بحث حول الشرور
لعل البعض يتسائل هل الشر من الله ام لا واذا من الله فكيف يتناسب مع عدالته فلاهمية الموضوع اخترنا لكم هذا البحث وفُصل على سبع جوانب وهي :الأول: هو ما ذهب إليه جل الفلاسفة وبعض الفحول من المتكلمين، وحاصله أن الشرور لا تطلق حقيقة إلا على عدم الوجود مما له شأن الوجود، كموت زيد بعد وجوده، أو عدم الشجر بعد وجوده، أو على عدم كمال الوجود ممن له شأنية ذلك الكمال، كعدم الثمر من الشجر القابل له، أو عدم العلم عمن له شأنية العلم، ولذلك قال في شرح الإشارات: " الشر يطلق على أمور عدمية من حيث هي غير مؤثرة كفقدان كل شئ ما من شأنه أن يكون له مثل الموت والفقر والجهل " (3) وأما عدم شئ مأخوذ بالنسبة إلى ماهيته كعدم زيد فلا(1) تفسير الميزان: ج 13 ص 201.
(2) الإشارات والتنبيهات: ج 3 ص 318. والمراد من الأول هو الله تعالى وحاصله أن علمه تعالى بثلاثة منشأ للخلقة الأول علمه بالكل الثاني علمه بما يليق كل شئ ان يقع عليه الثالث علمه بان ذلك واجب الصدور منه.
(3) راجع رشحات البحار والانسان والفطرة: ص 135، والشوارق: ج 1 ص 53، وشرح تجريد =
يكون شرا، لأنه اعتبار عقلي ليس من وقوع الشر في شئ، هذا مضافا إلى أنه لا اقتضاء للماهية بالنسبة إلى الوجود والعدم بخلاف عدم زيد بعد وجوده فإنه شر كما مر، وهكذا لا يكون شرا عدم شئ مأخوذ بالنسبة إلى شئ آخر، كفقدان الماهيات الإمكانية كمال الوجود الواجبي، وكفقدان كل ماهية وجود الماهية الأخرى الخاص بها مثل فقدان النبات وجود الحيوان، وفقدان البقر وجود الفرس، لأن هذا النوع من العدم من لوازم الماهية وهي اعتبارية غير مجعولة (1).
وحيث ظهر أن كل فقدان ليس بشر، بل فقدان ما من شأنه أن يكون له، ففقدان كل مجرد تام موجود بالنسبة إلى مجرد أعلى منه أو بالنسبة إلى مجرد آخر يكون في عرضه أو فقدان كل موجود بالنسبة إلى مرتبة أخرى ليست من شأنه لا يكون شرا أيضا إذ ليس له شأنية ذلك الوجود حتى يكون فقدانه شرا (2).
هذا كله بالنسبة إلى الاعدام والفقدان.
وأما وجود كل شئ وكماله فهو خير له، فإنه فعلية ما له شأنيته وقابليته والخير الحقيقي للشئ الذي يعبر عنه بالخير النفسي هو وجوده في نفسه وكمال وجوده بما هو وجوده، فكل وجود فهو خير بذاته لان حيثيته حيثية طرد العلم ورفع القوة والوجود نقل موجود عين المطلوبية والمحبوبية.
ثم إعلم أنه لا يطلق الشر على الوجود إلا باعتبار أدائه إلى عدم الوجود مما له شأن الوجود، أو لعدم الكمال الوجود، مما له شأنية ذلك كالبرودة المفرطة والحرارة الشديدة المفسدتين للشجر أو ثمره أو كالقتل الموجب لفناء موجود ذي حياة وهذا الاعتبار إضافي وليس بحقيقي، لأن الشر بالذات هو فقدان الوجود أو
= الاعتقاد: ص 29 و 300 الطبع الجديد، ونهاية الحكمة: ص 272.
(1) شرح الإشارات والتنبيهات: ج 3 ص 320.
(2) راجع آموزش فلسفة: ج 2 ص 424.
كماله مما له شأنية، واطلاقه على ما يؤدي إليه بالعرض لتأديتها إلى ذلك (1).
