بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد........اخوتي الخطباء الاعزاء نكمل الحلقات في اصول الخطابة الحسينية ووصلنا الى الحلقة الرابعة وهي:
إثارة الأهواء والميول:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرمى الإقناع الخطابي ليس هو الإلزام والإفحام فقط. بل مرماه حمل المخاطب على الإذعان والتسليم وإثارة عاطفته وجعله يتعصب للفكرة التي يدعو لها الخطيب، ويتقدم لفدائها بالنفس والنفيس عند الاقتضاء ولا يكون ذلك بالدلائل المنطقية لتساق جافة، ولا بالبراهين العقلية تقدم عارية. بل بذلك وبإثارة العاطفة. ومخاطبة الوجدان، وان الخطيب قد يستغ ني عن الدلائل العقلية ولا يمكنه في أية حال الاستغ ناء عن المثيرات العاطفية، بل ان أكثر ما يعتمد عليه الخطيب في حمل السامعين على المراد منهم مخاطبة الوجدان، والتأثير في عواطفهم وهناك جملة من القواعد التي توصل إلى المراد من الخطبة مباشرة من غير وساطة .
1 البغض والمحبة:
ــــــــــــــــــــــــــــ
إذا كان غرض الخطيب تأليف القلوب وجمعها على محبة شخص فيبين لهم:
أ ما تحلى به من السجايا وما امتاز به من المواهب.
ب اخلاصه وتواضعه ولين جانبه في سلوكه مع الناس.
ج بيان ما في الالتفات حوله من خير.
أما إذا كان غرض الخطيب إثارة البغض على شخص، وابعاد القلوب عنه فيبين لهم:
أ ما طبع عليه من قبح الخصال في لفظ نزيه وعبارات رفيعة لا تخدش الضمير الاجتماعي.
ب بيان اعماله السيئة وماضيه السيئ.
ج خبث سريرته وعدم اخلاصه للجماعة.
د بيان ما في الالتفات حوله من عاقبة سيئة، واعزاز للباطل، واذلال للحق .
2 الرغبة والنفور:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا كان غرض الخطيب إثارة الرغبة في أمر من الأمور:
أ أن يبين منافعه وثمرته التي تعود على الجماعة عند الأخذ به.
ب تصوير الشيء بصورة تاخذ بالقلوب، وتستولي على الافهام والعقول.
ج كون الشيء قريب المتناول، وفي قدرة الناس.
د بيان أن الأخذ به هو الرفعة إلى أسمى مراتب الإنسانية.
أما إثارة النفور من أمر:
أ بيان المضار الناجمة عن ملابسته.
ب تصوير الأمر بصورة تنفر منه النفوس.
ج تحقيره وتحقير الآخذين به، وانهم من صغ ار الناس
3 الفرح والحزن:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دواعي الفرح:
أ كون الشيء له ثمرات عظيمة، وعاقبة حسنة.
ب انه بعيد المنال غير ميسور الحصول الا بالجد والاجتهاد.
ج الإشارة إلى شغف طائفة من الناس لطلبه، وانه المحبوب عندهم، والغاية المنشودة، والأمل المطلوب.
وأما دواعي الحزن:
أ ذكر المحنة، وأثارها في النفس، وآلام وقعها.
ب ذكر وقع المحنه في نفوس المؤمنين الصالحين والأولياء.
ج بسط القول فيما أتى الله تعالى المفقود من مزايا وصفات أختص بها .
4 الأمل واليأس:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأمل: رغبة مستقبلية ولذة مرجوة، فمن أراد أن يثيرها فعليه أن يتبع هذه الخطوات:
أ بيان المزايا والثمرات في تلك الرغ بة المرجوة، وتصويرها بصورة كونها هي السعادة.
ب انها سهلة التناول قريبة من ذي الهمه.
ج العمل والجد يخفيان المستحيل، ويكثران من الممكن، ويجعلان كل شيء في قدرة الإنسان الا ما أختصت به الاقدار عن مغالبة الإنسان.
