تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
نذكر هنا فناً من الفنون البلاغية وهو حسن الإيجاز وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
الإيجاز ( لغة ) : التقصير يقال أوجزت الكلام أي قصرته يستعمل لازماً ومتعدياً[1] .
الإيجاز ( اصطلاحاً ) : تأدية المعنى المراد بألفاظ ناقصة عنه ، وافية به[2] .
أو قل : أداء المقصود بعبارة أقل من عبارة المتعارف[3] .
أي أن الإيجاز يستعمل للدلالة على المعنى الكثير في لفظٍ قليل لغرض بلاغي ، أي إنّه نوع من بناء الكلام يعتمد قلّة اللفظ وكثرة المعنى .
وهذا الاسلوب من أهم خصائص اللغة العربية في القديم فقد كان العرب لا يميلون إلى الإطالة والشرح والإسهاب الذي يؤدي إلى الهذر ، وكانوا يعدّون البلاغة في الإيجاز ، وبأن " خير الكلام ما قلّ ودلّ "[4] .
وقال الإمام علي ( عليه السلام ) : " أبلغ البلاغة ما سهل في الصواب مجازه ، وحسن إيجازه "[5] .
والإيجاز نوعان :
1- إيجاز الحذف : وهو التعريف عن المعـاني الكثيرة في عبارة أقل منها بحذف شيء من تركيبها مع عدم الإخلال بتلك المعاني ويشترط فيه علم السامع به[6] . فلو كانت الألفاظ أقل من المعاني لكنها غير وافية بتأدية المراد ، لم يكن الاختصار إيجازاً ، بل إخلالاً ، وهو مضر ببلاغة الكلام[7] .
2- إيجاز القصر : ويكون بتضمين العبارات القصيرة معاني قصيرة من غير حذفٍ[8] .
ومن التطبيقات البلاغية ( الإيجاز ) في القرآن الكريم :
· قوله تعالى: " ألا له الخلق والأمر " كلمتان استوعبتا جميع الأشياء على غاية الاستقصاء .
· وقوله تعالى : " واختلاف ألسنتكم وألوانكُم " اختلاف اللغات والمناظر والهيئات .
· وقوله تعالى في صفة خمر أهل الجنّة : " لا يصّدّعون عنها ولا ينزفون " انتظم قوله سبحانه ولا ينزفون عدم العقل وذهاب المال ونفاد الشراب .
· وقوله تعالى : " أولئك لهم الأمن " دخل تحت الأمن جميع المحبوبات ، لأنه نفى به أن يخافوا شيئاً أصلاً من الفقر والموت وزوال النّعمة والجور ، وغير ذلك من أصناف المكاره ، فلا ترى كلمة أجمع من هذه .
· وقوله عز وجل : " والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس " جمع أنواع التّجارات ، وصنوف المرافق التي لا يبلغها العدّ والإحصاء .
· ومثله قوله سبحانه : " ليشهدوا منافع لهم " جمع منافع الدنيا والآخرة[9] .
والحمد لله ربِّ العالمين ...
[1] . شروح التلخيص ج 3 ص 159 .
[2] . دروس في البلاغة ص 104 .
[3] . شروح التلخيص ج 3 ص 163 .
[4] . أساليب المعاني في القرآن ص 432 .
[5] . غرر الحكم ودرر الكلم ص 133 .
[6] . أساليب المعاني في القرآن ص 435 .
[7] . دروس في البلاغة ص 104 .
[8] . البلاغة الواضحة ص 267 .
[9] . الصناعتين : الكتابة والشعر باب في ذكر الإيجاز ج 1 ص 55 .
تعليق