بسم الله الرحمن الرحيم
______________________________
______________________________
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين من الان الى قيام يوم الدين .
الانسان المؤمن هو الذي يتمتع بالأخلاق الفاضلة وبالعلم النافع , فصفة العلم المقرونة بالأخلاق لا بد ان تتوفر لدى المؤمن لكي يحصن نفسه من شرورالشيطان , ويكون سببا في تقدم المجتمع نحو الافضل, وقد حث القرآن الكريم على ذلك في اكثر من موضع , فقد قال الله تعالى : {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}(1) وقال :{هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَايَعْلَمُونَ}(2) , هذا من جهة العلم , اما من جهة الاخلاق فيقول الله تعالى واصفا النبي صلى الله عليه وآله : {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(3), واشارمولانا امير المؤمنين علي عليه السلام لذلك حيث قال : ( يا مؤمن، إن هذا العلم والأدب ثمن نفسك فاجتهد في تعلمهما، فما يزيد من علمك وأدبك يزيد في ثمنك وقدرك )(4).فالمؤمن عزيز على الله تعالى ويريده ان يكون في احسن الحالات , وبالتأكيد انه لا يصل الى ذلك الا بالعمل الجاد والدؤوب من اجل تحصيل افضل العلوم واحسن الاخلاق فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال :( اطلبوا العلم ولو بالصين ، فان طلب العلم فريضة على كل مسلم )(5).
ومن هذا المنطلق وما حثنا عليه الشارع المقدس لا بد على الانسان ان يجتهد في تحصيل هذه الصفات , لأنها المعيار لمعرفة قدر الانسان وثقله في المجتمع .
ومما لاشك فيه ان العلم والادب يسيران باتجاه واحد , فالعلم وحده لا يكفي في جعل الانسان يسير بالطريق الصحيح الذي رسمه الله تعالى له, فلا بد ان يتصف المؤمن بالأخلاق الى جنب كونه متصف بالعلم ومن العلماء , والى هذا اشار ابو الاسود الدؤلي في ابيات نسبت له حيث قال :
يأيها الرجلُ المعلمُ غيرَهُ * هلا لنفسِكَ كان ذا التعليمُ
تصفُ الدواء لذي السقامِ وذي الضنى * كيما يصحَّ به وأنتَ سقيمُ
ونراكَ تصلحُ بالرشادِ عقولَنا * أبداً وأنتَ من الرشادِ عديمُ
لا تنهَ عن خلقٍ وتأتي مثلهُ * عارٌعليكَ إِذا فعْلتَ عظيمُ
وابدأ بنفسِكَ فانَهها عن غَيِّها * فإِذا انتهتْ منه فأنتَ حكيمُ
فهناكَ يقبلُ ما وعظْتَ ويفتدى * بالعلم منكَ وينفعُ التعليمُ
تصفُ الدواء لذي السقامِ وذي الضنى * كيما يصحَّ به وأنتَ سقيمُ
ونراكَ تصلحُ بالرشادِ عقولَنا * أبداً وأنتَ من الرشادِ عديمُ
لا تنهَ عن خلقٍ وتأتي مثلهُ * عارٌعليكَ إِذا فعْلتَ عظيمُ
وابدأ بنفسِكَ فانَهها عن غَيِّها * فإِذا انتهتْ منه فأنتَ حكيمُ
فهناكَ يقبلُ ما وعظْتَ ويفتدى * بالعلم منكَ وينفعُ التعليمُ
فالعلم بدون اخلاق لا تنفع المؤمن لا في الدنيا ولا في الاخرة , لان الناس سوف يهجرونه ويتركوه لسوء خلقه , ومعاملته الغير مرضية لله تعالى وسوف يعيش في ضنك دائم كما قال امير المؤمنين عليه السلام : (سوء الخلق نكد العيش وعذاب النفس)(6) , ومهما كان يحمل من العلوم فلن يستفيد منها , وعلى العكس من ذلك من كان ذو علم واخلاق فانه سوف يحيى حياة طيبة كما قال الله تعالى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }(7) .
ومن المؤكد ان النبي صلى الله عليه وآله واهل بيته عليهم السلام هم القدوة في كل علم وفضيلة , فقد كانوا بجانب علومهم المستفيضة هم القمة في الاخلاق , فيجب علينا ان نقتدي بهم لكي نحيى الحياة التي ارادوها لنا , ومن الطبيعي ان المجتمعات تقاس بعلمائهم , ومجتمع يكثر فيه العلم والعلماء لا شك ولاريب سوف يعيش حياة سعيدة .
وفي الختام نسال الله تعالى ان يوفق علمائنا لما هو خير وصلاح للأمة
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين
__________________
(1) [طه: 114]. (2) [الزمر: 9]. (3) [القلم: 4].
(4) ميزان الحكمة , مشكاة الأنوار:135. (5)مشكاة الانوار ص: 104.
(6) غرر الحكم. (7)[النحل: 97].
تعليق