إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

[شرح الحاشية ] المتن (3)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [شرح الحاشية ] المتن (3)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السَّلامُ عَلَى الأئِمَّةِ الدُّعَاةِ ، وَالقَادَةِ الهُدَاةِ ، وَالسَّادَةِ الوُلاةِ ، وَالذَّادَةِ الحُمَاةِ ، وَأَهْلِ الذِّكْرِ ، وَأُولِي الأَمْرِ ، وَبَقَيَّةِ اللهِ وَخِيرَتِهِ ، وَحِزٍبِة وَعَيْبَةَ عِلْمِهِ ، وَحُجَّتُهُ وَصِرَاطِهِ ، وَنُورِهِ وَبُرْهَانِهِ ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ .
    ***
    المتن :

    ( ويقتسمان بالضرورة الضرورة والاكتساب بالنظر وهو ملاحظة المعقول لتحصيل المجهول وقد يقع فيه الخطأ فاحتيج الى قانون تعصم مراعتها عنه وهو المنطق ..)

    الشرح :

    لازال الكلام في بيان الامر الأول من الامور الثلاثة التي عقدت المقدمة لاجلها وهو اثبات الحاجة الى علم المنطق وقد تقدم الكلام ان ذلك يمر من خلال مقدمات ثلاث وقد مر الحديث عن المقدمة الاولى : وهي انقسام العلم الى تصور وتصديق .
    وها نحن بصدد بيان المقدمتين الاخريين وهما :

    * المقدمة الثانية : تقسيم كل منهما الى ضروري ونظري وهو ما اشار اليه الماتن في العبارة اعلاه بقوله :

    " ويقتسمان بالضرورة الضرورة والاكتساب بالنظر وهو ملاحظة المعقول لتحصيل المجهول "

    * المقدمة الثالثة : النظري قد يقع فيه الخطأ ، وهو ما اشار اليه بقوله : " وقع يقع فيه الخطأ "

    ليخلص بعد ذلك الى النتيجة وهي قوله : " فاحتيج الى قانون تعصم مراعتها عنه وهو المنطق "

    فالكلام اذن في مطلبين :

    الاول : بيان المقدمة الثانية .