وإليه يؤول قول المحقق الطوسي - قدس سره - في شرح الإشارات حيث قال: " ويطلق الشر. على أمور وجودية كذلك كوجود ما يقتضي منع المتوجه إلى كمال عن الوصول إليه، مثل البرد المفسد للثمار والسحاب الذي يمنع القصار عن فعله - إلى أن قال: فانا إذا تأملنا في ذلك وجدنا البرد في نفسه من حيث هو كيفية ما أو بالقياس إلى علته الموجبة له ليس بشر بل هو كمال من الكمالات، إنما هو شر بالقياس إلى الثمار لافساده أمزجتها، فالشر بالذات هو فقدان الثمار كمالاتها اللائقة بها، والبرد انما صار شرا بالعرض لاقتضائه ذلك وكذلك السحاب - إلى أن قال: - فالشر بالذات هو فقدان تلك الأشياء كماله، وانما أطلق على أسبابه بالعرض لتأديتها إلى ذلك - إلى أن قال: - فاذن قد حصل من ذلك أن الشر في ماهيته عدم وجود أو عدم كمال لموجود من حيث أن ذلك العدم غير لائق به أو غير مؤثر عنده وأن الموجودات ليست من حيث هي موجودات بشرور انما هي شرور بالقياس إلى الأشياء العادمة كمالاتها لا لذواتها، بل لكونها مؤدية إلى تلك الاعدام، فالشرور أمور إضافية مقيسة إلى افراد أشخاص معينة، واما في نفسها وبالقياس إلى الكل فلا شر أصلا - إلى أن قال: - ان الفلاسفة انما يبحثون عن كيفية صدور الشر عما هو خير بالذات، فينبهون على أن الصادر عنه ليس بشر، فان صدور الخيرات الكلية الملاصقة للشرور الجزئية ليس بشر " (2).
وعن المحقق الدواني في حاشيته على الشرح الجديد من التجريد أنه قال:
" ويمكن أن يستدل على أن الوجود خير والشر عدم أو عدمي بأنا إذا فرضنا
(1) راجع درر الفوائد: ج 1 ص 454 - 457 شرح الإشارات: ج 3 ص 320 - 323.
(2) شرح الإشارات والتنبيهات: ج 3 ص 320 - 323.
وجود شئ وفرضنا أنه لم يحصل بسببه نقص في شئ من الأشياء أصلا فلا شك في أن وجوده خير فإنه خير بالنسبة إلى نفسه وليس فيه شر بالنسبة إلى شئ من الأشياء، فعلم من ذلك أن الشر بالذات هو العدم والوجود انما يصير شرا باعتبار استلزامه له " (1).
فعلم مما ذكر أن الشر على قسمين: أحدهما: هو الشر بالذات وبالحقيقة، وهو ليس إلا الأمور العدمية التي لها شأنية الوجود، ولكن اختلت علتها بمفادة علة أقوى معها بحيث يمنعها عن التأثير فهذه الأمور معدومة بعدم علتها، وثانيهما:
هو الشر بالعرض وبالإضافة، وهو ليس إلا ما يؤدي إلى العدم، وعليه فليس بين الموجودات شر مطلق، وإنما الموجود هو الشر بالعرض وهو ما يؤدي إلى الشر بالذات، والشر بالذات ليس بمجعول، لأنه معدوم بعدم علته، نعم هو مجعول مجازا بجعل الشر بالعرض، إذ الشر بالعرض أمر وجودي مجعول ملازم للشر الذي يكون أمرا عدميا.
ثم إن المراد من الأداء والسببية الذي قد يعبر عنه ب " الشر بالعرض " هو المقارنة لا السببية الاصطلاحية، لأنه مع الوجود الذي يؤدي إلى الشر، تختل علة الخير بوجود المانع، فإن العلة علة ما لم يكن مانع عن تأثيرها، فإذا وجد المانع عنه فلا تأثير لها، بل سقطت عن تمامية العلية، ومع عدم تأثيرها لا وجود للمعلول أو لا وجود لكماله، فعدم وجود المعلول أو عدم كماله مستند إلى اختلال علته، وهو من جهة عروض المانع. مثلا صحة الإنسان معلولة لاعتدال مزاجه، فإذا وجدت الميكروبات إختل الاعتدال بوجود المانع وفقدت الصحة باختلال الاعتدال، فعدم صحة البدن مستند إلى عدم علتها لا إلى الميكروبات إلا بالعرض والمجاز، وباعتبار أن اختلال علة الصحة بوجود الميكروبات، ومن
(1) درر الفوائد: ج 1 ص 457.
المعلوم أن للميكروبات اقتضاء وجوديا لا عدميا، وعدم الصحة بسبب اختلال المزاج من جهة وجود المانع عن تأثير اقتضاء المزاج، فالشر بالذات هو عدم الوجود أو عدم كمال الوجود مما من شأنه أن يكون له، والسموم والميكروبات شر بالعرض للمقارنة، إذ المانع يقارن مع عدم المعلوم بعدم علته، لا أنه علة لعدم المعلول كما أن المانع يقارن أيضا مع عدم العلة المذكورة، لأن كل ضد يقارن عدم الضد الآخر، والمفروض أن المانع ضد للعلة التي اشترط تأثيرها، لعدم وجوده فلا تغفل.
