
اللهم صلِ على محمد والِ محمد الطيبين الطاهرين
*********
في يوم اتصلت بي إحدى القارئات وهي صديقة عزيزة على قلبي
كانت تشتكي حياتها الرتيبه ومزاجها السيئ، فهي ضجرة، كئيبة، قالت أن يومها ممل وروتيني يخنقها
ويكدر صفوها، وفي مضمون حوارنا شعرت أنها تحاول أن تعرف مني هل تهاجمني
مثلها هذه الغوبات؟!، وعرفت أن في أعماقها فراغ نفسي كبير، هي متزوجة وأم
ولها حظ وافر من النعم والثراء لكنينقصها الإحساس بالراحة والاكتفاء، قلت لها وأنا مندهشة من أين
لك هذا الوقت الفائض لتجلسي منكفئة حزينة، فمشاغل البيت تستهلك الوقت والجهد وأنا أستغل
أوقات راحتي لأقرأ، أضع مجموعة كتب قرب وسادتي ولازالت قصاصات الورق بين طياتها
لأعود متابعة قراءتها ريثما أنتهي من مشاغلي البيتية، ودعوتها لزيارتي وقدمت لها مجموعة من
الكتب لتقرأها، في البداية أجفلت قائلة (ليس لي مزاج لقراءة الكتب)
لكني انتقيت لها مجموعة جذابة وممتعة، كتيبات صغيرة تساعدها على تجاوز الوقت
وتحفيز الذات وتنشيطها فهي تعاني من خمول في النفس، ونحن نجهل أن للأرواح غذاء كما للأبدان
وعندما تجوع الروح تنهار وتضعف ليفترسها الوهن والعطب، وها أنا ألقي الطعم
لجوف روحها الخاوي كي تلتهم ما يسل رمقها ويشبع عطشها، وأخذت الكتب مكروهة أو مجاملة
منها لي، كانت البداية كتيبات تحفيزية وتدريب على مهارات التفكير وتنشيط الذكرة،
وقرأتها واتصلت بي وكان صوتها أشبه بعصافير مغردة في صباح يوم مشرق، متفائلة،
متحمسة، يغمرها الأمر والبشاشة، طلبت مني المزيد ودفعت لها كل ما تقع عليه عيناي، وأراه مناسباً
لمستوى تفكيرها حتى تطورت فيها هذه الملكة وبدأت تزور المكتبات، والمعارض
لتشتري الكتب وتقرأ، تغيرت نفسيتها من النقيض إلى النقيض أتتني يوماً مبتسمة يتهلل وجهها بالفرح
قائلة (بدأت أكتب يومياتي وأعد لي برنامج في كل ليلة).
الآن أصبح لصديقتي هدف في الحياة، دائما أراها في حاله مبتهجة، تشغل وقتها بكل ما هو
نافع لها ولأسرتها، حتى آمنت لماذا كان نداء (اقرأ) آتياً من عمق السماء بهذا الدوي
الجبار لنبي الأمة محمد(صلى الله عليه واله وسلم): { اقرأ باسم ربك الذي خلق}
لما للقراءة من نفع وإيجابية لشخصية الإنسان وخصوصاً المرأة، فهي لا تكتمل أنوثتها إلا
بالقراءة... فالمرأة القارئة غالباً ما تجد في الحياة أوجه عديدة لا تراها الأخريات.
والقراءة زينة للمرأة، تهذب لسانها، وتنقي ألفاظها، وتنسق حديثها بأناقة وطلاوة،
وتصقل روحها بخيوط من حرير، المرأة القارئة غالباً ما تنعم بمزاج هادئ،
وروح خلاقه ونفس مبدعة تجعلها نجمة مشعة بالأمل والنور.
ولهذا أدعوك يا سيدتي..أن تقرئي وتقرئي..وتقرئي.
**************
اللهم وفقنا وأياكم في الدنيا والآخرة
تعليق