بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم :
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا[ (59) النساء ] ))
هذه الآية كبرى وصغرها اية الولاية .
القياس :
اهل البيت اولي الامر : بمقتضى اية الولاية .
واولي الامر تجب طاعتهم : بمقتضى اية اولي الامر.
فإذن : اهل البيت تجب طاعتهم .
وهذا لوثبت انهم في هذه الآية انهم معصومون فا يكونوا واجبي طاعة .
الآية قالت ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا )) الآية موجة الخطاب الى الامة الاسلامية وليس لجميع الناس اي ان المسالة داخل الامة الاسلامية وليست خارجة .
المسالة الاولى في الآية قالت : ((أَطِيعُوا اللَّهَ ))
وهنا سؤال : ان طاعة الله باي ملاك ،اي ما هو الدليل على طاعة الله تعالى ؟
الجواب : اما لوجوب شكر المنعم ، او لأنه خالق ، او لأنه رازق ، والحال ان هذا البحث كلامي يبحث في محله ؟.
المهم : ان هذه الآية اوجبت طاعة الله طاعة مطلقة وان طاعة الله تكون في طاعة اوامره ونواهيه فتكون طاعة في التشريعات التي جاء بها القران .
المسالة الثانية في الآية انها قالت ((وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ))
يوجد قولان في هذه المسالة .
القول الاول : ان ( اطيعوا )الثانية انما هي لتأكيد (اطيعوا الاولى ) وان واقع الامر هو( اطيعوا الله والرسول ) وهذا القول مبني على ان المعطوف والمعطوف عليه مساويان من حيث الدرجة مثل ( اكرم زيدا واكرم عمرو ) وان (اكرم الثانية ) للتأكيد الاكرام الاول ولا يوجد فيها مطلب اضافي .
القول الثاني : ان (اطيعوا الثانية ) ليس للتأكيد بل هي للتأسيس لماذا : لان هنالك قاعدة في البلاغة تقول ( ان التكرار يفيد التأكيد ) وهذه القاعدة ليس تامة على اطلاقها ، وانما بعض التكرار يفيد التأكيد وبعضه منافي للتأكيد ، فيكون المعطوف والمعطوف عليه مختلف من حيث الدرجة ومن حيث الطاعة .اي ربما يكون العطوف عليه اشد واقوى من المعطوف .
والقول الاول : هو القول الذي احتمله صاحب مجمع البيان الطبرسي :
(« وأطيعوا الرسول » أي والزموا طاعة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أيضا وإنما أفرد الأمر بطاعة الرسول وإن كانت طاعته مقترنة بطاعة الله مبالغة في البيان وقطعا لتوهم من توهم أنه لا يجب لزوم ما ليس في القرآن من الأوامر ونظيره قوله « من يطع الرسول فقد أطاع الله وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وما ينطق عن الهوى » وقيل معناه أطيعوا الله في الفرائض و أطيعوا الرسول في السنن عن الكلبي والأول أصح لأن طاعة الرسول هي طاعة الله وامتثال أوامره امتثال أوامر الله ) [مجمع البيان ج3 ص97]
اما القول الثاني :فهو للعلامة الطباطبائي : [الميزان / الباب بيان ج4 ص144 حسب الشاملة ]
( إذا عرفت هذا علمت أن لإطاعة الرسول معنى و لإطاعة الله سبحانه معنى آخر و إن كان إطاعة الرسول إطاعة لله بالحقيقة لأن الله هو المشرع لوجوب إطاعته كما قال: "و ما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله" فعلى الناس أن يطيعوا الرسول فيما يبينه بالوحي، و فيما يراه من الرأي.
