لا إمامة إلا بنص
المقدمة
المقدمة
( اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم اعرف نبيك ، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك ، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني ) .
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين ، الذين اصطفاهم الله لنفسه ، وأودعهم سره ، وفضلهم على خلقه ، وأمرنا بطاعتهم ، اللهم صلِّ على خاتم النبيين محمد وآله الذين لا يقاس بفضلهم ومنزلتهم أحد .
ولك الحمد على ما ألهمتني من شكرك ، وارشدتني إليك من ذكرك ، ولك الحمد على أيسر ما كلفتني من طاعتك ، وأوفر ما أنعمت علي من نعمتك ، اللهم لك الحمد حمداً كثيراً ، لا يحصى له عدد ، ولا ينتهي له أمد .
اللهم اتمم نعمتك علينا برضاك عنا ، وبإستجابة الدعاء وقبول الاعمال ، وشفاء المرضى ، وقضاء الحوائج ، والستر في الدنيا والآخرة ، وقضاء الدين ، وبسط الارزاق.
بعد التوكل على الله الواحد الاحد الفرد الصمد ، الذي أنار الكون بنوره ، وأفاض على العباد بفيض رحمته ...
نتناول في بحثنا هذا /// لا إمامة إلا بنص \ ؛ منذ وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله بدأ النقاش عن الامامة ومن يستخلفه النبي بل منذ الايام الاولى للدعوة الاسلامية ، واصبحت قضية الامامة من المواضيع الاكثر جدلاً ، فدائماً تجدها على طاولة النقاش ، وقد حاول علمائنا المتأخرون اثبات نص الامام ، وتقديم الأدلة المقنعة والمعززة بالسند الصحيح والصادرة عن الرسول (ص وآله) ، أمثال الإرشاد والغدير وعبقات الأنوار والمراجعات وغيرها الكثير .
من هنا احاول ان اسلط الضوء على حيثيات الامامة ، وما جاء فيها من نصوص ، بشكل مقنع للقارىء وبالمصادر ...
ـــ 1 ـــ
تمهـيــد
لنتعرف مِنْ الامام علي بن موسى الرضا عليهما السلام وهو يصف الإمامة وصفاً شرعياً دقيقاً ، وسنذكر بعضاً منه:
قال عليه السلام: // إن الإمامة هي منزلة الانبياء ، وإرث الأوصياء ، إن الإمامة خلافة الله ، وخلافة الرسول صلى الله عليه وآله ، ومقام أمير المؤمنين عليه السلام ، وميراث الحسن والحسين عليهما السلام . إن الإمامة زمام الدين ونظام المسلمين ، وصلاح الدنيا ، وعزّ المؤمنين . إن الإمامة اُس الإسلام النّامي وفرعه السامي ، بالإمام تمام الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والجهاد ، وتوفير الفيء ، والصدقات ، وإمضاء الحدود والأحكام ، ومنع الثغور والأطراف.
الإمام يحل حلال الله ، ويحرم حرام الله ، ويقيم حدود الله ، ويذبّ عن دين الله ، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ، والحجة البالغة //.[1]
وقبل الخوض بمفهوم الإمامة اود ان أطرح هذا التساؤل والذي طالما تجده مطروح على طاولات النقاش ...
السؤال: هل أن القرآن الكريم أعطى رؤية وأطروحة ونظرية عن الإمامة ؟
اذا أردنا أن نتعرف على القرآن الكريم وهو دستور إلهي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}[2] نجده مليء بالمفاهيم العبادية والعقدية والاجتماعية والفلكية ، قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ}[3] ، وقوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[4] وغيرها من الآيات الدالة على ان الكتاب الكريم فيه تبيان لكل شيء ؛ وعلى سبيل المثال ، لو طلب منا احد التعرف على مفهوم التوحيد فنستطيع أن نبحث عن رؤية القرآن في التوحيد: قال تعالى: { وإلهُكُم إلهٌ واحدٌ لا إله إلاّ هُوَ الرحمنُ الرحيم }[5] ، وقال تعالى: {اللهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ الحيُّ القيّومُ لا تأخُذُهُ سِنَةٌ و لا نومٌ لهُ ما في السمواتِ وما في الأرضِ ...}[6] ، قال تعالى: {هُو اللهُ الذي لا إلهَ إلاّ هُوَ عالِمُ الغيبِ و الشهادةِ هُوَ الرحمنُ الرحيمُ}[7] وغيرها الكثير من الآيات ، أو طرح سؤال عن النبوة فنستطيع ان نذهب الى الآيات الخاصة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] (الكافي ج1 ص200).
[2] (فصلت: 42).
[3] )النحل: 89).
[4] (الانعام: 38)
[5] (البقرة: 163).
[6] (البقرة: 255).
[7] (الحشر: 22).
