اللهم صلِ على محمد وآل محمد
ثرثرات امرأة صامتة
حاولت جهدي أن أفهمك، ولكني عجزت عن ذلك. لن أستطيع أن أعرفك حقيقة
المعرفة لأنك رجل، ولأني امرأة! يعتريك فضول لمعرقة سكوتي المطبق على سر غامض.
لكنك لا تدري أن الحقيقة التي تريد أن تعرفها ليست الحقيقة نفسها التي تنتظرها. في بداية
علاقتنا، وقفت في طريقي قائلا:
((المرأة تفهم الرجل أكثر مما يفهم الرجل نفسه)).
وأكدت قولك: ((إذا كان لا بد للمرأة من صديق فليكن رجلا ))..
غالبا ما كنا، نحن النساء، نكذب
على أنفسنا، ونبرز صداقة المرأة للرجل بان علاقة المرأة بالا خرى تحكمها الغيرة والحسد،
وربما عدم قدرتها على منحها الجواب الشافي لما يختلج في داخلها،
فتقول لرجل الصديق: ((هي لن تفهمني، ستحكم علي من منطلق عاطفتها ولن تكون منصفة معي،
أما أنت فتساعدني من منطلقك العقلي على منطقة الأمور)).
وعندما يصفع الرجل الصديق مشاعر المرأة،
تنهار أمام الأخرى ووجعها يثرثر عن أدق التفاصيل
: ((أعرف أنك الأقدر على الإحساس بالنار التي تلتهم أضلعي،
أما هو فمجرد من العواطف، يعقلن كل شيء،
سيأتي يوم ويعرف أن الحب جزء من الحياة،
والحياة لا تستمر بالحسابات الرياضية فقط، وسيندم ..))،
وتربت الأخرى على ظهرها وتمسح بحنو على شعرها: ((أجل، سيندم) )..
وانتهت علاقتنا بعد عاصفة من الحب لتقتلع جذور صداقتنا،
وأنت تصرخ بي في أوقات انهزامي:
_دموع المرأة دليل ضعفها.وأكدت قولك:
_... ودليل غبائها أيضا...
_أنت تضيقين علي الخناق في وقت لا أملك لغة القرار بل منطق الخيار!
فبلعت الدموع وبقيت مكاني،
لن أقف في طريق رجل أحبه عندما يقرر الخروج من حياتي،
لا يتعلق الموقف بالكبرياء بل بقرار،
وابتسمت لك: ((أتفهم موقفك.. إن كنت صديقتك، فأنا وفية لأصدقائي!))
تحتاج المرأة للحظة قوة واحدة حتى يغادرها الغباء العاطفي،
في تلك اللحظة تصبح هي الأذكى عاطفيا.هل تعتقد الآن أن وسادة الأرق مبللة بالدموع!؟
هل تظن أن حالة الشرود تغتال وقتي وتأخذني من عملي!؟
هل تراهن على أن الوجع الممتد من قلبي إلى كياني قد يحملني إليك شاكية تلوعني قصائد الحنين! لا..
_ لا!وضعت سماعة الهاتف بهدوء،
بعد أن طلبت رؤيتي بعد زمن من الهجر..
لماذا تغير قرارك في ذات الزمن الذي أعالج فيه قلبي من حبك،
أوظب ذكرياتك في حقائب الماضي بشجاعة،
وسكوتي يعيد في داخلي، إنه قرارك وتقول إن الشوق شدك والهوى!
_الآن جئت تعترف بحبك الكبير!
_ كنت واثقة ومتأكدة دوما من حبي لك..
_لقد دفعت ثمن حبي ل(صديقي).
لقد خسرت صداقته وحبه، والآن أنت تدفع ثمن حبك ل(صديقة) أحبتك فتركتها!..
يا لها من معادلة مضحكة!..
سأتي يوم، وأنسى فيه مرارة الدقائق التي مرت وأنا أداوي روحي من إدمان انتظارك،
سأذكر فقط أني الآن وليدة تلك اللحظات القاسية،
سأنظر إلى الأمام كما علمتني دائما،
ولن أنظر إلى الخلف،
فلماذا الآن تريدني أن أستدير وأنظر إلى الماضي والذكريات؟
ألأن الموضوع يتعلق بك؟ يا للأنانية! -لا! قلتها مرة ثانية عندما التقيت بك صدفة،
وقد وقفت في طريقي حتى لا أغادر.
_لا أستطيع البقاء حيث لا مكان لي.
في بداية علاقتنا عندما غادرتك بقسوة في تلك الطريق ووقفت في طريقي لتعيدني،
كنت أريد التأكد من هويتي عندك..
_عرفت؟!
في تلك اللحظات كانت عيناك أجمل من أي وقت مضى،
تجتاح صفاءها غيوم الحزن الداكنة..
كانت لمستك أدفأ من أي وقت مر،
فيها ارتجافات الحنين لكل ماضي..
كان صوتك مربكا أكثر من أي وقت مضى،
تعذبه الندم والشوق والأسي..
_أجل عرفت.
_وأنت؟
_لقد عرفت دوما أني أحبك،
فلماذا تسأل عن شيء تعرفه في وقت لن ينفعنا حبي ..
وتركتك لأكمل طريقي دون أن أنظر إلى الخلف، لأني كنت واثقة أنك ستسير بالقرب مني،
وأننا سنتحدث كأن شيئا لم يكن.
تعليق