بسم الله الرحمن الرحيم
________________________
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين من الان الى قيام يوم الدين .________________________
من الطبيعي ان الانسان لا بد ان يشارك الاخرين في حياته , لانه وبكل بساطة قد خلق اجتماعياً يأنسُ بالآخرين ويأنسون به ,قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا }(1), ومن هذا المنطلق اصبح لزاماً على الانسان ان يتحلى بأكمل الاخلاق لكي يبقى ضمن المجتمع , ومن ارقى تلك الاخلاق هو ان يجعل الاخرين من مجتمعه اخوة له, ومن يتأمل في معنى الاخوة يجد انها من اقوى الروابط التي يمكن ان تكون بين الناس , لذلك نجد ان الله تعالى يقول في كتابه الكريم : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(2), ففي هذه الآية الكريمة استعمل الله سبحانه وتعالى اداة الحصر (إِنَّمَا) في المؤمنين ووصفهم بانهم اخوة لما لهذا الوصف من قدسية , وكذلك نرى ان النبي صلى الله عليه وآله واهل بيته عليهم السلام يؤكدون على تلك الرابطة الانسانية العظيمة , منها قول الصادق عليه السلام ( المؤمن أخ المؤمن كالجسد الواحد إن اشتكى شيئا وجد ألم ذلك في سائر جسده، وإن روحهما من روح الله وإن روح المؤمن لأشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها)(3), وما اروعه من كلام حيث يبين الامام عليه السلام بان المؤمنين اذا تآخوا فانهم يصبحون كالجسد الواحد فاذا اشتكى احدهم من شيء تأثر الاخر بذلك , فيحاول بشتى الطرق إبعاد الألم عن أخيه المؤمن.
ومن المؤكد أن الإخوّة بين الناس حالها حال بقية العلاقات فهي عبارة عن حقوق وواجبات يجب ان يتمتع بها الانسان المؤمن , ومن تلك الواجبات هو التناصف , والتراحم , ونفي الحسد, كما قال مولانا الصادق عليه السلام حيث قال ( تحتاج الإخوة فيما بينهم إلى ثلاثة أشياء، فإن استعملوها وإلا تباينوا وتباغضوا، وهي: التناصف، والتراحم، ونفي الحسد)(4), فيجب علينا ان ننصف الاخرين , بإعطاء كل ذي حق حقه , فان الناس لو تناصفوا فيما بينهم لما ضاعت الحقوق وكثر الظلم, فالمؤمن اخو المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه , وايضا يجب ان تسود بيننا اجواء المحبة والرحمة , لذلك يجب ان نتسامح فيما بيننا , ونصفح عن المخطئين , ونعفو عنهم, لاننا نؤمن بان الله تعالى سيعفوا عنا ويتجاوز عن اخطائنا ان عفونا عن الاخرين , فالعفو خلق عظيم , وكذلك يجب ان نسال الله تعالى دائما بان يعطي الجميع من عطاياه التي لا تنفذ وان لا يحسد احدنا الاخر, واذا كان المؤمن يتمتع بهكذا اوصاف فانه يستحق ان ينال اعلى مراتب الكمال .
وفي المقابل اذا لم تكن هذه الصفات موجودة فيما بيننا , سوف يؤدي ذلك الى مجتمع يسوده الحقد والبغض , مما يؤدي الى التباعد والتناحر بين الناس , والابتعاد عن المنهج الصحيح الذي لا بد ان نسلكه للوصول الى بر الأمان .
وفي الختام نسال الله تعالى ان يجعلنا وإياكم من المؤمنين الذين يحبون لإخوانهم ما يحبون لأنفسهم انه على كل شيء قدير.
وصلى الله على محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين
____________________
(1) [الحجرات: 13]. (2) [الحجرات: 10].
(3) الاختصاص :32. (4)ميزان الحكمة -الريشهري (1/ 34).
تعليق