وإليه يؤول ما قاله العلامة الطباطبائي - قدس سره - من: " أن الذي تعلقت به حكمة الإيجاد والإرادة الإلهية وشمله القضاء بالذات في الأمور التي يقارنها شئ من الشر، إنما هو القدر الذي تلبس به من الوجود حسب استعداده ومقدار قابليته، واما العدم الذي يقارنه فليس إلا مستندا إلى عدم قابليته وقصور استعداده، نعم ينسب إليه الجعل والإفاضة بالعرض لمكان نوع من الاتحاد بينه وبين الوجود الذي يقارنه هذا " (1).
ومما ذكر يظهر أن الشرور إعدام فلا حاجة إلى استنادها إلى الخالق، فلا وجه لتوهم الثنوية أن خالق الشرور والاعدام غير خالق الخيرات (2) كما أن ايجاده تعالى لا يتعلق بالشرور حقيقة، وإن تعلق بها بالعرض والمجاز لمقارنتها مع الوجودات.
ثم إن الشرور الإضافية المؤدية إلى الشرور الحقيقية حيث كانت جهة شريتها الإضافية قليلة في جنب خيريتها بملاحظتها مع النظام الكلي من العالم لا تعد شرورا كما صرح به المحقق الطوسي - قدس سره - حيث قال: " فالشرور أمور
(1) الميزان: ج 13 ص 201.
(2) راجع نهاية الحكمة: ص 272، تعليقة النهاية: ص 425، بداية الحكمة: ص 136، عدل الهي:
ص 102.
إضافية مقيسة إلى أفراد أشخاص معينة وأما في نفسها وبالقياس إلى الكل فلا شر أصلا، فاللازم في حكمته هو ايجادها مع كونها خيرا غالبا " (1) إذ ترك ايجاده حينئذ مرجوح، ثم لا يخفى عليك أنه ذهب بعض إلى أن الشر أمر وجودي مستشهدا بقوله تعالى: " كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون " (2) وبما ورد عن الإمام الصادق - عليه السلام - في بعض الأدعية ليوم العرفة: " وأنت الله لا إله إلا أنت خالق الخير والشر " وبما ورد عنه - عليه السلام - في دعاء آخر وبيدك مقادير الخير والشر وغير ذلك، لأن الذوق والابتلاء والخلق والتقدير لا تناسب الاعدام، اللهم إلا أن يقال في الجواب:
بأن المراد من الشر في أمثال ما ذكر هو الشر القياسي والإضافي لا الشر الحقيقي ومن المعلوم أن الشر القياسي أمر وجودي مقارن للشر الحقيقي الذي هو العدم، والوجود يحتاج إلى الخلق والتقدير وقابل للابتلاء، به ونحوه، فلا ينافي الآية الكريمة والأدعية، لما ذكر من عدمية الشر الحقيقي فافهم.
لا يقال: " إن الإشكال لو كان في خلقة الشرور الحقيقية، لكان الجواب عنه بأنها عدمية، فلا حاجة لها إلى العلة صحيحا، أما إن كان الإشكال في أن الله تعالى لم لم يخلق العالم بحيث يكون مكان الفقدانات وجودات وكمالات، ومكان الشرور خيرات، حتى لا يكون للشرور الإضافية وجود، فالإشكال بالنسبة إلى الشرور الإضافية باق، ولا يكون الجواب المذكور مقنعا عنه.
لأنه يجاب عن ذلك بأن: هذا وهم، إذ لا مجال لوجود العالم المادي بدون التضاد والتزاحم، إذ لازم الطبيعة المادية هو وجود سلسلة من النقصانات والفقدانات والتضاد والتزاحم، لعدم قابلية المادة لكل صورة في جميع الأحوال والشرائط، فالأمر يدور بين أن يوجد العالم المادي المقرون بتلك النقصانات، أو
(1) شرح الإشارات: ج 3 ص 320 - 323.
(2) الأنبياء: 35.
أن لا يوجد، ومن المعلوم أن الحكمة تقضي أن لا يترك الخير الغالب (1).
