بسم الله الرحمن الرحيم
والحمدلله ربِّ العالمين وصلى الله على أبي القاسم محمد وآله الغر الميامين
قال تعالى
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَلِدَيْنِ وَالاَْقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ(180) فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَآ إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(181)فَمَنْ خَافَ مِن مُّوص جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(182) سورة البقرة
البحث : ماهو مفهوم الوصية :
الوصية : هي الرسالة التي يكتبها الإنسان للأحياء ممن يعنيهم أمره يعبر فيها عما يريده منهم من توجيهات أو حقوق يؤدونها عنه ،أو اعمال بر يعود ثوابها إليه .
وتعتبر الوصية من الأمور المهمة لما فيها من دلالة على عناية المرء بتبرءة ذمته وراحته في الآخرة .
وتعتبر الوصية أيضاً من الأمور الواجبة في الإسلام ، فكل إنسان يحتاج في سفره إلى متاع من ملبس ومأكل ومشرب لتهيئة راحته وعدم احتياجه للاخرين أثناء فترة سفره المؤقته هذا إذا كان السفر في هذه الدنيا ، فكيف بسفرالأخرة ،فكل من أهمته راحته الأخرة وحسن وتأمين مصير في الأخرة لابد له أن يستعد لها وياخذ لها أهبتها حيث تكون الوصية معبرة عن هذا الأهتمام .
فعلى المؤمن أن يحرص على عدم ترك هذه الدنيا وقد أدى ماعليه .
فالوصية واجبة على الإنسان إذا كانت في ذمته واجبات لم يؤديها وحقوق لم يبرء ذمته منها .
وتكون مستحبة إذا كان الإنسان قد أدى ماعليه من واجبات وحقوق وهو متيقن إنه قد أداها فيوصي بوصية في وجوه البر التي يرغب أن تعمل له ليعود ثوابها إليه.
مثلاً يوصي أن يعمل له صدقة جارية كشراء جهاز أو فرش تهدى الى مسجد أو حسينية أو إقامة مجالس عزاء لأهل البيت عليهم السلام ويهدى ثوابه ألى روحه بعد موته،أو حتى تقضى عنه جميع عباداته وهكذا .
أهم مافي الوصية :-
(( الصلاة ،والصوم ، الحج ، الحقوق الشرعية ، الديون ، الكفارات ، رد المظالم ...))
ومن الجيد أن تكون الوصية للأولاد والأخوان بتقوى الله والجهاد والأمر بالمعروف مما ينفعهم في دنياهم وآخرتهم وهو ديدن الأئمة عليهم السلام والصالحين .
شروط التي يجب أن تكون في الموصي :-
1. عارفاً بالأحكام الشرعية .
2. لايظلم أحداً في وصيته أو يتحيز لشخص دون الآخر .
3. أن لايكون مغصوباً في كتابته للوصية مثلاً تحت أثر التعذيب أو التهديد .
4. أن يكون عاقلاً غير مجنون .
5. بالغاً للسن التكليفي الشرعي.
6. أن يكون شاهدين عادلين ثقة عند كتابة الوصية وإذا مات أحدهم يجب تجديد الوصية أي أعادتها .
7. إذا أضيف مبالغ أو أملاك إلى أموال الموصي ولم يسجله ، أو إذا مات الوصي ، عليه أن يقوم بتجديد الوصية
الشروط التي يجب أن تكون في الوصي :-
1. أن يكون ثقة وعارفاً بالأحكام الشرعية.
2. أن يكون بالغاً لسن التكليف الشرعي .
3. أن يكون قادراً على تنفيذ الوصية .
4. أن يبادر لتنفيذ الوصية بمجرد أن يحين وقتها
تفسير الآية
(إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) تبيّن آخر فرصة للوصيّة، وهذه الفرصة الأخيرة إن فاتت أيضاً فلا فرصة بعدها ... أي لا مانع أن يكتب الإِنسان وصيته قبل ذلك، بل يستفاد من الروايات أن هذا عمل مستحسن.
ولا قيمة لتلك التصورات المتشائمة من كتابة الوصية، فالوصية إن لم تكن باعثاً على طول العمر، لا تبعث إطلاقاً على تقريب أجل الإِنسان! بل هي دليل على بعد النظر وتحسّب الاحتمالات.