    وفيها نقاط :
    1ـ بين الانقسام و الاقتسام .
    للتهذيب نسختان مختلفتان من حيث العبارة :
    الاولى : وهي نسخة مخطوطة متوفرة عندي وهي غير النسخة التي اعتمدها الملا عبد الله فقد جاء فيها " وينقسمان بالضرورة الى الضرورة والاكتساب بالنظر "
    ولا محذور في هذه العبارة ولا اشكال فيها .
    الثانية : وهي النسخة التي اعتمدها الملا عبد الله في تحشيته عليها وهي التي جاء فيها :
    " ويقتسمان بالضرورة الضرورةً والاكتساب "
    ويرد عليها اشكالان :
    الاشكال الاول : ان الفعل " اقتسم " لازم وليس بمتعد فكيف جعله متعديا الى مفعوله " الضرورةَ " بلا واسطة مع ان الفعل اللازم لا يصل لمفعوله بواسطة كحرف الجر وتضعيف عين الفعل ؟
    الجواب : قال جار الله الزمخشري في كتابه اللغوي المسمى بــ" اساس البلاغة " ما حاصله (1) : ان الاقتسام بمعنى القسمة فيكون معنى الفعل " اقتسم " اي " قسّم " وهو مضعف العين ومعلوم ان التضعيف هو احد طرق تعدية الفعل اللازم فصح ان يتعدى فتكون العبارة كالتالي :
    " يقسّم التصورُ والتصديقُ الضرورةً والاكتسابَ " .
    الاشكال الثاني : وهنا يرد اشكال آخر وهو : ان ظاهر هذه العبارة هو تقسيم العلم الى الضروري والنظري ثم كل منهما الى تصور وتصديق مع ان مراد المصنف هو ان العلم ينقسم الى التصور والتصديق اولا ثم ينقسم كل من التصور والتصديق الى قسمين : الضروري والنظري .
    وهنا تفصى المحشي من هذا الاشكال : بان ما استظهر من عبارة المصنف صحيح بمعنى ان المدلول المطابقي للكلام يخالف مراد المصنف الا انه بالالتزام يدل على مراده فيكون تعبيره هذا من الكناية وهي ابلغ من التصريح .
    و بالنسبة لنا لا نحتاج الى كل ذلك بعد اتضاح العبارة الخالية من الاشكال .
    2ـ بيان قيد " بالضرورة " اي بالبداهة .
    هل قسمة كل من التصور والتصديق الى بديهي تحتاج الى استدلال ام لا ؟
    قولان في المقام :
    الاول : ما ذهب اليه جمهور المناطقة وهو ان القسمة تحتاج الى استدلال وحاصل ما ذكروه من استدلال على التبعيض اي ان بعض التصورات والتصديقات ضروري والبعض الاخر نظري هو : " لو كان كل واحد من التصورات والتصديقات بديهيا لما احتجنا في تحصيل شيء من الاشياء الى كسب ونظر وهو فاسد ضرورة احتياجنا في تحصيل بعض التصورات والتصديقات الى الفكر والنظر .
    ولو كان جميع التصورات والتصديقات نظريا لزم الدور او التسلسل . فيثبت ان بعض التصورات والتصيدقات ضروري وبعضها نظري . / شرح الشمسية 46
    الثاني : وهو ماذهب اليه التفتازاني بقوله " بالضرورة " وحاصله : ان هذه القسمة ـ اعني قسمة كل من التصورات والتصديقات الى ضروري ونظري ـ بديهية لا تحتاج الى تكلف الاستدلال فانا نجد ان بعض التصورات كالوجود حاصل لنا بلا نظر ، وبعضها يتوقف حصوله لنا على النظر كتصور الملائكة والوحي ، وهكذا الحال بالنسبة للتصديقات فبعضها بديهي لا يتوقف الاذعان به على النظر والاستدلال كالنار حارة وبعض التصديقات ليس كذلك فيتوقف الايمان به على الاستدلال كالتصديق بان العالم حادث اوالمنطق محتاج اليه مثلا فها نحن نبرهن عليه بالمقدمات الثلاث .
    3ـ تعريف النظر .
    النظر هو : ملاحظة المعقول لتحصيل المجهول .
    بيان التعريف :
    1ـ ملاحظة : اي لحاظ وقصد وتوجه الانسان الى ماهو موجود في ذهنه ليصل الى ما ليس بموجود في ذهنه .
    2ـ المعقول : وهو المعلوم الكلي الموجود في الذهن فعلا فيتوجه الانسان اليه ليصل الى ما يجهله فالمعقول لا يشمل المعلوم الجزئي .
    3ـ المجهول : وهو ما يريد ان يصل الانسان اليه بالتفاته الى المعقول ، والمجهول كالمعلوم تصوري وتصديقي فان كان ما استخدمه في الوصول الى المجهول عبارة عن معلومات تصورية فما يصل اليه هو مجهول تصوري وان كانت المعلموت الكاشفة للمجهول تصديقية فالمجهول تصديقي .
    4ـ وهنا سؤال : لماذا قال المصنف " معقول " ولم يقل " معلوم " مع انها اوضح ؟
    الجواب : لامور ثلاثة :
    اولا : لان العلم مشترك فيطلق على اليقين والجهل المركب ويطلق على مقسم التصور والتصديق بخلاف لفظ المعقول .
    ثانيا : ليشير المصنف الى ان النظر والفكر لا يجري في الجزئيات وانما ينحصر في الكليات التي يطلق عليها اسم المعقولات فان لفظ المعقول لا يطلق الا على المعلوم الكلي . وسبب انحصار النظر في الكليات هو ان الجزئي لا يكون كاسبا ولا مكتسبا كما هو مقرر عندهم حتى اجروها كقاعدة .
    ومعناها ان الجزئي لا يُعرّف غيره ولا يعُرَّفه غيره فلا يكون كاشفا لغيره ولا مكشوفا له فهنا دعوتان :
    الاولى : الجزئي لا يكون كاسبا ، لان اداة تحصيله هي الحواس فهو محسوس ولا يحصل من ترتيب المحسوسات حصول امر غير حاصل لا جزئي ولا كلي .
    الثانية : الجزئي لا يكون مكتسبا ، لان الكاسب له ان كان جزئيا فالجزئي لا يكون كاسبا كما قلنا .
    وان كان الكاشف والكاسب له كليا فضم كلي الى كلي آخر بل انضمام آلالف الكليات لا يؤدي الى جزئي حتما .
    ثالثا : لرعاية السجع فمن الواضح مطابقة آخر كلمة معقول مع كلمة مجهول فكلاهما منتهٍ باللام بخلاف كلمة " معلوم " .

    المطلب الثاني : بيان المقدمة الثالثة والاخيرة .

