بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين محمد واله الطاهرين
وبعد :
كثير ما نسمع الأمثال ونستخدمها في كثير من عباراتنا ومحاوراتنا مع الآخرين حتى لايكاد يخلو منها حديث بل نجد الكلام اذا احتوى على مثل أو مثلين يكون فيه نكهة خاصة يستأنس السامع بها ، بل أن المثل يلطف الكلام ويجعله مرموقاً ، حتى انا نجد ذلك في كثير من أي القران وروايات اهل البيت عليهم السلام ، فهي تشد الكلام بل وتشد السامع له،
من هذه الامثال التي تضرب المثل السائد وهو ( تنبل أبو رطبة )
يضرب هذا المثل للرجل الذي يركن الى الكسل ويتعود على الدعة ، ويؤلف البطالة فيعيش عالة على غيره من الناس
و((تنبل )) كلمة فارسية معناها الكسول الذي لا ترجى فائدته .
و((رطبة)) جمعها رطب ، وهو التمر أو البلح الطازج .
وأصل هذا المثل :
ان رجلاً كان له ولد كسول وكان كلما يحاول اصلاحه ،و أرشاده ، وتقويمه ، يزداد كسلاً وبلادة ، حتى تعب الرجل ومل ، وعلم ان ولده لم يفلح أبدا ، ويئس من اصلاحه وسلم امره الى الله تعالى .
وفي ذات يوم رأى الرجل ان يرسل ابنه الى مجمع (( التنابلة )) آنذاك يعيشون في بستان كبير ، في احدى ضواحي بغداد ، ينامون فيه طيلة يومهم ، فاذا احسوا بالجوع اكلوا مما يتساقط عليهم من رطب جني ، من النخل الموجود في ذلك البستان ، واذا احسوا بالعطش شربوا مما يجري في الساقية من الماء !
ثم ان الرجل ذهب الى شيخ ((التنابلة )) ، وشرح له الأمر وسلم اليه ولده الكسول ، فرحب ((شيخ التنابلة )) بال((تنبل ))
وقال له – باللهجة العراقية الدارجة_ (( شوف بابا ..... روح نام هناك يم الساكية .... ولما توكع رطبه من النخلة اكلها ... واذا اعطشت اشرب ماي من الساكية ... وانت ما مطلوب منك أي عمل )) الساكية معناها : الساقية وهي مجرى الماء الضيق في الحدائق والبساتين ...
فانبطح الولد على الأرض قرب الساقية في انتظار سقوط الرطب بالقرب منه ، وبعد مدة وجيزة سقطة رطبة بالقرب من رأسه ، فلم يكلف نفسه عناء التقاطها ، ووضعها في فمه !! بل راح يقول وهو يتثاءب (( رحم الله والديه الي ايخلي الرطبة ابحلكي )) ، أي : رحم الله والدية كل من يضع هذه الرطبة في فمي .
فسمع (( شيخ التنابلة )) ما قاله (( التنبل )) الجديد ، فضحك منه ، واستدعاه اليه ، وقال له (( كوم ولك _ أي قم ويلك _ كوم وروح لأبوك وكول له اني تنبل ونص ، وما احتاج ان اعيش مع التنابلة حتى اتعلم منهم ))
ثم علم الناس بما فعل ذلك الصبي فقالوا فيه (( تنبل أبو رطبه )) وعجبوا من كسله وضحكوا من فعله وذهب ذلك مثلاً .
الشاهد في هذا المثل ، هو ان الانسان لابد من الإعتماد على نفسه وان لايضيع وقته اتكالاً على غيره ،فانا نجد الكثير من الناس يتكل على غيره بالرغم من ان الأمر متوجه اليه ..
ولهذا يقول النبي صلى الله عليه واله وسلم (( اياك وخصلتين : الضجر والكسل ، فإنك إن ضجرت لم تصبر على حق ، وان كسلت ، لم تؤد حقاً ))( [1] )
نسأل الله تعالى حسن العاقبة ....
[1] - نهج الفصاحة ح/1009
تعليق