إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

آية الصادقين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • آية الصادقين

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله ربي العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وآله الأطيبين الأطهرين .

    { آية الصادقيــــــــــــــــــــــــــــــــــن }

    ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ))سورة التوبة،آية119

    * الفصل الأول : ماهو المراد من الصادق ؟

    الصَّادق لغةً :" الصَّادق " اسم فاعل من مادّة " صدق " وهو يدلّ على قوّة في الشئ قولا وغيره ، من ذلك الصدق : خلاف الكذب . - معنى الصادقين في القرآن :القرآن الكريم قد فسر الصادقين في عدة آيات ومنها : قوله تعالى : ((لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ))[1] فالآية ذكرت : إِنّ الذين يمتلكون هذه الصفات هم الصادقون وهم المتقون ، وكذلك قوله تعالى : ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ))[2] وهنا قد فسرت الآية الصادقين بالمؤمنين الذين لم يرتابوا في ايمانهم وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله تعالى . وآية أخرى تقول : ((لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ))[3] وهذه صفة أخرى للصادقين بأنهم الفقراء المهاجرين الذين أخرجوا وشردوا من ديارهم وسلبت أموالهم من أجل رضى الله تعالى ونصرت الله تعالى ورسوله الكريم محمد _صلى الله عليه وآله وسلم_ . من مجموع هذه الآيات نحصل على نتيجة، وهي أنّ الصادقين هم الذينيؤدون تعهداتهم أمام الإِيمان بالله على أحسن وجه دون أي تردد أو تماهل ولا يخافون سيل المصاعب والعقبات، بل يُثبتون صدق إِيمانهم بأنواع الفداء والتضحية.ولا شك أنّ لهذه الصفات درجات، فقد يكون البعض في قمتها، وهم الذين نسمّيهم بالمعصومين، والبعض في درجات أقل وأدنى منها.[4] منهم الصادقون في هذه الآية ؟ الآية الشريفة جاءت على نحو الأطلاق ، لم تقيد الصدق في جانب دون جانب آخرى جاءت مطلقة . الصادقون المؤمور بالكون معهم لابد أن يكونوا صادقين في كل شيء : صادقين في عقيدتهم ، في فقههم ، في تفسيرهم ، في أقوالهم ، في أفعالهم ، في كل شيء ، وهذا لا يكون الا معصوما . فالصادق هو المعصوم . ولكن يبقى السؤال من هم الصادقون ؟ والجواب هو : الصادقون هم الأئمة المعصومون يعني أهل البيت –صلوات الله عليهم أجمعين- ، ودليلنا من الخاصة والعامة : من الخاصة الأمر سهل عندنا روايات تفسر الصادقين بأنهم الأئمة –عليهم السلام- ومنها : ابن أبي النصر عن الأمام الرضا –عليه السلام- حين سأله عن هذه الآية فقال الأمام –عليه السلام- له : ((الصادقون هم الأئمة ، والصديقون بطاعتهم))[5] وكذلك ما نقله سليم بن القيس عن مناشدة لأميرالمؤمنين –عليه السلام- جزء من هذه المناشدة الطويلة بهذه الآية حيث يقول أميرالمؤمنين –عليه السلام- : ((أنشدكم الله، أتعلمون أن الله أنزل (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين).فقال سلمان: يا رسول الله، عامة هذا أم خاصة؟ قال صلى الله عليه وآله: (أما المأمورون فعامة المؤمنين أمروا بذلك، وأما الصادقون فخاصة لأخي علي وأوصيائي من بعده إلى يوم القيامة)؟ قالوا: اللهم نعم.[6] اذن من جهة الخاصة الأمر مسلم به ، أن الصادقين هم الأئمة –عليهم السلام- . من العامة : يمكن أن نثبت أن المراد من الصادقين هم أهل البيت –عليهم السلام- وعلى رأسهم أميرالمؤمنين –عليه السلام- من خلال مايلي : v من القرآن الكريم قوله تعالى : ((وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ))[7] جاء في الدر المنثور : ((وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة « { والذي جاء بالصدق } قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم { وصدق به } قال : علي بن أبي طالب رضي الله عنه » )) [8]. كذلك ما رواه الحاكم في المستدرك : ((حدثنا أبو بكر بن إسحاق ، أنبأ عبيد بن حاتم الحافظ ، ثنا محمد بن حاتم المؤدب ، ثنا سيف بن محمد ، ثنا سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي صادق ، عن الأغر ، عن سلمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أولكم واردا على الحوض (1) ، أولكم إسلاما ، علي بن أبي طالب » .))[9] ، وهذه أحاديث أول المسلمين معروفة ولا ينكرها أحد .v جهة الأحاديث : نكتفي بنقل حديثين فقط : أحدهما ما نقله السيوطي في الدر المنثور حيث جاء : ((أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله { اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } قال : مع علي بن أبي طالب))[10]. والحديث الثاني أيضا من نفس الكتاب وفي نفس السياق : ((أخرج ابن عساكر عن أبي جعفر في قوله { وكونوا مع الصادقين } قال : مع علي بن أبي طالب))[11] وكذلك نقل الحديثين الآلوسي في تفسيره [12] اذن النتيجة مما تقدم أن الصادقين هم الأئمة أهل البيت –صلوات الله عليهم أجمعين-