ولكن هذا الجواب يفيد فيما يكون من لوازم الطبيعة المادية، وأما ما لا يكون كذلك كالشرور الناشئة من النفوس الإنسانية أو الأجنة كالشياطين فلا يفيد، لأنها سميت من اللوازم، بل تقع عن اختيارهم، فاللازم أن يقال: إن التكامل الاختياري الذي يقتضيه النظام الأحسن يتقوم بالاختيار، إذ بدونه لا يتحقق التكامل الاختياري، ومعه ربما يقع الإنسان أو الجن في الشرور بسوء اختياره. فالأمر يدور بين أن يوجد مقتضيات التكامل الاختياري أم لا توجد والحكمة تقتضي الوجود أن خيرات الاختيار أكثر بمراتب من شروره ومن خيرات الاختيار تكامل المؤمنين والأولياء والشهداء والصديقين والأنبياء والأوصياء والمقربين، والتكامل الاختياري من النظام الأتم الأحسن فيجب أن يوجد قضاء للحكمة، كما لا يخفى.
الثاني: لو سلمنا أن الشرور الحقيقية وجودية فنقول فيها بمثل ما قلنا في الشرور الإضافية في الإشكال الأخير، حاصله أن الشرور الوجودية الحقيقية من لوازم العالم المادي أو النظام الأحسن الأتم كما ذكر فالأمر يدور بين أن يترك العالم المادي مع أن فيه خيرا غالبا أو يوجد والثاني هو المتعين.
ولعل إلى بعض ما ذكر يؤول ما حكي عن أرسطو من أن الشرور الموجودة في العالم المادي لازمة للطبايع المادية بمالها من التضاد والتزاحم، فلا سبيل إلى دفعها إلا بترك ايجاد هذا العالم، وفي ذلك منع لخيراته الغالبة على شروره وهو خلاف حكمته وجوده سبحانه (2).
ومما ذكر يظهر أن الجواب في المسألة ليس موقوفا على عدمية الشرور، بل لو كانت الشرور الحقيقية وجودية لامكن الجواب عنه بالمذكور. ثم إن خلقة
(1) راجع أصول فلسفه: ج 5 ص 68.
(2) راجع تعليقة النهاية: ص 473.
الشرور بناء على وجوديتها تكون مقصودة بالتبع، إذ خلقة العالم المادي أو النظام الأتم الأحسن لا تمكن بدونها، وأما بناء على كون الشرور عدمية فليس لها وجود حقيقة حتى يتعلق بها قصد حقيقي ولو بالتبع، نعم يتعلق بها بالعرض والمجاز باعتبار تعلقه بالمقارنات المتلازمة للاعدام والشرور (1).
الثالث: أن للشرور الحقيقية على فرض كونها وجودية منافع وفوائد كثيرة مهمة بحيث يمكن سلب الشرية عن الشرور بملاحظتها، ولذا حكي عن أرسطو المعلم الأول أن كثيرا من هذه الشرور مقدمة لحصول خيرات وكمالات جديدة، فبموت بعض الأفراد تستعد المادة لحياة الآخرين، وباحساس الألم يندفع المتألم إلى علاج الأمراض والآفات وإبقاء حياته، إلى غير ذلك من المصالح التي تترتب على الشرور (2).
وإليه يؤول ما ذكره الأستاذ الشهيد المطهري - قدس سره - من أن الموت والشيبة يلازمان لتكامل الروح وانتقاله من نشأة إلى نشأة أخرى، كما أنه لولا التزاحم والتضاد لا تقبل المادة لصورة أخرى، بل اللازم أن يكون لها في جميع الأحوال والأزمان صورة واحدة، وهو كاف للمانعية عن بسط تكامل نظام الوجود، إذ بسبب التزاحم والتضاد وبطلان وانهدام الصور الموجودة، تصل النوبة إلى الصور اللاحقة ويبسط الوجود ويتكامل، ولذا اشتهر في ألسنة الحكماء " لولا التضاد ما صح دوام الفيض عن المبدأ الجواد " هذا مضافا إلى تأثير الشرور في التكامل والتسابق الحضاري والثقافي ألا ترى أنه لولا العداوة والرقابة، لما كانت المسابقة والتحرك، ولولا الحرب لما كانت الحضارة والتقدم، وهكذا. فمع التوجه إلى أن العالم الطبيعي عالم تدرج وتكامل وحركة من القوة إلى الفعل ومن النقص إلى الكمال، وتلك الحركة والتدرج من
(1) راجع تعليقة النهاية: ص 474.
(2) راجع تعليقة النهاية: ص 473.
ذاتيات الطبيعة المادية، وإلى أن حركة العالم المادي وسوقه نحو الكمال، لا تحصل بدون التزاحم والتضاد وبطلان وانهدام، بل، تكون موقوفة على تلك الأمور التي تسمى شرورا، تظهر فائدة الشرور ومصلحتها. وبذلك ينقدح أن شرية ما سمي شرا بلحاظ إضافته إلى جزئي وشئ خاص لا بلحاظ أوسع وإلا فهو خير وليس بشر (1).
