ترجمة الإمام علي بن الحسين السجاد ( عليه السلام )
تاريخ ولادته ( عليه السلام ) :
( 5 ) شعبان ، في سنة ( 38 هـ ) ، وروي في ( 15 ) جمادي الآخرة في نفس السنة ، وقيل غير ذلك .
محل ولادته ( عليه السلام ) :
المدينة المنورة .
إسمه ونسبه ( عليه السلام ) :
إسمه الشريف علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) .
أمُّه ( عليه السلام ) :
شَاهَ زَنان بنت يَزدَ جُرد بن شَهرَيَار بن كِسرى ، ويقال أن اسمها : ( شَهرَ بَانو ) .
كُنيته ( عليه السلام ) :
أبو محمد ، أبو الحسن ، أبو الحسين ، أبو القاسم ، وغيرها .
ألقابه ( عليه السلام ) :
زين العابدين ، سيد العابدين ، السجاد ، ذو الثفنات ، إمام المؤمنين ، الزاهد ، الأمين ، المُتَهَجِّد ، الزكي ، البكاء, وغيرها .
جاء في المرويات عن الزهري أنه كان يقول: (ينادي مناد يوم القيامة ليقيم سيد العابدين في زمانه فيقوم علي بن الحسين (عليه السّلام) ولقب بذي الثفنات لأن موضع السجود منه كانت كثفته البعير من كثرة السجود عليه - أعلام الورى، ص256.
أما عن تسميته بالبكاء: يروى الرواة عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السّلام) أنه قال: (بكى علي بن الحسين على أبيه عشرين سنة ما وضع خلالها بين يديه طعام إلا بكى. وقال له بعض مواليه: جعلت فداك يا بن رسول الله، إني أخاف أن تكون من الهالكين، فقال: إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون، إني لم أذكر مصرع أبي وإخواتي وبني عمومتي إلا خنقتني العبرة.
زوجاته ( عليه السلام ) :
روي أنه ( عليه السلام ) تزوَّج سبع نساء أولها هي : أم عبد الله بنت الحسن ( عليه السلام ) ، وأما الست الباقيات فهُنَّ جواري .
أولاده ( عليه السلام ) :
1 - الإمام الباقر ( عليه السلام ) .
2 - الحسن . 3 - الحسين .
4 - زيد .5 - الحسين الاصغر .6 - عبد الرحمن .7 - سليمان .8 - علي .9 - محمد الاصغر . 10 - خديجة . 11 - فاطمة . 12 - عَليَّة . 13 - أم كلثوم ، وغيرها .
نقش خاتمه ( عليه السلام ) :
وَمَا توفيقي إلاَّ بِالله ، وروي غير ذلك .
آثاره ( عليه السلام ) :
1 - الصحيفة السجادية . 2 - رسالة الحقوق .
مُدة عُمره ( عليه السلام ) : ( 57 ) سنة .
مُدة إمامته ( عليه السلام ) : ( 35 ) سنة .
حُكَّام عصره ( عليه السلام ) :
1 - يزيد بن معاوية . 2 - معاوية بن يزيد . 3 - مروان بن الحكم . 4 - عبد الملك بن مروان . 5 - الوليد بن عبد الملك .
تاريخ شهادته ( عليه السلام ) :
اختلف في تاريخ شهادته ( عليه السلام ) ، فقيل في ( 12 ) مُحرَّم ، وقيل في ( 18 ) مُحرَّم ، وقيل في ( 25 ) محرم ، في سنة ( 94 هـ ) ، أو في سنة ( 95 هـ ) .
مكان شهادته ( عليه السلام ) : المدينة المنورة .
سبب شهادته ( عليه السلام ) :
قُتل ( عليه السلام ) مسموماً في زمن الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك .
محل دفنه ( عليه السلام ) : مقبرة البقيع ، في المدينة المنورة.
عصر الإمام (عليه السلام):
مني عصر الإمام زين العابدين (عليه السلام) باضطراب سياسي، واجتماعي، واقتصادي، ولم يشهده عصر من قبل. فقد شحن بالفتن الفظيعة والأحداث الجسام مما جعله يفقد روح الاستقرار والطمأنينة ويعيش في دوامة من القلق والقتل والتشريد والتجويع. لقد أمعن الحكم الأموي في نشر الظلم والاضطهاد، فأرغم الناس على ما يكرهون حتى بات كل فرد منهم يعيش على أعصابه لما يساوره من الهموم والآلام والمصائب التي ينتظرها في كل حين.
عاصر الإمام علي (عليه السلام) وله من العمر سنتان، والإمام الحسن (عليه السلام) عشر سنين، ومع الإمام الحسين (عليه السلام) عشر سنين، وكان عمره يقارب السبع والخمسين سنة.
وهكذا نرى كيف أن الإمام (عليه السلام) فتح عينيه على صراعات المحن والحروب ومكابدة الإمام علي (عليه السلام) ضد معاوية الذي تمسك بكرسي الحكم غاصباً معانداً؛ وكيف تقاعس أهل العراق عن مناصرة الإمام الحسن (عليه السلام) حتى عقد الصلح مع معاوية مكرهاً. ثم شاهد الإمام بأم عينيه، وهو في ريعان شبابه مأساة أبيه الحسين (عليه السلام) في كربلاء، وأهل بيته، ورأى مقتلهم واحداً واحداً، ورأى سبي النساء إلى دمشق، وتحمل ثقل القيود ومجابهة يزيد وعبيد الله بن زياد، والأمة التي خذلتهم وتفرجت على قتلهم ثم عادت فبكت عليهم نادمة تائبة.
ها هي واقعة كربلاء ماثلة أمام عينيه بدمائها ودموعها وأحزانها… وها هي وقعة الحرة واستباحة المدينة يعايش آلامها وأحزان أهلها، وها هي الكعبة تضرب بالنار وبالمجانيق. وهكذا كان أسلوب الحكام والملوك في عهده، أما أنصاره فلا يجد لهم أثراً ولا يجد الرجل الذي يقف معه في عهده، أما أنصاره فلا يجد لهم أثراً ولا يجد الرجل الذي يقف معه موقفاً مؤيداً حتى الشهادة
أن الأسلوب الذي اتبعه الإمام (عليه السّلام) مع الملوك هو الحذر والحزم وعدم المداهنة في دين الله. فكان يجهر بالحق علانية أمام أولئك الملوك فيظهر أخطائهم ويبين لهم عاقبتهم المزرية يوم القيامة، يومئذٍ يكون الملك لله الواحد القهار… فلم يتقرب إليهم الإمام (عليه السّلام) ولم يجاملهم.
بعد عاشوراء :
بعد شهادة السبط الشهيد (ع) انتفضت مدينة الرسول ، وخلعت يزيد بن معاوية ، وقام عبد الله بن
الزبير بمكة يطالب بالخلافة ، وثارت الكوفة بقيادة سليمان بن صرد ، ثم بقيادة المختار . وهكذا أصبحت الثورات والإنتفاضات صبغة الحياة السياسية في البلاد الإسلامية ، واسلوباً شاخصاً لمواجهة الطغيان والفساد . ولذلك فإننا نستطيع أن نسمي عهد الإمام السجاد (ع) ، خصوصاً في بداياته - منذ واقعة عاشوراء - عهد الثورات والإنتفاضات .
بيد أن الثورة بذاتها ليست هدفاً مقدساً ، وإنما الهدف المقدس هو تلك القيم المتسامية التي تحركها ، وإلاّ فان ضررها يكون أكبر من نفعها . أوليست الثورة بذاتها حالة تمرد على النظام وتعكِّر جو الأمن ، وتُثير الإضطراب ، وتُريق الدماء ؟ وبلى ، فهي - إذاً - حالة استثنائية لا يحمدها العقلاء ، ولكنها إنما تكتسب شرعيتها وقدسيتها من الغايات النبيلة التي تهدف إليها .
فلأنها تخرج الناس من ظلمات الركود والجهل والظلم إلى نور النشاط والعقل والعدالة ، أصبحت الثورة - بمعناها الشامل - صبغة حياة الأنبياء والأوصياء وعباد الله الابرار . ولأنها تزيل عن قلوب الناس رين الغفلة واللامبالاة ، وعن تجمعاتهم سحابة الظلم والإعتداء ، وعن مجتمعهم كابوس الطغيان والفساد ، فقد أصبحت مسؤولية كلِّ حرٍّ أبيٍّ ، ووسامَ حقٍّ لكلِّ ذي كرامة وشرف ..
ومن هنا ركزت نصوص الوحي على هدف الثورات ضمن تعبير " القيام لله " وحيث قال ربُّنا سبحانه : { قُلْ اِنَّمَآ أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ } ( سبأ/46) .
وقال عزَّ وجلَّ : { قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَآءَ لِلَّهِ } (النساء/135) .
عبادته
لقد أجهد الإمام نفسه إجهاداً كبيراً وحملها من أمره رهقاً من كثرة عبادته وعظيم طاعته. أجمع المؤرخون أنه (عليه السّلام) قد قضى معظم حياته صائماً نهاره، قائماً ليله حتى وصل بعبادته وتهجده وتخضعه إلى درجة الفناء الكامل في الله…
أخبار عبادته وخوفه من الله وإعلانه ذلك في كلّ مناسبة ، ملأت الصحف ، حتّى خصّ بلقب < زين العابدين ، وسيّد الساجدين > .
أجمع الرواة عن كثرة عبادته وصلاته فجاء عن الكليني الكافي قال:
كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة حتى مات ولقب بزين العابدين لكثرة عبادته وحسنها0 باب الخشوع في الصلاة، ص300.
وعن خشوعه وتقاه. قال أبو عبد الله (عليه السلام): (كان أبي يقول: كان علي بن الحسين صلوات الله عليهما إذا قام في الصلاة كأنه ساق شجرة لا يتحرك منه شيء إلا حركه الريح منه).
قال الإمام الباقر (عليه السّلام):
(كان علي بن الحسين يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة وكانت الريح تميله بمنزلة السنبلة، وكانت له خمسمائة نخلة وكان يصلي عند كل نخلة ركعتين، وكان إذا قام في صلاته غشي لونه آخر، وقيامه في صلاته قيام عبد ذليل بين يدي الملك الجليل، كانت أعضاؤه ترتعد من خشية الله، وكان يصلي صلاة مودع يرى أنه لا يصلي بعدها أبداً)
المناقب لابن شهر آشوب،ج4،ص150.
قال الزهري: (كان علي بن الحسين (عليه السّلام) إذا قرأ (ملك يوم الدين) يكررها حتى يكاد يموت) وسائل الشيعة، ج4، ص814، باب تكرار الآية
حكمُهُ
من الوسائل التي إتبعها إئمتنا عليهم السلام للإرشاد، هي أن ينثروا على من حولهم من الناس صنوف الحِكمْ والمواعظ والآداب والأخلاق، في أقصر عبارة، وأجمل تعبير، تعيها القلوب، وترددها الألسن، ويأخذها أصحابهم للعمل والتطبيق، وفي بطون الكتب آلاف الكلمات لهم عليهم السلام ، حتى أن بعضهم جمع للإمام أمير المؤمنين عليه السلام ألفي كلمة في كتاب مستقل.
قال عليه السلام: التارك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كالنابذ لكتاب الله وراء ظهره، إلا أن يتقي تقاة، قيل له: وما تقاة ؟ قال: يخاف جباراً عنيداً أن يفرط عليه أو أن يطغى.
وقال عليه السلام: أبغض الناس إلى الله من يقتدي بسنة إمام ولا يقتدي بأعماله.