تقييد الوصية (بِالْمَعْرُوفِ) إشارة إلى أن الوصية ينبغي أن تكون موافقة للعقل من كل جهة، لأن «الْمَعْرُوف» هو المعروف بالحُسْنِ لدى العقل. يجب أن تكون الوصية متعقلة في مقدارها وفي نسبة توزيعها، دون أن يكون فيها تمييز، ودون أن تؤدي إلى نزاع وانحراف عن أُصول الحق والعدالة.
حين تكون الوصية جامعة للخصائص المذكورة فهي محترمة ومقدسة، وكل تبديل وتغيير فيها محظور وحرام.
لذلك تقول الآية التالية: (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ).ولا يظنّن المحرفون المتلاعبون أن الله غافل عمّا يفعلون،
كلاّ (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ولعل هذه الآية تشير إلى أن تلاعب «الوصيّ» (وهو المسؤول عن تنفيذ الوصية) لا يصادر أجر الموصي. فالموصي ينال أجره، والإِثم على الوصي المحرّف في كميّة الوصية أو كيفيتها أو في أصلها.
ويحتمل أيضاً أن الآية تبرىء ساحة غير المستحقين الذين قسم بينهم الإِرث عند عدم التزام الوصيّ بمفاد الوصية. وتقول إن هؤلاء (الذين لا يعملون بتلاعب الوصي) لا إثم عليهم، بل الإِثم على الوصيّ المحرّف، ولا تناقض بين التّفسيرين، فالآية تجمع التّفسيرين معاً.
بيّن القرآن فيما سبق الأحكام العامّة للوصية، وأكد على حرمة كل تبديل فيها، ولكن في كل قانون إستثناء، والآية الثالثة من آيات بحثنا هذا تبين هذا الإِستثناء وتقول: (فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوص جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
الإِستثناء يرتبط بالوصية المدونة بشكل غير صحيح، وهنا يحق للوصي أن ينبّه الموصي على خطئه إن كان حيّاً، وأن يعدّل الوصيّة إن كان ميتاً، وحدّد الفقهاء مواضع جواز التعديل فيما يلي:
1 ـ إذا كانت الوصيّة تتعلق بأكثر من ثلث مجموع الثروة، فقد أكدت نصوص المعصومين على جواز الوصية في الثلث، وحظرت ما زاد على ذلك.
من هنا لو وصّى شخص بتوزيع كل ثروته على غير الورثة الشرعيين، فلا تصح وصيته، وعلى الوصي أن يقلل إلى حدّ الثلث.
2 ـ إذا كان في الوصية ما يؤدي إلى الظلم والإثم، كالوصية بإعانة مراكز الفساد، أو الوصية بترك واجب من الواجبات.
3 ـ إذا أدت الوصية إلى حدوث نزاع وفساد وسفك دماء، وهنا يجب تعديل الوصية بإشراف الحاكم الشرعي.
عبرت الآية «بالجَنَفِ» عن الإِنحرافات التي تصيب الموصي في وصيته عن سهو، و«بالإِثم» عن الإِنحرفات العمدية.
عبارة (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) تشير إلى ما قد يقع فيه الوصي من خطأ غير عمدي عند ما يعدّل الوصية المنحرفة، وتقول: إن الله يعفو عن مثل هذا الخطأ.
القبيح في الوصية :-
أقبح مايبتلى به الناس أنهم يخشون الوصية خوف الموت ويؤخرها إلى أخر العمر ،ولكن من يضمن أن يعيش الإنسان الى الزمن الذي يُقَّدره .