وهذه الفوائد وإن أمكن المناقشة في بعضها كفائدة موت بعض الأفراد لاستعداد المادة لحياة الآخرين، لإمكان أن يقال: توسعة المادة ليست بمحال، فمع التوسعة المذكورة لا موجب لموت بعض الأفراد، ولكن جملة الفوائد تكفي لإثبات كون شرية الأمور المذكورة إضافية جزئية وأما بلحاظ الكل فهي خير وليست بشر.
الرابع: أن البلايا والآفات والعاهات، كثيرا ما تصلح لإعداد الكمالات المعنوية والأخلاقية وهو السر في الابتلاء والامتحان بها، وهذه الكمالات كالتوجه إلى الله والانقطاع إليه والتخلق بالأخلاق الفاضلة، بحيث لو لم تكن تلك الأمور لا يمكن النيل إلى هذه الكمالات المعنوية. مثلا من أصابه مرض وأقدم على العلاج، وصبر فيه، ودعا وتضرع إلى الله تعالى، ورضي بما قدره له من الشفاء أو عدمه، والصحة أو السقم، حصل له من القرب إلى الله تعالى والتخلق بالأخلاق الحسنة ما لم يكن له قبل ابتلائه به، فالمرض أعد له هذا التعالى والتكامل.
وهكذا من صار فقيرا من دون تفريط في الكسب وقنع بما في يده ورضي بما قدر له ولم يخضع لغني طمعا بماله حصل له ملكة المناعة وعزة النفس ونحوهما من الملكات الفاضلة، وهكذا غير ذلك من البلايا والآفات، فإنها تصلح
(1) أصول فلسفه: ج 5 ص 69.
للاعداد نحو الكمال بحسب مقتضيات الأحوال وهذا هو السر في الابتلاءات والمصيبات والحوادث، ولكن يختلف حظوظ الناس منها لاختلاف معارفهم، وعباد الرحمان أكثر حظا من غيرهم فيما ولذلك يرون تلك البلايا والحوادث جميلة، ويحمدونه على كل حال، لأنهم لا يرون منه إلا ما يستحق الحمد عليه وإن عميت أعيان الناس عن رؤية جمال تلك الأمور، نعم يظهر حقيقة كل ما صدر عنه تعالى لكل أحد في يوم القيامة كما قال عز وجل: " يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا " (1).
إذ نسب الحمد المطلق إلى جميع المبعوثين من القبر وليس ذلك الا لرؤية جمال افعاله تعالى كما لا يخفى واليه يؤول ما ورد عن الإمام زين العابدين - عليه السلام - من أنه قال: من اتكل على حسن اختيار الله تعالى لم يتمن انه في غير الحال التي اختارها الله تعالى (له) (2).
فهذه الأمور في الحقيقة ليست شرورا بالنسبة إلى من يجعلها وسيلة لاستكمال نفسه وتخلقه بالأخلاق الحسنة، وإنما هي شرور بالنسبة إلى من لا يستفيد منها في طريق الاستكمال، وعليه فشريتها ليست من نفسها، بل من نفس من لا يستفيد منها.
فالعمدة هي كيفية الاستفادة من الأشياء سواء كانت بلايا وآفات أو غيرها من النعم، فالآفات والعاهات والبلايا كالنعم والغنى والثروة والسلامة كلها من معدات الكمال.
فإيجاد البلايا والشرور ليست منافية للعدالة والحكمة، بل هي عين ما اقتضته الحكمة والعدالة في ابتلاء الناس وامتحانهم واستكمالهم كما نص عليه في كتابه الكريم: " ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال
(1) الإسراء: 52.
(2) الدرة الباهرة للشهيد الأول: ص 26.
والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " (1).
الخامس: أن الاختلافات من جهة الأنواع والأصناف والأوصاف كالسواد والبياض أو البلادة والذكاوة أو النقص والتمام أو الرجولية والأنوثية أو الإنسانية والحيوانية وغير ذلك، لا تنافي العدل، لأن العدل كما عرفت هو إعطاء كل ذي حق حقه، ومن المعلوم أنه لا حق للشئ قبل خلقته، فكل ما أعطاه الله تعالى للأشياء، هو فضل لا حق، وحيث ثبت أن كل ما أعطاه الله فضل، فالاختلاف فيه لا يكون ظلما، وإليه يرشد ما روي عن جابر بن يزيد الجعفي حيث قال: " قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر - عليهما السلام -: يا ابن رسول الله إنا نرى الأطفال منهم من يولد ميتا ومنهم من يسقط غير تام، ومنهم من يولد أعمى، وأخرس وأصم، ومنهم من يموت من ساعته إذا سقط إلى الأرض، ومنهم من يبقى إلى الاحتلام، ومنهم من يعمر حتى يصير شيخا، فكيف ذلك، وما وجهه؟ فقال - عليه السلام -: إن الله تبارك وتعالى أولى بما يدبره من أمر خلقه منهم، وهو الخالق والمالك لهم، فمن منعه التعمير، فإنما منعه ما ليس له، ومن عمره فإنما أعطاه ما ليس له، فهو المتفضل بما أعطى، وعادل فيما منع، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون " (2).