و هذا المعنى و الله أعلم هو الموجب لتكرار الأمر بالطاعة في قوله: و أطيعوا الله و أطيعوا الرسول، لا ما ذكره المفسرون: أن التكرار للتأكيد فإن القصد لو كان متعلقا بالتأكيد كان ترك التكرار كما لو قيل: و أطيعوا الله و الرسول أدل عليه و أقرب منه فإنه كان يفيد أن إطاعة الرسول عين إطاعة الله سبحانه و أن الإطاعتين واحدة، و ما كل تكرار يفيد التأكيد. )
فلهذا ذهب العلامة ان ( اطيعوا الثانية ) تريد ان تبين شيئا اضافيا وهو :
(و لا ينبغي أن يرتاب في أن الله سبحانه لا يريد بإطاعته إلا إطاعته في ما يوحيه إلينا من طريق رسوله من المعارف و الشرائع، و أما رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)
فله حيثيتان:
إحداهما: حيثية التشريع بما يوحيه إليه ربه من غير كتاب، و هو ما يبينه للناس من تفاصيل ما يشتمل على إجماله الكتاب و ما يتعلق و يرتبط بها كما قال تعالى: و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم: - النحل 44.
و الثانية: ما يراه من صواب الرأي و هو الذي يرتبط بولايته الحكومة و القضاء قال تعالى: لتحكم بين الناس بما أراك الله: - النساء 105، و هذا هو الرأي الذي كان يحكم به على ظواهر قوانين القضاء بين الناس، و هو الذي كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يحكم به في عزائم الأمور. )
اذن :سوف تكون طاعة الرسول هنا لها ثلاث حيثيات :
الاولى : بيان الوحي وتبليغه للناس .
الثاني : حيثية التشريع بما يوحيه إليه ربه من غير كتاب .( الولاية التشريعية )
الثالثة : ما يراه من صواب الرأي و هو الذي يرتبط بولايته الحكومة و القضاء.(الولاية السياسية والاجتماعية )
وبعبارة ثانية : لو قالت الآية ( اطيعوا الله والرسول ) حيث ان الطاعة الثانية لم تكرر
لقائل ان يقول : تجب طاعة الرسول فما يبلغه من الوحي من الله ، لان العنوان ( اطيعوا الله والرسول ) ووظيفة الرسول هي تبليغ الرسالة .
اما اذا قالت الآية ( اطيعوا الله واطيعوا الرسول ) فإنها تشمل المبلغ بما ولي وبما هو قاضي وبما هو حاكم .
وهذا هو معناه ان الطاعة الثانية تفيد التأكيد وكذلك تفيد التأسيس .
المسألة الثالثة في الآية هي : الطاعة في القران على قسمين .
الاولى : المطلقة من غير قيد لفظي او لبي اي لا بقيد متصل او منفصل .
الثاني : المقيدة ، اما بقيد متصل او منفصل .
المصداق الاول : الطاعة التي تكون فيها معصية للخالق ، وهنالك قاعدة عند الفريقين ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) بل ان الله نهى عنها .
((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) النحل )) .
المصداق الثاني : هي طاعة الوالدين (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) [(8) العنكبوت ]
المصد اق الثالث : طاعة الفقيه : متى تجب طاعة الفقيه ؟ اذا لم يعلم بمخالفته للواقع .
فإذن : كل الطاعات التي فرضها الله تعالى (لاحد على احد ) تكون مقيدة .
اما الطاعة المطلقة فمن اوضح مصادقها :
اولا : طاعة الله تعالى .
ثانيا : طاعة الرسول ، والتي وقع فيها الكلام هل هي طاعة مطلقة او مقيدة ؟
فاعندما نرجع الى الكتاب الكريم نجد ان الطاعة التي يثبتها الى الرسول – ص - وباقي الرسل هي طاعة مطلقة (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ) [النساء 64 ]
لقائل ان يقول ) الا ليطاع الا ان يأمر بالطاعة واما اذا امر بالمعصية فلا يطاع ) .
قلت : ان (ما و الا ) تفيد الحصر في الآية ، فهذا قال في اية اخرى ((مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا))[النساء 80] اذن طاعة مطلقة .
