بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصلى الله علي محمد واله الطاهرين اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح بحق محمد واله الطاهرين المعصومين :علم الحديث بين المنع والتدوين
يذكر لنا التاريخ من اهل السنة ان بعض الصحابة كتب حديث رسول الله (صلى الله عليه واله) على عهده واقر رسول الله هذا الفعل منهم بما يعد سنتة شريفة يستفاد منها جوازكتابة الحديث وتدوينه .
و مما اشتهر من هذا :
الصحيفة الصادقة لعبد الله بن عمرو بن العاص
الصحيفة الصحيحة برواية همام بن منبه عن ابي هريرة عن رسول الله(صلى الله عليه واله)
وصحيفة سمرة بن جندب
وصحيفة سعدة بن عبادة الانصاري
و صحيفة جابر بن عبد الله الانصاري
ونلمس من اقرار النبي (صلى الله عليه واله) لكتابة الحديث على عهده ونعرف موقفه من هذا مما رواه عبد الله بن عمروقال

هذه الرواية كما تعرب عن ان رسول الله (صلى الله عليه واله)اجاز الكتابة عنه وجوزها
وقد اشتهر هذا النهي او المنع المجحف للحديث عن عمر بن الخطاب ورجع الحافظ بن حجر هذا المنع الى امرين :
الاول ان الصحابة منعوا الحديث خشية ان يختلط بعض ذلك بالقران واتوا لذلك برواية مكذوبة نسبوها الى رسول الله لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القران فليمحه .
وقد اخرج الهروي في كتاب ذم الكلام من طريق الزهري قال اخبرني عروة بن الزبير أن عمر بن الخطاب اراد ان يكتب السنن واسشار فيها اصحاب رسول الله فأشاروا عليه عامتهم بذلك فلبث عمر بن الخطاب شهرا يستخير الله في ذلك شاكا فيه _اي يكتب مايكتب يكتب مايكتب وهكذا شهرا_ثم اصبح يوما فقال اني كنت ذكرت لكم كتابة السنن ما قد علمتم ثم تذكرت فإذا أُناس من اهل الكتاب قبلكم_اليهود_قد كتبوا مع كتاب الله كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله وإني والله لا البس كتاب الله بشيء فترك كتاب السنن .تاريخ الفقه الاسلامي للاشقر
وبعد ان قرر عمر قراره بالمنع من كتابة الحديث جمع مافي ايدي الصحابة من الحديث المكتوب على مدى شهرا ثم احرقه وقال مشناة كمشناة اهل الكتاب .
سؤآل : ماهي الاسباب الظاهرية والباطنية لمنع تدوين الحديث ؟؟
الجواب : اما الاسباب الظاهرية لمنع تدوين الحديث هي ان لا يختلط القرآن بالسنة .
اما الباطنية فهي لئلا ينتشر فضل أهل البيت من خلال نشر الحديث ولئلا يبين حق علي في الخلافة عن طريق حديث الغدير وامثاله .
وقد استمرت هذه الحالة عند اهل السنة أخذا باجتهاد عمر بن الخطاب حتى خلافة عمر بن عبد العزيز الاموي وحيث انتهى آخر جيل من الصحابة بدأوا يكتبون الحديث وبأمر من عمر بن عبد العزيز .فمرت الكتابة عند اهل السنة بمراحل ثلاث :
مرحلة الجمع : حيث قام اهل الطبقة الثالثة_ اي تابعي التابعين بعد ان اقرض الصحابة والتابعين_ في منتصف القرن الثاني فدونوا الاحكام .
فصنف مالك الموطأ وصنف ابن جريج بمكة والاوزاعي بالشام وسفيان الثوري بالكوفة وآخرون ....
مرحلة المسانيد : وهي التي افردت فيها احاديث النبي من سواها . كمسند احمد وغيره .
مرحلة الصحاح : وهي مرحلة افراد الصحيح من حديث رسول الله من غير الصحيح مما يروى عنه .واول من اتجه هذا الاتجاه البخاري وهكذا بدأت عندهم .