وبالجملة فالاختلاف والتبعيض لا ينافي العدل، نعم لقائل أن يسأل عن حكمة ذلك، ولكن الجواب عنه واضح، لأنه لولا الاختلافات لما وجد العالم المادي، والنظام الاجتماعي، مع أن خلقة العالم المادي، والنظام الاجتماعي مقصود، لكونه راجحا، إذ لو كان المعيار هو التساوي المطلق لزم أن لا يوجد إلا شئ واحد، وهو لغو، وليس بمقصود ولا يصدر منه، كما أنه لو كان المعيار
(1) البقرة: 155 - 157.
(2) نور الثقلين: ج 3 ص 419.
هو التساوي في النوع لزم أن لا يوجد إلا الإنسان مثلا: فلا يمكن له أن يعيش، إذ لا شئ آخر، حتى يتغذى به أو يأوي إليه، أو يتلبس به.
وأيضا لو كان جميع أفراد الإنسان ذكورا أو إناثا فقط، لانقرض نسل الإنسان، لعدم إمكان التوالد والتناسل، ولو كان الناس في الفكر والذوق والاستعداد متساوين، لاختلت الأمور التي لا يوافق مذاقهم ولو كان الناس في الأشكال والألوان وجميع الخصوصيات متحدين لما تعارفوا.
فالاختلافات من مقومات العالم المادي، والنظام الاجتماعي.
لا يقال: نعم، ولكن بقي السؤال لأفراد النساء مثلا، بأن الله تعالى لم جعلني من الإناث، ولم يجعلني من الرجال، لأنا نقول: لو عكس الله تعالى يعني جعلها من الرجال وجعل غيرها من النساء لما ارتفع السؤال: لان لمن جعله من النساء أن يكرر ذلك السؤال، فلا فائدة في التبديل كما لا يخفى.
السادس: أن علة النقص في المعلولين، قد تكون من جهة تزاحم الأسباب في عالم المادة وقد مر أن بعض الشرور من لوازم العالم المادي، ولعل إليه أشار الإمام الصادق - عليه السلام - في توحيد المفضل حيث قال: وأنت يا مفضل ترى أصناف الحيوان أن يجري أكثر ذلك على مثال ومنهاج واحد كالانسان يولد وله يدان ورجلان وخمس أصابع، كما عليه الجمهور من الناس فأما ما يولد على خلاف ذلك فإنه لعلة تكون في الرحم أو في المادة التي ينشأ منها الجنين، كما يعرض في الصناعات حين يتعمد الصانع الصواب في صنعته فيعوق دون ذلك عائق في الأداة أو في الآلة التي يعمل فيها الشئ فقد يحدث مثل ذلك في أولاد الحيوان للأسباب التي وصفنا فيأتي الولد زائدا أو ناقصا أو مشوها ويسلم أكثرها فيأتي سويا لا علة فيه (1).
(1) بحار الأنوار: ج 3 ص 150.
وبالجملة فهذه النواقص الحاصلة من ناحية تزاحم الأسباب من لوازم عالم المادة، وحيث كانت خيرية عالم المادة غالبة، فالراجح هو ايجاده بما هو عليه، كما لا يخفى، وقد تكون من جهة ظلم الظالمين المتجاوزين المختارين في أعمالهم، أو من جهة جهل الآباء والأمهات بآداب النكاح وسننه، وشرائط التوالد والتناسل، وكيفية التغذية وحفظ الصحة، أو من جهة سوء أفعالهم، أو غير ذلك من المؤثرات الاختيارية.
ومن المعلوم أن الله تعالى برئ عن ظلم الظالمين ونهاهم عنه وأكده، وفرض منعهم على كافة الناس ويعاقبهم في الآخرة، وهكذا أرشد الآباء والأمهات، بتشريع الأحكام والسنن، والآداب الشرعية، وأيضا حذر الناس عن العصيان وارتكاب المعاصي، والأعمال السيئة لتطيب أولادهم وأحفادهم.
