بسم الله الرحمن الرحيم
لا اطيل عليكم اضع النص بين ايديكم بلا تعليق لان الحديث اسمى بكثير من ان تناله التعليقات ولكن ارجوا من القارئ الكريم ان يتأمل جيدا في مفرداته ويتدبر في معانيه ولو كان عنده متسع من الوقت فاليقرأه مرة اخرى على ادنى التقادير ولو قدر له وكُتب لإحدنا التوفيق فلا ينبغي ان يهمل ويترك بلا حفظ ...
هذا النص جاء في كتاب عيون اخبار الرضا لرئيس المحدثين الشيخ الصدوق في الباب رقم عشرين وارى والله العالم لعظم هذا النص لم يخرج الشيخ الصدوق في الباب الذي ادرج فيه هذا الحديث سواه ولم يذكر معه اي حديث اخر .. فهذا ان دل على شيء فانما يدل على ان الحديث جامع مانع كما يقال وقد ذكر له اكثر من سند.. والمهم فعنوان الباب الذي خرج فيه الحديث هو :
باب ( ما جاء عن الرضا عليه السلام في وصف الامامه والامام وذكر فضل الامام ورتبته )
اليكم نص الحديث :
".. القاسم بن مسلم عن اخيه عبد العزيز بن مسلم قال: كنا في ايام على بن موسى الرضا عليهم السلام بمرو فاجتمعنا في مسجد جامعها في يوم الجمعه في بدء مقدمنا فإذا راى الناس أمر الامامه وذكروا كثره اختلاف الناس فيها فدخلت على سيدى ومولاي الرضا عليه السلام فاعلمته ما خاض الناس فيه فتبسم عليه السلام ثم قال:
يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن اديانهم ان الله تبارك وتعالى لم يقبض نبيه (ص) حتى اكمل له الدين وانزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شئ بين فيه الحلال والحرام والحدود والاحكام وجميع ما يحتاج إليه كملا فقال عز وجل:
(ما فرطنا في الكتاب من شئ) وانزل في حجه الوداع وفي آخر عمره (ص) (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا)
وأمر الامامه في تمام الدين ولم يمض (ص) حتى بين لامته معالم دينهم واوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد الحق واقام لهم عليا عليه السلام علما واماما وما ترك شيئا يحتاج إليه الامه إلا بينه
فمن زعم ان الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله عز وجل ومن رد كتاب الله فهو كافر هل يعرفون قدر الامامه ومحلها من الامه فيجوز فيها اختيارهم؟!
ان الامامه اجل قدرا واعظم شانا واعلى مكانا وامنع جانبا وابعد غورا من ان يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بارائهم أو يقيموا اماما باختيارهم
ان الامامه خص الله بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوه والخله مرتبه ثالثه وفضيلة شرفه بها واشاد بها ذكره فقال عز وجل: (انى جاعلك للناس اماما) فقال الخليل عليه السلام: سرورا بها (ومن ذريتي) قال الله عز وجل: (لا ينال عهدي الظالمين) فابطلت هذه الايه امامه كل ظالم الى يوم القيامة وصارت في الصفوه
ثم اكرمه الله عز وجل بان جعلها ذريته أهل الصفوه والطهارة فقال عز وجل: (ووهبنا له اسحاق ويعقوب نافله وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم ائمه يهدون بامرنا واوحينا إليهم فعل الخيرات واقام الصلاه وايتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين)
فلم يزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها النبي (ص) فقال الله عز وجل: (ان اولى بابراهيم (عليه السلام) للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولى المؤمنين) فكانت له خاصه فقلدها (ص) عليا بامر الله عز وجل على رسم ما فرضها الله عز وجل فصارت في ذريته الاصفياء الذين آتاهم الله العلم والايمان بقوله عز وجل: (فقال الذين اوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله الى يوم البعث) فهى في ولد على عليه السلام خاصه الى يوم القيامة إذ لا نبى بعد محمد (ص) فمن اين يختار هؤلاء الجهال؟!