لان الله علم من انبيائه ورسله انهم لا يأمرون بالمعصية لأنه لو علم انهم يأمرون بالمعصية ولو سهوا او نسيانا ولو تطبيقا وليس بيانا لما كانوا معصومين ولهم الطاعة المطلقة .
هنا عندنا اصلان :
الاصل الاول : ان طاعة الرسل والرسول الاكرم مطلقة : والدليل ان هنالك آيات كثيرة في القران الكريم .
منها ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا )) [ الحشر 7 ]
منها ((وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا )) [النساء (69))
الاصل الثاني : في سورة النحل [ الآية 90] قال الله تعالى ((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ))
فاذا امر الله بالطاعة المطلقة للرسول الاعظم – ص - فهل من الممكن ان نتصور بان رسول الله ، قد يأمر بالفحشاء والمنكر ولو تطبيقا ولو سهوا او عمدا . فهل يجمع هذان الاصلان او لا
وبعبارة ثانية :
فهل يمكن ان يأمرنا الله بطاعة الرسول مطلقا ، وينهانا عن الفحشاء والمنكر ،وهو يعلم ان رسوله قد يأمر بالفحشاء والمنكر نسيانا او سهوا او في مجال التطبيق فيكون جمع بين المتناقضين !!
كيف حصل الجمع بين المتناقضين ؟
ج/ يكون في مسالة واحدة : ان الله يأمرنا بالطاعة المطلقة في تلازم العصمة بمقتضى ( اطيعوا الرسول ) وينهانا عن العصية بمقتضى ( ينهى عن الفحشاء والمنكر ) ، فلا يمكن الجمع بين هذين الاصلين ، اي في مورد واحد يأمر بذلك الشيء وينهى عنه وهو محال .
الخلاصة :
1- ان هذه الطاعة الثانية للرسول الاعظم –ص- انها طاعة مطلقة .
2- ان الطاعة المطلقة تستلزم العصمة المطلقة .
ملحوظة : ان اثبات اصل العصمة يثبت من خلال البحث الكلامي اما سعة دائرة العصمة وضيقها يثبت من خلال البحث النقلي .
المسالة الرابعة في الآية : (واولي الامر منكم )
وهنا النكتة المهمة وهي : ان اولي الامر لم تعطف بطاعة ثالثة بل عطفة على نفس طاعة الرسول ،وقلنا فما سبق ان( عدم تكرار الطاعة يفيد التأكيد )
السؤال المطروح هنا : التأكيد ماذا يفيد هنا ؟
الجواب : ان نفس الطاعة المطلقة الثابتة لرسول الله – ص – التي تستلزم العصمة المطلقة من المعصية عمدا وسهوا وتطبيقا وبيانا ، ايضا ثابتة ل (والي الامر) والا!!!
اولا : والا لو لم تكن الطاعة المطلقة ثابتة الى اولي الامر فا كان على المولى ان ينصب قرينة على الخلاف ، لان المجال مجال التوهم ،ولفعل كما فعل في طاعة الوالدين من ابانت القيد .
ثانيا : اذا كانت الطاعة ل(اولي الامر) ليست مطلقة وانما مقيدة ، فان مقتضى البيان ان لا يعطف طاعة اولي الامر على طاعة رسول الله – ص - .
فإذن / هي بمقتضى العطف مطلقة .
