إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في 29 من جمادي الآخر وفاة السيد سبع الدجيل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في 29 من جمادي الآخر وفاة السيد سبع الدجيل

    سبع الدجيل في التاريخ والوجدان
    اسمه وكنيته:
    سيد محمّد بن الإمام علي الهادي بن الإمام محمّد الجواد بن الإمام علي الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمّد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين السبط الشهيد بن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وابن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليهما وآلهما الحوراء الإنسية التي أجلَّها الله في كتابه العزيز ونصَّ على طهارتها وباهلت النصارى مع أبيها وبعلها وبنيها دفاعاً عن التوحيد فكانت مظهر الحق وحجته دون نساء العالمين(4).
    ويكنّى بأبي جعفر، ويعرف بالبعّاج(5)، ومُشْتَهر بسبع الدُّجَيْل.
    ويذكر له عدّة ألقاب معروفة في نواحيه منها:
    السيد، أبو جاسم، أبو البرهان، أبو الشارة، سبع الدجيل، أسد الدجيل، البعّاج، سبع الجزيرة، أخو العبّاس، البطّاش، اليصيح بالرأس، الطفاي(6).
    تحليل الكنى:
    اشتهرت الكنى بين العرب حتّى قيل: إنَّها مما اختصَّ به العرب وشاعت الألقاب بين العجم حتّى قيل: إنَّها مما اختصَّ بها العجم.
    ولكل من الكنية واللقب مجاله وخصائصه وفلسفة توظيفه ودلائله التي تجمّل منهج التخاطب وتلطّف أسلوب الحوار، وهذه الفلسفة بعمومها تحتوي على منظور مدرك مشوب بمعرفة وثقافة المستعمل لتلك الكنية أو هذا اللقب، فهما ينمّان عن عدّة أمور، وما يرتبط منها بالمقام:
    أوّلاً: ما يحمل المتكلّم تجاه الشخص الموصوف ولو بمستوى الأحلام والآمال عند الإنسان.
    وثانياً: لفت الانتباه لجنبة في الموصوف تمنَّاها أو ارتضاها الواصف.
    وإذا صدرت تلك الصفة من الباري تبارك وتعالى فلا بدَّ وأن تكون كاشفة ومبينة لشيء في الموصوف؛ لأن الحكيم العالم لا يطلق الكلام جزافاً.
    وإذا صدرت من الإنسان فلا بدَّ من تحديد حيثية صدورها لنعرف هل هي أمنية وحلم أو هي وصف لواقع أو هي مجرد لفظ أريد به تفريغ ما يجيش في صدر المتكلّم تجاه المتكلّم عنه.
    وإذا شاع الوصف بين الناس وبلغ حدَّ الاشتهار والشيوع وتسليم الناس بمضمونه فالأمر يدور بين احتمالين، إما أن شيوعه بين الناس بسبب الإعلام ومسايرة بعضهم البعض من دون رويَّة أو تأمّل، وهذا يفقد اللقب والكنية اعتبارهما، أو أنَّ شيوعه وتسليم الناس به ناشئان عن درك وتصديق بواقعية ذلك الوصف، وهذا الفرض له اعتبار كبير ويعدّ منجماً من الذكريات الثرّة ومنبعاً متدفّقاً لسيرة الموصوف وتاريخه، وعلى هذا السبيل تشرق الكلمات في هذا البحث حاكية عن معاني الكنى والألقاب والتي تكشف عمّا يتحلّى به صاحبها، فيتمكّن القارئ من خلالها معرفة بعض جوانب شخصية صاحب الكنية واللقب، وإليك إطلالة سريعة على سمات السيد من خلال الأسماء(7) التي عرّفته بها الأجيال والتي بقيت مناشدة لوجدانهم وماثلة في حياتهم:
    1 _ سبع الدجيل:
    أشهر ألقابه، ولا يعرف غيره به، فمرقده الشريف في برية قفرة تعرف بالدجيل، وقبل مئات السنين كان السائرون فيها يتزلزلون خوفاً ووجلاً من قطّاع الطرق، إلاَّ أن زوّاره كانوا يشاهدون سبعاً ضارياً يجوب الأرض التي حول القبر الشريف ولا يدع معتدياً يدنو لزائريه، فلا ترى في ذاكرة الأجيال أو عند نقل الأحداث أيّ ذكر لحادثة اعتداء في تلك الأيام، ولهذا السبع ذكر ووجود حتّى أربعينات القرن العشرين، قال الشاعر(8):
    ينام قريراً عندك الوفد إنَّه

