ابو بكر ...وشربه الخمر بعد تحريمها
في سؤال ورد في مركز الابحاث العقائدية حول شرب ابو بكر للخمر بعد تحريمها وللوقوف على الموضوع نعرض اليكم نص السؤال وجوابه :
السؤال:
هل إنّ أبا بكر كان عادلاً في حياة الرسول (صلى الله عليه وآله) ؟ وفي زمان خلافته ؟
الجواب :
إنّ عدالة الصحابي أو عدمها تتبع أعماله وتصرّفاته في حياته ، فلا أصل في المقام لعدالة الصحابة بدون قيد أو شرط ، بل يدخل جميعهم في دائرة التعديل والتجريح .
ثمّ إنّ تصرّفات كلّ شخص وتقلّباته في مختلف شؤون حياته خير دليل على الحكم عليه ، وفي مورد السؤال نذكر لك سيئةً واحدة على سبيل المثال لا الحصر تكفي في معرفة الرجل ، وهي شربه للخمر بعد تحريمها (1) .
نعم ، قد حاول البعض تبرير هذا العمل بأنّه كان قبل نزول التحريم .
ولكن يردّه أوّلاً : إنّ التحقيق يدلّنا على أنّ التحريم قد نزل قبله بمدّة ، فإنّ عملية شرب الخمر قد حصلت في عام الفتح سنة ثمانية من الهجرة باتفاق أهل الحديث والسير ، والتحريم قد نزل : إمّا في أوائل البعثة أو الهجرة (2) ، وإمّا في سنة أربع من الهجرة (3) ، وإمّا في سنةست من الهجرة (4) .
وأمّا القول بنزول التحريم في سنة الفتح ، عام ثمانية من الهجرة يوم الشرب المذكور ، فلا يدعمه على قول البعض إلاّ حديث أحمد ، الذي جاء فيه أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أعرض على شخص كان بصدد إهداء الخمر أو بيعه (5) .
وقصارى ما يستفاد من هذا الحديث أنّ التحريم بلغ هذا الرجل عام الفتح ، لا أنّ التحريم قد نزل فيه ، فلا يعارض الأقوال التي تصرّح بنزول التحريم قبله ، خصوصاً أنّ الرجل المذكور على ما في حديث أحمد كان من أعراب البوادي ، فيحتمل قوياً عدم وصول التحريم إليه .
ثانياً : إنّ ذيل رواية شرب الخمر المذكورة خير شاهد على نزول التحريم قبل تلك الواقعة ، إذ جاء فيه أنّ الأمر قد بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقام يجر إزاره حتّى دخل عليهم مغضباً ، وهمّ أن يضرب بعضهم .
وهنا نتساءل : بأنّ التحريم لو لم يسبق هذه الواقعة فما هو معنى غضب الرسول (صلى الله عليه وآله) في المسألة ؟ إذ لو كان مباحاً لم يتأثّر النبيّ (صلى الله عليه وآله) بهذا الشكل .
وبالجملة ، فلا ينبغي التأمّل في صدق ارتكاب الفواحش والموبقات بالنسبة إليه في حياة الرسول (صلى الله عليه وآله) .
وأمّا بعد حياة الرسول (صلى الله عليه وآله) ، فمخالفته الوصية بإمامة وخلافة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لهو دليل واضح لانحراف الشخص وعدوله عن الخطّ المستقيم ، ومن ثمّ زلّة لا تغتفر ، أضف إلى ذلك مبادرته وتأييده الاعتداء على بيت الزهراء (عليها السلام) ، وضربها وكسر ضلعها ، وإسقاط جنينها ، خير شاهد على فسق الرجل ، ممّا أدّى ذلك إلى غضب فاطمة (عليها السلام) عليه بصريح البخاري وغيره .
فمن مجموع هذه الموارد وموارد أُخرى لم يسعنا التطرّق إليها في هذا المختصر لا يبقى لدينا أيّ شكّ أو ريب في ثبوت عدم عدالته .
____________
1- فتح الباري 10 / 31 ، عمدة القاري 21 / 251 ، وغيرهما .
2- تاريخ بغداد 8 / 353 ، سبل الهدى والرشاد 12 / 63 ، المصنّف لابن أبي شيبة 5 / 509 و 8 / 351 ، الجامع الصغير 1 / 433 .
3- فتح الباري 10 / 25 .
4- نفس المصدر السابق .
5- مسند أحمد 1 / 230 .
المصدر
مركز الابحاث العقائدية
تعليق