د توجيه الناس إلى الاستعانة بالله تعالى والثقة به، والاطمئنان إلي تأييده ونصرته.
أما في إثارة اليأس:
وهو إذا رأى الخطيب ان الناس تمضي إلى شيء أشبه بالوهم فهو مضطر أن يلقي في نفوسهم القنوط من هذه الناحية:
أ ان يبين لهم ان سبيل المجد هو ما كان عملياً، لا ما كان خيالياً، وان التمسك بما هم آخذون به أقرب إلى الخيال، وليحذر ان يكون في ذلك مصادمة لاحساسهم، بل يمهد لهم بأن ما يعتقدون به انه مشاركهم في آمالهم، وان احساسه من احساسهم، ثم يعقب بعدة استثناء ات حتى يستدرجهم إلى ما يريد، ويأخذهم إلى ما ينبغي.
ب ان يبين لهم المخاطر والمشاق التي تكتنف من يبغي تلك المطالب ويسعى إليها.
ج ضرب الأمثال بمن جهدوا أنفسهم، ولم يصلوا إلى مبتغاهم، ولم ينالوا أملهم، مع انصرافهم عن العمل المجدي النافع، وعليه أن يوجه الناس إلى العمل المنتج المثمر
5 الغضب والخوف:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا أراد الخطيب إثارة الحماسة والنخوة والاباء والحميه وغيره على الدين أو العرض أو غيره فهو يعمد إلى إثارة الغ ضب ليوقظ تلك السجايا من نومتها وينبهها من غفلتها، والطريق لذلك:
أ ان يذكر الإهانة، ويعظمها، ويصورها في صورة مذكية للحفائظ، مثيرة للهمم.
ب ان يذكر العار الذي يلحق الأمة ان لم تتحضر لدفع تلك الإهانة بالذود عن حماها، والذب عن حياضها.
ج ان يذكر الامثال، بذكر الاشباه والنظائر، ويجعل لهم الاحرار من الناس مثلاً يحتذى به، وذوي الهمم اسوة يقتدى بها .
مثال ذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام:
«أيها القوم الشاهدة ابدانهم، الغائبة عنهم عقولهم، المختلفة أهوائهم، المبتلى بهم امرائهم، صاحبكم يطيع الله وأنتم تعصونه، وصاحب أهل الشام يعصي الله وهن يطيعونه، لوددت والله إن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم، فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني رجلاً منهم» .
أما الخوف:
وهو فيما إذا كانت الأمة في إنحراف عن الجادة فيلقي في نفوسهم
الرعب ليستقيموا، ويسلكو سبيل الصواب.
أ ان يبين لهم سوء العاقبة لما يفعلون، وأن الطامة الكبرى في طريقهم غير القويم.
ب ان يبين لهم بأن فوات كثير من رغباتهم وطلباتهم من استمرارهم على غيهم، وان الحرمان هو النتيجة الأولى لسلوكهم.
ج ان ينيط عقاباً خاصا، يقع بالمستمر على غ يه الموغ ل في أثمه، وقد يقع التخويف بسوء العاقبة يوم القيامة .
6 الرحمة:
ـــــــــــــــــــــــــ
لغرض إثارة بواعث الرحمة في نفوس السامعين، واستدرار عظفهم على طائفة من الطوائف أو شخص من الأشخصا، أو تحريك هممهم لعمل إنساني جليل فيه المواساة للآخرين يتبع:
أ ان يذكر بأن الجميع افراداً وجماعات مُعرَّضة للمصاب.
ب كون بني الإنسان كالجسد الواحد.
ج من لا يَرحم لا يُرحم.
د ان يصور الحادثة تصويراً يثير الرغبة في المعاونة.
ه تصوير الداعي للرحمة في قوله وعلامات وجهه ونفحات صوته وحركاته واشارته
والى هنا عزيزي الخطيب الحسيني تكنمل الحلقة الرابعة على امل اللقاء في الحلقة الخامسة واسئل الله لكم التوفيق والنجاح في الخطابة ....