ـــ 2 ـــ
تمهـيــد
لنتعرف مِنْ الامام علي بن موسى الرضا عليهما السلام وهو يصف الإمامة وصفاً شرعياً دقيقاً ، وسنذكر بعضاً منه:
قال عليه السلام: // إن الإمامة هي منزلة الانبياء ، وإرث الأوصياء ، إن الإمامة خلافة الله ، وخلافة الرسول صلى الله عليه وآله ، ومقام أمير المؤمنين عليه السلام ، وميراث الحسن والحسين عليهما السلام . إن الإمامة زمام الدين ونظام المسلمين ، وصلاح الدنيا ، وعزّ المؤمنين . إن الإمامة اُس الإسلام النّامي وفرعه السامي ، بالإمام تمام الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والجهاد ، وتوفير الفيء ، والصدقات ، وإمضاء الحدود والأحكام ، ومنع الثغور والأطراف.
الإمام يحل حلال الله ، ويحرم حرام الله ، ويقيم حدود الله ، ويذبّ عن دين الله ، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ، والحجة البالغة //.[1]
وقبل الخوض بمفهوم الإمامة اود ان أطرح هذا التساؤل والذي طالما تجده مطروح على طاولات النقاش ...
السؤال: هل أن القرآن الكريم أعطى رؤية وأطروحة ونظرية عن الإمامة ؟
اذا أردنا أن نتعرف على القرآن الكريم وهو دستور إلهي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}[2] نجده مليء بالمفاهيم العبادية والعقدية والاجتماعية والفلكية ، قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ}[3] ، وقوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[4] وغيرها من الآيات الدالة على ان الكتاب الكريم فيه تبيان لكل شيء ؛ وعلى سبيل المثال ، لو طلب منا احد التعرف على مفهوم التوحيد فنستطيع أن نبحث عن رؤية القرآن في التوحيد: قال تعالى: { وإلهُكُم إلهٌ واحدٌ لا إله إلاّ هُوَ الرحمنُ الرحيم }[5] ، وقال تعالى: {اللهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ الحيُّ القيّومُ لا تأخُذُهُ سِنَةٌ و لا نومٌ لهُ ما في السمواتِ وما في الأرضِ ...}[6] ، قال تعالى: {هُو اللهُ الذي لا إلهَ إلاّ هُوَ عالِمُ الغيبِ و الشهادةِ هُوَ الرحمنُ الرحيمُ}[7] وغيرها الكثير من الآيات ، أو طرح سؤال عن النبوة فنستطيع ان نذهب الى الآيات الخاصة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] (الكافي ج1 ص200).
[2] (فصلت: 42).
[3] )النحل: 89).
[4] (الانعام: 38)
[5] (البقرة: 163).
[6] (البقرة: 255).
[7] (الحشر: 22).
ـــ 2 ـــ
بالنبوة ونتعرف عليها قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْط}[1] ، قال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}[2]..او طرح سؤال حول الجنة والنار فنذهب الى تلك الآيات: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}[3] ، قال تعالى: {قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[4] ، الى غير ذلك ، أريد أن اسأل أو أتكلم عن الامامة وأجيب عن السؤال اعلاه هل أن القرآن الكريم أعطى رؤية أو أعطى نظرية ، او بيّن شروط ومسؤولية الامامة واعتنى بها أو لم يعتنِ بهذه المفردة كما يحاول الطرف الآخر أن يتهم أتباع مدرسة أهل البيت أن الإمامة لم تطرح في القرآن الكريم.
وبعد هذا التمهيد اتمنى من العلي القدير ان يوفقنا بتقديم ما هو افضل للقارئ العزيز ، وما هو مفيد ، انك على كل شيءٍ قدير ، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
[1] (الحديد: 25).
[2] (الأحزاب : 40).
[3] (البقرة: 25).
[4] (البقرة 126).
ـــ 3 ـــ
الامام لغةً :جاء في معجم مقايس اللغة ؛
الامام: كلُّ من اقتُدي به وقُدِّم في الامور. والنبي صلى الله عليه (وآله) وسلم إمام الأئمة ، والخليفة إِمام الرعية ، والقرآن إِمام المسلمين ، قال الأعشى: يقال للخيط الذي يقوَّمُ عليه البناء إِمام. قال الخليل: الأمام القدَّام ، يقول صدرك أمامُك ، رَفَعَ لأنه جعله اسماً. ويقول أَخوك أَمامك نصب لأنه في حال صفة ، يعني به ما بين يديه.