ولهذا قال علمائنا :
من المتقدمين : الشيخ الطوسي في التبيان [ج3 ص232 ]
(فلذلك أوجب الله تعالى طاعتهم بالإطلاق ، كما أوجب طاعة رسوله وطاعة نفسه كذلك . ولا يجوز ايجاب طاعة أحد مطلقا إلا من كان معصوما مأمونا منه السهو والغلط ، وليس ذلك بحاصل في الامراء ، ولا العلماء ، وإنما هو واجب في الائمة الذين دلت الادلة على عصمتهم وطهارتهم ، فاما من قال المراد به العلماء ، فقوله بعيد ، لان قوله ( وأولي الامر ) معناه أطيعوا من له الامر ، وليس ذلك للعلماء ، فان قالوا : يجب علينا
طاعتهم إذا كانوا محقين ، فاذا عدلوا عن الحق فلا طاعة لهم علينا . قلنا : هذا تخصيص لعموم ايجاب الطاعة لم يدل عليه دليل . وحمل الآية على العموم ، فيمن يضح ذلك فيه أولى من تخصيص الطاعة بشيء دون شيء كما لا يجوز تخصيص وجوب طاعة الرسول وطاعة الله في شيء دون شيء . وقوله : ( فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) فمعنى الرد إلى الله هو إلى كتابه والرد إلى رسوله هو الرد إلى سنته . وقول مجاهد ، وقتادة ، وميمون بن مهران ، والسدي : والرد إلى الائمة يجري مجرى الرد إلى الله والرسول ، ولذلك قال في آية أخرى " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " )
ومن المتأخرين: العلامة الطباطبائي :
الميزان باب بيان ج4 ص146
أن الآية جمع فيها بين الرسول و أولي الأمر، و ذكر لهما معا طاعة واحدة فقال: و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم، و لا يجوز على الرسول أن يأمر بمعصية أو يغلط في حكم فلو جاز شيء من ذلك على أولي الأمر لم يسع إلا أن يذكر القيد الوارد عليهم فلا مناص من أخذ الآية مطلقة من غير أي تقييد، و لازمه اعتبار العصمة في جانب أولي الأمر كما اعتبر في جانب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من غير فرق.
اما من علماء السنة :
من المتقدمين : الفخر الرازي في تفسيره الكبير
(المسألة الثالثة : اعلم أن قوله : { وَأُوْلِى الاْمْرِ مِنْكُمْ } يدل عندنا على أن إجماع الأمة حجة ، والدليل على ذلك أن الله تعالى أمر بطاعة أولى الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لا بد وأن يكون معصوما عن الخطأ ، إذ لو لم يكن معصوما عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته ، فيكون ذلك أمرا بفعل ذلك الخطأ والخطأ لكونه خطأ منهي عنه ، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد ، وانه محال ، فثبت أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم وثبت أن كل من أمر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوما عن الخطأ ، فثبت قطعاً أن أولي الأمر المذكور في هذه الآية لا بد وأن يكون معصوما .)
لاحظوا انه عمل قياس :
فثبت أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم (صغرى القياس )،
وثبت أن كل من أمر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوما عن الخطأ (كبرى القياس)
فثبت قطعاً أن أولي الأمر المذكور في هذه الآية لا بد وأن يكون معصوما (النتيجة )
ومن المتأخرين : صاحب تفسير المنار :
فَأَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَمَلٍ مِنْ مَصَالِحِ الْأُمَّةِ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ عَنِ الشَّارِعِ ـ مُخْتَارِينَ فِي ذَلِكَ غَيْرَ مُكْرَهِينَ عَلَيْهِ بِقُوَّةِ أَحَدٍ وَلَا نُفُوذِهِ ـ فَطَاعَتُهُمْ وَاجِبَةٌ ، وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ : هُمْ مَعْصُومُونَ فِي هَذَا الْإِجْمَاعِ ; وَلِذَلِكَ أُطْلِقَ الْأَمْرُ بِطَاعَتِهِمْ بِلَا شَرْطٍ مَعَ اعْتِبَارِ الْوَصْفِ وَالِاتِّبَاعِ الْمَفْهُومِ مِنَ الْآيَةِ .
وهنا مسالة مهمة جدا وهي مسالة اساسية :
ان القول بوجود المعصوم بعد النبي (ص) ليس من مختصات الامامية بل الاعم الاغلب من المسلمين يقولون هذا . وانما وقع الاختلاف في تشخيص من هو المصداق ، الامامية تقول : الائمة الاثني عشر .السنة يقول : اجماع الامة او امراء السرايا او الخلفاء الراشدون او انهم اهل الحل والعقد
الاقوال بالتفصيل في من هو مصداق المعصوم او اولي الامر :
القول الاول :امراء السرايا .
