إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رسالة في الأمر بين الأمرين بحث من آبحاث الامام الخوئي قدس سره الحلقة السابعة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رسالة في الأمر بين الأمرين بحث من آبحاث الامام الخوئي قدس سره الحلقة السابعة

    أمّا الأدلّة العقلية فهي اُمور :
    الأوّل : هو أنّه لا شكّ ولا ريب في أنّ المؤثّر الوحيد في الوجود بجميع شؤونه وأحواله هو الله الواحد ، إذ هو مقتضى سلطنته المطلقة وفاعليته التامّة ، وعبّروا عن هذا المعنى بعبارة معروفة في الكتب الكلامية والفلسفية : «لا مؤثّر في الوجود إلاّالله» فليس غيره مؤثّراً ومتصرّفاً في الكون والفساد ، وكيف يكون العبد مؤثّراً مع أنّه محتاج في جميع شؤونه وأطواره إلى الله تعالى ، بل قد تحقّق في محلّه(33) أنّ الممكن في ذاته نفس الافتقار ، لا أنّه ذات ثبت لها الافتقار ، هذا .
    مع أنّه لو كان غيره تعالى مؤثّراً في الوجود وخالقاً لشيء لزم الشرك وتعدّد الخالق . هذا ملخّص ما بيّنوه من الأمر الأوّل .
    ونقول في الجواب : إنّ إطلاق المؤثّر والخالق على من يكون الفعل ناشئاً عنه ليس على معنى واحد ، وقد بيّن في محلّه(34) أنّ هذا الإطلاق يقع على أنحاء كثيرة ولابدّ لنا من بيان أقسام ثلاثة منها توطئة للجواب :
    الأوّل : المؤثّر الحقيقي القائم بنفسه ، المستغني في فعله عمّا سواه ، وهو منحصر في الله الواحد إذ هو القائم بنفسه ، المستغني في فعله حتّى عن الرويّة والآلة .
    الثاني : ما يصدر منه الفعل ويتّصف بالمؤثّرية ، ولكن ليس له أيّ قدرة واختيار في فعله وتركه ، وشأنه شأن الآلة التابعة للإرادة الفاعلة ، كالأدوات الصناعية .
    وهذا القسم وإن كان اتّصافه بالفعل صحيحاً كاتّصاف السيف بالقاطعية ، إلاّ أنّ استناد التأثير إليه تابع لصدور الفعل عن الفاعل ، ولضعف الاستناد إليه يوشك أن يصحّ سلبه عنه .
    الثالث : ما يكون وسطاً بين القسمين ، وذلك بأن كان اتّصافه بالفاعلية اتّصافاً بالحقيقة بلا عناية ، إلاّ أنّ كونه قادراً على الفاعلية تابع لإرادة الغير وإفاضته ، وهذا كالإنسان المختار ، فإنّ القدرة على اختياره ـ كجميع أطواروجوده ـ وإن كان منه تعالى مع دوام الإفاضة وتجدّدها في جميع الآنات الممتدّة ، إلاّ أنّ اتّصافه بالفاعلية بإعمال قدرته مستند إلى نفسه .
    إذا تحقّقت ذلك ظهر لك أنّه لا ملازمة بين الالتزام بصدور الأفعال من العباد على النحو الثالث وبين القول بالشرك وتعدّد الخالق ، نعم القول باستقلال العبد في فعله كما عليه المفوّضة مرتبة من القول بالشرك ، كما اُشير إليه في روايات أهل البيت (عليهم السلام) وسيأتي التعرّض لذلك فيما بعد إن شاء الله(35).
    الثاني : هو أنّه تعالى عالم بجميع الموجودات ومنها أفعال العباد ، وذلك يوجب وقوعها منهم في الخارج ، وإلاّ انقلب علمه جهلا ، تعالى الله عن ذلك .
    وتوضيحه : أنّ العلم لمّا كان متعلّقاً بالفعل الذي يوجده زيد ـ مثلا ـ لزم وجوده في الخارج ليطابق علمه معلومه ، فلو فرضنا قدرة زيد على الفعل والترك وأنّه لم يفعل باختياره كان العلم المزبور جهلا ، والتالي باطل بالضرورة ، فالمقدّم مثله .
    ثمّ إنّ بناء هذه الشبهة يمكن أن يكون على أحد أمرين :
    الأوّل : ما فهمه خاتم المحقّقين نصير الدين الطوسي وغيره من المحقّقين(36)(قدّس الله أسرارهم) من أنّ أساس الشبهة على دعوى أنّ العلم الأزلي علّة لصدور الفعل من العبد .
    والجواب عنه حينئذ ظاهر ، فإنّ العلم بالأمر المتأخّر وانكشافه لدى العالم به ليس علّة لوجوده ، سواء في ذلك علمه تعالى وعلم غيره .
    الثاني : ما يظهر من بعضهم من أنّ أساس الشبهة على دعوى استلزام العلمالأزلي وقوع الفعل في الخارج ، وإن لم يكن بينهما علّية ومعلولية .

