بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين محمد واله الطاهرين
قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (( يا ابا ذر ، ا المؤمن ليرى ذنبه كأنه تحت صخرة ، يخاف أن تقع عليه
وأن الكافر ليرى ذنبه كأنه ذباب مر على انفه ...))
هذه من وصايا النبي الخاتم صلى الله عليه واله يوصي بها الصحابي الجليل أبا ذر الغفاري (رحمه الله ) فهي من الحكم الإلهية والمواعظ المهمة حيث يفرق النبي صلى الله عليه واله بين المؤمن والكافر في موقف كل منهما أزاء الذنب والخطيئة ، فالكافر لا يولي أي اهمية تجاه ذنوبه ولا يتحسس أو يخاف مما تقترف يداه ، ولكن المؤمن يتوجس خيفة من ذنبه حتى وان مر زمن على اقترافه اياه ، فتراه يتوقع عواقب ذنبه الباطنية والظاهرية ، ويعيش اضطرابا وقلقا نفسيين لا يتوقع معهما تلقي الإجابة والرد التكويني على الذنب مطلقاً ،
ثم ان ايمان الفرد كلما ارتقى مرتبة ، تضاعف هلعه من الذنب مرتبة مثلها ، فلو تصورنا شخصاً رأى نفسه فجأة في وسط الصخور ويحتمل تساقط المزيد منها تراه يعاني قلقاً يسلبه راحته وتفكيره حتى انه يكون قد وصل الى مرحله لايفكر بأي شيء غير كيفية خروجه من هذه المحنة التي هو فيها ،
فيا ترى لو وجد المرء نفسه في هكذا حالة فهل سيكون في مقدوره النوم ؟
وهل سيلتذ بالطعام ؟
ومن هنا نجد ان النبي صلى الله عليه واله قد ضرب مثلاً في هذا المقطع من وصيته الشريفة لأبي ذر رضوان الله عليه
ليكون مقياساً يمتحن به الانسان مستوى قدرته على مدى اقترابه من جوهر الايمان ،
وعليه فأن الفرد المذنب لايستطيع ايجاد تغيير ما في ذنبه الذي ارتكبه عن طريق الاضطراب ، الا أن هلع المؤمن أقرب الى التوبة والصلاح من عدم مبالاة الكافر تجاه ذنبه ،
وهنا ينبغي الالتفات الى حقيقة ، أن الكافر بدوره يرتكب الذنب ، ذلك لأن الكافر الواقعي يستقبح بعض الممارسات ولكنه يرتكبها رغم انه يعتبرها خطيئة ،
ثم ان الكفر له مراتب مثلما الايمان له مراتب ،
ثم قال النبي صلى الله عليه واله :يا أبا ذر أحكم السفينة فإن البحر عميقوأكثر الزاد فإن السفر طويل وأخلص العمل فإن الناقد بصير..
هذه الوصايا لابد للإنسان المؤمن ان يكتبها بل ينقشها على قلبه ويكون أول العاملين بها ، لأنه وصايا سيد الإمم وخاتم الأنبياء صلواة الله وسلامه عليه الذي لاينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى ...