تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم يا كريم. اما بعد:
تنقسم التورية الى قسمين: (التورية اللفظية - اي القولية - والتورية الفعلية)
اولا: التورية اللفظية:
وسنتحدث عنها في مطلبين:
المطلب الاول في تعريفها:
التورية في اللغة:
و هي في اللغة بمعنى الستر و الإخفاء و القاء كلام ظاهر في معنى و إرادة خلاف ظاهره. مع إخفاء القرينة على المراد، فكأن المتكلم وارى مراده عن المخاطب بإظهار غيره. وخيّل إليه أنه أراد ظاهر كلامه.
و قد ذكر الطريحي في مجمع البحرين (ورّيت الخبز) بالتشديد تورية إذا سترته و أظهرت غيره، حيث يكون للفظ معنيان أحدهما أشيع من الآخر و تنطق به و تريد الخفي.
و في القاموس: ورّاه تورية أخفاه.
و في تلخيص المفتاح: و منه التورية و تسمى الإيهام- أيضا- و هو أن يطلق لفظ له معنيان قريب و بعيد و يراد البعيد. إلخ.
وفي الاصطلاح:
هي ان يذكر المتكلم لفظا مفردا له معنيان :
المعنى الأول: قريب ويسمى المورى به ويكون ظاهرا وواضحا.
المعنى الثاني: بعيد ويسمى المورى عنه ويكون بعيدا خفيا.
ولكن أي المعنيين يريد المتكلم او الشاعر او الكاتب؟
الجواب: ان المعنى الذي يريده هو المعنى البعيد الذي ستره وورى عنه بالمعنى القريب.
من هذا القبيل ما ذكره سلطان العلماء و المحققين في حاشيته على المعالم عند البحث عن المجمل من أنه :
سئل أحد العلماء عن على عليه السلام و أبى بكر بأنه أيهما خليفة الرسول صلّى اللّه عليه و آله فقال: من بنته في بيته.
فالمعنى القريب:هو ابو بكر
والمعنى البعيد:هو امير المؤمنين علي ابن ابي طالب (عليه السلام)
ومنه قول عقيل عليه السلام: أمرني معاوية أن ألعن عليا ألا فالعنوه.
فالمعنى القريب:هو علي ابن ابي طالب
والمعنى البعيد:هو معاوية بن ابي سفيان
ومن القبيل المذكور ما سئل بعض الشيعة عن عدد الخلفاء فقال: أربعة أربعة أربعة.
فالمعنى القريب: الخلفاء الاربعة
والمعنى البعيد: الائمة الاثنى عشر
وكذلك في قوله قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [الأنعام : 60]
فاردا بقوله (جرحتم) المعنى البعيد وهو ارتكاب الذنوب ولاجل هذا سميت التورية ايهاما وتخييلا.
المطلب الثاني اقسامها:
هناك نوعان للتورية اللفظية:
النوع الأول التورية المجردة: وهي التي تكون مجردة من اللوازم او الصفات المختصة بالمعنى البعيد وهو المورى به ومن اللوازم او الصفات المختصة بالمعنى القريب وهو المورى عنه.
نحو قوله تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه : 5]
فالتورية واقعة في لفظ (استوى)
المعنى الأول القريب(الاستقرار في المكان)
المعنى الثاني البعيد (الاستيلاء والملك) وهو المعنى المراد لان الله سبحانه منزه عن المعنى الأول.
نوع التورية: مجردة لان لفظ التورية (استوى) مجرد من الصفات المختصة بالمعنى القريب ومجرد أيضا من الصفات المختصة بالمعنى البعيد.
النوع الثاني التورية المرشحة:
وهي التي يذكر فيها لازم المعنى القريب (أي ما يناسب المعنى القريب) للفظ التورية من اللوازم او الصفات المختصة به.
وسميت المرشحة: لانها تَقوَى بذكر ما يناسب المعنى القريب للفظ التورية لان القريب غير مراد فكأنه ضعيف فاذا ذكر لازمه تقوى به.