وقال عليه السلام: إياك والغيبة ، فإنها آدام كلاب النار.
وقال عليه السلام: إنما التوبة العمل والرجوع عن الأمر، وليست التوبة بالكلام.
دوره العلمي.
ليس الحديث عن الدور العلمي للاِمام السجاد عليه السلام مما تجمعه السطور ، أو تفي بالتعبير عنه ؛ ولكن حسبها أنّها تأتي بمعالم تفصح بعض إفصاح عن ذلك الدور وما كان يتمتع به صاحبه من منزلة.
كان بشهادة أكابر أبناء طبقته والتابعين لهم ، الاَعلم والاَفقه والاَوثق ، بلا ترديد.
فقد كان الزهري يقول : ( ما كان أكثر مجالستي مع علي بن الحسين ، وما رأيت أحداً كان أفقه منه ) وبمثل هذا كان يقول الشافعي محتجاً بعلي بن الحسين عليه السلام على انه كان ( أفقه أهل المدينة ) شرح نهج البلاغة | ابن أبي الحديد 15 : 274 .
وبمثله كان يقول معاصر الإمام السجاد عليه السلام أبو حازم المدني سير أعلام النبلاء 4 : 394 0وغيرهم كثير.
ومن ناحية أُخرى فقد ظهرت في عهده عليه السلام مقولات عقيدية تبنتها فرق إسلامية وتمحورت حولها واتخذت منها مناهج خاصة في فهم عقائد الاِسلام وتوجيه أحكامه ، كعقيدتي الجبر والارجاء اللتين روّج لهما الامويون تبريراً لوجودهم في السلطة لمشروعهم السياسي ، وعقيدتي التشبيه والتعطيل في الصفات اللتين اتخذتهما فرق متناقضة بذرائع مختلفة.
وإزاء هذه الاتجاهات وقف الإمام عليه السلام موقفه الواضح والمنسجم مع منهجه في التعليم والدفاع عن مبادىء الشريعة ، فضمّن أقواله الحكيمة وأدعيته المشتهرة نصوصاً تجتث تلك المقولات من جذورها
الصحيفة السجادية
إن الصحيفة السجادية هي : .
كتاب الجهاد عند الوحدة .
وكتاب التعبير عند الصمت.
وكتاب التعبئة عند النكسة .
وكتاب الهتاف عند الوجوم .
وكتاب التعليم بالشفاه المختومة .
وكتاب التسلّح عند نزع كلّ سلاح .
وهو قبل هذا وبعده ، كتاب < الدعاء > . . وفي مدرسة الإمام زين العابدين عليه السلام يأخذ الدعاء بُعداً رائعاً هو تأثيره الاجتماعي الخاص .
وبكلمة جامعة : إن الدعاء في مدرسة الإمام زين العابدين في الوقت الذي يعدّ كنزاً لأعمق التوجهات ، وأحرّ الأشواق ، وأرفع الطلبات منهاج يتعلّم فيه المؤمن تخطيطاً متكاملاً للوجود والتفكير والعمل ، على منهج الإمامة وبقيادة حكيمة تستلهم التعاليم من مصادر الوحي .
وهناك محاور ومحطات كثيرة في حياة هذا الامام العظيم لعلنا نوفق الها في مناسبات أُخر
خاتمة المطاف
مرت علينا مواضيع قليلة من حياة هذا الإمام العظيم، طالعتك ببعض أقواله وأفعاله، وأوقفتك على اليسير من عبادته وأوراده، وقد قرأت مدى إكبار العلماء والعظماء وإجلالهم لمقام الإمام عليه السلام وإعظامهم لشأنه.
ونرجو منك أخي الزائر أن لا تخرج من هذه الصفحات القيمة كما دخلت عليها، بل تأخذ من سيرة هذا الإمام منهجاً تنهجه، وطريقاً تترسمه، ونوراً تستضيئ به، ولك إن فعلت - بإذن الله - سعادة الدنيا ونعيم الاخرة
والسلام
تعليق