قال السيوطي في تفسيره الدر المنثور في التاؤيل بالمأثور [ج2ص573 ]
خرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عطاء في قوله { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول } قال : طاعة الرسول اتباع الكتاب والسنة { وأولي الأمر منكم } قال : أولي الفقه والعلم .
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } قال : نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي ، إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : « بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في سرية وفيها عمار بن ياسر ، فساروا قبل القوم الذين يريدون ، فلما بلغوا قريباً منهم عرسوا ، وأتاهم ذو العبينتين فأخبرهم فأصبحوا قد هربوا غير رجل ، أمر أهله فجمعوا متاعهم ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل حتى أتى عسكر خالد ، يسأل عن عمار بن ياسر فأتاه فقال : يا أبا اليقظان إني قد أسلمت ، وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، وأن قومي لما سمعوا بكم هربوا ، وأني بقيت فهل إسلامي نافعي غدا وإلا هربت؟ فقال عمار : بل هو ينفعك فأقم . فأقام ، فلما أصبحوا أغار خالد فلم يجد أحداً غير الرجل ، فأخذه وأخذ ماله فبلغ عماراً الخبر ، فأتى خالداً فقال : خل عن الرجل ، فإنه قد أسلم وهو في أمان مني . قال : خالد : وفيم أنت تجير؟ فاستبا وارتفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأجاز أمان عمار ، ونهاه أن يجير الثانية على أمير . فاستبا عند النبي صلى الله عليه وسلم . فقال خالد : يا رسول الله أتترك هذا العبد الأجدع يشتمني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا خالد لا تسب عماراً فإنه من سب عماراً سبه الله ، ومن أبغض عماراً أبغضه الله ، ومن لعن عماراً لعنه الله . فغضب عمار فقام ، فتبعه خالد حتى أخذ بثوبه فاعتذر إليه فرضي . فأنزل الله الآية » ، وأخرجه ابن عساكر من طريق السدي عن أبي صالح عن ابن عباس
تحليل النص :
1- ان مصداق المعصوم عند الالوسي هو خالد بن الوليد لأنه من امراء السرايا.
2- (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا خالد لا تسب عماراً فإنه من سب عماراً سبه الله ، ومن أبغض عماراً أبغضه الله ، ومن لعن عماراً لعنه الله .) وهذا خلاف العصمة وخلاف الآية، لان خالد قد سب عمار؟؟؟؟؟
3- لاحظوا التناقض بين هذه الآية وبين الرواية !!
القول الثاني : الخلفاء الراشدين.
القول الثالث : العلماء ، أولي الفقه والعلم .
القول الرابع : اجماع الامة . كمت قاله الرازي في التفسير الكبير.
التفسير الكبير للرازي
فان قيل : المفسرون ذكروا في { أُوْلِى الاْمْرِ } وجوها أخرى سوى ما ذكرتم : أحدها : أن المراد من أولى الأمر الخلفاء الراشدون ، والثاني : المراد أمراء السرايا ، قال سعيد بن جبير : نزلت هذه الآية في عبدالله بن حذافة السهمي إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم أميراً على سرية . وعن ابن عباس أنها نزلت في خالد بن الوليد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم أميرا على سرية وفيها عمار بن ياسر ، فجرى بينهما اختلاف في شيء ، فنزلت هذه الآية وأمر بطاعة أولي الأمر . وثالثها : المراد العلماء الذين يفتون في الأحكام الشرعية ويعلمون الناس دينهم ، وهذا رواية الثعلبي عن ابن عباس وقول الحسن ومجاهد والضحاك . ورابعها : نقل عن الروافضأن المراد به الأئمة المعصومون ، ولما كانت أقوال الأمة في تفسير هذه الآية محصورة في هذه الوجوه ، وكان القول الذي نصرتموه خارجا عنها كان ذلك باجماع الأمة باطلا .