فما ينبغي أن يفعله الله لم يتركه، بل أتى به حق الاتيان، وإنما التقصير والقصور من ناحية الناس وعالم المادة كما لا يخفى.
لا يقال: إن المعلولين لا يتمكنون من الاستكمال، لأنهم لعلتهم عاجزون عن اتيان الأعمال الصالحة، بمثل ما أتي به غيرهم فلا وجه لخلقهم.
لأنا نقول: إن التكليف ليس إلا بمقدار طاقتهم، فإذا أتوا بالأعمال بهذا المقدار، تمكنوا من الاستكمال بما أتوا به والله تعالى رؤوف بالعباد. هذا مضافا إلى أن لهم أن يقصدوا جميع الخيرات التي اتي بها غيرهم ممن ليس فيهم نقصهم فلهم ثواب تلك الأعمال إن كانوا صادقين في قصدهم، لأن الأعمال بالنيات على أن الصبر على العلة والنقص يوجب ازدياد الكمال والثواب والحسنات فقد روي في الكافي عن أبي عبد الله - عليه السلام - أنه قال: " من ابتلى من المؤمنين ببلاء فصبر عليه كان له مثل أجر ألف شهيد " (1).
(1) الأصول من الكافي: ج 2 ص 92.
وكم من معلول نال المقامات العالية والشامخة، لعلو همته ونشاطه، فعلى المعلولين أن لا يتركوا السعي نحو الكمال بمقدار الطاقة، وعلى الناس أن يساعدوهم في هذا المجال، ولا يهملوهم، فإنهم إخوانهم والمسلم يهتم بأمور المسلمين.
السابع: أنه قد يكون بعض الشرور لمكافأة الكفار وعذابهم، كما نص عليه في حق الهالكين من الأمم السابقة بقوله: " وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون " (1) " ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين " (2) بل يدل بعض الآيات الكريمة على أن المصيبات كالقحط والغلاء والشدائد ونحوها تعرض الأقوام والأفراد ولو لم يكونوا كافرين من جهة سوء اختيارهم، والتغيرات السيئة في أنفسهم، كقوله تعالى: " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " (3) وقوله تعالى: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " (4) فمثل هذه الآية خطاب إلى الاجتماع أو الأفراد، وتدل على أن بين المصائب، كالقحط والغلاء والوباء والزلازل والمرض والضيق وغير ذلك، من المصيبات والشدائد، وبين أعمال الإنسان ارتباط خاص، فلو جرى الإنسان أو المجتمع الإنساني على ما تقتضيه الفطرة من الاعتقاد والعمل، نزلت عليهم الخيرات، وفتحت عليهم البركات، ولو أفسدوا افسد عليهم، وهذه سنة إلهية، إلا أن ترد عليها سنة التكامل الأعلى كابتلاءات الأولياء، مع أن أعمالهم كلها حسنات، أو ترد سنة الاستدراج مع أن أعمالهم سيئات، فينقلب الأمر كما قال تعالى:
(1) القصص: 59.
(2) الانعام: 6.
(3) الرعد: 11.
(4) الشورى: 30.
" ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون " (1) قوله: " حتى عفوا " أي كثروا عدة أو عدة وأصله الترك، أي تركوا حتى كثروا، ومنه إعفاء اللحى.
وكيف كان فالمكافأة والعذاب والتنبيه من علل وجود المصيبات، كما هو صريح الآيات المذكورة وغيرها، بل الروايات منها: صحيحة فضيل بن يسار عن أبي جعفر - عليه السلام - قال: " ما من نكبة تصيب العبد إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر " (2).
وصحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: أما أنه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلا بذنب، وذلك قول الله عز وجل في كتابه: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير " قال: ثم قال: " وما يعفو الله أكثر مما يؤاخذ به " (3).
ومن المعلوم أن هذه المكافأة توجب كثيرا ما التنبه والاتعاظ والرجوع.
ولعل إلى ذلك أشار الإمام الصادق - عليه السلام - حيث قال في توحيد المفضل: " ويلذع (أي يوجع ويؤلم) أحيانا بهذه الآفات اليسيرة لتأديب الناس وتقويمهم، ثم لا تدوم هذه الآفات، بل تكشف عنهم عند القنوط منهم فيكون وقوعها بهم موعظة وكشفها عنهم رحمة - إلى أن قال - ولو كان هكذا (أي عيش الإنسان في هذه الدنيا صافيا من كل كدر) كان الإنسان سيخرج من الأشر والعتو إلى ما لا يصلح في دين ودنيا - إلى أن قال - فإذا عضته المكاره ووجد مضضها اتعظ وأبصر كثيرا مما كان جهله وغفل عنه ورجع إلى كثير مما كان يجب عليه (4)، وقال - عليه السلام - أيضا: إن هذه الآفات وإن كانت تنال الصالح
(1) الأعراف: 95.