    يهاب فلا يدنو إلى ضيفك اللص
    لعمرك قد خافوك حياً وميتاً

    وهل قبل هذا خيف في رمسه شخص

    وقد يعبَّر عنه بـ (سبع الجزيرة)، وأهالي المنطقة يكسرون الجيم، والجزيرة عندهم: أرض مقفرة.
    أو بـ (أسد الدجيل) قال عبد الغني الخضري:
    يا أسد الدجيل كم حسرة

    تعبث بالأحشاء والترائب

    وقال السيد مير علي طبيخ النجفي:
    أسد أطلَّ على الدجيل فأقعصت

    منه ليوث تهائم ونجاد

    وهذه الأسماء مترادفات.
    2 _ البعّاج:
    القتّال لمن تجاوز الحدَّ على زائريه وعليه كرامة من الله عز وجل له، ويشابهه لقب البطّاش، وقد نسب السيد ضامن بن شدقم هذا اللقب إلى أحد أحفاده عند ذكره أعقاب السيد.
    3 _ أبو جاسم:
    المعروف عند أهل العراق وغيرهم أن من اسمه محمّد فكنيته (أبو جاسم) وهنا وجه آخر لتسميته بهذا وهو كثرة من قصم، حيث يوجد في اللفظ تحارف وظيفي ببركة لهجة العراقيين، فقصم = كصم = جسم وهذه الكنية من المشهورات في محيط مدينة بلد، وربما اشتهر القسم والحلف به.
    4 _ أبو البرهان:
    وقد يطلق لفظ الأب في لهجة العراق الدارجة على أصل الشيء كما هو حال لفظ الاُمّ في اللغة، فهذه الكنية تدلُّ على أنَّه راع للبرهان وأصله وقت التحاكم إليه، وسيأتي حكاية مشهد عام لأثره في حياة الناس اليومية تحت عنوان _ وصف عام لمكانة السيد سبع الدجيل عند الأجيال _ اعتماد بعض المحاكم المحلية للقسم به في حل بعض الخلافات.
    5 _ أبو الشارة:
    فسَّرت الشارة بالعلامة الواضحة الدالّة على سرعة استجابة الدعاء عنده، فهي مرادف قريب من الكنية المتقدّمة.
    وهنا معنى آخر خلاصته: أنَّ اللفظ أصله من شوَّر به: فعل به فعلاً يستحيى منه فتشوَّر، يقال: شوَّرت الرجل وبالرجل فتشوَّر إذا خجَّلته فخجل، أي أنَّه أصل وسبب يسم المبطل بما يستحي منه. وهذا فيه جمع بين المعنيين لاسيّما وأنَّ الشارة بمعنى الحُسْن والهيأة، ويمكن إرجاعها إلى أصل الشَّوْر وهو عرض الشيء وإظهاره، فكأنَّها اُخذت منه(9).
    6 _ أخو العبّاس:
    آخى النبي الأكرم صلى الله عليه وآله بين أصحابه، واتخذ علياً أخاً له في الدنيا والآخرة، وأثبت له صفاته كلَّها ما عدا النبوة بقوله: ((أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاَّ أنه لا نبي بعدي))(10) فارتسمت معاني الأخوّة في وجدان المتديّن، فكلّما تشاكل شخصان في الخصائص والمميزات تجلَّت بينهما الأخوّة.
    ولأبي الفضل _ وهو البطل الذي خط الوفاء والنبل في جبين البشرية _ مكانة سامية في القلوب ومنزلة عالية في السماء، حباه الله بكرامات تظهر فضله، فجعله باباً من أبواب رحمته، يقصده المؤمَّل والمضطر فتقضى الحوائج وتحقَّق الأماني، ووجد الناس السيد سبع الدجيل عديل العبّاس في هذه السمة فسمَّوه بأخي العبّاس تثبيتاً لما حبي من الباري تبارك وتعالى.
    وأمَّا لقب اليصيح بالرأس، والطفّاي، فلم أظفر بما يؤكّد شيوع استعمالهما في حق السيد.
    حياته ومماته في سطور:
    لم تحدَّد المصادر تاريخ ولادته ولا مكانها، والظاهر أنَّه ولد بالحجاز، وخلّفه أبو الحسن عليه السلام بالحجاز طفلاً، فقدم عليه مشيداً، فلازم أخاه لا يفارقه على ما وصفه الكلاني في المحكي عنه.
    وبالنظر إلى سنة وفاته وعمره يمكن القول بأنه ولد حوالي سنة (236هـ) أو (238هـ).
    وقد رآهما غير واحد وهما يدخلان على أبيهما معاً حتّى أنَّ بعض أصحاب الإمام الهادي عليه السلام أشكل عليهم أمر الإمامة.
    والذي يكشف عن العلاقة الوطيدة بين الإمام العسكري وبين أخيه أبي جعفر شقه ثوبه عليه حين وفاته.
    حكي عن الكلاني ما نصّه: (صحبت أبا جعفر محمّد بن علي الرضا وهو حدث السن، فما رأيت أوقر ولا أزكى ولا أجلّ منه، وكان خلّفه أبو الحسن العسكري بالحجاز طفلاً فقدم عليه مشيداً، وكان ملازماً لأخيه أبي محمّد عليه السلام لا يفارقه)(11).
    وفي بعض المدوّنات قول مفاده: أنَّ المهدي هو محمّد بن علي الهادي، وهو حي باقٍ لم يمت على ما بُثَّ في مدوّنات الفِرَق والأديان، واندثار هذا القول _ لو كان موجوداً _ شاهدٌ على زيفه وضلاله.




