبات لما لها من أهمية بالغة في النفوس ،وان من المعاجز والكرامات التي تحصل ببركتها . وهي أحد الأسرار التي جعلت الائمة من ذريته ،يهتمون في الحثِ عليها وذلك لِما فيها من الكنوز المكنونة، والخفايا والأسرار، فورد عن الإمام محمد الباقر -عليه السلام-:"لو يعلم الناس ما في زيارة الحسين -عليه السلام- من فضل لماتوا شوقاً وتقطعت أنفسهم عليه حسرات"(7).في العقيدة الإسلامية لأن الله -تبارك وتعالى- ألزم نبيه أن يعرّف أمتهُ بوجوب مودة أهل بيت النبي حيث قال الله : لا اسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى، فسُئل النبي من هم قرباك الذي امرك الله –تعالى- ان نودك فيهم قال علي وفاطمة وابناؤهما، ثم بين النبي ان الله –تعالى- جعل اجري على هدايتكم مودة ال بيتي، نحن الان ليس عندنا ما نقدمه لاهل البيت الا الزيارة فالزيارة من المودة في القربى.
1-من اقوال الإمام الصادق حول زيارة جده ابي عبد الحسين عليهما السلام.
2-المراقبات : 148.
3-من اقوال الإمام الصادق حول زيارة جده ابي عبد الحسين عليهما السلام.
4-الابحاث العقائدية.
5-(الإرشاد للشيخ المفيد ج2 ص97 ــ 98خطبة الإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء».
6-احتجاجات الإمام الباقر.
7-كتاب كامل الزيارات.
تعليق