اما التدوين عند اهل البيت :
يرفضُ الشيعة الإمامية فكرة المنع التي يثبتها علماء الجمهور، ولا يعتقدونها منهجاً معقولاً يمكن أن يختطه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كما أننا لا نجد لدى الشيعة الإمامية رأياً في الإباحة العامة، وقد يستنتج البعض من هذا التصوير أن الشيعة الإمامية لا تملك نظرية في هذه القضية الخطيرة.
والواقع: لا ... إن هذه الطائفة تعتقدُ أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمَّن على كتابة حديثه وتدوينه كما أمَّن على كتابة القرآن وتدوينه، أي أن النبي أملى حديثه على شخص ما، يطمئن إلى إيمانه ويقينه وحرصه على الشريعة ومستقبلها... ذلك الشخص هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وفي هذا السياق يذكر الشيعة الإمامية جملة عينات حديثية مكتوبة في زمن رسول الله، وأمير المؤمنين ورثها، كما أن بعضها كانت بخط يده.
والمصادر الشيعية الإمامية توردُ في هذا الصَدد الكتب أو الصحف التالية:
- أولاً: صحيفة علي.
- ثانياً: كتاب علي بالأحكام. [الجامعة].
- ثالثاً: مصحف فاطمة.
- رابعاً: الجفر.
وترى الشيعة الإمامية أن أئمة أهل البيت (سلام الله عليهم) توارثوا هذا العلم، وكان على شكل آثار يرجعون إليها في بيان العقائد والحلال والحرام وحوادث المستقبل القريب والبعيد.
وهذه جملة أحاديث في تثبيت هذه القاعدة:
1 - (... عن داود بن أبي يزيد الأحوال عن أبي عبد الله، قال: سمعته يقول: إنا لو كنا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنا من الهالكين، ولكنها آثار من رسول الله، أصل علم، نتوارثها كابراً عن كابر، نكنزها كما يكنز الناس ذهبهم وفضتهم) - (... عن جابر قال: قال أبو جعفر: يا جابر والله لو كنا نحدث الناس أو حدثناهم برأينا، لكنا من الهالكين، ولكنَّا نحدثهم بآثار عندنا من رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، يتوارثها كابراً عن كابر، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم).
3 - (... عن محمد بن شريح قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، لولا أن الله فرض طاعتنا وولايتنا وأمر مودتنا، ما أوقفناكم على أبوابنا، ولا أدخلناكم في بيوتنا، إنا والله ما نقول بأهوائنا، ولا نقول برأينا، ولا نقول إلاَّ ما قال ربنا، أصول عندنا، نكنزها، كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضَّتهم).
فنظرية الشيعة الإمامية في خطوطها العريضة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أملى حديثه على علي، وعلي ورث هذا المكتوب، وتناقله أئمة الهدى بعده، كابراً عن كابر.
وفي الحقيقة إن هذه النظرية الشيعية في تدوين الحديث مما ينسجم مع العقل وطبائع الأشياء، فليس من المعقول أن هذا الكنز النبوي يبقى بلا ترقيم ولا تدوين، وليس من المعقول أن يباح تدوينه بلا إشارة خاصة من صاحبه وإطلاع على ضطبه وصيانته.
إن موقف النبي بهذه الصورة من تراثه العظيم مما يستسيغه العقل والطبع السليم، وها هي سنّة أكثر العظماء والمصلحين في تدبير مذكراتهم وتصريحاتهم وأقوالهم.
مر تدوين الحديث عند الشيعة بمرحلتين :
الاولى : مرحلة المجموعات الصغيرة : ويمكن ان نطلق عليها مرحلة الروايات المباشرة والمبكرة وعرفت هذه المجموعات بالاصول تقوم على منهج تالفها على رواية المؤلف عن الامام مباشرة او بتوسط راو واحد فقط بينه وبين الامام .
وكانت هذه المجموعات من حيث العدد كثيرة بلغت الاربعمائة ويرجع سبب الكثرة لكثرة الرواة عن الائمة وكثرة الحديث الذي يروى عن النبي و اهل البيت صلوات الله عليهم اجمعين
الى هنا نقف في هذه الحلقة ولناتي تكملة هذا الومضوع في الحلقة المقبلة ان شاء الله تعالى والحمد لله رب العالمين .
تعليق