تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين اما بعد
ذكرت بعض مصادر المخالفين حديثا منسوبا الى النبي (صلى الله عليه واله )كما عن ابن بطة العكبري قال الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين اما بعد
وحدثني أبو يوسف يعقوب بن يوسف قال : حدثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى الساجي قال : حدثنا موسى بن إسحاق الأنواري ، قال : حدثنا أحمد بن يونس ، قال : حدثنا أبو شهاب ، عن حمزة بن أبي حمزة ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إنما أصحابي كالنجوم ، فبأيهم اقتديتم اهتديتم »[1]
والذي يقرأ الحديث يعرف من اول وهلة ان الحديث مكذوب على رسول الله حسب ما يقتضيه العقل السليم وقواعد المنطق اذ كيف يمكن القبول بالاقتداء بأي احد منهم وقد اختلفت طرقهم وهذا يلزم منه التناقض الصريح وهو مستحيل ان يأمر به رسول الله صلى عليه واله .
ومع هذا فلنذهب الى علمائهم وما هو قولهم بهذا الحديث
1 أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني
حديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم عبد بن حميد في مسنده من طريق حمزة النصيبي عن نافع عن بن عمر وحمزة ضعيف جدا ورواه الدارقطني في غرائب مالك من طريق جميل بن زيد عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر وجميل لا يعرف ولا أصل له في حديث مالك ولا من فوقه وذكره البزار من رواية عبد الرحيم بن زيد العمى عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن عمر وعبد الرحيم كذاب ومن حديث أنس أيضا وإسناده واهي ورواه القضاعي في مسند الشهاب له من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة وفي إسناده جعفر بن عبد الواحد الهاشمي وهو كذاب ورواه أبو ذر الهروي في كتاب السنة من حديث مندل عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم منقطعا وهو في غاية الضعف قال أبو بكر البزار هذا الكلام لم يصح عن النبي صلى الله عليه و سلم وقال بن حزم هذا خبر مكذوب موضوع باطل[2]
2 علي بن أحمد بن حزم الأندلسي أبو محمد
وأما الرواية: أصحابي كالنجوم فرواية ساقطة، وهذا حديث حدثنيه أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري قال: أنا أبو ذر عبد بن أحمد بن محمد الهروي الانصاري قال: أنا علي بن عمر بن أحمد الدارقطني، ثنا القاضي أحمد كامل بن كامل خلف، ثنا عبد الله بن روح، ثنا سلام بن سليمان، ثنا الحارث بن غصين، عن الاعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله (ص): أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم.
قال أبو محمد: أبو سفيان ضعيف، والحارث بن غصين هذا هو أبو وهب الثقفي، وسلام بن سليمان يروي الاحاديث الموضوعة، وهذا منها بلا شك، فهذا رواية ساقطة من طريق ضعيف إسنادها.
وكتب إلي أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري أن هذا الحديث روي أيضا من طريق عبد الرحمن بن زيد العمي، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، ومن طريق حمزة الجزري، عن نافع، عن ابن عمر قال: وعبد الرحيم بن زيد وأبوه متروكان، وحمزة الجزري مجهول.
وكتب إلي النمري، حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد، أن أبا عبد الرحمن بن مفرج حدثهم قال: ثنا محمد بن أيوب الصموت قال: قال لنا البزار: وأما ما يروى عن النبي (ص): أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم فهذا كلام لا يصح عن النبي (ص).
قال أبو محمد: فقد ظهر أن هذه الرواية لا تثبت أصلا، بلا شك أنها مكذوبة، لان الله تعالى يقول في صفة نبيه (ص): * (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) * فإذا كان كلامه عليه السلام في الشريعة حقا كله، فهو من الله تعالى بلا شك، وما كان من الله تعالى فلا اختلاف فيه، بقوله تعالى: * (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) *.
وقد نهى تعالى عن التفرق والاختلاف بقوله: * (ولا تنازعوا) * فمن المحال أن يأمر رسول الله (ص) باتباع كل قائل من الصحابة رضي الله عنهم، وفيهم من يحلل الشئ، وغيره منهم يحرمه، ولو كان ذلك لكان بيع الخمر حلالا اقتداء بسمرة بن جندب، ولكان أكل البرد للصائم حلالا اقتداء بأبي طلحة، وحراما اقتداء بغيره منهم، ولكان ترك الغسل من الاكسال واجبا اقتداء بعلي وعثمان وطلحة وأبي أيوب وأبي بن كعب، وحراما اقتداء بعائشة وابن عمر، ولكان بيع الثمر قبل ظهور الطيب فيها حلالا اقتداء بعمر، حراما اقتداء بغيره منهم، وكل هذا مروي عندنا بالاسانيد الصحيحة، تركناها خوف
التطويل بها، وقد بينا آنفا إخباره عليه السلام أبا بكر بأنه أخطأ.
وقد كان الصحابة يقولون بآرائهم في عصره (ص)، فيبلغه ذلك فيصوب المصيب ويخطئ المخطئ، فذلك بعد موته (ص) أفشى وأكثر[3]
3 قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة موضوع .
هذه جملة من اقوال علمائهم في هذا الحديث والغريب في الامر ان بعض الخطباء وممن يعتبر نفسه من اهل العلم يذكر هذا الحديث وكأنه من المسلمات وهذا انما يدل على عدم اطلاع هولاء على اقوال علمائهم وكبار ائمتهم في الحديث
ويحتمل ان يكون تمسكهم بالحديث من باب التعصب للصحابة او العناد وطرح الموازين العلمية في اختيار احاديث النبي ومن المعلوم ما يترتب على ذلك من مفاسد وأخطار اعاذنا الله منها
[1] الابانة الكبرى ج 2 ص 220 المكتبة الشاملة
[2] تلخيص الحبير ج4 ص 190 المكتبة الشاملة
[3] الاحكام لابن حزم ج6 ص 810 المكتبة الشاملة
تعليق