الجور في الوصية هو الوصية بأكثر من الثلث، وحرمان الورثة من حقهم المشروع، أو التمييز بين الورثة بسبب عواطف شخصية سطحية. وأوصت النصوص الإِسلامية أيضاً بعدم الوصية بالثلث إن كان الورثة فقراء محتاجين، وتقليل النسبة إلى الربع وإلى الخمس
فقد روي عن الإِمام الباقر(عليه السلام): «مَنْ عَدَلَ فِي وَصِيَّتِهِ كَانَ كَمَنْ تَصَدَّقَ بِهَا فِي حَيَاتِهِ، وَمَنْ جَارَ في وَصِيَّتِهِ لَقَي اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ»
فموضوع العدالة في الوصية يبلغ درجة من الأهمية نراها في هذه الرواية:
«أَنَّ رَجُلا مِنَ الاَْنْصَارِ تَوَفَى وَلَهُ صِبْيَةٌ صِغَارٌ وَلَهُ سِتَّةٌ مِنَ الرَّقِيق فَأَعْتَقَهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ فَلَمَّا عَلِمَ النَّبِيُّ(صلى الله عليه وآله وسلم) سَأَلَ قَوْمَهُ مَا صَنَعْتُمْ بِصَاحِبِكُمْ قَالُوا دَفنَّاهُ
قَالَ الله صلى عليه وآله : أَمَا إِنِّي لَوْ عَلِمْتُهُ مَا تَرَكْتُكُمْ تَدْفُنونَهُ مَعَ أَهْلِ الاِْسْلاَمِ تَرَك وِلْدَهُ صِغَاراً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ"
الوصية قابلة للتغيير خلال الحياة
القوانين الإِسلامية أجازت للموصي أن يعيد النظر في وصيته مادام على قيد الحياة. وجواز هذا التغيير يشمل الوصي وكيفية الوصية. ذلك لأن مرور الزمان قد يغيّر نظرات الموصي، ويغير المصالح المرتبطة بالوصية.
وأخيراً جدير بالذكر أن الإِنسان ينبغي أن يجعل وصيته وسيلة لتلافي ما مضى من تقصير، وأن يتودّد بها إلى من جفاه من أقاربه أيضاً. وفي الروايات أن قادة الإِسلام كانوا يوصون خاصة لمن جفاهم من أقاربهم ويخصصون لهم مبلغاً من المال، كي يعيدوا ما انقطع من أواصر الودّ، ويحررون عبيدهم، أو يوصون بتحريرهم.
والحمدلله ربِّ العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطاهرين
الموضوع مجمع

والحمدلله ربِّ العالمين وصلى الله على أبي القاسم محمد وآله الغر الميامين
قال تعالى
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَلِدَيْنِ وَالاَْقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ(180) فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَآ إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(181)فَمَنْ خَافَ مِن مُّوص جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(182) سورة البقرة
البحث : ماهو مفهوم الوصية :
الوصية : هي الرسالة التي يكتبها الإنسان للأحياء ممن يعنيهم أمره يعبر فيها عما يريده منهم من توجيهات أو حقوق يؤدونها عنه ،أو اعمال بر يعود ثوابها إليه .
وتعتبر الوصية من الأمور المهمة لما فيها من دلالة على عناية المرء بتبرءة ذمته وراحته في الآخرة .
وتعتبر الوصية أيضاً من الأمور الواجبة في الإسلام ، فكل إنسان يحتاج في سفره إلى متاع من ملبس ومأكل ومشرب لتهيئة راحته وعدم احتياجه للاخرين أثناء فترة سفره المؤقته هذا إذا كان السفر في هذه الدنيا ، فكيف بسفرالأخرة ،فكل من أهمته راحته الأخرة وحسن وتأمين مصير في الأخرة لابد له أن يستعد لها وياخذ لها أهبتها حيث تكون الوصية معبرة عن هذا الأهتمام .
فعلى المؤمن أن يحرص على عدم ترك هذه الدنيا وقد أدى ماعليه .
فالوصية واجبة على الإنسان إذا كانت في ذمته واجبات لم يؤديها وحقوق لم يبرء ذمته منها .
وتكون مستحبة إذا كان الإنسان قد أدى ماعليه من واجبات وحقوق وهو متيقن إنه قد أداها فيوصي بوصية في وجوه البر التي يرغب أن تعمل له ليعود ثوابها إليه.
مثلاً يوصي أن يعمل له صدقة جارية كشراء جهاز أو فرش تهدى الى مسجد أو حسينية أو إقامة مجالس عزاء لأهل البيت عليهم السلام ويهدى ثوابه ألى روحه بعد موته،أو حتى تقضى عنه جميع عباداته وهكذا .
