بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على البدر التمام وخير الأنام محمد بن عبد الله وعلى آله الغر الميامين
والصلاة والسلام على البدر التمام وخير الأنام محمد بن عبد الله وعلى آله الغر الميامين
تعتبر سورة البقرة من أطول سور القرآن وهي من السور المدنية، وقد قال بعض المفسرين إنها لم تنزل مرّة واحدة بل نزلت في مناسبات عديدة حسب متطلبات المجتمع الإسلامي آنذاك في المدينة وتتميز هذه السورة بشمولها لمبادىء العقيدة ولكثير من الأحكام العملية (العبادية، والإجتماعية، والسياسية، والإقتصادية) وهي كما يأتي:
1 ـ موضوعات حول التوحيد ومعرفة الخالق، عن طريق استنطاق أسرار الكون.
2 ـ جولات في عالم المعاد والبعث والنشور مقرونة بأمثلة حسيّة، مثل قصّة إبراهيم(عليه السلام) وإحياء الطير، وقصّة عُزير(عليه السلام).
3 ـ آيات ترتبط بإعجاز القرآن وأهمية كتاب الله العزيز.
4 ـ سرد مطوّل حول وضع اليهود والمنافقين ومواقفهم المعادية للقرآن والإِسلام وشدّة ضررهم في هذا المجال.
5 ـ إستعراض لتاريخ الأنبياء، وخاصة نبي الله إبراهيم ونبي الله موسى(عليهما السلام).
6 ـ بيان لأحكام إسلامية مختلفة مثل: الصلاة، والصوم، والجهاد، والحج، والقبلة، والزواج والطلاق، والتجارة والدَّين، والربا، والإنفاق، والقصاص، وتحريم بعض الأطعمة والأشربة، والقمار، وذكر نبذة من أحكام الوصية وأمثالها.
وأما تسميتها بالبقرة، فمأخوذة من قصّة بقرة بني إسرائيل.
وأما فضيلتها: فقد وردت في فضيلة هذه السّورة بنصوص عديدة في المصادر الإسلامية منها:
1-روي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أنَّهُ سُئِلَ أَيُّ سُوَرِ الْقُرآنِ أفْضَلُ؟ قالَ: «الْبَقَرَةُ» قيلَ: أَيُّ آيَةِ الْبَقَرَةِ أفْضَلُ؟ قالَ: «آيَةُ الْكُرْسِيِّ».
2-وروى علي بن الحسين(عليهما السلام) عن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أنَّهُ قالَ:قَالَ رَسُولُ الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «مَنْ قَرَأَ أرْبَعَ آيات مِنْ أوَّلِ الْبَقَرَةِ، وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَآيَتَيْنِ بَعْدَها، وَثَلاثَ آيات مِنْ آخِرِها، لَمْ يَرَ في نَفْسِهِ وَمالِهِ شَيْئاً يَكْرَهُهُ وَلا يَقْرُبُهُ الشَّيْطانُ، وَلا يَنْسى الْقُرْآن».
التفسير::(الـم)
إن عدد السور القرآنية التي تبدأ بالحروف المقطعة تسع وعشرون سورة وهذه الحروف ـ كما هو واضح من اسمهاـ لا تشكل كلمة مفهومة وهذه الحروف من أسرار القرآن وذكر المفسرون لها تفاسير عديدة وأضاف لها العلماء المعاصرون تفاسير جديدة من خلال تحقيقاتهم ومن الجدير بالذّكر أن التاريخ لم يحدثنا أنّ عرب الجاهلية والمشركين عابوا على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وجود هذه الحروف المقطعة في القرآن ولم يتخذوا منها وسيلة للطعن والإستهزاء وهذا يشير إلى أنّهم لم يكونوا جاهلين تماماً بأسرار وجود الحروف المقطعة كما أنها تشيرإلى أن هذا الكتاب السماوي بعظمته وأهميّته التي حيَّرت فصحاء العرب وغير العرب وتحدَّت الجن والإنس في عصر الرسالة وكل العصور فهو يتكون من نفس الحروف المتيسرة في متناول الجميع ومع أنّ القرآن يتكون من هذه الحروف الهجائية والكلمات المتداولة فإن ما فيه من جمال العبارة وعمق المعنى الذي يجعله ينفذ إلى القلب والروح ويملأ النفس بالرضا والإعجاب ويفرض احترامه على الأفكار والعقول ففي القرآن من الفصاحة والبلاغة ما لا يخفى على أحد وليس هذا مجرّد ادّعاء فخالق الكون تحدّى بهذا الكتاب جميع الجن والإنس ليأتوا بمثله (وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض ظَهيراً) ولكنهم عجزوا جميعاً عن ذلك وهذه دلالة واضحة على أن هذا الكتاب لم يصدر عن فكر بشري، وكما إن الله تعالى خلق من التراب موجودات كالإنسان بما فيه من أجهزة معقدة محيّرة وكأنواع الطيور الجميلة الرائعة والأحياء المتنوعة والنباتات والزهور المختلفة وكما إننا ننتج من هذا التراب نفسه ألوان المصنوعات كذلك الله سبحانه خلق من هذه الحروف الهجائية المتداولة موضوعات ومعان سامية في قوالب لفظية جميلة وعبارات موزونة وأسلوب خاص مدهش معجز وهذه الحروف الهجائية موجودة تحت تصرف الإنسان لكنه عاجز عن صنع جُمل وعبارات شبيهة بالقرآن.
تعليق