ولازم المعنى القريب للفظ التورية يأتي قبله كما يأتي بعده ايضا
مثال اللازم عندما يأتي قبل لفظ التورية:
قوله تعالى {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ } [الذاريات : 47]
التورية واقعة في لفظ (بأيدٍ)
المعنى القريب (الجارحة أي اليد)
الصفات او اللوازم المختصة بالمعنى القريب لفظ (بنيناها) وهو الذي قوى ورشح المعنى القريب.
المعنى البعيد(القوة) وهو المعنى المقصود
نوع التورية: مرشحة لان اللازم المختص بالمعنى القريب قد ذكر قبل لفظ التورية.
مثال اللازم عندما يأتي بعد لفظ التورية:
قال الشاعر:
يمرُّ بي كلَّ وقتٍ ------ وكلما مرّ يحلو
التورية واقعة في لفظ (مرَّ)
المعنى القريب لهذا اللفظ (المرارة)
الصفات المختصة بالمعنى القريب لفظ (يحلو) وهو الذي قوى ورشح المعنى القريب
المعنى البعيد: المرور وهو المعنى المقصود الذي يريده الشاعر
نوع التورية: مرشحة لان الصفات او اللوازم المختصة بالمعنى القريب للفظ التورية قد ذكرت بعده.
ثانيا التورية في الأفعال:
و مثال ذلك: أن يكره الجائر أحدا على شرب الخمر، فأخذها المكرَه (بالفتح) و أهرقها على جيبه و خُيّل إلى الجائر أنه شربها.
و أن يُكره أحدا على أخذ أموال الناس بالظلم و العدوان. فأخذ المكره (بالفتح) مال الظالم سرا و دفعه اليه جهرا، و يُخيّل إليه أنه أخذه من الناس و أعطاه إياه.
و أن يأمر أحد عماله أن يضرب مظلوما في الليل المظلم، فيورى العامل في فعله بضرب سوطه على الجدار، و يأمر المظلوم بالنياحة و البكاء لكي يفهم الظالم أنه يضربه. والى غير ذلك من الأمثلة.
والحمد لله رب العالمين.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم يا كريم. اما بعد:
تنقسم التورية الى قسمين: (التورية اللفظية - اي القولية - والتورية الفعلية)
اولا: التورية اللفظية:
وسنتحدث عنها في مطلبين:
المطلب الاول في تعريفها:
التورية في اللغة:
و هي في اللغة بمعنى الستر و الإخفاء و القاء كلام ظاهر في معنى و إرادة خلاف ظاهره. مع إخفاء القرينة على المراد، فكأن المتكلم وارى مراده عن المخاطب بإظهار غيره. وخيّل إليه أنه أراد ظاهر كلامه.
و قد ذكر الطريحي في مجمع البحرين (ورّيت الخبز) بالتشديد تورية إذا سترته و أظهرت غيره، حيث يكون للفظ معنيان أحدهما أشيع من الآخر و تنطق به و تريد الخفي.
و في القاموس: ورّاه تورية أخفاه.
و في تلخيص المفتاح: و منه التورية و تسمى الإيهام- أيضا- و هو أن يطلق لفظ له معنيان قريب و بعيد و يراد البعيد. إلخ.
وفي الاصطلاح:
هي ان يذكر المتكلم لفظا مفردا له معنيان :
المعنى الأول: قريب ويسمى المورى به ويكون ظاهرا وواضحا.
المعنى الثاني: بعيد ويسمى المورى عنه ويكون بعيدا خفيا.
ولكن أي المعنيين يريد المتكلم او الشاعر او الكاتب؟
الجواب: ان المعنى الذي يريده هو المعنى البعيد الذي ستره وورى عنه بالمعنى القريب.
من هذا القبيل ما ذكره سلطان العلماء و المحققين في حاشيته على المعالم عند البحث عن المجمل من أنه :
سئل أحد العلماء عن على عليه السلام و أبى بكر بأنه أيهما خليفة الرسول صلّى اللّه عليه و آله فقال: من بنته في بيته.
فالمعنى القريب:هو ابو بكر
والمعنى البعيد:هو امير المؤمنين علي ابن ابي طالب (عليه السلام)
ومنه قول عقيل عليه السلام: أمرني معاوية أن ألعن عليا ألا فالعنوه.
فالمعنى القريب:هو علي ابن ابي طالب
والمعنى البعيد:هو معاوية بن ابي سفيان
ومن القبيل المذكور ما سئل بعض الشيعة عن عدد الخلفاء فقال: أربعة أربعة أربعة.
فالمعنى القريب: الخلفاء الاربعة
والمعنى البعيد: الائمة الاثنى عشر
وكذلك في قوله قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [الأنعام : 60]
فاردا بقوله (جرحتم) المعنى البعيد وهو ارتكاب الذنوب ولاجل هذا سميت التورية ايهاما وتخييلا.
المطلب الثاني اقسامها:
هناك نوعان للتورية اللفظية:
النوع الأول التورية المجردة: وهي التي تكون مجردة من اللوازم او الصفات المختصة بالمعنى البعيد وهو المورى به ومن اللوازم او الصفات المختصة بالمعنى القريب وهو المورى عنه.
نحو قوله تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه : 5]
فالتورية واقعة في لفظ (استوى)
المعنى الأول القريب(الاستقرار في المكان)
المعنى الثاني البعيد (الاستيلاء والملك) وهو المعنى المراد لان الله سبحانه منزه عن المعنى الأول.
نوع التورية: مجردة لان لفظ التورية (استوى) مجرد من الصفات المختصة بالمعنى القريب ومجرد أيضا من الصفات المختصة بالمعنى البعيد.
النوع الثاني التورية المرشحة:
وهي التي يذكر فيها لازم المعنى القريب (أي ما يناسب المعنى القريب) للفظ التورية من اللوازم او الصفات المختصة به.
وسميت المرشحة: لانها تَقوَى بذكر ما يناسب المعنى القريب للفظ التورية لان القريب غير مراد فكأنه ضعيف فاذا ذكر لازمه تقوى به.
ولازم المعنى القريب للفظ التورية يأتي قبله كما يأتي بعده ايضا
مثال اللازم عندما يأتي قبل لفظ التورية:
قوله تعالى {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ } [الذاريات : 47]
التورية واقعة في لفظ (بأيدٍ)
المعنى القريب (الجارحة أي اليد)
الصفات او اللوازم المختصة بالمعنى القريب لفظ (بنيناها) وهو الذي قوى ورشح المعنى القريب.
المعنى البعيد(القوة) وهو المعنى المقصود
نوع التورية: مرشحة لان اللازم المختص بالمعنى القريب قد ذكر قبل لفظ التورية.
مثال اللازم عندما يأتي بعد لفظ التورية:
قال الشاعر:
يمرُّ بي كلَّ وقتٍ ------ وكلما مرّ يحلو
التورية واقعة في لفظ (مرَّ)
المعنى القريب لهذا اللفظ (المرارة)
الصفات المختصة بالمعنى القريب لفظ (يحلو) وهو الذي قوى ورشح المعنى القريب
المعنى البعيد: المرور وهو المعنى المقصود الذي يريده الشاعر
نوع التورية: مرشحة لان الصفات او اللوازم المختصة بالمعنى القريب للفظ التورية قد ذكرت بعده.
ثانيا التورية في الأفعال:
و مثال ذلك: أن يكره الجائر أحدا على شرب الخمر، فأخذها المكرَه (بالفتح) و أهرقها على جيبه و خُيّل إلى الجائر أنه شربها.
و أن يُكره أحدا على أخذ أموال الناس بالظلم و العدوان. فأخذ المكره (بالفتح) مال الظالم سرا و دفعه اليه جهرا، و يُخيّل إليه أنه أخذه من الناس و أعطاه إياه.
و أن يأمر أحد عماله أن يضرب مظلوما في الليل المظلم، فيورى العامل في فعله بضرب سوطه على الجدار، و يأمر المظلوم بالنياحة و البكاء لكي يفهم الظالم أنه يضربه. والى غير ذلك من الأمثلة.
والحمد لله رب العالمين.
