بسم الله الرحمن الرحيم
فعندما يقول الانسان ( فلان عادل ) فهم يقصدون انه ينظر الى الافراد بالمساواة ،أي دون ترجيح . فالعدل الالهي بهذا المعنى يعني التساوي .(1)
أي اننا نطلق العدل ونريد منه التساوي ، ونجد كثيرا من العامة عندما يسمعون قول الله تعالى (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً)[النساء3] لو سالتهم ماذا تفهمون من العدل ؟ قالوا التساوي.
نقرب المعنى : انت لو راجعة دائرة حكومية ماذا تريد من مسؤولها ؟ ان ينظر الى جميع الأفراد نظرة واحدة . سواء اكان الفرد عالما او جاهل سواء كان له عمل مهم او لم يكن ،
فأذن ان تطالبه ان يكون عادلاً أي ان ينظر الى الافراد نظرة متساوي .
مثال ثانٍ : النظرية الماركسية : كانت تنظر الى المجتمع الشيوعي نظرة واحدة عندما تقول مثلا : فرد يعمل 16 ساعة يوما والفرد الثاني يعمل 4 ساعات يوما. فتقول للأول فالا 16 ساعة التي هي نتيجة عملك ملك لك. وتقول للثاني فالا4 ساعات التي هي نتيجة عملك هي ملك لك , وانما هي ملك المجتمع ، ويعطى الجميع على حد سواء. وهذه النظرية اصتدمت بالواقع وانتهت عمليا وذهبت الى سلة المهملات .
المهم ان يكون العدل بمعنى التساوي .
ولعله كثير من الاباء يحاول ان يكون هكذا ولا اقله من ناحية سلوكه العملي مع ابنائه وهي ان ينظر اليهم نظرة متساوية .فلا يرجح هذا على ذاك ، وحتى مع وجود صفات الترجيح بينهما .
وهنا عندما نقول (الله عادل )لابد يكون متساوي الى جميع الافراد والموجودات ؟
الجواب : من حقك ان تقول (نعم )، لماذا لأنه هل لاحد حق عليه او لا؟
الجواب : لا يوجد فالجميع بالنسبة اليه كأسنان المشط .
ولعله من هنا ينفتح باب جملة من بعض الاشكالات التي ترد على العدل الالهي .
وهي ان الانسان يفهم ان الله تعالى نسبته الى الجميع لابد ان تكون التساوي لا نسبة التفاضل
،ولكن عندما نأتي الى مخلوقاته نجد نسبة التفضيل والاختلاف لا نسبة التساوي .
مع العلم ان هذا العدل لا ينسجم مع هذا المعنى هو التساوي .
السؤال المطروح هنا : هل المراد من العدل الالهي يعني ان يكون الحق متساويا الى الجميع كما ان الجميع متساوّن اليه او لا .
الحال : ان العرف والعموم يفهمون من العدل الالهي هذا المعنى وهو التساوي ولكن الامر ليس كذلك لان عندما تأتي الى هذا العالم يجد انه متفاوت الاجزاء متفاوت الوجود ، بعضه افضل من بعض وبعضه اغنى من بعض .
فلهذا يقول الشهيد مطهري :
( فان كان المقصود به ان العدل توجب عدم مراعاة الانواع المختلفة للاستحقاق ، وتوجب النظر بعين واحدة الى كل شيء والى كل شخص فهذه العدالة هي عين الظلم ،واذا كان العطاء بالسوية عدلا فلابد ان يكون المنع بالسوية عدلا . والجملة المتداولة عند السن العامة من ان ( الظلم بالسوية عدل ) نابعة من هذا اللون من التفكير )(2)
----------------
1- العدل الالهي لمطهري ص71.
2 نفس المصدر