أهم مافي الوصية :-
(( الصلاة ،والصوم ، الحج ، الحقوق الشرعية ، الديون ، الكفارات ، رد المظالم ...))
ومن الجيد أن تكون الوصية للأولاد والأخوان بتقوى الله والجهاد والأمر بالمعروف مما ينفعهم في دنياهم وآخرتهم وهو ديدن الأئمة عليهم السلام والصالحين .
شروط التي يجب أن تكون في الموصي :-
1. عارفاً بالأحكام الشرعية .
2. لايظلم أحداً في وصيته أو يتحيز لشخص دون الآخر .
3. أن لايكون مغصوباً في كتابته للوصية مثلاً تحت أثر التعذيب أو التهديد .
4. أن يكون عاقلاً غير مجنون .
5. بالغاً للسن التكليفي الشرعي.
6. أن يكون شاهدين عادلين ثقة عند كتابة الوصية وإذا مات أحدهم يجب تجديد الوصية أي أعادتها .
7. إذا أضيف مبالغ أو أملاك إلى أموال الموصي ولم يسجله ، أو إذا مات الوصي ، عليه أن يقوم بتجديد الوصية
الشروط التي يجب أن تكون في الوصي :-
1. أن يكون ثقة وعارفاً بالأحكام الشرعية.
2. أن يكون بالغاً لسن التكليف الشرعي .
3. أن يكون قادراً على تنفيذ الوصية .
4. أن يبادر لتنفيذ الوصية بمجرد أن يحين وقتها
تفسير الآية
(إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) تبيّن آخر فرصة للوصيّة، وهذه الفرصة الأخيرة إن فاتت أيضاً فلا فرصة بعدها ... أي لا مانع أن يكتب الإِنسان وصيته قبل ذلك، بل يستفاد من الروايات أن هذا عمل مستحسن.
ولا قيمة لتلك التصورات المتشائمة من كتابة الوصية، فالوصية إن لم تكن باعثاً على طول العمر، لا تبعث إطلاقاً على تقريب أجل الإِنسان! بل هي دليل على بعد النظر وتحسّب الاحتمالات.
تقييد الوصية (بِالْمَعْرُوفِ) إشارة إلى أن الوصية ينبغي أن تكون موافقة للعقل من كل جهة، لأن «الْمَعْرُوف» هو المعروف بالحُسْنِ لدى العقل. يجب أن تكون الوصية متعقلة في مقدارها وفي نسبة توزيعها، دون أن يكون فيها تمييز، ودون أن تؤدي إلى نزاع وانحراف عن أُصول الحق والعدالة.
حين تكون الوصية جامعة للخصائص المذكورة فهي محترمة ومقدسة، وكل تبديل وتغيير فيها محظور وحرام.
لذلك تقول الآية التالية: (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ).ولا يظنّن المحرفون المتلاعبون أن الله غافل عمّا يفعلون،
كلاّ (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ولعل هذه الآية تشير إلى أن تلاعب «الوصيّ» (وهو المسؤول عن تنفيذ الوصية) لا يصادر أجر الموصي. فالموصي ينال أجره، والإِثم على الوصي المحرّف في كميّة الوصية أو كيفيتها أو في أصلها.
ويحتمل أيضاً أن الآية تبرىء ساحة غير المستحقين الذين قسم بينهم الإِرث عند عدم التزام الوصيّ بمفاد الوصية. وتقول إن هؤلاء (الذين لا يعملون بتلاعب الوصي) لا إثم عليهم، بل الإِثم على الوصيّ المحرّف، ولا تناقض بين التّفسيرين، فالآية تجمع التّفسيرين معاً.
بيّن القرآن فيما سبق الأحكام العامّة للوصية، وأكد على حرمة كل تبديل فيها، ولكن في كل قانون إستثناء، والآية الثالثة من آيات بحثنا هذا تبين هذا الإِستثناء وتقول: (فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوص جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
الإِستثناء يرتبط بالوصية المدونة بشكل غير صحيح، وهنا يحق للوصي أن ينبّه الموصي على خطئه إن كان حيّاً، وأن يعدّل الوصيّة إن كان ميتاً، وحدّد الفقهاء مواضع جواز التعديل فيما يلي:
1 ـ إذا كانت الوصيّة تتعلق بأكثر من ثلث مجموع الثروة، فقد أكدت نصوص المعصومين على جواز الوصية في الثلث، وحظرت ما زاد على ذلك.
