الاعتراضات التي وردت حول الآية الكريمة :
الأول / ذكره الفخر الرازي في أحكام القرآن وحاصله : أن استدلالكم على نفي إمامة الظالم صحيح وتام في الظالم فعلا أما من كان ظالما وزال عنه وصف الظلم فهذا غير مشمول بنفي الإمامة عنه بمعنى أن المشتق فيه قولان موضوع للمتلبس فعلا أو للأعم ، واستدلالكم في حال كونه موضوع للأعم ، والصحيح إن المشتق موضوع لخصوص المتلبس فاستدلالكم غير تام .
الجواب / قولنا وجد منه الظلم أعم من كون المشتق موضوع للمتلبس فعلا أو موضوع لمن زال عنه التلبس والناس بالنسبة للظلم أربعة أقسام من كان ظالم في كل حياته ومن كان ظالم ثم تاب ومن كان ظالم في آخر حياته ومن لم يظلم أصلا وهو يساوي المعصوم ثم ماذا تقولون في قوله تعالى ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) وقوله تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) فهل إقامة الحد على السارق والزاني في حال التلبس فقط أو بعد زوال التلبس فان قلنا إقامة الحد حال التلبس فعلا ينبغي عدم إقامة الحد عليهما بعد زوال التلبس .
الاعتراض الثاني / البعض يقابل هذه الآية الكريمة ( إني جاعلك للناس إماما .. ) بآية أخرى (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون ) فهل يجعل الله أئمة الضلال وينص عليهم .
الجواب / الجعل بشكل عام على قسمين جعل تكويني وجعل تشريعي بمعنى جعله حاكما ، فالتكويني يعم كل شيءبما في ذلك خلق أئمة الهدى وخلق أئمة الضلال ، وإيجادهم هو بإذن الله وتحت سلطانه أما النص على أئمة الهدى فأنه بالإضافة إلى الجعل التكويني والإيجاد الإرادة والجعل بالأمر عليهم والنص لأن الإمامة أمر باطني لا يعلمه إلا الله علام الغيوب .
الاعتراض الثالث / بعض الآيات الكريمة أطلقت الظلم على بعض الأنبياء عليهم السلام فهم غير معصومين حسب الآية .
الجواب / الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه ويشمل ذلك ترك الأولى و الأنبياء (عليهم السلام) معصومون من المعصية و المخالفة في أمر يرجع إلى الدين الذي يوحى إليهم من جهة تلقيه فلا يخطئون، و من جهة حفظه فلا ينسون و لا يحرفون، و من جهة إلقائه إلى الناس و تبليغه لهم قولا فلا يقولون إلا الحق الذي أوحي إليهم و فعلا فلا يخالف فعلهم قولهم و لا يقترفون معصية صغيرة و لا كبيرة والظلم في الآية الكريمة حمل على الشرك والكفر ولا يمكن حمل الكفر والشرك على الأنبياء والصالحين .
الاعتراض الرابع / لو كانت الإمامة هي الهداية يلزم كون كل الأنبياء أئمة
الجواب / أن هذه الهداية المجعولة من شئون الإمامة ليست هي بمعنى إراءة الطريق لأن الله سبحانه جعل إبراهيم (عليه السلام) إماما بعد ما جعله نبيا و لا تنفك النبوة عن الهداية بمعنى إراءة الطريق فلا يبقى للإمامة إلا الهداية بمعنى الإيصال إلى المطلوب و هي نوع تصرف تكويني في النفوس بتسيير النفوس في سير الكمال و نقلها من موقف معنوي إلى موقف آخر. فالهداية التي يتضمنها مفهوم الإِمامة ما هي إلاّ «الإِيصال إلى المطلوب» و«تحقيق روح الدين»، وتطبيق المناهج التربوية في النفوس المستعدة.
الاعتراض الخامس / إن قيل العهد هي الإمامة في قوله تعالى ( إني جاعلك للناس إماما ) فقد نالها معاوية ويزيد وبنو أمية وهم ظالمون .
الجواب / إن عهد الله جل جلاله وإمامته ما نالها ظالم أبدا وليس من كان ملكا بالتغلب يكون قد نال عهد الله ، فأن الملوك والأكاسرة والقياصرة وغيرهم من الكفار قد ملكوا أكثر مما ملك كثير من أئمة المسلمين وهم في مقام منازعين لله فكذا كل ظالم يكون عهد الله وإمامته ممنوعة منزهة عنه .
