إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حياة الإمام الكاظم عليه السلام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حياة الإمام الكاظم عليه السلام

    حياة الإمام موسى بن جعفر –عليه السلام –
    بسم الله الرحمن الرحيم
    قا الله تعالى في كتابه العزيز : {الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين } . سورة آل عمران /آية 134 .
    وقال الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – "أحزم الناس أكظمهم للغيظ " .
    لماكان اقتران العترة الطاهرة بالقران الكريم أساس فلاح الأمة الإسلامية وأمانها من الضلال حسب حديث الثقلين المتواتر بين الفريقين فإن أئمة أهل البيت – عليهم السلام– كانوا التجسيد الحقيقي لمفاهيم القران و أوامره الأخلاقية وقيمه التربوية ,ولذا نجد الواحد منهم يتصف بكل المعاني الخيرة التي دعا إليها القرآن الكريم . وأفضل مثل يمكن تقديمه على ما سبق وخصوصاً على كظم الغيظ هو الإمام موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب –عليهم السلام أجمعين - , وهو الإمام السابع من الأئمة الأثني عشر الذين ذكر الله لهم في القرآن الكريم ضمن آية التطهير القول بعصمتهم , وخصهم بصفات وطباعٍ تؤهلهم لتلك المرتبة الشريفة . وجعلهم مصابيح هدى نقتدي بهم في ظلمات حياتنا فنتعلم الأخلاق والآداب منهم –عليهم السلام - .
    كني الإمام موسى بن جعفر –عليه السلام – بالكاظم لشدة حلمه وصبره وعفوه وكظمه للغيظ , وتجاوزه عمن ظلمه وآذاه . وعن ذلك قال محمدبن طلحه الشافعي في كتابه [مطالب السؤول ]:"ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه دعي كاظماً , كان يجازي المسيء إليه بإحسانه ...." .
    فهل ترون الصورة التي ينبغي أن نكون عليها بأن لا نقابل السيئة بمثلها بل علينا تعلم الإحسان والصفح , وكما قال تعالى : { ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بماتصفون } . –سورة المؤمنين آية /69 .
    وقصةحلم الإمام موسى بن جعفر الكاظم –عليه السلام – هي قصة عظيمة وجليلة , تحرك الوجدان وتوعي الفكر وتمس الشعور , حيث عانى صلوات الله وسلامه عليه الكثير من الآلام والمآسي , وواجه أقسى الضغوط والنوائب وأصعبها , فلم تهزه قيد شعرة , بل كانت تزيده صموداً وإيماناً خشوعاً وحلماً . وهذا ليس بغريب على الإمام –عليهالسلام – فهو شأن أهل البيت . سلام الله عليهم جميعاً , الذين اختاروا درب الصعاب والتحديات والمواجهة في سبيل نقاء الدين الإسلامي وتبليغ الدعوة الإسلامية ونشرها في كافة الأمصار والأصقاع . وكما قال الإمام علي –عليه السلام- " ما دام الإسلام بخير فأنا بخير ".
    ولنستمع إلى صورة رائعة صورها لنا الخطيب البغدادي في كتابه (تاريخ بغداد ) . حيث قال :ذكر لي غير واحد من أصحابنا أن رجلاً من ولد بعض خصوم أهل البيت –عليهم السلام - .كان بالمدينة يؤذي الإمام الكاظم –عليه السلام – ويشتم مولانا الإمام علي –عليه السلام - , قال : وكان بعض حاشية الإمام الكاظم –عليه السلام – قد قال له –عليه السلام - : دعنا نقتله , فنهاهم سلام الله وصلواته عليه عن ذلك أشدّ النهي . وسأل الإمام –عليه السلام – عن ذلك الرجل فذكر له أنه يزرع بناحية من نواحي المدينة ,فركب سلام الله عليه إلى مزرعته فوجده فيها , فدخل – عليه السلام – المزرعة بحماره, فصاح به الرجل : لاتطأ زرعنا فوطئه –عليه السلام – بالحمار حتى وصل إلية فنزل سلام الله عليه فجلس عند الرجل وضاحكه , وقال له : كم غرمت في زرعك هذا ؟ قال له :مائة دينار, قال : فكم ترجو أن يجئيك فيه ؟ قال : أرجو أن يجيئني مائتا دينار .قال : فأعطاه الإمام الكاظم –عليه السلام – ثلاثمائة دينار وقال : -عليه السلام –هذا زرعك على حاله , فقام الرجل فقبل رأس الإمام –عليه السلام – وانصرف . وعندما راح الإمام الكاظم –عليه السلام – إلى المسجد وجد ذلك الرجل جالساً , فلما نظرإلية قال –عليه السلام - : "الله أعلم حيث يجعل رسالته " , فوثب أصحاب الرجل فقالوا له : ما قصتك ؟ قد كنت تقول خلاف هذا فخاصمهم وجعل يدعو لمولانا لأبي الحسن موسى –عليه السلام – كلما دخل وخرج . فقال الإمام الكاظم –عليه السلام – لحاشيته الذين أرادوا قتل الرجل : أيما كان خير , ما أردتم ,أ وما أردت أن أصلح أمره بهذاالمقدار .
