إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الصراع مع النفس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الصراع مع النفس

    بسم الله ارحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين وبه نستعين وصلى الله على محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.

    قال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام : (الدنيا مُنية الأشقياء والآخرة فوز السعداء)(1).منذ الأزل ومنذ أن خلق الله البشر والصراع قائم في النفس البشرية , بين حب الدنيا والبقاء فيها ناسيا الآخرة التي هي دار مقروخلود , منقاداً لها تاركاً كل ما يتعلق بآخرته , وبين حب الآخرة والفوز بلقاءالله تعالى والمكوث في رحمته إلى الأبد.وهذا الصراع باقٍ ما بقي الشيطان يوسوس للإنسان, حيث قال تعالى حكاية عن إبليس (لع) : {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ }(2) , فعلينا أن نحذر من وساوس الشيطان اللعين قبل أن نقع في حباله , وذلك لا يكون إلا بالسير على نهج الحق والإيمان وأفضل من يمثل هذا النهج هو النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام , لأنهم أفضل الخلق في كل زمان ومكان , فقد وصف النبي صلى الله عليه وآله الدنيا بقوله : (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر والموت جسر هؤلاء إلى جنانهم وجسر هؤلاء إلى جحيمهم)(3) , ومعناه أن المؤمن لا يرى الدنيا إلا دار فناء وزوال , وانه راحلعنها مهما طال الزمن وانه كالسجين المترقب لوقت خروجه منها , فهو حذر منها, مراقبا نفسه , لئلا يقع في المعاصي والمحرمات التي تُبعده عن خالقه وتوجب غضبه تعالى , وبالتالي سيرى المؤمن أن الموت سعادة له, بعد أن عمل في دنياه لأخرته بتركه إياها , قال أمير المؤمنين علي عليه السلام : (إنما خلقتم للبقاء لا للفناء)(4). أي خلقكم الله للبقاء في الآخرة بطاعته تعالى في الدنيا. وأما الذين أحبوا الدنيا وغفلوا عن الآخرةوما اعد لهم فيها من العذاب المهين فإنهم يرون الدنيا هي كل همهم ناسين ذكر الله تعالى , فهؤلاء يعيشون في ذل الدنيا من حيث لا يشعرون , ويبقون مأسورين لها مابقيت حياتهم , ومن كان حاله هذه , متكالباً على الدنيا فهو من الأشقياء, لأنه لايعمل إلا ما تمليه عليه غرائزه وشهواته متبعا هواه , إلى أن تأتي اللحظة التي يفارق فيها الحياة عندها سيعلم ذلك الضعيف الذليل بين يدي الله تعالى مدى تمرده على مُنعمه ورازقه وتعدّيه على حدوده , عندها يرى انه قد انتقل من قصر مشيد إلىسجن وعذاب شديد , على العكس من المؤمن الذي كان يرى انه كان في سجن الدنيا وعذابها, يرى نفسه قد انتقلت بعد الممات إلى جنة ونعيم , ولذلك الوصف أشار مولانا الحسين عليه السلام حيث قال: ( فما الموت إلاّ قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضرّاء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة ,فأّيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر؟ وما هو لأعدائكم إلاّ كمن ينتقل من قصر إلىسجن وعذاب)(5). هذا لا يعني أن نترك كل شيء ورائنا ولا أمل لنا في الدنيا لأنها ستنقضي , بل علينا أن نعمل جاهدين من اجل حياة أفضل , وهذا أميرالمؤمنين على عليه السلام يكد ويتعب بحفر الآبار ليأكل من كد يده , ويقول عليه السلام : (إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لأخرتك كأنك تموت غداً ).

    وفي الختام تأمل أيها الإنسان في هذه الدنيا بكل ما يحيط بها من سرور وأفراح وألم ومخاطر, هل ستبقى فيها خالدا ؟ أم انك راحل عنها في يوم من الأيام, وما هي إلا دار سفر وترحال, ولا يبقى لك منها سوى الباقيات الصالحات.

    ندعوا الله تعالى أن يجعلكم من العاملين للصالحات في الدنيا, الفائزين بالسعادة في الآخرة

    والحمد لله رب العالمين
    وصلى الله على محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين
    ______________________
    (1) ميزان الحكمة ص25. (2) [ الأعراف:16، 17].
    (3) معاني الأخبار: ص289ح3 باب معنى الموت.
    (4)
    غرر الحكم ص133.
    (5) معاني الأخبار ص289.
    التعديل الأخير تم بواسطة ابو هبه الاسدي ; الساعة 26-03-2014, 10:49 PM. سبب آخر:

  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    من المعلوم ان الدنيا دار امتحان واختبار لهذا الانسان وهي تتقلب باهلها من حال الى حال فالعاقل الذي يعرف ان يتصرف بها التصرف الصحيح ويعرف كيف يسير الإمور بحسب ما يريد الله تعالى منه
    ومن هنا نجد ان اهل البيت عليهم السلام قد رسمو لنا الطريق الواضح والصحيح حتى لا نقع في المهالك فهم سفينة النجاة من ركبها نجى ومن تركها غرق وهوى
    أحسنت اخي الفاضل على هذه الكلمات الرائعة سائلين المولى ان يجعلها في ميزان اعمالك
    قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله)
    {
    من كنتُ مولاه فهذا عليٌ مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله }

    تعليق


    • #3
      إن الحمد لله؛ نحمد, ونستعينه, ونستغفره, ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا . من يهده الله؛ فلامضل له, ومن

      يضلل؛ فلا هادى له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وآله سلم , أما بعد


      الصراع عبر المجتمع , فالجهاد في ميدان النفس لاينتهي, لكن الذين يجاهدون أنفسهم منهم : من ينجح في هذا الجهاد فيكون من أهل

      الخير,و دعاة الإسلام, ومنهم : من يفشل في هذا الجهاد, ولا يجاهد أصلا؛ فيكون من أهل الشر الذين عرفوا الحق ورفضوه, أو لم

      يعرفوه أصلا, وهنا يوجد الصراع بين هؤلاء وهؤلاء في الميدان الكبير, ميدان المجتمع وهذا هو الميدان الأخير للمعركة بين الحق

      والباطل, وبين الشيطان وبين الرسل وأتباعهم؛ ولذلك حرص الإسلام على تحصين المجتمعات من عوامل الفساد,حتى لو وجد فساد على

      مستوى فردى, فالإسلام حريص على أنه لا ينتشر بحيث يلوث البيئة ,ولذلك في شريعة الإسلام شرع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر, والمقصود

      من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر _ ليس القضاء النهائي على المنكرات؛ لأن القضاء النهائي على المنكرات بحيث يصبح المجتمع

      سليماً من المنكر بنسبة مائة بالمائة بعيد أو غير ممكن_ وإنما المقصود وقاية البيئة العامة من التلوث؛ لأن البيئة العامة إذا تلوثت أصبح

      من الصعب على الإنسان أن يستقيم لأنه كما يقال: أصبح يسبح ضد التيار ...وهذا يؤكد أهمية صلاح المجتمع في صلاح أفراده



      ., وكما قال القائل :



      وليس غريباً ما ترى من صارع *******هو البغي لكن الأسامي تجدد


      وأصبح أحزابا تناحروا بينها *******وتبدوا في وجه الدين صفاً موحد



      ************************

      أحسنتم وجزيتم خيراً لما تطرحون من مواضيع مهمة لصالح المجتمع

      التعديل الأخير تم بواسطة اية الشكر ; الساعة 27-03-2014, 03:16 PM. سبب آخر:
      sigpic

      تعليق

      يعمل...
      X