الاعتراض السادس / لو كانت الإمامة هي الهداية بأمر الله تعالى: و هي الهداية إلى الحق الملازم مع الاهتداء بالذات كما استفيد من قوله تعالى: "أ فمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع" الآية كان جميع الأنبياء أئمة قطعا، لوضوح أن نبوة النبي لا يتم إلا باهتداء من جانب الله تعالى بالوحي، من غير أن يكون مكتسبا من الغير، بتعليم أو إرشاد و نحوهما، و حينئذ فموهبة النبوة تستلزم موهبة الإمامة،
الجواب / المستفاد من الآية أن الهداية بالحق و هي الإمامة تستلزم الاهتداء بالحق، و أما العكس و هو أن يكون كل من اهتدى بالحق هاديا لغيره بالحق، حتى يكون كل نبي لاهتدائه بالذات إماما، فلم يتبين بعد، و قد ذكر سبحانه هذا الاهتداء بالحق، من غير أن يقرنه بهداية الغير بالحق في قوله تعالى: (وهبنا له إسحاق و يعقوب كلا هدينا و نوحا هدينا من قبل، و من ذريته داود و سليمان و أيوب و يوسف و موسى و هرون و كذلك نجزي المحسنين. و زكريا و يحيى و عيسى و إلياس كل من الصالحين، و إسماعيل و اليسع و يونس و لوطا و كلا فضلنا على العالمين. و من آبائهم و ذرياتهم و إخوانهم و اجتبيناهم و هديناهم إلى صراط مستقيم. ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده، و لو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون أولئك الذين آتيناهم الكتاب و الحكم و النبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين. أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) الأنعام - 90، ويتضح من سياق الآيات أن هذه الهداية أمر ليس من شأنه أن يتغير و يتخلف، و أن هذه الهداية لن ترتفع بعد رسول الله عن أمته، بل عن ذرية إبراهيم منهم خاصة، كما يدل عليه قوله تعالى: ( و إذ قال إبراهيم لأبيه و قومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدن. و جعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون ) الزخرف - 28، فأعلم قومه ببراءته في الحال و أخبرهم بهدايته في المستقبل، و هي الهداية بأمر الله حقا، لا الهداية التي يعطيها النظر و الاعتبار، فإنها كانت حاصلة مدلولا عليها بقوله: إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني، ثم أخبر الله: أنه جعل هذه الهداية كلمة باقية في عقب إبراهيم، و هذا أحد الموارد التي أطلق القرآن الكلمة فيها على الأمر الخارجي دون القول، كقوله تعالى: ( و ألزمهم كلمة التقوى و كانوا أحق بها ) الفتح - 26.
الاعتراض السابع / أن عمل الإِمامة هو ( الإِيصال إلى المطلوب) و( تنفيذ المناهج الإِلهية )
و هذا المعنى لم يتحقق في كثير من الأنبياء، بل لم يتحقق حتى بالنسبة للنبي الخاتم(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الأطهار في المقياس العام، فقد كان يقف في مقابلهم دوماً أفراد ضالون مضلون.
الجواب / عمل الإِمام لا يعني أن الإِمام يجرّ الأمة قسراً نحو الحق، بل إن الأفراد يستطيعون ـ وهم مختارون ـ أن يهتدوا بما يمتلكه الإِمام من قوّة ظاهرية وباطنية، على شرط امتلاك هؤلاء الأفراد للّياقة والاستعداد.
الاعتراض الثامن / التّفسير المذكور للإِمام يستدعي أن يكون كل إمام نبيّاً ورسولا أوّلا، وبعد ذلك يبلغ درجة الإِمامة. بينما لم يكن الخلفاء المعصومون لنبيّ الإِسلام(صلى الله عليه وآله وسلم)كذلك.
الجواب / لا يلزم أن يكون الإِمام قد بلغ حتماً منزلة النّبوة والرسالة،قال تعالى في كتابه العزيز ( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) وقال تعالى (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ) فالذي اجتمعت فيه منزلة النّبوة والرسالة والإِمامة (مثل إبراهيم عليه السلام و النّبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم ) يمكن لخليفته أن يواصل طريق الإِمامة، وذلك حين تنتفي الحاجة إلى رسالة جديدة كما هو الحال بعد خاتم الأنبياء.