    الهوامش:

    (1) تحفة الأزهار وزلال الأنهار 2: 461.

    (2) منتهى الآمال: 639.

    (3) راجع: سبع الدجيل للسيد موسى الهندي/ ودراسة وتحقيق د. جودت القزويني: 56.

    (4) تمَّ ذلك في يوم المباهلة، وأصلها في اللغة من البهلة وهو التضرّع والخلوص في الدعاء وتقريب معناها: أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء فيلعنوا ويدعوا على المبطل منهم ولها صفة خاصة تؤخذ من مظانها، ومن مباهلة الرسول الأكرم بعترته دون سواهم يعلم أن لا يدانيهم في الفضل والشرف والمنزلة عند الله أحد من الخليقة، مهما تقمَّص من أوصاف إذ برز بخاصته دفاعاً عن التوحيد وصار المسلمون وغيرهم إلى موقف المتفرّج ينظرون إلى مظاهر عزّة الله ورسوله.

    (5) مراقد المعارف في تعيين مراقد العلويين والصحابة والتابعين والرواة والعلماء والأدباء والشعراء للشيخ محمّد حرز الدين 2: 262.

    (6) شعراء سبع الدجيل لحسين البلداوي: 40؛ وسبع الدجيل لبرهان البلداوي: 34 - 38.

    (7) تطلق (الأسماء) ويراد بها الأعم من الكنى والألقاب وأسماء الأعلام.

    (8) نسبها برهان البلداوي في كتابه سبع الدجيل للشيخ محمّد حسين المظفر المولود (1312هـ).

    (9) راجع لسان العرب والقاموس المحيط.

    (10) الخصال: 311؛ بحار الأنوار 5: 69.

    (11) حكاه عنه الشيخ محمّد جواد الطبسي في حياة الإمام العسكري عليه السلام: 69.




    التعديل الأخير تم بواسطة اية الشكر ; الساعة 29-04-2014, 10:27 AM. سبب آخر:
    sigpic
يعمل...
X