بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين محمد اله الطاهرين
وبعد :
من الحقائق الثابتة التي لايمكن انكارها في تاريخ الحديث النبوي الشريف ان هناك محاولات جرت من بعض الصحابة في منع نقل الحديث وتدوينه ،
ففي مرسل ابي مليكة ، قال : (( ا ن ابا بكر جمع الناس بعد وفاة نبيهم ، فقال : انكم تحدثون عن رسول الله صلى الله عليه [واله] وسلم ، احاديث تختلفون فيها والناس بعدكم اشد اختلافاً ، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئاً ، فمن سألكم ، فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله ، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه ))[1]
وهذا الكلام هو بعينه ما قاله عمر عندما طلب النبي صلى الله عليه واله ان يكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده ابدا، قال عمر : حسبنا كتاب الله !!
وكذلك منع عمر بن الخطاب وفد الصحابة الذين ارسلهم الى الكوفة من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه واله ،
فقال لهم – أي عمر- : فأقلّوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه [واله] وسلم ثم أنا شريككم ))[2]
واخرجه الحاكم في مستدركه وقال في ذيل الحديث : فلما قدم قرضة قالوا –أي اهل الكوفة- : حدثنا ،فقال : نهانا ابن الخطاب ...)[3]
من هنا يمكن التسائل : لماذا التخاوف من ان يسمع الناس سنة النبي صلى الله عليه واله من افواه اصحابه ؟
وهل من المعقول ان يأتي صحابي الى مكان فيه جمع من المسلمين ولا يتحدث عن نبي الاسلام كيف كان ماهي صفاته ماهو كلامه ، طريقة حديثة ، عمن كان يتحدث ، في أي مورد كان يشدد ، وهكذا امور كثيرة ينبغي على اصحابه ان ينقلوها الى من لم يرى النبي صلى الله عليه واله ولم يسمع كلامه ،
ولكن لو دققنا في قضية المنع نجد ان المنع فقط وفقط في احاديث الخلافة ، والذي يؤيد هذا الفهم ان المنع مختص باحاديث الخلافة ما قاله عبد الرحمن المعَلّمي من كبار علماء السلفية المعاصرين ، بعد ان ذكر حديث ابن مليكة ، قال السلفي : فإن كان لمرسل ابن ابي مليكة أصل فكونه عقب الوفاة النبوية يشعر بأنه يتعلق بأمر الخلافة ، كأن الناس عقب البيعة بقوا يختلفون ، يقول أحدهم : أبو بكر اهلها ، لأن النبي 0صلى الله عليه واله ) قال كيت وكيت ، فيقول أخر : وفلان قد قال له النبي صلى الله عليه واله كيت وكيت ، فأحب ابو بكر صرفهم عن الخوض في ذلك وتوجيههم الى القران .[4]
فاذن هناك عقبات كثيرة وكبيرة واجهتها الاحاديث في الخلافة ، لأنها تقف على طرف نقيض من الوضع القائم انذاك ،
ولكن مع ذلك قد أفلت الكثير من احاديث الامامة والخلافة من شراك الحظر والمنع ، واخذت مكانها واظهارها للأمة ،
وبهت الذي كفر ....
ولاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .....
[1] - الذهبي تذكرة الحفاظ : ج1 ص2-3
[2] - ابن ماجة ، سنن ابن ماجة ج1ص12
[3] - الحاكم النيسابوري ، المستدرك ج1ص102
[4] - عبد الرحمن المعلمي ، الانوار الكاشفة ص56
تعليق