ان الامامه هي منزله الانبياء وارث الاوصياء ان الامامه خلافه الله عز وجل وخلافه الرسول ومقام أمير المؤمنين وميراث الحسن والحسين عليهما السلام ان بالامامه زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين
ان الامامه اُس الاسلام النامى وفرعه السامى بالامام تمام الصلاه والزكاه والصيام والحج والجهاد وتوفير الفئ والصدقات وامضاء الحدود والاحكام ومنع الثغور والاطراف
والامام يحل حلال الله ويحرم حرام الله ويقيم حدود الله ويذب عن دين الله ويدعو الى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنه والحجه البالغه
الامام كالشمس الطالعة للعالم وهي بالافق بحيث لا تنالها الايدى والابصار
الامام البدر المنير والسراج الزاهر والنور الساطع والنجم الهادى في غياهب الدجى والبيد القفار ولجج البحار
الامام الماء العذب على الظماء والدال على الهدى والمنجى من الردى
والامام النار على اليفاع الحار لمن اصطلى به والدليل في المهالك من فارقه فهالك
الامام السحاب الماطر والغيث الهاطل والشمس المضيئة والارض البسيطه والعين الغزيره والغدير والروضه
الامام الامين الرفيق والوالد الرفيق والاخ الشفيق ومفزع العباد في الداهيه
الامام امين الله في ارضه وحجته على عباده وخليفته في بلاده الداعي الى الله والذاب عن حرم الله
الامام المطهر الذنوب المبرأ من العيوب مخصوص بالعلم مرسوم بالحلم نظام الدين وعز المسلمين وغيظ المنافقين وبوار الكافرين
الامام واحد دهره لا يدانيه أحد ولا يعادله عالم ولا يوجد منه بدل وله مثل ولا نظير مخصوص بالفعل كله من غير طلب منه له ولا اكتساب بل اختصاص من المفضل الوهاب فمن ذا الذي يبلغ معرفه الامام ويمكنه اختياره؟! هيهات هيهات! ضلت العقول وتاهت الحلوم وحارت الالباب وحسرت العيون وتصاغرت العظماء وتحيرت الحكماء وتقاصرت الحلماء وحصرت الخطباء وجهلت الالباء وكلت الشعراء وعجزت الادباء وعييت البلغاء عن وصف شان من شانه أو فضيله من فضائله فاقرت بالعجز والتقصير وكيف يوصف له أو ينعت بكنهه يفهم شئ من امره أو يوجد من يقام مقامه ويغنى غناه لا كيف وانى وهو بحيت النجم من ايدى المتناولين ووصف الواصفين فاين الاختيار من هذا؟
واين العقول عن هذا؟ واين يوجد مثل هذا؟ اظنوا ان يوجد ذلك في غير آل الرسول (ص)؟ كذبتهم والله انفسهم ومنتهم الباطل فارتقوا مرتقى صعبا دحضا تزل عنه الى الحضيض اقدامهم راموا اقامه الامام بقول جائرة بائرة ناقصه وآراء مضله فلم يزدادوا منه إلا بعدا (قاتلهم الله انى يؤفكون) لقد راموا صعبا وقالوا افكا (وضلوا ضلالا بعيدا) ووقعوا في الحيره إذ تركوا الامام عن بصيره (وزين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن السبيل وما كانوا مستبصرين) ورغبوا عن اختيار الله واختيار رسوله الى اختيارهم والقرآن يناديهم (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيره سبحان الله وتعالى عما يشركون) وقال الله عز وجل: (وما كان لمؤمن ومؤمنه إذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيره من امرهم) وقال عز وجل: (ما لكم كيف تحكمون ام لكم كتاب فيه تدرسون ان لكم فيه لما تخيرون ام لكم ايمان علينا بالغه الى يوم القيامة ان لكم لما تحكمون سلهم ايهم بذلك زعيم ام لهم شركاء فليأتوا بشركائهم ان كانوا صادقين) وقال عز وجل: (افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها) ام طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون ام (قالوا سمعنا ولا يسمعون ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو اسمعهم لتولوا وهم معرضون) و (قالوا سمعنا وعصينا) بل هو (فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) فكيف لهم باختيار الامام؟! والامام عالم لا يجهل راع لا ينكل معدن القدس والطهارة والنسك والزهاده والعلم والعبادة مخصوص بدعوه الرسول وهو نسل المطهرة البتول لا مغمز فيه في نسب ولا يدانيه ذو حسب فالنسب من قريش والذروه من هاشم والعترة من آل الرسول (ص) والرضا من الله شرف الاشراف والفرع من عبد مناف نامى العلم كامل الحلم. مضطلع بالامامه عالم بالسياسه مفروض الطاعه قائم بامر الله عز وجل ناصح لعباد الله حافظ لدين ان الانبياء والائمه صلوات الله عليهم يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم فيكون علمهم فوق كل علم أهل زمانهم في قوله تعالى (افمن يهدى الحق احق ان يتبع امن لا يهدى إلا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون) ؟! وقوله عز وجل: (ومن يؤت الحكمه فقد اوتى خيرا كثيرا) وقوله عز وجل في طالوت: (ان الله اصطفاه عليكم وزاده بسطه في العلم والجسم والله يؤتى ملكه من يشاء والله واسع عليم) وقال عز وجل لنبيه (ص): (وكان فضل الله عليك عظيما) وقال عز وجل في الائمه من أهل بيته وعترته وذريته: (ام يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب والحكمه وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا) وان العبد إذا اختاره الله عز وجل لامور عباده شرح الله صدره لذلك واودع قلبه ينابيع الحكمه والهمه العلم الهاما فلم يعى بعده بجواب ولا يحيد فيه عن الصواب وهو معصوم مؤيد موفق مسدد قد امن الخطايا والزلل والعثار يخصه الله بذلك ليكون حجته على عباده وشاهده على خلقه (وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) فهل يقدرون على مثل هذا؟! فيختاروه أو يكون مختارهم بهذه الصفه فيقدموه؟ تعدوا وبيت الله الحق ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون وفي كتاب الله الهدى والشفاء فنبذوه واتبعوا اهوائهم فذمهم الله ومقتهم واتعسهم فقال عز وجل: (ومن اضل ممن اتبع هويه بغير هدى من الله ان الله لا يهدى القوم الظالمين) وقال عز وجل: (فتعسا لهم واضل اعمالهم) وقال عز وجل: (كبر مقتا عند وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار) إهــ