إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الكون مع الصادقين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكون مع الصادقين

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين

    قال تعالى في كتابه العزيز (ياأيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله وكونوا مع الصّادقين) إن ما في الآية من إطلاق الأمر بالتقوى وإطلاق الصادقين وإطلاق الأمر بالكون معهم يدل على أن المراد بالصدق هو معناه الواسع العام وهو أن يعد الإنسان صادقا إذا طابق خبره الخارج وصادقا إذا عمل بما اعتقده وصادقا إذا أتى بما يريده ويعزم عليه على الجد فالآية تأمر المؤمنين بالتقوى وإتباع الصادقين في أقوالهم وأفعالهم وهو غير الأمر بالاتصاف بصفتهم ، وفي الآية الكريمة مسائل عدة نبحث منها : المسألة الأولى / دلالة الآية على عصمة وإمامة الصادقين عند التدقيق في الآية الكريمة نجد أن الأمر ( كونوا مع الصادقين ) له دلالة على أن الصادقين طرف مقابل طرف آخر وهم المأمورون بالكون بمعنى أن الصادقين هم فئة خاصة يجب التمسك بهم وإتباعهم وطاعتهم فيكون الصادق المأمور بالكون معه صادق مطلقا في عقيدته وأقواله وأفعاله وصادقا في كل شيء ، والصادق في كل شيء هو المعصوم وقد استشف هذا المعنى ( عصمة الصادقين ) الخاصة والعامة . من الخاصة ألمجلسي في مرآة العقول (أن الله أمر كافة المؤمنين بالكون مع الصادقين، و ظاهر أن ليس المراد به الكون معهم بأجسادهم بل المعنى لزوم طرائقهم و متابعتهم في عقائدهم و أقوالهم و أفعالهم، و معلوم أن الله تعالى لا يأمر عموما بمتابعة من يعلم صدور الفسق و المعاصي عنه، مع نهيه عنها، فلا بد من أن يكونوا معصومين لا يخطئون في شي ء حتى تجب متابعتهم في جميع الأمور) و أيضا اجتمعت الأمة على أن خطاب القرآن عام لجميع الأزمنة لا يختص بزمان دون زمان، فلا بد من وجود معصوم في كل زمان ليصح أمر مؤمني كل زمان بمتابعتهم. ومن العامة الرازي في تفسيره للآية { يا أيهاالذين ءامَنُواْ اتقوا الله } حيث قال أمر لهم بالتقوى ، وهذا الأمر إنما يتناول من يصح منه أن لا يكون متقياً ، وإنما يكون كذلك لو كان جائز الخطأ ، فكانت الآية دالة على أن من كان جائز الخطأ وجب كونه مقتدياً بمن كان واجب العصمة ، وهم الذين حكم الله تعالى بكونهم صادقين ، فهذا يدل على أنه واجب على جائز الخطأ كونه مع المعصوم عن الخطأ حتى يكون المعصوم عن الخطأ مانعاً لجائز الخطأ عن الخطأ ، وهذا المعنى قائم في جميع الأزمان فوجب حصوله في كل الأزمان . وقال أيضا في تفسيره للآية : نحن نعترف بأنه لا بد من معصوم في كل زمان ، إلا أنا نقول : ذلك المعصوم هو مجموع الأمة . المسألة الثانية / دلالة الآية على وجود معصوم في كل زمان إن المكلفين موجودون في زمان نزول الآية وفي كل زمان ، وان خطابات القرآن الكريم شاملة لكل مؤمن ولا تقييد في خطاباته بزمان دون زمان ، إذن كل المؤمنين في كل زمان يتوجه لهم الأمر في الآية الكريمة وهو الكون مع الصادقين ، ولكي يصح الأمر الموجه لسائر المؤمنين بالكون مع الصادقين لابد من وجود الصادقين ليصح الكون معهم فأن الأمر بالكون مع عدم وجود الصادقين يكون تكليفا بالمحال ويشهد لهذا الفهم من هذه الآية حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( من مات من غير إمام مات ميتة جاهلية ) وقد اجمع على روايته المسلمون وصححوه ، وقد حسنه الألباني في ظلال الجنة أيضا وقد استفاد الرازي في تفسيره من الآية ذلك أيضا قائلا أنه أمر المؤمنين