من هنا لو وصّى شخص بتوزيع كل ثروته على غير الورثة الشرعيين، فلا تصح وصيته، وعلى الوصي أن يقلل إلى حدّ الثلث.
2 ـ إذا كان في الوصية ما يؤدي إلى الظلم والإثم، كالوصية بإعانة مراكز الفساد، أو الوصية بترك واجب من الواجبات.
3 ـ إذا أدت الوصية إلى حدوث نزاع وفساد وسفك دماء، وهنا يجب تعديل الوصية بإشراف الحاكم الشرعي.
عبرت الآية «بالجَنَفِ» عن الإِنحرافات التي تصيب الموصي في وصيته عن سهو، و«بالإِثم» عن الإِنحرفات العمدية.
عبارة (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) تشير إلى ما قد يقع فيه الوصي من خطأ غير عمدي عند ما يعدّل الوصية المنحرفة، وتقول: إن الله يعفو عن مثل هذا الخطأ.
القبيح في الوصية :-
أقبح مايبتلى به الناس أنهم يخشون الوصية خوف الموت ويؤخرها إلى أخر العمر ،ولكن من يضمن أن يعيش الإنسان الى الزمن الذي يُقَّدره .
الجور في الوصية هو الوصية بأكثر من الثلث، وحرمان الورثة من حقهم المشروع، أو التمييز بين الورثة بسبب عواطف شخصية سطحية. وأوصت النصوص الإِسلامية أيضاً بعدم الوصية بالثلث إن كان الورثة فقراء محتاجين، وتقليل النسبة إلى الربع وإلى الخمس
فقد روي عن الإِمام الباقر(عليه السلام): «مَنْ عَدَلَ فِي وَصِيَّتِهِ كَانَ كَمَنْ تَصَدَّقَ بِهَا فِي حَيَاتِهِ، وَمَنْ جَارَ في وَصِيَّتِهِ لَقَي اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ»
فموضوع العدالة في الوصية يبلغ درجة من الأهمية نراها في هذه الرواية:
«أَنَّ رَجُلا مِنَ الاَْنْصَارِ تَوَفَى وَلَهُ صِبْيَةٌ صِغَارٌ وَلَهُ سِتَّةٌ مِنَ الرَّقِيق فَأَعْتَقَهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ فَلَمَّا عَلِمَ النَّبِيُّ(صلى الله عليه وآله وسلم) سَأَلَ قَوْمَهُ مَا صَنَعْتُمْ بِصَاحِبِكُمْ قَالُوا دَفنَّاهُ
قَالَ الله صلى عليه وآله : أَمَا إِنِّي لَوْ عَلِمْتُهُ مَا تَرَكْتُكُمْ تَدْفُنونَهُ مَعَ أَهْلِ الاِْسْلاَمِ تَرَك وِلْدَهُ صِغَاراً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ"
الوصية قابلة للتغيير خلال الحياة
القوانين الإِسلامية أجازت للموصي أن يعيد النظر في وصيته مادام على قيد الحياة. وجواز هذا التغيير يشمل الوصي وكيفية الوصية. ذلك لأن مرور الزمان قد يغيّر نظرات الموصي، ويغير المصالح المرتبطة بالوصية.
وأخيراً جدير بالذكر أن الإِنسان ينبغي أن يجعل وصيته وسيلة لتلافي ما مضى من تقصير، وأن يتودّد بها إلى من جفاه من أقاربه أيضاً. وفي الروايات أن قادة الإِسلام كانوا يوصون خاصة لمن جفاهم من أقاربهم ويخصصون لهم مبلغاً من المال، كي يعيدوا ما انقطع من أواصر الودّ، ويحررون عبيدهم، أو يوصون بتحريرهم.
والحمدلله ربِّ العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطاهرين
الموضوع مجمع
تعليق