الأول / ذكره الفخر الرازي في أحكام القرآن وحاصله : أن استدلالكم على نفي إمامة الظالم صحيح وتام في الظالم فعلا أما من كان ظالما وزال عنه وصف الظلم فهذا غير مشمول بنفي الإمامة عنه بمعنى أن المشتق فيه قولان موضوع للمتلبس فعلا أو للأعم ، واستدلالكم في حال كونه موضوع للأعم ، والصحيح إن المشتق موضوع لخصوص المتلبس فاستدلالكم غير تام .
الجواب / قولنا وجد منه الظلم أعم من كون المشتق موضوع للمتلبس فعلا أو موضوع لمن زال عنه التلبس والناس بالنسبة للظلم أربعة أقسام من كان ظالم في كل حياته ومن كان ظالم ثم تاب ومن كان ظالم في آخر حياته ومن لم يظلم أصلا وهو يساوي المعصوم ثم ماذا تقولون في قوله تعالى ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) وقوله تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) فهل إقامة الحد على السارق والزاني في حال التلبس فقط أو بعد زوال التلبس فان قلنا إقامة الحد حال التلبس فعلا ينبغي عدم إقامة الحد عليهما بعد زوال التلبس .
الاعتراض الثاني / البعض يقابل هذه الآية الكريمة ( إني جاعلك للناس إماما .. ) بآية أخرى (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون ) فهل يجعل الله أئمة الضلال وينص عليهم .
الجواب / الجعل بشكل عام على قسمين جعل تكويني وجعل تشريعي بمعنى جعله حاكما ، فالتكويني يعم كل شيءبما في ذلك خلق أئمة الهدى وخلق أئمة الضلال ، وإيجادهم هو بإذن الله وتحت سلطانه أما النص على أئمة الهدى فأنه بالإضافة إلى الجعل التكويني والإيجاد الإرادة والجعل بالأمر عليهم والنص لأن الإمامة أمر باطني لا يعلمه إلا الله علام الغيوب .
الاعتراض الثالث / بعض الآيات الكريمة أطلقت الظلم على بعض الأنبياء عليهم السلام فهم غير معصومين حسب الآية .
الجواب / الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه ويشمل ذلك ترك الأولى و الأنبياء (عليهم السلام) معصومون من المعصية و المخالفة في أمر يرجع إلى الدين الذي يوحى إليهم من جهة تلقيه فلا يخطئون، و من جهة حفظه فلا ينسون و لا يحرفون، و من جهة إلقائه إلى الناس و تبليغه لهم قولا فلا يقولون إلا الحق الذي أوحي إليهم و فعلا فلا يخالف فعلهم قولهم و لا يقترفون معصية صغيرة و لا كبيرة والظلم في الآية الكريمة حمل على الشرك والكفر ولا يمكن حمل الكفر والشرك على الأنبياء والصالحين .
الاعتراض الرابع / لو كانت الإمامة هي الهداية يلزم كون كل الأنبياء أئمة
الجواب / أن هذه الهداية المجعولة من شئون الإمامة ليست هي بمعنى إراءة الطريق لأن الله سبحانه جعل إبراهيم (عليه السلام) إماما بعد ما جعله نبيا و لا تنفك النبوة عن الهداية بمعنى إراءة الطريق فلا يبقى للإمامة إلا الهداية بمعنى الإيصال إلى المطلوب و هي نوع تصرف تكويني في النفوس بتسيير النفوس في سير الكمال و نقلها من موقف معنوي إلى موقف آخر. فالهداية التي يتضمنها مفهوم الإِمامة ما هي إلاّ «الإِيصال إلى المطلوب» و«تحقيق روح الدين»، وتطبيق المناهج التربوية في النفوس المستعدة.
الاعتراض الخامس / إن قيل العهد هي الإمامة في قوله تعالى ( إني جاعلك للناس إماما ) فقد نالها معاوية ويزيد وبنو أمية وهم ظالمون .
الجواب / إن عهد الله جل جلاله وإمامته ما نالها ظالم أبدا وليس من كان ملكا بالتغلب يكون قد نال عهد الله ، فأن الملوك والأكاسرة والقياصرة وغيرهم من الكفار قد ملكوا أكثر مما ملك كثير من أئمة المسلمين وهم في مقام منازعين لله فكذا كل ظالم يكون عهد الله وإمامته ممنوعة منزهة عنه .