    *
    الفصل الثاني : هل الصادقون موجودون في كل زمن أم في زمن معين؟

    سياق الآية يدل على وجود الصادقين في كل زمان لأن الأمر بالكون مع الصادقين متوجه الى المؤمنين وحيث أن المؤمنين موجودون في كل زمن ، فلابد من وجود الصادقين في كل زمن أيضا ، حيث لا يقيد أمره بزمن دون زمن آخر . اذن كل المؤمنين وفي كل زمن موجه اليهم الأمر بالكون مع الصادقين ، فان أمرهم بالكون معهم دون وجود صادق منهم ، يكون الأمر أمرا وتكليفا بالمحال . ويشهد لهذا الفهم من هذه الآية حديث النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- وكلام المفسرين من الخاصة والعامة ، وكلام العلماء من العامة . v أما حديث النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- ((من مات من غير امام مات ميتة جاهلية)) وهذا الحديث متواتر عندنا وصحيح ومعتبر عند العامة وقد ذكره الألباني , في ظلال الجنة ، وحسنه أيضا [13] وهذا الحديث واضح الدلالة على وجود الامام في كل الأزمنة الثلاثة . v وأما كلام المفسيرين : فقد صرح بهذا المعنى الفخر الرازي في تفسيره , أن هذه الآية تدل على وجود المعصومين في كل زمان حيث يقول : ((...أن قوله : { كُونُواْ مَعَ الصادقين } أمر بموافقة الصادقين ، ونهى عن مفارقتهم ، وذلك مشروط بوجود الصادقين وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، فدلت هذه الآية على وجود الصادقين))[14] وهذا تصريح واضح من الرازي على وجود الصادقين في كل زمن ، وقد صرح بهذا المعنى الكثير من المفسرين من الخاصة والعامة فراجع هناك . v كلام االعلماء : كلام العلماء بشكل عام بما فيهم ابن تيمية قالوا بوجود حجة في كل زمن ، ومن بين هؤلاء العلماء : ابن تيمية في كتابه مجموع الفتاوى يقول : ((...فإن الارض لن تخلو من قائم لله بحجة لكيلا تبطل حجج الله وبيناته...))[15] . وكذلك كلام ابن حجر ، في فتح الباري ، حيث قال : ((فِي صَلَاة عِيسَى خَلْف رَجُل مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة مَعَ كَوْنه فِي آخِر الزَّمَان وَقُرْب قِيَام السَّاعَة دَلَالَة لِلصَّحِيحِ مِنْ الْأَقْوَال أَنَّ الْأَرْض لَا تَخْلُو عَنْ قَائِم لِلَّهِ بِحُجَّةٍ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ))[16]. اذن هذا بعض ما جاء عن كلام العلماء ، وهو تصريح أن الأرض لا تخلو من قائم لله بحجة . النتيجة مما تقدم أن الصادقون لابد من وجودهم في كل زمن . وهذا ما أفادته الآية ، وحديث النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- ، وما صرح به المفسرون وكلام العلماء .