(2) نور الثقلين: ج 4 ص 582.
(3) نور الثقلين: ج 4 ص 581.
(4) بحار الأنوار ج 3 ص 138.
والطالح جميعا فإن الله (تعالى) جعل ذلك صلاحا للصنفين كليهما، أما الصالحون فإن الذي يصبهم من هذا يردهم (يذكرهم) نعم ربهم في سالف أيامهم فيحدوهم ذلك على الشكر والصبر، وأما الطالحون فإن مثل هذا إذا نالهم كسر شرتهم وردعهم عن المعاصي والفواحش. الحديث (1).
ثم لا يخفى عليك أن البلايا في حق الأنبياء والأئمة المعصومين والأولياء، ليست مكافأة، بل لارتفاع شأنهم، كما نص عليه في صحيحة علي بن رئاب، قال: " سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن قول الله عز وجل: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم " أرأيت ما أصاب عليا وأهل بيته - عليهم السلام - من بعده، أهو بما كسبت أيديهم، وهم أهل بيت طهارة معصومون؟ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وآله - كان يتوب إلى الله ويستغفر في كل يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب، إن الله يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب " (2).
وفي المروي عن عبد الرحمان بن الحجاج، قال: " ذكر عند أبي عبد الله - عليه السلام - البلاء وما يخص الله به المؤمن، فقال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وآله - من أشد الناس بلاء في الدنيا؟ فقال: النبيون ثم الأمثل فالأمثل، ويبتلى المؤمن بعد على قدر ايمانه وحسن أعماله، فمن صح ايمانه وحسن عمله اشتد بلاؤه ومن سخف ايمانه وضعف عمله قل بلاؤه " (3).
فابتلاء الأولياء بالشدائد والمصيبات كثير جدا وكلما اشتد ايمان المؤمن كثر بلاؤه كما ورد في الحديث " إن الله عز وجل إذا أحب عبدا غثه بالبلاء غثا " (4) والسر فيه أن المكافأة تنشأ من غضبه تعالى، وابتلاء الأولياء ينشأ من رحمته،
(1) بحار الأنوار ج 3 ص 140.
(2) نور الثقلين: ج 4 ص 581.
(3) تفسير الميزان: ج 5 ص 13.
(4) تفسير الميزان: ج 5 ص 13 نقلا عن الكافي.
لأن يتدارجوا المدارج العالية وأعلاها ورحمته غلبت غضبه، فلا تغفل، فالأنبياء والأولياء ممن ليس لهم اكتساب سوء، كانوا خارجين عن قوله: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم " تخصصا، إذ الآية المباركة أثبتت المصيبة بسبب الذنوب واكتساب السوء، فلا تشمل من لم يصدر عنه الذنوب وليس له اكتساب سوء كما لا يخفى. فلا مكافأة ولا عذاب لهم، وإنما ما ورد عليهم لإعلاء شأنهم وقربهم إليه تعالى.
ثم لا يخفى أن من ابتلى بالمصيبات من جهة ذنوبه وصبر عليها من غير شكاية عنها أعطاه الله من باب فضله ولطفه مضافا إلى تطهير ذنوبه ارتفاع المقام والأجر والثواب. كما يدل عليه ما روي عن الصادق - عليه السلام - عن آبائه عن علي - عليه السلام - " إنه عاد سلمان الفارسي فقال له يا سلمان ما من أحد من شيعتنا يصيبه وجع إلا بذنب قد سبق منه وذلك الوجع تطهير له، قال سلمان: فليس لنا في شئ من ذلك أجر خلا التطهير، قال علي - عليه السلام -:
يا سلمان لكم الأجر بالصبر عليه والتضرع إلى الله والدعاء له بهما تكتب لكم الحسنات وترفع لكم الدرجات، فأما الوجع خاصة فهو تطهير وكفارة " (1).
ويدل عليه أيضا ما روي عن الصادق - عليه السلام - أنه قال: " من مرض ليلة فقبلها بقبولها كتب الله عز وجل له عبادة ستين سنة (قال الراوي) قلت:
ما معنى قبولها؟ قال: لا يشكو ما أصابه فيها إلى أحد " (2).
(1) جامع الأحاديث: ج 3 ص 91 - 92.
(2) جامع الأحاديث: ج 3 ص 99.
من كتاب بداية المعارف الالهية للسيد محسن الخرازي