تحليل النص :
1- لاحظوا النص عندما قال (فجرى بينهما اختلاف في شيء) فهو لا ينقل الرواية بالكامل لماذا ؟ لأنه قبل قليل قال ان اولي الامر لابد ان يكون معصوما ، وفعل خالد من انه لعن عمار فقد لعنه (الله تعالى ) وهو خلاف العصمة ، فاعرض عن نقل الرواية بكاملها .
2- التحريف بالمطالب من تقطيع الرواية .
3 – ان اكثر الروايات غير مسنده لرسول الله – ص –
4- قال من ضمن الاقوال ( اجماع الامة )
(المسألة الثالثة : اعلم أن قوله : { وَأُوْلِى الاْمْرِ مِنْكُمْ } يدل عندنا على أن إجماع الأمة حجة )
فما هو المراد اجماع الامة ؟
الجواب : تارة يعبر عن الاجماع الامة كل الامة على مختلف عصورها ولكنه عندما يأتي الى [ج10] يقول (مذهبنا أن الاجماع لا ينعقد إلا بقول العلماء الذين يمكنهم استنباط أحكام الله من نصوص الكتاب والسنة ، وهؤلاء هم المسمون بأهل الحل والعقد في كتب أصول الفقه )
لاحظوا : مرة يقول اجماع الامة ومرة اجماع العلماء ومرة ثالثة اجماع اهل الحل والعقد ، هذه العناوين ليس متساوية من حيث السعة و الضيق
القول الخامس : ويا له من قول !!!!!!!!!!!!!
محمد رشيد الهجري في تفسير المنار : [ ج5ص147]
قَالَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى : إِنَّهُ فَكَّرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ زَمَنٍ بَعِيدٍ فَانْتَهَى بِهِ الْفِكْرُ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِأُولِي الْأَمْرِ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَهُمُ الْأُمَرَاءُ وَالْحُكَّامُ ، وَالْعُلَمَاءُ وَرُؤَسَاءُ الْجُنْدِ وَسَائِرُ الرُّؤَسَاءِ وَالزُّعَمَاءِ الَّذِينَ يَرْجِعُ إِلَيْهِمُ النَّاسُ فِي الْحَاجَاتِ وَالْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ ، فَهَؤُلَاءِ إِذَا اتَّفَقُوا عَلَى أَمْرٍ ، أَوْ حُكْمٍ وَجَبَ أَنْ يُطَاعُوا فِيهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا مِنَّا ، وَأَلَّا يُخَالِفُوا أَمْرَ اللهِ وَلَا سُنَّةَ رَسُولِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الَّتِي عُرِفَتْ بِالتَّوَاتُرِ ، وَأَنْ يَكُونُوا مُخْتَارِينَ فِي بَحْثِهِمْ فِي الْأَمْرِ ، وَاتِّفَاقِهِمْ عَلَيْهِ ، وَأَنْ يَكُونَ مَا يَتَّفِقُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ ، وَهُوَ مَا لِأُولِي الْأَمْرِ سُلْطَةٌ فِيهِ وَوُقُوفٌ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا الْعِبَادَاتُ وَمَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الِاعْتِقَادِ الدِّينِيِّ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَمْرُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ ، بَلْ هُوَ مِمَّا يُؤْخَذُ عَنِ اللهِ وَرَسُولِهِ فَقَطْ لَيْسَ لِأَحَدٍ رَأْيٌ فِيهِ إِلَّا مَا يَكُونُ فِي فَهْمِهِ .