    *الفصل الثالث : عصمة الصادقين :

    الآية الشريف تدل على عصمة الصادقين ، اذ أن الله أمر المؤمنين بالكون مع الصادقين مطلقا ، ومعنى الكون هنا : أن نتمسك بهم ، وأن نتبع أوامرهم ، أن نأخذ بأخبارهم ، ونعمل بمفادها ، وأن نطيعهم في كل شيء ، ولابد أن يكون هذا الصادق ، صادق في كل شيء ، في عقيدته وأفعاله وأقواله ، والى آخره ... ، ونحن لا نعني من العصمة غير ذلك ، الصادق في كل شيء هو المعصوم ، وقد استشف هذا المعنى للعصمة من الخاصة والعامة فمن الخاصة : ما ذكره العلامة المجلسي –رحمه الله- ، في مرآة العقول ، حيث قال : ((و وجه الاستدلال بها أن الله أمر كافة المؤمنين بالكون مع الصادقين، و ظاهر أن ليس المراد به الكون معهم بأجسادهم بل المعنى لزوم طرائقهم و متابعتهم في عقائدهم و أقوالهم و أفعالهم، و معلوم أن الله تعالى لا يأمر عموما بمتابعة من يعلم صدور الفسق و المعاصي عنه، مع نهيه عنها، فلا بد من أن يكونوا معصومين لا يخطئون في شي ء حتى تجب متابعتهم في جميع الأمور، و أيضا اجتمعت الأمة على أن خطاب القرآن عام لجميع الأزمنة لا يختص بزمان دون زمان، فلا بد من وجود معصوم في كل زمان ليصح أمر مؤمني كل زمان بمتابعتهم.))[17] هذا من الخاصة . v وأما من العامة : فقد ذكر الرازي ، في تفسيره لهذه الآية حيث قال : ((وهو أن قوله : { يا أيهاالذين ءامَنُواْ اتقوا الله } أمر لهم بالتقوى ، وهذا الأمر إنما يتناول من يصح منه أن لا يكون متقياً ، وإنما يكون كذلك لو كان جائز الخطأ ، فكانت الآية دالة على أن من كان جائز الخطأ وجب كونه مقتدياً بمن كان واجب العصمة ، وهم الذين حكم الله تعالى بكونهم صادقين ، فهذا يدل على أنه واجب على جائز الخطأ كونه مع المعصوم عن الخطأ حتى يكون المعصوم عن الخطأ مانعاً لجائز الخطأ عن الخطأ ، وهذا المعنى قائم في جميع الأزمان ، فوجب حصوله في كل الأزمان .))[18] اذن النتيجة مما تقدم أن الصادقين لابد أن يكونوا معصومين . والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد بن عبدالله وعلى آله الأطيبين الأطهرين .

    [1] سورة البقرة ، آية 177 .

    [2] سورة الحجرات ، آية 15 .

    [3] سورة الحشر ، آية 8 .

    [4] راجع تفسير الأمثل ، مكارم ناصر الشيرازي ، ج6 ، ص256 .

    [5]

    [6] كتاب سليم بن قيس ، ج13 ، ص2 .

    [7] سورة الزمر ، آية 33 .

    [8] الدر المنثور ، ج8 ، ص452 .

    [9] المستدرك على الصحيحين ، ج10 ، ص466 .

    [10] الدر المنثور ، ج5 ، ص186 .

    [11] المصدر نفسه ج5 ، ص186 .

    [12] راجع تفسير الآلوسي ، ج7 ، ص399 .

    [13] ظلال الجنة ، الألباني ، ج2 , ص246 .

    [14] تفسير الرازي ، ج8 ، ص176 .

    [15] مجموع الفتاوى ، ابن تيمية ، ج25 ، ص131 .

    [16] فتح الباري ، ابن حجر ، ج10 ، ص251 .

    [17] مرآة العقول ، العلامة المجلسي ، ج2 ، ص253 .

    [18] تفسير الرازي ، ج8 ، ص176 .
    التعديل الأخير تم بواسطة الطوسي ; الساعة 09-04-2014, 07:53 PM. سبب آخر:

  • #2
    بحث رائع للغاية ما شاء الله ، اللهم صل على محمد وآل محمد
    رحم الله والديك اخي <الاحسائي الصغير> على هذا المجهود القسم بحاجة للمزيد من ابداعات قلمكم المبارك .

    تعليق

    يعمل...
    X