الاعتراض السادس / لو كانت الإمامة هي الهداية بأمر الله تعالى: و هي الهداية إلى الحق الملازم مع الاهتداء بالذات كما استفيد من قوله تعالى: "أ فمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع" الآية كان جميع الأنبياء أئمة قطعا، لوضوح أن نبوة النبي لا يتم إلا باهتداء من جانب الله تعالى بالوحي، من غير أن يكون مكتسبا من الغير، بتعليم أو إرشاد و نحوهما، و حينئذ فموهبة النبوة تستلزم موهبة الإمامة،
الجواب / المستفاد من الآية أن الهداية بالحق و هي الإمامة تستلزم الاهتداء بالحق، و أما العكس و هو أن يكون كل من اهتدى بالحق هاديا لغيره بالحق، حتى يكون كل نبي لاهتدائه بالذات إماما، فلم يتبين بعد، و قد ذكر سبحانه هذا الاهتداء بالحق، من غير أن يقرنه بهداية الغير بالحق في قوله تعالى: (وهبنا له إسحاق و يعقوب كلا هدينا و نوحا هدينا من قبل، و من ذريته داود و سليمان و أيوب و يوسف و موسى و هرون و كذلك نجزي المحسنين. و زكريا و يحيى و عيسى و إلياس كل من الصالحين، و إسماعيل و اليسع و يونس و لوطا و كلا فضلنا على العالمين. و من آبائهم و ذرياتهم و إخوانهم و اجتبيناهم و هديناهم إلى صراط مستقيم. ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده، و لو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون أولئك الذين آتيناهم الكتاب و الحكم و النبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين. أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) الأنعام - 90، ويتضح من سياق الآيات أن هذه الهداية أمر ليس من شأنه أن يتغير و يتخلف، و أن هذه الهداية لن ترتفع بعد رسول الله عن أمته، بل عن ذرية إبراهيم منهم خاصة، كما يدل عليه قوله تعالى: ( و إذ قال إبراهيم لأبيه و قومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدن. و جعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون ) الزخرف - 28، فأعلم قومه ببراءته في الحال و أخبرهم بهدايته في المستقبل، و هي الهداية بأمر الله حقا، لا الهداية التي يعطيها النظر و الاعتبار، فإنها كانت حاصلة مدلولا عليها بقوله: إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني، ثم أخبر الله: أنه جعل هذه الهداية كلمة باقية في عقب إبراهيم، و هذا أحد الموارد التي أطلق القرآن الكلمة فيها على الأمر الخارجي دون القول، كقوله تعالى: ( و ألزمهم كلمة التقوى و كانوا أحق بها ) الفتح - 26.
الاعتراض السابع / أن عمل الإِمامة هو ( الإِيصال إلى المطلوب) و( تنفيذ المناهج الإِلهية )
و هذا المعنى لم يتحقق في كثير من الأنبياء، بل لم يتحقق حتى بالنسبة للنبي الخاتم(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الأطهار في المقياس العام، فقد كان يقف في مقابلهم دوماً أفراد ضالون مضلون.
الجواب / عمل الإِمام لا يعني أن الإِمام يجرّ الأمة قسراً نحو الحق، بل إن الأفراد يستطيعون ـ وهم مختارون ـ أن يهتدوا بما يمتلكه الإِمام من قوّة ظاهرية وباطنية، على شرط امتلاك هؤلاء الأفراد للّياقة والاستعداد.
الاعتراض الثامن / التّفسير المذكور للإِمام يستدعي أن يكون كل إمام نبيّاً ورسولا أوّلا، وبعد ذلك يبلغ درجة الإِمامة. بينما لم يكن الخلفاء المعصومون لنبيّ الإِسلام(صلى الله عليه وآله وسلم)كذلك.
الجواب / لا يلزم أن يكون الإِمام قد بلغ حتماً منزلة النّبوة والرسالة،قال تعالى في كتابه العزيز ( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) وقال تعالى (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ) فالذي اجتمعت فيه منزلة النّبوة والرسالة والإِمامة (مثل إبراهيم عليه السلام و النّبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم ) يمكن لخليفته أن يواصل طريق الإِمامة، وذلك حين تنتفي الحاجة إلى رسالة جديدة كما هو الحال بعد خاتم الأنبياء.
تعليق