في موضع اخر ماذا يقول
( ذَكَرْنَا فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ أَنَّ أُولِي الْأَمْرِ فِي زَمَانِنَا هَذَا هُمْ كِبَارُ الْعُلَمَاءِ وَرُؤَسَاءُ الْجُنْدِ وَالْقُضَاةُ وَكِبَارُ التُّجَّارِ وَالزُّرَّاعُ ، وَأَصْحَابُ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ ، وَمُدِيرُو الْجَمْعِيَّاتِ وَالشَّرِكَاتِ ، وَزُعَمَاءُ الْأَحْزَابِ وَنَابِغُو الْكُتَّابِ وَالْأَطِبَّاءِ وَالْمُحَامِينَ ـ وُكَلَاءُ الدَّعَاوَى ـ الَّذِينَ تَثِقُ بِهِمُ الْأُمَّةُ)
اقول له( وما حيلة العاجز الا ركوبها )
تحليل النص :
1- ان رشيد الهجري ينقل عن استاذه لاحظوا النص (قَالَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى : إِنَّهُ فَكَّرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ زَمَنٍ بَعِيدٍ فَانْتَهَى بِهِ الْفِكْرُ ) وكأن المسالة هي مسالة فكرية وليس نقلية .
2- لاحظوا قوله في من هم اولي الامر في زماننا (( ذَكَرْنَا فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ أَنَّ أُولِي الْأَمْرِ فِي زَمَانِنَا هَذَا هُمْ كِبَارُ الْعُلَمَاءِ وَرُؤَسَاءُ الْجُنْدِ وَالْقُضَاةُ وَكِبَارُ التُّجَّارِ وَالزُّرَّاعُ ، وَأَصْحَابُ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ ، وَمُدِيرُو الْجَمْعِيَّاتِ وَالشَّرِكَاتِ ، وَزُعَمَاءُ الْأَحْزَابِ وَنَابِغُو الْكُتَّابِ وَالْأَطِبَّاءِ وَالْمُحَامِينَ ـ وُكَلَاءُ الدَّعَاوَى ـ الَّذِينَ تَثِقُ بِهِمُ الْأُمَّةُ )
انه يلزم على قوله ان تكون كل الامة معصومة والغريب انه يستكثر على الائمة الاثني عشر ان يقول عنهم معصومين
ترجمة الكتب التي نقلنا منها : من المكتبة الشاملة
الكتاب : تفسير مجمع البيان
المؤلف : أمين الاسلام أبي على الفضل بن الحسن الطبرسي
عدد الأجزاء : 10 اجزاء
مصدر الكتاب : المجمع العالمي لأهل البيت
http://www.ahl-ul-bayt.org/Final_lib/index_arabic.htm
[ الكتاب مرقم آلياً غير موافق للمطبوع ]
الكتاب :التبيان في تفسير القرآن
المؤلف :شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي
تحقيق وتصحيح : أحمد حبيب قصير العاملي
عدد الأجزاء :10 أجزاء
مصدر الكتاب : موقع الجامعة الاسلامية
http://www.u-of-islam.net/uofislam/maktaba/Qran/kotob.htm
[الكتاب مرقم آلياً موافق للمطبوع]
الكتاب : تفسير الميزان
المؤلف : العلامة الطباطبائي
عدد الأجزاء : 20
مصدر الكتاب : موقع الكوثر
http://www.al-kawthar.com/maktaba/list2.htm
[ الكتاب مرقم آلياً غير موافق للمطبوع ]
تم استيراده من نسخة قم
التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب
فخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي
سنة الولادة 544/ سنة الوفاة 604
تحقيق
الناشر دار الكتب العلمية
سنة النشر 1421هـ - 2000م
مكان النشر بيروت
عدد الأجزاء 32
تم استيراده من نسخة قم
الكتاب : تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)
المؤلف : محمد رشيد بن علي رضا (المتوفى : 1354هـ)
الناشر : الهيئة المصرية العامة للكتاب
سنة النشر : 1990 م
عدد الأجزاء : 12 جزءا
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو ضمن خدمة مقارنة التفاسير، وتم ربطه بنسخة مصورة أخرى (لدار المنار)]
الكتاب : الدر المنثور في التأويل بالمأثور pdf ط
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي
عدد الأجزاء : 8
مصدر الكتاب : موقع التفاسير
http://www.altafsir.com
[ الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع ]
==================== النسخة المرفقة pdf ط :
تعليق