    وواضح في الصورة السابقة أن لكل داء دواء وهذا ما استشعره الإمام الكاظم – عليه السلام –فنلمس في تلك الصورة مدى حلم الإمام موسى بن جعفر –عليه السلام – وسعة صدره , ومدى حنكته , ورغبته في إصلاح النفوس بدل إفسادها , وفي تبسيط الأمور عوض تعقيدها .
    ولماجاء دور هارون الرشيد في الخلافة سعى في إيذاء الإمام –عليه السلام – وسجنه متجاهلاً نسبه وأصوله , محاولاً تغيير مجرى التاريخ وقلب الموازين وطمس حقيقة راسخة في ضمير الناس , وهي جزء لا يتجزأ من كيانهم وإنسانيتهم وتراثهم وديانتهم ,وهي متعلقة بالشريعة الإلهية , والرسالة الإسلامية , والمنهج النبوي المحمدي ,ومسيرة أهل البيت –عليهم السلام - . إلا أن محاولة ذلك الجاهل الحاقد باءت بالفشل, فكانت هذه المحاولة تثبيتاً للعقيدة والدين واستمرار للولاء والوفاء والالتزام.
    ولنطلع معاً على قصة تلك المحاولة ودواعيها , حيث اتفق جميع المؤرخين على قيام هارون الرشيد باعتقال الإمام أبي إبراهيم موسى بن جعفر –عليه السلام – وسجنه على مدارعدة سنوات مع تأكيده على سجانيه بالتشديد والضييق عليه –عليه السلام – ومزاحمته .وكان سبب سجنه . سلام الله عليه . حسب ما رواه الصباغ المالكي ,عن محمد بن علي النوفلي , هو وشاية جماعة به –عليه السلام – إلى هارون الرشيد بأن : الأموال والزكوات والأخماس تحمل إليه –عليه السلام – من جميع الجهات , وأنه –عليه السلام –اشترى ضيعة سماها التيسيرية بثلاثين ألف دينار , فخرج الرشيد في تلك السنة يريد الحج , وبدأ بدخوله إلى المدينة , فلما أتاها استقبله مولانا موسى بن جعفر –عليهالسلام – في جماعة من الأشراف , فلما دخلها واستقر ومضى كل إلى سبيله ذهب الإمام –عليهالسلام –على جاري عادته إلى المسجد , وأقام الرشيد في المدينة
    إلى الليل
    فأمربالإمام –عليه السلام –فأخذ-عليه السلام –من المسجد وأدخل على الرشيد , فقيده في تلك الساعة , وطلب إحضار قبتين جاعلاً كلا منهما على بغل ثم وضع الإمام –عليهالسلام – في أحداهما وأرسلها على طريق البصرة بينما أرسل القبة الأخرى على طريق الكوفة . وإنما فعل الرشيد ذلك ليوهم أمر الإمام موسى بن جعفر –عليه السلام – علىالناس وكان الرشيد قد أوصى إلى القوم الذين كانوا مع الإمام –عليه السلام – تسليمه إلى عيسى بن جعفر بن منصور الذي كان والياً على البصرة آنذاك فسلموه –عليه السلام –إليه , وقام الأخير باستلام الإمام الكاظم –عليه السلام – وحبسه لديه لمدة سنةوبعد مرور السنة كتب الرشيد إلى عيسى بن جعفر طالباً سفك دم الإمام – عليه السلام –وإراحته منه . فاستدعى عيسى بن جعفر بعض خواصه وحاشيته الثقات اللائذين بهوالناصحين له , فاستشارهم بعد أن أطلعهم على ما كتبه إليه الرشيد فقالوا : نشيرعليك بالاستعفاء من ذلك وأن لا نفع فيه . فكتب عيسى بن جعفر إلى الرشيد , يقول :ياأمير المؤمنين كتب إلى في هذا الرجل , وقد اختبرته طول مقامه في حبسي بمن حبسته معه عينا ً عليه لتنظروا حيلته وأمره وطويته بمن له المعرفة والدراية ويجري من الإنسان مجرى الدم فلم يكن منه سوء قط , ولم يذكر أمير المؤمنين إلا بخير ولم يكنعنده تطلع إلى ولاية ولا خروج ولا شيء من أمر الدنيا , ولا قط دعا على أميرالمؤمنين ولا على أحد من الناس ولا يدعو إلا بالمغفرة والرحمة له ولجميع المسلمين مع ملازمته للصيام و الصلاة و العبادة , فإن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني من أمرهو ينفذ من يتسلمه مني وإلا سرحت سبيله فإني منه في غاية الحرج . وروى أن شخصاً من بعض العيون التي كانت عليه في السجن رفع إلى عيسى بن جعفر أنه سمعه يقول في دعائه: اللهم إنك تعلم أني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك , اللهم وقد فعلت فلك الحمد فلما بلغ الرشيد كتاب عيسى بن جعفر وجه إليه من يتسلمه منه , وصير به إلى بغداد ,فسلم إلى الفضل بن الربيع فبقي عنده مدة طويلة . ثم نقله إلى سجن الفضل بن يحيى البرمكي الذي احتفى به وأكرمه , ولما بلغ الرشيد ذلك أرسل من قام بتسليم الإمام الكاظم –عليه السلام – إلى السندي بن شاهك الذي كان معروفاً بالفسق والفجوروالتملق للسلطان , الأمر الذي جعله يبالغ في سجن الإمام موسى بن جعفر –عليه السلام- . ويزيد في تقييده والتضييق عليه إلى أن أتى أمر الرشيد بقتله –عليه السلام - ,فامتثل لأمره بدس السم له –عليه السلام –في طعامه حتى يبدو للعيان أنه مات ميته طبيعية دون تعذيب ولاخيانة أومؤامرة على ذلك ونفذ السندي أمر رئيسه بأن جعل السم لمولانا الكاظم –صلوات الله عليه – في طعام قدمه إليه وقيل في رطب , فأكل منهالإمام موسى بن جعفر – عليه السلام - , وقضى نحبه في اليوم الثالث , وكان استشهاده في أواخر شهر رجب سنة 183 /هجرية , مخلفاً وراءه الفضائل الجمة والذكر الجميل ,فسلام الله عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً .
    وقد دفن في مقابر قريش من باب التين , وكانت هذه المقبرة لبني هاشم والأشراف من الناس قديماً
    وروى أنه –عليه السلام – لما حضرته الوفاة سأل السندي بن شاهك أن يحضره مولى له مدنياً ينزل عند دار العباس بن محمد في مشرعة القصب ليتولى غسله وتكفينه ففعل ذلك قال السندي بن شاهك : وكنت سألته أن يأذن لي في أن أكفنه فأبى وقال : إنا أهل بيت مهورنسائنا وحج صرورتنا وأكفان موتانا من طاهر أموالنا , وعندي كفني فأريد أن يتولى غسلي وجهازي مولاي فلان فتولى ذلك منه .
    وبذلك أفل القمر السابع من الأقمار الإثني عشر الزاهرة بعد عمر قضاه –عليه السلام –بالعبادة والزهد وخشية الله سبحانه وتعالى إلى درجة أنه لقب بالعبد الصالح لشدة تعبده وصلاته وسجوده , وقيامه بالليل ومواظبته الشديدة على أداء الطاعات . وفي ذلك قال المفيد : " وروى أنه كان يصلى نوافل الليل ويصلها بصلاة الصبح ثم يعقب حتى تطلع الشمس , ويخر لله ساجداً فلا يرفع رأسه من الدعاء والتحميد حتى يقرب زوال الشمس , وكان يدعو كثيراً فيقول : اللهم إني أسألك الراحة عند الموت والعفو عندالحساب , ويكرر ذلك .وكان من دعائه –عليه السلام - : عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك .
    وكان.سلام الله عليه .يبكي من خشية الله حتى تخضل لحيته بالدموع , وكان أوصل الناس لأهله ورحمه , وكان يتفقد فقراء المدينة في الليل فيحمل إليهم الزنبيل فيه العين والورق والأدقة والتمور فيوصل إليهم ذلك ولا يعلمون من أي جهة هو "
    ومن استعراض موجز لسيرة مولانا الإمام موسى بن جعفر –عليه السلام – نتعلم المزيد من الأخلاق والسلوكيات النفسية والدينية والاجتماعية والإنسانية التي يكون من الضروري جداً والواجب علينا أن نتعلمها ونطبقها على أنفسنا وفي علاقاتنا ببعضنا البعض
    ومن المناسب أن أختم كلمتي بزيارته الواردة في كتب الزيارة : " السلام عليك أيها الإمام الصالح ..الزاهد ..العابد..السلام عليك أيها المقتول الشهيد..السلام عليك يا مولاي موسى بن جعفر ورحمه الله وبركاته ...,أشهد أنك قد بلغت عن الله ما حملك وحفظت مااستودعك وحللت حلال الله وحرمت حرام الله . وأقمت أحكام الله , وتلوت كتاب الله ,وصبرت على الأذى في جنب الله ... وأشهد أنك نصحت لله ولرسوله ولأميرالمؤمنين ,وأنك أديت الأمانة , وأجتنبت الخيانة , وأقمت الصلاة , وأتيت الزكاة ,وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر , وعبدت الله مخلصاً مجتهداً محتسباً حتى أتاك اليقين ,فجزاك الله عن الإسلام وأهله أفضل الجزاء وأشرف الجزاء..."

    اللهم صل على محمد وال بيته الطيبين الطاهرين
    التعديل الأخير تم بواسطة علاء حسن ; الساعة 25-03-2014, 03:08 AM. سبب آخر:
يعمل...
X