بالكون مع الصادقين ومتى وجب الكون مع الصادقين فلا بد من وجود الصادقين في كل وقت وذلك يمنع من إطباق الكل على الباطل ، ومتى امتنع إطباق الكل على الباطل وجب إذا أطبقوا على شيء أن يكونوا محقين . ويشهد لما استفدناه أقوال علماء العامة في ( رؤوس العامة يصرحون بوجود حجة في كل عصر ) ننتخب بعضا منها : إن ابن تيمية في مجموع الفتاوى قال : وجود حجة في كل عصر ، ابن حجر في الفتح قال : الأرض لن تخلو من قائم لله بحجة لكيلا تبطل حجج الله وبيناته ، وفي صلاة عيسى خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخر الزمان وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال أن الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجة . وأكثر من ذلك فقد صرح بعضهم أنه من أهل البيت ، قال ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة والحاصل أن الحث وقع على التمسك بالكتاب وبالسنة وبالعلماء ويستفاد من مجموع ذلك بقاء الأمور الثلاثة إلى قيام الساعة . قال المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير قال الشريف هذا الخبر يفهم وجود من يكون أهلا للتمسك به من أهل البيت والعترة الطاهرة في كل زمن إلى قيام الساعة حتى يتوجه الحث المذكور إلى التمسك به كما أن الكتاب كذلك فلذلك كانوا أمانا لأهل الأرض فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض . المسألة الثالثة / المقصود بالصادقين قد ثبت أنّ الله سبحانه دعا المؤمنين إلى إتباع الصادقين في هذه الآية والكون معهم فيما يقتضيه الدين، وثبت أنّ المنادي به يجب أن يكون غير المنادي إليه لاستحالة أن يُدعى الإنسان إلى الكون مع نفسه وإتباعها، فلا يخلو أن يكون الصادقون الّذين دعا الله تعالى إليهم جميع من يصدق أنّه صادق، فيكون اللفظ عامّاً مستغرقاً لجميع أفرادهم أو يكون بعض الصادقين. والأوّل باطل لأنّ كلّ مؤمن فهو صادق بإيمانه، فيلزم أن يكون الدعاء للإنسان إلى اتباع نفسه وذلك محال، فيكون بعضهم، فلا يخلو من أن يكونوا معهودين معروفين، فتكون الألف واللام للعهد فلابدَّ من تعيينهم والإشارة إليهم إتماماً للحجّة عليهم. وإن كانوا غير معهودين، فلابدَّ من الدلالة عليهم ليمتازوا ممّن يدّعي مقامهم وإلاّ بطلت الحجّة لهم وسقط تكليف أتباعهم، فإذا ثبت لزوم الدلالة عليهم، لم يدّع أحد من الفرق دلالة من الله ورسوله على غير عليّ(عليه السلام) وذريّته المعصومين، فثبت أنّها فيهم خاصة لفساد خلوّ الأمة كلّها من تأويلها وعدم القصد إلى أحد منهم بها، على أنّ الدليل قام على أنّها فيهم لأنّ الأمر ورد بإتباعهم على الإطلاق، وذلك يوجب عصمتهم وبراءة ساحتهم والأمان من زللهم لإطلاق الأمر بإتباعهم، والعصمة توجب النصّ على صاحبها بلا ارتياب، وإذا اتّفق مخالفونا على نفي العصمة والنصّ على من ادّعوا له تأويل هذه الآية فقد ثبت أنّها في الأئمّة الإثني عشر صلوات الله عليهم والدليل على ذلك من الخاصة والعامة : الخاصة/ الحديث الصحيح عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : سألته عن قول الله عز وجل " واتقوا الله وكونوا مع الصادقين " قال : الصادقون هم ألائمة والصد يقون بطاعتهم . ومن العامة / الأسيوطي في الدر المنثور 5/186 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله { اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } قال : مع علي بن أبي طالب . وأخرج ابن عساكر عن أبي جعفر في قوله { وكونوا مع الصادقين } قال : مع علي بن أبي طالب .
يعمل...
X