    ( بيان وقوع الخطأ في العلم النظري ).
    بعد ان بين العلم وتقسيمه الى تصور وتصديق من جهة و ان كل منهما ينقسم الى ضروري ونظري من جهة اخرى يشرع الان في بيان المقدمة الثالثة والاخيرة وحاصلها : ان عملية الفكر والنظر الجارية في العلم التصوري او التصديقي قد يقع فيها الخطأ .
    والدليل على وقوع الخطأ في عملية الاستدلال هو الاختلاف الفكري بين بني البشر في شتى صنوف المعرفة الدينية والدنيوية فمثلا : فنجد الفكر الكلامي يؤمن بحدوث العالم زمانا وفي المقابل يؤمن الفلاسفة بعدم حدوث العالم ويذهبون الى قدمه زمانا ، وتجد طائفة من البشر تؤمن بالوهية المسيح عليه السلام وهم النصارى ويقابلهم قسم اخر يرفضون ذلك اشد الرفض فالاله عندهم واحد لا شريك له وتجد طائفة من البشر تؤمن بعصمة الامام وتقابلهم اخرى تنفي ذلك وهكذا بل قد يحصل هذا التنافي عند شخص واحد كما ملاحظ بالوجدان ولا مجال للتفصيل ولايمكن لعاقل ان يحكم بصدق القضيتين او كذبهما معا فان الايمان بـ " ام القضايا " ( = النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان ) يقضي جزما بصدق احدى القضيتين وكذب الاخرى فحينئذ : لابد من ميزان ومرجعية فكرية وقاعدة كلية متى ما روعيت وطبقت في مجال والاستدلال عُصم الفكر عن الوقوع في الخطأ وهذا العاصم وتلك القاعدة الكلية هو علم المنطق .
    والنتيجة المتحصلة من المقدمات هي : اننا محتاجون لعلم المنطق في عصمة الفكر عن الوقوع في الخطأ وقد ثبتت هذه النتيجة بمقدمات ثلاث :
    الاولى : العلم تصور وتصديق .
    الثانية : التصور والتصديق بديهي ونظري .
    الثالثة : النظري قد يقع فيه الخطأ .
    فيحتاج الى قاعدة كلية و قانون وهو المنطق ، ومن هذه النتيجة يُعلم تعريف المنطق وهو : قانون يعصم الذهن عن الوقوع في الخطأ عند مراعاته .
    ( المراد من القانون )
    والقانون في الاصل يعني بما يعرف اليوم بالمسطرة وفي الاصطلاح : كل قضية كلية تعرف منها احكام جزئيات وافراد موضوعها ، فمثلا قول الفقهاء : كل خمر حرام .
    موضوعها " الخمر " والحكم فيها هو " الحرمة " ولموضوعها جزئيات وافراد كخمر معاوية وخمر يزيد والخمر الذي يباع الان في بغداد والخمر الذي سيصنع ايضا في المستقبل وكل هذه الافراد يشملها الحكم وهو الحرمة وقد استفيد الحكم بحرمة هذه الافراد والجزئيات للخمر الواقع موضوعا في القضية ببركة قضية < كل خمر حرام >فهي قانون وهكذا قول النحاة : كل فاعل مرفوع .


    ومن جميع ما مر يتضح سر ابتداء المصنف لبيان امور المقدمة الثلاثة باثبات الحاجة الى علم المنطق اذ ان ذلك حقق لنا امرين في وقت واحد هما :
    1ـ تعريف المنطق . 2ـ واثبات الحاجة .
    بخلاف ما لو ابتدأ بتعريف المنطق فانه يحتاج ان يستأنف الكلام ثانيا باثبات الحاجة لعلم المنطق فاثبات الحاجة كالحجر الذي يضرب لنا في وقت واحد عصفورين .
    نعم يبقى الامر الثالث < موضوع العلم > وهو ما سيأتي بعيد هذا .

    ــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) نص عبارة الزمخشي هي :
    "قسموا المال بينهم قسماً وقسموه تقسيماً واقتسموه وتقسّموه وتقاسموه، وقاسمته المال مقاسمة. وقسم القسّام وهو الذرّاع الأرض وحرفته: القسامة. وقسم الله الرزق، وهو القسام الوهاب. وتصافنوا الماء بحصاة القسم ونواة القسم. وهذه قسمة عادلة. وأعطيته قسمه ومقسمه أي نصيبه، وأعطيتهم أقسامهم ومقاسمهم وأقاسيمهم. وأنشد أبو زيد:
    ومالك إلا مقسمٌ ليس فائتاً ... به أحدٌ فاعجل به أو تأخرا
    وهذا مقسم الفيء: وجرى فيه المقسم أي القسمة. قال الطرماح:
    لنا نسوة لم يجر فيهنّ مقسم ... إذا ما العذارى بالرماح استحلت
    واستقسموا بالأزلام، ولأحد الشريكين أن يستقسم. وهو قسيمي: مقاسمي. وفي حديث عليّ رضي الله عنه: أنا قسيم النار. وأسأل الله أن يصحح جسمك، ويتمم قسمك. وأقسم بالله قسماً باطلاً وأقساماً باطلة، وقاسمهما: حلف لهما، وتقاسموا بالله: تحالفوا. وحكم القاضي بالقسامة..."اهـ
    راجع كتاب اساس البلاغة مادة : ق ، س ، م )




    ( الْيَمِينُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ الْجَادَّةُ عَلَيْهَا بَاقِي الْكِتَابِ وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ وَ مِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ وَ إِلَيْهَا مَصِيرُ الْعَاقِبَةِ ) .
    { نهج البلاغة }
يعمل...
X