وقال الأصمعيُّ: (( أمَامَها لقِيتْ أمَةٌ عملَهَا )) أي حيثما توجهت وجدت عملاً. ويقولون: (( أمامك ترى أَثَرَك )) أي ترى ما قدَّمْت.[1]
(جاء في كتاب بداية المعارف الإلهية تعريف الامامة: وهي تقديم شخص على الناس ، فالإمام هو المقتدى به والمتقدم على الناس ، قال في المفردات: والإمام المؤتم به إنساناً كان يقتدى بقوله أو فعله أو كتاباً أو غير ذلك ، محقاً كان أو مبطلاً. وعن الصحاح: الإمام الذي يقتدى به وجمعه أئمة ، ويشهد له الاستعمال القرآني { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا }[2]. وقوله تبارك وتعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ}[3]. المقصود في الإمامة الحكم ؛ لأنّهم ميزوا بين الإمامة الصغرى والإمامة الكبرى؛ فعدُّوا الإمامة الصغرى إمامة الصلاة ، وأما الكبرى فهي عندهم إمامة الأمة وتحمل قيادتها.
ولكن المقصود عند الامامية ؛ هو إمام عام يشغل منصب النبي وينفذ كل الاعمال الذي كان يقوم بها النبي (ص وآله) ، كقوله تعالى الى نبيه ابراهيم عليه السلام: { قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً }[4].[5]
من هنا توصلنا الى ان الامامة بمعنى الإمام الإنسان الذي يؤتم به ، ويقتدى بقوله او فعله ؛ وجمعهُ أئمة .. هذا الاصطلاح اللغوي ، وسيأتي شرح تفاصيل مهمة من هذا المصطلح تباعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] (معجم مقاييس اللغة (ج1 / ص28 و 29) لأبي الحُسَين أحمَد بن فارِس بن زكَريّا،طبعة اتحاد الكتّاب العرب 1423 هـ)
[2] (الانبياء 73).
[3] (القصص 41).
[4] (البقره 124).
[5] (بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية تأليف آية الله الشيخ محمد رضا المظفر ، ج2 ص6 و 7 ، مؤسسة النشر الاسلامي بقم المقدسة).
ـــ 4 ـــ
في معنى الامامة اصطلاحاً:هنا أريد ان أبين الفرق بين الخلافة والامامة ؛ أنّ مصطلح الخلافة ظاهراً في معنى الإيصاء وتنصيب النائب عن منوبه إذ يفترض وجود مستخلف ، وأنّه مريد لتعيين من يخلفه ؛ وهذا المفهوم لم يتركه الخليفة الاول والخليفة الثاني لم يتركوا الامة بدون ان يستخلفُ رئيسا لها.
وأما الامامة فهي الخلافة الإلهية التي تكون متممة لوظائف النبي (ص وآله) وإدامتها عدا الوحي ، وسيأتي ذكرها.
ذهب جمهور العامة بما اعتقدوه في الامامة هي الخلافة الظاهرية والإمارة كما ذكرناها آنفاً ، والامامة عند الاشاعرة هي خلافة الرسول في إقامة الدين وحفظ حوزة الملة بحيث يجب اتباعه على كافة الامة[1] ومن المعلوم ان مرادهم هي الخلافة الظاهرية التي هي إقامة غير النبي مكانه في إقامة العدل ، وحفظ المجتمع الاسلامي ....
وأما رأي الإمامية في موضوع الإمامة ؛ فجاء في كتاب (تفسير الأمثل) ....
الإمامة بمعنى تحقيق المناهج الدينية بما في ذلك منهج الحكم بالمعنى الواسع للحكومة ، وإجراء الحدود وأحكام الله ، وتطبيق العدالة الاجتماعية ، وتربية الافراد في محتواهم الداخلي وفي سلوكهم الخارجي.. [2]
وما زعموه انه لا تصح الخلافة بتنصيب من الله ، بينما علماء السنة صرحوا ان نبي الله داود (ع) خليفة الله {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرضِ...}[8]. وإنما انحرفوا عن النص الالهي لتسويغ الخلافة واثبات الشورى .
فلا يخفى عليكم ان الإمامة والنبوة قد يجتمعان ، كما حدث مع نبي الله ابراهيم عليه السلام ، وصرّح بها كتاب الله العزيز {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً}[9].
(يمكننا أن نقول إن كل ما صح أن يكون دليلا على النبوة صح أن يكون دليلا على الإمامة).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
[1] دلائل الصدق آية الله للشيخ محمد حسن المظفر: ج2 ص4 ، نقلاً عن الفضل بن روزيهان الأشعري المعروف.
[2] (الامثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: ج1 ص307 ، الطبعة الاولى (التصحيح الثالث) الناشر مدرسة الامام علي بن أبي طالب عليه السلام ، ايران – قم المقدسة)
[3] ( صاد الآية 26).ع
[4] (البقره 124).
ـــ 5 ـــ
ــــــ يتبع لطفاً ـــــ
ــــــ يتبع لطفاً ـــــ
تعليق