    والجواب عنه : أنّ العلم الأزلي إذا كان متعلّقاً بصدور الفعل من الفاعل باختياره وإرادته فهو لا يستلزم وقوعه على أي نحو وقع في الخارج، بل يستلزم وقوعه عن إرادة واختيار ، والسرّ فيه : أنّ العلم هو انكشاف الواقع على ما هو عليه ، فإذا كان الواقع في نفسه اختيارياً لم يوجب انكشافه لدى العالم به انقلابه إلى كونه اضطرارياً ، بل لو فرض الانقلاب لزم انقلاب العلم جهلا ، إذ المفروض تعلّق العلم به بما هو اختياري ، فكيف يمكن أن يصدر بغير اختيار من الفاعل وإرادته .
    وهذا الذي ذكرناه هو المراد بقول من قال : إنّ العلم تابع للمعلوم(37)، دون العكس .
    وإن شئت توضيح ذلك فلاحظ المرآة إذا كان في قبالها جسم وقعت صورته فيها ، فهل الواقع فيها يغاير الصورة الخارجية ، أو أنّ الصورة الخارجية على ما هي عليها تنعكس في المرآة ؟ لا سبيل إلى الأوّل بالضرورة ، بل الموجود في الخارج تنعكس صورته فيها على ما هو عليه ، والانكشاف لا يغيّر الواقع ولا يبدّله .
    ولا يخفى أنّا لم نرد بهذا التمثيل إلاّ تقريب الذهن ، وبيان أنّ انكشاف شيء لا يغيّر واقعه ، لا التمثيل التامّ كي يقال بأنّ علم الله تعالى بالأفعال حاصل قبل تحقّقها فكيف يقاس ذلك بالمرآة المنكشف فيها صورة الموجود الخارجي بعد وجوده .

    ويمكن الجواب عن الشبهة على كلا الأساسين بما عن المحقّق الطوسي(38) بالنقض بعلمه تعالى بأفعال نفسه ، بتقريب : أنّ العلم بصدور فعل لو كان علّة لصدوره بغير اختيار أو كان ملازماً له لزم أن يكون الواجب تعالى أيضاً مضطراً فيأفعاله ، لأنّها معلومة له قبل وقوعها ، مع أنّ الأشعري لا يلتزم بذلك ، فما هو الجواب في أفعاله سبحانه هو الجواب في أفعال العباد أيضاً.
    وبما ذكرناه من الحلّ والنقض يظهر الجواب عمّا ذكره بعضهم في ذيل الشبهة المزبورة بأنّه تعالى قد أخبر في بعض الموارد عمّا يؤول إليه حال العبد ، كقوله تعالى : (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب وَتَبَّ)(39) الخ ، ولابدّ من أن يكون المخبر عنه واقعاً في الخارج وإلاّ لزم الكذب عليه تعالى ، ومن الظاهر أنّ ما لابدّ من وقوعه في الخارج لا يكون اختيارياً ، وجه الظهور : أنّ الإخبار عن شيء كالعلم به لم يتعلّق بمطلق وجوده ، بل بوجوده الاختياري ، فلا يوجب انقلابه عمّا هو عليه ، وإلاّ لزم الكذب ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً .
    هذا مع أنّ الإخبار قد يتعلّق بفعل الله سبحانه نفسه من العقاب والثواب أو غير ذلك ، فلو كان مستلزماً لصدور الفعل اضطراراً لزم الالتزام بذلك في فعل الله أيضاً ، والأشعري لا يلتزم به ، وسيجيء التعرّض لذلك مفصّلا عند البحث عن الآيات إن شاء الله تعالى(40).
    الثالث : وهو عمدة ما استدلّوا به لإثبات مطلوبهم ، وتقريره كما يظهر من كلماتهم أخذاً من الفلاسفة(41) أن يقال : إنّ الفعل الصادر عن العبد إمّا أن يكون على نحو الاضطرار والوجوب فهو المطلوب ، أو يكون مسبوقاً بالاختيار والإرادة ، بحيث تكون نسبة الفعل والترك إلى الفاعل على السواء ، فيختار أحد الطرفين ، وعليه فإمّا أن يكون هذا الاختيار بلا مرجّح فهو ترجيح أحد طرفي الممكن بلا مرجّحوهو محال ، أو يكون الصدور بمرجّح فننقل الكلام إليه فنقول : هل كان صدور هذا المرجّح الذي هو من الممكنات بلا مرجّح فعاد المحذور، وإن كان بمرجّح آخر فننقل الكلام إليه ، وكذلك يتكرّر السؤال ، فإمّا أن يتسلسل فيلزم اجتماع العلل غير المتناهية الطولية على معلول واحد، وإمّا أن ينتهي إلى الضرورة والوجوب ، وهو المطلوب .
    وبالجملة : الفعل الخارجي بما أنّه من الممكنات لابدّ في وجوده من علّة موجبة سابقة عليه ، وإلاّ فهو على إمكانه ، ومعه يستحيل وجوده ، لأنّه يستلزم ترجيح أحد طرفي الممكن بلا مرجّح ، وهو ممتنع .
    قل للمغيب تحت أطباق الثرى إن كنت تسمع صرختي و ندائيا
    صبت علي مصائب لو أنها صبت على الأيام صرن لياليا
    ************
    السلام عليكِ يا أم أبيها

  • #2
    حفظكم الله وادامكم انصارا لدينه
    ينام مطمئناً من كان له اب

    فكيف لاينام مطمئناً من كان له رب

    تعليق

    يعمل...
    X